الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

?تزفيتان تودوروف.. صوت متفرِّد في المشهد الثقافي الأوروبي

?تزفيتان تودوروف.. صوت متفرِّد في المشهد الثقافي الأوروبي
8 فبراير 2017 23:10
أحمد عثمان (باريس) توفي ليل الثلاثاء 7 ?فبراير، ?المنظر ?الأدبي ?ومؤرخ ?الأفكار ?الفرنسي ?من ?أصل ?بلغاري ?تزفيتان ?تودوروف ?عن ?عمر ?يناهز ?السابعة ?والسبعين، ?بعد ?أن انتهى ?قبل ?فترة ?وجيزة ?من ?كتابه ?الأخير «?انتصار ?الفنان» ?الذي ?من ?المتوقع ?أن ?يصدر ?في ?شهر ?مارس ?من ?العام ?الحالي. قامة طويلة، نظرة مرحة، جملة بطيئة وموسيقية تتناول حياة ثرية بأسرها: الطفولة في بلغاريا، الدكتاتورية الشيوعية، المنفى في فرنسا، الأعمال الأولى حول الأشكال السردية في الأدب، إلى جانب رولان بارت. في ذاك العصر، كان لا يريد سوى بناء نظرية علمية عن الأدب مقتفيا أثر الشكلانيين الروس وعلم اللغة البنيوي، حسب ميخائيل باختين ورومان جاكوبسون. ولقد أصبحت كتبه: «مدخل إلى الأدب الفنتازي» (1970)، «شعرية النثر» (1971)، «نظريات الرمز» (1977) من كلاسيكيات الدراسات الأدبية منذ تاريخ صدورها. «ثم تغيرت الأشياء»، كما قال ذات يوم ببساطة. بعد أن أمضى عشرين عاما يدرس بدقة متناهية الأشكال الدلالية، التي كان متحمسا لها للغاية. تدريجيا، أصبح مؤرخ الغزو الإسباني، شارح مونتاني، مفسر الرسامين الفلامنكيين، مفكراً مختصاً بالتعددية الثقافية، وهكذا هجر النظرية البنيوية لكي ينزلق نحو الموضوعات السياسية والأخلاقية. كتابه‏? «?التوقيع ?الإنساني، الذي يجمع ?مقالات من ?1983-2008 (?مطبوعات ?سوي، ?2009) ?يشبهه?: ?انتخابي، ?شخصي ?وثاقب. ?يغوص ?بقارئه إلى ?قلب ?وجود ?الشخصيات ?النموذجية?: ?جرمان ?تييون، ?ريمون ?آرون، ?ادوار ?سعيد، ?رومان ?جاكوبسون، ?ميخائيل ?باختين، ?وأيضا ?لاروشفوكو، ?موتسارت، ?ستندال، ?غوته. ?عبر ?هذه ?اللقاءات، ?يرسم ?بخيوط ?من ?الذهب ?صورته ?الشخصية في« ?بورتريه ?صيني» ?عن ?رؤيته ?للآخرين التي اختصرها بقوله:«?لا ?نفكر إلا ?بالانعكاس»?. ?من ?الممكن ?أن ?نقرأ ?هذا ?الكتاب ?كجاليري ?من ?بورتريهات ?الرجال ?والنساء ?ذوات ?الرفقة ?الطيبة. ?يعرض ?تودوروف ?في ?كتابه ?أطروحة ?قوية?: ?لا ?يحلل ?باحث ?العلوم ?الإنسانية ?الوقائع إلا ?عبر ?معايشته ?الشخصية. ?على ?خلاف ?باحث ?العلوم ?الطبيعية، ?يجب ?أن ?يبني ?سدا ?بين ?حياته ?ونتاجه. ?لا ?يتعلق ?الأمر، ?بأي ?حال ?من ?الأحوال، ?بالتخلي ?عن ?سراب ?الاستبطان ??والبحث ?عن«?الأنا» ?الأصيلة. ?من ?الضروري ?النظر ?مليا ?فقط ?إلى ?اللقاءات ?التي ?تصوغنا:«?تمت ?صياغتنا ?بالكامل ?من ?الآخرين، ?مما ?قدموه ?لنا، ?من ?انطباعاتهم، ?من ?ردود ?أفعالهم. ?الأنا ?المتضخمة ?لا ?توجد ?مطلقا»?. كسيميولوجي حقيقي،«وليس فيلسوفا في الواقع»، يميز تودوروف دوما بين مواهبه التأويلية: يضع كل ذكائه في خدمة نتاجات الآخرين. فكره ثائر لأنه يعمل بالشكوكية. تغييراته النظرية، سيميولوجياً وإنسانياً، استطراداته عن الشر، ارتجالاته عن الفن وعن الحب، حماسته ومعاركه: كل هذا منحه صوتا متفردا في المشهد الثقافي الأوروبي. بالنسبة له، الخضوع، الحقيقي، يترافق مع الطموح المتجاوز الحد: يريد أن يقبض على جوهر الإنسانية، لأنه مقتنع بأن الحكمة الإنسانية تتعلق بهذه المعرفة. «يتبدى لي أننا من الممكن أن نذهب بعيدا في فهم الذوات الإنسانية. وهذا لم يزل غير واضح كليا»، كما قال. ولذا، حتى النهاية، قرر أن يتقصى المواقف، النقائص، وضوح الإنسان الذي هو نحن. ولد تزفيتان تودوروف في صوفيا، بلغاريا، عام 1939. حاز على تأشيرة دخول بإقامة لمدة عام واحد إلى فرنسا، في عام 1963، غير أنه استقر نهائيا فيها. قريبا من رولان بارت وجيرار جينيت، يعتبر أحد رواد النقد النصي. بدءا من الثمانينيات، اتجه تودوروف تدريجيا نحو المشاكل التاريخية والأخلاقية. تتركز اهتماماته على التوتاليتارية كما في كتبه:«ضد التطرف»، 1991،«ذاكرة الخير، اغواء الشر»، 2000، وعلى العلاقة مع الآخر كما في «الحياة المشتركة»، 1995، وعلى علاقات التفاعل الثقافي كما في «غزو أميركا»، 1982، «الخوف من البرابرة»، 2008. في كتبه، يتعلق الأمر باتخاذ موقف قوي، مبني تاريخيا على ثلاثة خيارات أنثروبولوجية وأخلاقية: (1) النزعة العالمية. ينتمي جميع الذوات الإنسانية إلى نوع واحد. (2) الحرية الإنسانية. الحتمية - البيولوجية، التاريخية، الاجتماعية، الطبيعية – غير كاملة. الإنسان ليس لعبة خالصة لقوى تتجاوزه وتقرر مصيره. الإنسان يمتلك وسيلة «الإذعان أو المقاومة» (جون- جاك روسو). (3) الإنسان كقيمة سامية. رفاهية الأفراد هدف الحياة الاجتماعية النهائي. من وجهة النظر تلك، يميز الفكر الإنساني المشروعات اليوتوبية، التي تهدف إلى مستقبل راديكالي.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©