بقلم - واهي بيتروسيان:
هناك دروس عديدة مستفادة بشأن استراتيجيات التلاعب في الأسواق، و''أوبك'' تواجه تحديا صعبا خلال الشهور المقبلة بعدما كشرت عن أنيابها في اجتماعها الأخير لتؤكد للجميع أنها ليست نمرا من ورق، ولا يمكن بأي حال من الاحوال أن نجزم بأداء ''أوبك'' وما ستنتهي إليه الاوضاع·
وبداية فمن المؤكد أن''أوبك'' أظهرت انها تعلمت كثيرا من دروس الماضي، وأظهرت للجميع عدم صحة ما يتردد من انها أصبحت ''غير ذات صفة في عالم النفط''· وبالرغم من هذه الخبرة فإنها تدرك أنها لا تستطيع بمفردها أن تحدد مستويات الاسعار، فهناك عوامل السوق وهناك أيضا العلاوات السعرية السياسية، لكن المؤكد أن قرار خفض الانتاج سيزيد ثقة الاسواق في''أوبك'' التي من المفترض نظريا أن تكون طاقتها الانتاجية الاضافية قد ارتفعت الى 3,8 مليون برميل يوميا·
وأبرز العوامل الاقتصادية ما يتعلق بمستويات الطلب في الولايات المتحدة وقوة اقتصادها اضافة الى أوضاع الطقس، وبالنسبة للسياسة فقد دفع كثير من المحللين-وهم على حق- بأن المستويات القياسية هذا العام في أسعار النفط تتضمن ''علاوة مخاطر سعرية'' تتراوح نسبتها بين 15 و20%·· وهذا يعني ان من المحتمل حدوث تراجع سعري بهذه النسبة في حالة استقرار الاوضاع خاصة أن الاسواق يبدو وكأن الملل قد أصابها من تكرار الأنباء الخاصة بأزمة ايران النووية والاضطرابات المستمرة في نيجيريا·
بل إن عددا كبيرا من المحللين والتجار بدأوا بالفعل في اعادة ترتيب أوراقهم حسب العوامل الاساسية للسوق التي تظهر وجود وفرة في المعروض من النفط، واذا لم تحدث صدمات سياسية او مناخية مفاجئة فإن من المتوقع ان تتجه الاسعار نزولا، وبالفعل فقد ذكرت غالبية الشركات العالمية أنها وضعت ميزانية مستقبلية على أساس نطاق متواضع يتراوح بين 30 و40 دولارا للبرميل، وهو تقريبا نصف المستوى القياسي الذي وصلت إليه الاسعار هذا الصيف·
ومع ذلك فمن الصعب أن نتصور أن تتراجع الاسعار دون مستوى 50 دولارا للبرميل وذلك بالرغم من أنها انخفضت بشكل دراماتيكي إلى هذا الرقم قبل أن تنتشل نفسها مرة ثانية إلى ما فوق 60 دولارا للبرميل· ويجب ان نضع نصب أعيننا أن الدول الرئيسة المنتجة للنفط تعكف حاليا على مشاريع عملاقة، ومن غير المحتمل أن تسمح للاسعار بتجاوز هذا المستوى، وأفضل ما يمكن ان تتطلع إليه''أوبك'' حاليا هو أن تحقق اميركا نموا اقتصاديا كبيرا والا يكون الطقس في نصف الكرة الغربي دافئا بشكل زائد عن الحد حتى لا يتقلص اقبالهم على الطلب·
نقلا عن صحيفة ابستريم الدولية للنفط والغاز
عدد اليوم
