لم تعد الإضاءة مجرد عنصر وظيفي، نتلمس بها الطريق في ردهات المكان وفراغاته، وإنما باتت تحفة فنية بديعة تنقلنا إلى ردهات القصور، وإلى محطات ثرية بعقود كريستالية تتدلى بكل فخامة وجمال، لنستشف من خلالها إبداع الحرفيين في التعاطي مع خامة الزجاج بطريقة حرفية عالية، لإنتاج أشكال فنية زاهية، وعناقيد كريستالية بلورية متوهجة.
إنها تركيبات تمتاز بالجمع بين حرفة التصنيع ذات الخبرة الواسعة مع الإضاءة المتطورة التي تغني الفراغ، حيث تمتزج تقنيات القطع الرائعة للزجاج البوهيمية مع طريقة التصنيع العتيقة لألواح الزجاج، في إنتاج إضاءات فنية تثير التأمل وتأسر الاهتمام وتدعو للحوار في فنيات هذا الإبداع الذي يخلق أبعادا جمالية خلابة في ردهات المنزل، فلا يمكن أن تكتمل إطلالته من غير إيقاع كريستالي مضيء.
فخامة وأصالة
وللحديث حول هذا الفن البديع من الإضاءة الزجاجية الساحرة، يشير مصمم الديكور الداخلي محيي الدين عبدالعظيم قائلا: «لو تحسسنا تلك القطع البديعة من الإضاءة الكريستالية، لوجدناها شفافة مصقولة ومحفورة ومرسومة، بدقة لتطل علينا بفخامة وأناقة ثرية آسرة، لا يشوبها شائبة، حتى غدت هذه القطع من إضاءة الكريستال البوهيمي، قطعاً فنية حاضرة في مداخل المنازل، وفي الصالات الواسعة، ذات السقوف العالية لتتدلى منها بكامل كل معاني الفخامة والأصالة التي جعلت منها قيمة لها مدلولات فنية ثرية.
ليونة ونعومة
ويوضح محيي الدين، أن الكريستال يعد نوعاً من أنواع الزجاج، ويطلق عليه زجاج الصودا والرصاص.
ويصنع هذا الزجاج عن طريق الاستعاضة بأكسيد الرصاص الناتج عن أكسيد الكالسيوم، وفي كثير من الأحيان ينتج عن جزء من السليكا المستعملة في زجاج الحجر الجيري، حيث نجد أن زجاج الصودا والرصاص يتسم بالليونة والنعومة وسهولة الانصهار، ولزجاج الرصاص والصودا بعض الخواص البصرية القيمة، وما يميز الكريستال عن الزجاج هو قدرته على عكس الضوء المسلط عليه بعكس الزجاج العادى، وتعتبر عملية النحت والنقش اليدوي أهم مراحل صناعة القطعة الفنية المضيئة من الكريستال.
وهناك أيضا تقنية أخرى متمثلة في استخدام الزجاج المعشق بالكريستال وهو عبارة عن حبات من الكريستال على شكل نجوم تدخل في الزجاج المعشق بالرصاص ما تمنحه إطلالة فريدة وجذابة، وتم تصميمم عدد من وحدات الإضاءة به، بأغطية جذابة وفريدة.
مهارات فنية عالية
وبلا شك أن الحرفي الجيد، حسبما يرى محيي الدين، لابد وأن يتمتع بمهارات فنية عالية في مجابهة العمل الذي أمامه مع وجوب توفر القدرة الإبداعية والفنية عند الحرفي لاكتساب المزيد من المهارة، ومن ثم الإبداع في هذه الحرفة التي تحتاج إلى مواكبة الزمن والتطور وإنتاج نماذج مختلفة بين الحين والآخر.
