الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

المطارات الأوروبية... وفحص «الماسِحات الضوئية»!

4 يناير 2010 23:24
روبرت ماركواند باريس عندما أثير موضوع فحص كامل أجسام المسافرين بالماسحات الضوئية لأول مرة من قبل مسؤولي الاتحاد الأوروبي العام الماضي، قوبل حينها بانتقادات عنيفة من جانب السياسيين ووسائل الإعلام، باعتباره إجراء غير مقبول على الإطلاق، لما ينطوي عليه من امتهان لحقوق الإنسان، وتعدٍّ على كرامته. أما الآن فقد بدأت تلك الآراء تتغير بعد مرور أسبوع على المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة متجهة إلى ديترويت، وكان يمكن فيما لو استخدمت الماسحات الضوئية الكشف عن الضماد الذي كان يخفي فيه الشاب النيجيري عمر فاروق مواد متفجرة. وعلى رغم أن العديد من السلطات الأوروبية لم تنضم لقائمة المطالبين باستخدام هذا النوع من التفتيش رسمياً، إلا أن التحول من اعتبار هذا الأمر "غير مقبول" إلى اعتباره "مقبولا" بشرط أن يتم تطوير التقنية للمحافظة على الحياء، يعد تطوراً مهماً في النظرة الأوروبية للموضوع. وعلى رغم كون الموضوع حساساً ومسبباً لانقسام الآراء، إلا أن مسؤولي وزارتي العدل والداخلية في ألمانيا، يقولون فيما يعتبر بشكل واضح نقداً لسياساتهم السابقة، إن الماسحات الإلكترومغناطيسية التي تعطي صورة واضحة للجسم الإنساني تحت الملابس، أفضل في نظرهم من الإجراءات الأمنية التي لم تفلح في منع الشاب النيجيري من ركوب الطائرة. وفي تصريح له قال وزير الداخلية الألماني "توماس دي مازيير" إنه على استعداد لإدخال نظام ماسحات الجسم، إذا ما ضمن أنه آمن ويحفظ بشكل كامل حقوق الخصوصية للركاب. كما قال "وولفجانج بوسباخ" رئيس لجنة الداخلية في البوندستاج (مجلس النواب الألماني) في تصريح لصحيفة "تاجيشبيجل": "إذا ما أثبتت هذه التقنية [ماسحات الجسم] فائدتها في التطبيق، أي إذا ما أثبتت أنها قابلة للاعتماد عليها، وكانت سريعة في الوقت نفسه، فإننا يجب أن نستخدمها". وفي الوقت الراهن تستخدم المطارات الهولندية طوعياً أسلوب فحص الجسم بالماسحات بدلا من تفتيشه يدوياً، ولكن المسؤولين الهولنديين والبريطانيين يتوقعون أن يتم وضع ضوابط تنظيمية لعملية تفتيش المسافرين بالماسحات الضوئية. وفي هذا السياق أكد وزير العدل الهولندي "إيرنست هيرش بالين" للصحفيين أمس أنه قد تحدث مع وزيرة الأمن الداخلي الأميركية "جانيت نابوليتانو" هذا الأسبوع وقررا جعل عملية تفيش الجسم بواسطة الماسحات الضوئية إجراءً ثابتاً في المطارات الهولندية، بالنسبة للطائرات المتجهة للولايات المتحدة. وقد بدأت سلطات مطار "شيبول" الهولندي تدقيق النواحي الفنية لنظام فحص الجسم بالماسحات الضوئية، وقال "أد روتن" كبير مديري التشغيل بالمطار، إن زملاءه يتوقعون الحصول على موافقة كاملة على تطبيق هذه الإجراءات من قبل الاتحاد الأوروبي العام المقبل. ومن جانبه قال وزير الداخلية البريطاني "آلان جونسون" أمس: "ننوي استخدام آخر ما تم التوصل إليه في هذا النوع من التقنية الجديدة، والتأكد من وضعها موضع التطبيق في أقرب فرصة ممكنة". ويشار في هذا السياق إلى أن بريطانيا تجري تجارب في مطار "هيثرو"، على استخدام هذه التقنية المطبقة بالفعل في مطارات مانشستر، وزيوريخ، وشيبول (هولندا). وعندما أثير موضوع استخدام ماسحات الجسم الضوئية لأول مرة في المفوضية الأوروبية في سبتمبر من عام 2008، اعتبر غير قابل للنظر فيه، وصوت البرلمان الأوروبي ضد استخدامه بأغلبية كاسحة ( 316 معارضا و16 موافقا وامتناع 181 عضواً عن التصويت). ووصف حينها هذا النوع من التفتيش بكونه عملية تعريه فعلية للجسم، وإجراءً تلصصياً، وانتهاكاً لحق الإنسان في المحافظة على خصوصياته، حيث تظهر الأعضاء الحميمة للمسافرين بوضوح في صور تلك الماسحات. إلى هذا شجب عضو البرلمان الأوروبي عن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني "وولفجانج كرايزل- دورفلر" ما سماه الفوبيا (الخوف المرَضي) التي تلبست وزراء الداخلية في الاتحاد الأوروبي بشأن الإرهاب. ولم تعلن فرنسا بعد عن سياستها لفترة ما بعد محاولة ديترويت، ولكن يتوقع أن تقوم بذلك قريباً. يشار إلى أن فرنسا تطبق بالفعل إجراءات صارمة على المسافرين إلى الولايات المتحدة تشمل إجراء تدقيق ثانٍ على الحقائب التي يحملها المسافرون إلى داخل الطائرة، وعلى المسافرين أنفسهم في المساحة الفاصلة بين قاعة انتظار السفر وبين بوابة الطائرة ذاتها. ويوصف هنا في أوروبا الاهتمام الأميركي بالإرهاب وإجراءات مكافحته بأنه مبالغ فيه، وبأنه يتسم بدرجة كبيرة من التوتر. وفي أعقاب محاولة تفجير طائرة ديترويت في الكريسماس لا يزال الكثيرون هنا ينتقدون المقترحات الشاملة لتأمين الطائرات المتجهة للولايات المتحدة، مثل وضع أجهزة تصوير في دورات مياه الطائرات، وإلزامية البقاء في المقاعد وعدم وضع أي شيء على حِجر الراكب في الساعة الأخيرة من الطيران. ويمكن تلخيص التحول في الآراء بشأن ماسحات الجسم الضوئية بما جاء في افتتاحية صحيفة "داي فيلت" الألمانية اليومية التي أجرت فيها موازنة بين حق الخصوصية وبين ضرورة الحصول على المزيد من الأمن حيث قالت: "إن للخصوصية حدوداً تتوقف عندها، وخصوصاً عندما تكون حياة أشخاص آخرين في خطر، وهذا ما ينطبق على حالة الماسحات الضوئية. أما بالنسبة للناس الذين يشعرون بالضيق، ويضعون خصوصيتهم فوق أي اعتبار، فعليهم ألا يقللوا، في المقابل، من أهمية رغبة الألمان في البقاء على قيد الحياة". ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©