الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

سوريا والعراق.. صراع معقد وطويل الأمد

سوريا والعراق.. صراع معقد وطويل الأمد
22 سبتمبر 2014 00:35
والتر بينكوس محلل أميركي مختص في القضايا الاستخباراتية والعسكرية دخلت القيادة العسكرية العليا للولايات المتحدة المرحلة الثانية من حربها على الإرهاب. ولا يمثل الاهتمام بتفكيك تنظيم «داعش» وتدمير مواقعه العسكرية في العراق إلا الذراع الأخرى لهذه الحرب. ولاشك أن قرار الولايات المتحدة بتوسيع مدى ضرباتها الجوية إلى سوريا بهدف تدمير قيادات التنظيمات الإرهابية هناك، بالإضافة لتصفية نحو ثلثي مقاتليها العاملين على الأرض، سوف يستغرق سنوات. ووجه الجنرال مارتن ديمبسي، رئيس هيئة الأركان المشتركة للجيش الأميركي، تحذيراً إلى أولئك الذين يظنّون بأن مجرّد «جرعة زائدة سريعة» من نيران القوات التابعة للولايات المتحدة يمكنها أن تنهي اللعبة. وفي اجتماع نظم الثلاثاء الماضي للجنة نواب الخدمات العسكرية في الكونجرس، سأل السيناتور الجمهوري عن ولاية تكساس «تيد كروز» عما يتطلبه الأمر «لتدمير داعش خلال 90 يوماً». فأجاب ديمبسي بشيء من الاستغراب: «إن هذا أمر مستحيل يا أيها السيناتور. يمكننا أن ندمر الكثير من معداتهم وأسلحتهم، ونستطيع أن نجبرهم على اللجوء إلى المخابئ والأكواخ تحت الأرض لو أردت منا أن نفعل ذلك. لكنهم لن يندحروا على أيدينا أو يتم تدميرهم ما لم تجتمع آراء السكان الذين يؤمّنون لهم الملاذ الآمن على رفضهم». وكانت هجمات 11 سبتمبر 2001 تمثل «معركة بيرل هاربور» لهذه الحرب التي نخوضها ضد الإرهاب. ولم يكن تشكيل تنظيم «القاعدة» بإشراف بن لادن ليمثل أكثر من لحظة بداية. ونجح بن لادن في تعليم القادة الإرهابيين كيف يستقطبون اهتمام العالم. وترافق ذلك مع تسخير مصادر ضخمة للدعم البشري والمالي وبما يكفي لتحدي القوة العالمية العظمى. وكان هدفه تدمير المركز التجاري العالمي في نيويورك، وضرب «البنتاجون»، وقتل بضعة آلاف من الأميركيين لإجبار إدارة بوش على الانسحاب من منطقة الشرق الأوسط. وكان من أهدافه المختارة، قادة في عدة دول عربية. وكان بن لادن مخطئاً في تصوره للواقع السياسي والعسكري الأميركي. وقد التفت الأمة الأميركية بكافة مشاربها حول بوش، وتمكنت القوات الأميركية من توجيه ضربات موجعة لتنظيم «القاعدة»، ونجحت في أسر وقتل العديد من قادته وتم تجفيف معظم مصادره المالية. وبمرور الأيام والسنين، لم يكن مصرع ابن لادن لينهي تهديدات «القاعدة» ضد الولايات المتحدة. وظهرت في العراق واليمن والصومال وشمال أفريقيا وسوريا العديد من الفصائل والجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة». وكانت كل هذه التطورات تسترعي الاهتمام في الولايات المتحدة. وساعدت النشاطات الاستخباراتية الأميركية المكثفة داخل الولايات المتحدة وخارجها، على تجنب هجوم إرهابي آخر من الوزن الثقيل، فضلا عن تفجير ماراثون بوسطون في 15 أبريل 2013. وبرز اسم أبو بكر البغدادي كقائد لما يعرف باسم «داعش»، وباعتباره يمثل أكبر تهديد للولايات المتحدة. وحمل هذا الرجل مزيجاً من الخصائص الغريبة، مثل التعطش للدماء والمهارة في إدارة العلاقات العامة وفي التخطيط العسكري. وقد أثبت احتكامه إلى قدر من الذكاء عبر طريقة استغلاله للأوضاع في العراق وسوريا. وكلل أعماله ومواهبه البربرية الإرهابية مؤخراً عندما أمر بقطع رؤوس صحفيين أميركيين وعامل إغاثة بريطاني. وأظهرت تلك الأفعال بأن البغدادي قد تلقّن الدروس بدقة من سلفه بن لادن، لكن بطريقة أبسط يتم التركيز فيها على الطقوس الدموية الشنيعة. فكيف تمكن هذا الرجل من استقطاب كل هذا الاهتمام من الأميركيين والعالم أجمع؟ الجواب هو أن مثل هذه الجماعات الإرهابية «لا يمكن دحرها إلا إذا رفض السكان المسلمون المعتدلون في العالم العربي التعامل معها»، وفقاً لما قاله ديمبسي أمام الكونجرس. والذي أضاف قوله: «ولهذا السبب، يبدو بوضوح أن تحقيق الأهداف المرسومة لا يمكن أن يتم إلا عن طريق تشكيل تحالف مع شركائنا العرب والمسلمين وليس عن طريق فرض الوصاية الأميركية على هذه العملية». ويكون تنفيذ مهمة دحر الإرهاب في سوريا أكثر صعوبة لعدة أسباب، منها أنه لا يوجد في سوريا طرف مسيطر أو حزب مركزي قوي يمكن التعاون معه. كما أن الوحدات العسكرية السورية المعتدلة التابعة لـ«الجيش الحر»، والتي تأمل الولايات المتحدة في دعمها وتطويرها عسكرياً، تحتاج إلى تشكيل سلسلة قيادية تركيبية متصاعدة للاستجابة للأوامر الآتية من الأعلى. كما أن بعض هذه القيادات لا يستجيب لأوامر صادرة عن الأميركيين. وقال ديمبسي إن تجاوز هذه الصعوبات ليس سهلا، وأن على تلك الفصائل أن ترتبط بمرجعية تركيبية سياسية يمكنها أن تؤسس في المستقبل لحكم سوريا بعد أن ينهزم نظام بشار الأسد عسكرياً أو يتم عزله من خلال المفاوضات السياسية. وهناك مشكلة أخرى تتعلق بالقرار المتصل بتدريب 5000 مقاتل من المعارضة السورية كل عام، وعلى شكل مجموعات صغيرة تشارك في دورات تدريبية قصيرة ومتتابعة تستغرق كل منها 8 أسابيع. ومن المنتظر أن تتكفل دول عربية ببناء منشآت التدريب واستضافة المقاتلين الذين سيتألف معظمهم من اللاجئين السوريين في الخارج. وقال ديمبسي: «نحن نعتقد أن من الأفضل تجنيدهم من السكان النازحين عن ديارهم. وبهذا نتجنب المخاوف من أن يكونوا قد تخلوا عن حماية عائلاتهم حتى يأتوا إلينا من أجل التدريب». ومن المقرر أن تتركز المهمات القتالية لمقاتلي المعارضة السورية على مواجهة «داعش» بمساعدة سلاح الجو الأميركي. وقال ديمبسي إن عدد هؤلاء المقاتلين وفقاً لما قرره المخططون العسكريون يقارب 12 ألفاً. كما أشار إلى أن المقاتلين السوريين الذين يخضعون للتدريب الأميركي لن يمثلوا القوات الوحيدة على الأرض السورية. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©