الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أول خمس آيات نزلت تؤكِّد أهمية العلم وفضله ووجوب تحصيله

أول خمس آيات نزلت تؤكِّد أهمية العلم وفضله ووجوب تحصيله
8 سبتمبر 2011 22:37
يستعد الطلاب والطالبات للعودة إلى مقاعد الدراسة في هذه الأيام، بعد انتهاء الإجازة الصيفية، ونحن نبارك لأبنائنا وفلذات أكبادنا عودتهم الحميدة، ونتوجه إلى الله بالدعاء أن يوفقهم لما فيه الخير، وأن يأخذ بأيديهم لما يحبه ويرضاه، فكما قال الشاعر: وإنمــــا أولادنـــا بيننــــــا أكبادنا تمشــي على الأرض لو هبت الريح على بعضهم لامتنعت عيني من الغمض وديننا الإسلامي الحنيف الذي أكرم الله البشرية به، دين يدعو إلى العلم، فأول خمس آيات نزلت من كتاب ربِّ العالمين في بدء الوحي على سيدنا محمد- صلى الله عليه وسلم- لتؤكِّد على أهمية العلم وفضله ووجوب تحصيله وطلبه، كما في قوله تعالى: (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ* خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ* اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ* الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) «سورة العلق، الآيات 1 - 5». يقول الإمام ابن كثير: «فأول شيء نزل من القرآن هذه الآيات الكريمات المباركات، وهن أول رحمة رحم الله بها العباد، وأول نعمة أنعم الله بها عليهم، وفيها التنبيه على ابتداء خلق الإنسان من علقة، وأنَّ من كرمه تعالى أن علّم الإنسان ما لم يعلم، فشرفه وكرّمه بالعلم، وهو القدر الذي امتاز به أبو البرية آدم على الملائكة (مختصر تفسير ابن كثير 3/656 - 657). لقد حثَّ الإسلام أبناءه على الاجتهاد في تحصيل العلم فقال- عليه الصلاة والسلام-: «من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهّل الله له طريقاً إلى الجنة، وإنّ الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب» (أخرجه أبو داود)، وقال أيضاً: «من خرج في طلب العلم، فهو في سبيل الله حتى يرجع» (أخرجه الترمذي). كما وبيّن الصحابة- رضوان الله عليهم أجمعين- منزلة العلم، والعلماء في كثير من أقوالهم ووصاياهم، فمن ذلك ما أثر عن الإمام علي- رضي الله عنه - قوله: «العلم خير من المال، العلم يحرسك، وأنت تحرس المال، والعلم حاكم، والمال محكوم عليه، والمال تنقصه النفقة، والعلم يزيد بالإنفاق»، كما وذكرت كتب السيرة حرص الصحابة - رضي الله عنهم أجمعين - على حضور مجالس العلم. ومن المعلوم أن الإسلام لم يجعل للعلم سناً معيناً فهو من المهد إلى اللحد، ولا يزال الرجل عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل، والعلم بدون تقوى لا يساوي شيئاً ورحم الله القائل: ولو كان للعلم من دون التقى شرف لكان أشــرف خلــق اللـه إبليـــس لذلك يجب علينا نحن المسلمين الأخذ بزمام العلم، فإن تعلمه لله خشية، وطلبه عبادة، والبحث عنه جهاد، حتى نستعيد مجد أسلافنا الأوائل، كما قال الشاعر: لقد كنا وكان الناس في الزمن الخوالي طلاب علم عندنا إن في الجنوب أو الشمال يتتلمذون على حضـارتنا كتلمذة العيال ونظراً لهذه الأهمية الكبيرة للعلم، وحيث إن العام الدراسي على الأبواب، فإننا نرى لزاماً علينا أن نوضح دعائم العملية الدراسية، هذه الدعائم التي تتلخص في الطالب والمدرس وولي الأمر: 1- الطالب: يجب على الطالب أن يجتهد في تحصيله العلمي، وأن يذاكر دروسه أولاً بأول، وأن ينتبه إلى شرح المدرس والإنصات إليه ورحم الله القائل: أخــــي لن تنــال العلــم إلا بســتة ســـأنبيك عـــن تفصيلهـا ببيـــان ذكاء وحـــرص واجتهــــــاد وبلغــة وصحبــــة