ويتابع قائلا: من حيث فنيات توزيع هذه القطع من الإضاءة الغنية بأشكال وتصاميم بديعة، من الزجاج البوهيمي، نجد منها قطع الثريات القائمة في أنظمتها على الإضاءة الشاملة، والتي تعمل على تحقيق إضاءة عامة في المكان، هذه الإضاءة المزدانة في شكلها ومظهرها الملوكي، لا تخلو منها المنازل، فهي تشي بفخامة تتجلى في تفاصيل المكان، وعادة ما نجدها حاضرة في غرف الاستقبال ومداخل المنزل.
ونجد منها الكثير من التصاميم التي تسير على وتيرة النمط الكلاسيكي، والتي تنتهج نمط الحداثة في انسيابيتها وتصاميمها الفريدة، فهي قطعة لها وزنها وتتطلب حرفية عالية في كيفية تطويع الزجاج ونقشه وحفره، حتى تظهر القطعة بالصورة والفكرة المطلوبة.
ويضيف عبدالعظيم: هناك تنوع مذهل في قطع الإضاءة البوهيمي التي تثري الأسقف، ونجدها بألوان وأحجام وأشكال مختلفة، فمنها ما تصنع من خامات متعددة منها النحاس والبرونز والحديد المشغول، أو المذهب، وتتنوع بين الكلاسيكي والعصري، حيث نجد الإضاءة على شكل شمعدانات تزين أطراف الثريا وتتدلى منها قطع من الكريستال التي سرعان ما ينكسر الضوء لحظة الاصطدام بها، محدثا وهجا وأيقونة لونية بديعة، وقد تحمل عددا كبيرا من الإضاءات التي تتوقف على حجم الثريا ومدى مساحة المكان التي ستشغله.
ويؤكد عبدالعظيم، أن هناك اتجاها لمصممي الإضاءة لتقديم مجموعة متميزة تسير وفق التصميم العصري الحديث التي تأتي بأشكال عشوائية ومموهة، ومنها ما تأتي في صورة أشكال هندسية، وتحمل بعض القوارير من الزجاج المنفوخ بشكل مكرر لتصل إلى الحجم المطلوب للثريا، ولابد عند انتقاء الثرية أو حجم الإضاءة من قياس مدى ارتفاع السقف، حتى تظهر الثريا بتفاصيلها الجمالية وتكون متناغمة مع ديكور المكان وأثاثه، أما في حالة انخفاض السقف فلابد من الابتعاد كليا عن الإضاءة المتدلية، والاستعانة بإضاءة ذي قاعدة مسطحة مثبتة في السقف دائرية الشكل أو مربعة الشكل، بحيث تتلاءم مع طبيعة وشكل الجبس، ويمكن أن توضع ثريا فخمة طويلة في أعلى السلالم الكبيرة التي تتوسط الصالات بحيث تتدلي منها، مما تمنح المكان قدرا من الرقي والفخامة.
إضاءة ديناميكية متطورة
عكف الرواد في مجال تصميم الإضاءة، على تصنيع تركيبات الإضاءة الكريستالية وفق المتطلبات الخاصة للعملاء، سواء كانت التركيبات الفنية الزجاجية أو ثريات كلاسيكية أو تجيهزات الإضاءة الديناميكية المتطورة تقنياً أو التركيبات الحركية.
وهذا ما نلمحه ، بحسب مصمم الديكور محيي الدين عبدالعظيم، في كثير من تصميمات الإضاءة الزجاجية وما تحمله من نقوش وزخرفة واضحة في أغطية تتمتع بتقينة تصنيعية عالية الجودة، فمنها على شكل أغطية تحتضن إضاءة واحدة، مزخرفة بنقوش بسيطة وناعمة على شكل كؤوس بديعة يمكن وضعها في خط مستقيم إلى جانب بعضها البعض وعلى امتداد طاولة الطعام أو حتى في ركن من المطبخ، أو في ممر طويل ممتد، فتضيء المكان بطريقة ناعمة مريحة للعين عند النظر إليها.
عدد اليوم