أســـتاذ وطـول زمـــان كما يجب على الطالب احترام المدرس وتقديره وتنفيذ أوامره، فعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «تعلموا العلم، وتعلموا للعلم السكينة والوقار، وتواضعوا لمن تعلمون منهم» (أخرجه الطبراني)، وقال الشاعر: اصبر على مر الجفـا مـن معلــم فإن رســوم العلــم في نفراتــه ومن لم يذق مر التعلـم ســاعة تجرع كأس الجهل طول حياته ومن فاته التعليم في زمن الصبا فكبّــر عليـــه أربعـــــاً لوفاتــه 2- المعلم: المدرس والمعلم له احترامه وتقديره كما قال أمير الشعراء: قــم للمعلــــم وفــه التبجيـــلا كاد المعلــم أن يكــون رســولا فالمعلم المخلص يؤدي واجبه على خير وجه، ويعلم أن عمله عبادة وأن الجزاء الأوفى عند الله يوم القيامة، والمعلم له دور كبير في صقل الطالب وتهذيب خلقه، والأخذ بيده إلى ما فيه الخير وإرشاده إلى ما يلائمه من دراسة وعمل، لذلك يجب علينا احترام المعلمين وتقديرهم، فقد ورد أن الإمام أبي حنيفة النعمان - رحمه الله - كرّم معلم ولده بألف درهم لأنه علمه سورة الفاتحة، فما بالك بأساتذتنا الفضلاء، ومعلمينا الكرام الذين يخرجون للمجتمع: الطبيب، والمهندس، والمحامي، والعالم، وأصحاب الكفاءات، ونحن في هذه المناسبة نقول لأساتذتنا الفضلاء: أنتم تستحقون كل خير، وكل تقدير، فمن علمني حرفاً كنت له عبداً، وجزاكم الله عنا خير الجزاء. وبالمناسبة نشكر الهيئات التدريسية على جهدها الكبير في تعليم الأبناء وتربيتهم التربية السليمة، كما ونشكرهم على تبنيهم للمشاريع النوعية التي تعود بالنفع والفائدة على الطلبة. 3- ولي الأمر: يجب على ولي الأمر أن يتابع أبناءه، وأن يحثهم على الدراسة والمواظبة والاجتهاد في التحصيل العلمي ليؤدوا واجباتهم المنزلية على أكمل وجه، وكذلك وجوب الاستعداد للدروس الجديدة، كما ويجب عليه إن كان على قسط من التعليم أن يعلم أبناءه ويراجع معهم ما قطعوه في دراستهم، وأن يوجههم إلى الطريق السليم حتى يكونوا أبناء صالحين، وأن يختار لهم المستقبل المناسب علمياً كان أو مهنياً حسب قدرات ولده، ومما يؤسف له أن بعض الآباء لا يعرفون أبناءهم في أي مستوى دراسي، ولا في أي فصل وهذه طامة كبرى، ومنهم من يقضي الساعات الطوال خارج البيت في الثرثرة، ولا يجلس لحظة مع أولاده يعلمهم ويناقشهم ويستمع إلى مشاكلهم، وصدق الرسول الكريم: «وليسعك بيتك»، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: «حق الولد على الوالد أن يحسن اسمه، وأن يزوجه إذا أدرك، ويعلمه الكتاب» (أخرجه أبو نعيم والديلمي). لذلك فإن على ولي الأمر مسؤولية كبرى، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فيجب على ولي الأمر زيارة ولده في مدرسته ولو شهرياً على الأقل، يسأل عن ولده ويشجعه ويأخذ بيده إلى الإمام، فيشعر الطالب بالأمن وأن عين أبيه معه وبجانبه تراقبه، فيهتم بدروسه ويتحسن سلوكه وتستقيم أخلاقه، كما ويشعر المعلم أن ولي الأمر معه يسانده ويقدر جهده وعمله. ونحن في هذه المناسبة نحيي طلبتنا ونشد على أيديهم، وندعو الله لهم بالتوفيق والسداد، ونتمنى أن يحققوا ما يصبون إليه من تقدم ونجاح وتفوق، فهم أملنا الكبير، وعليهم يعتمد مستقبل هذا البلد، ومن خلالهم ينطلق البناء الصحيح للمجتمع، فبالعلم ترتقي الأمم، وبالعلم يحيا الإنسان، وبالعلم تتطور الشعوب، وبالعلم ينتصر الحقّ على الباطل، وبالعلم ينتصر المظلوم على الظالم، لأن العلم نور، والله نور السموات والأرض. ألف تحية لمعلمينا المخلصين، وطلابنا المجدين، وأولياء الأمور الحريصين على مصلحة أبنائهم، فبارك الله فيهم جميعاً. الشيخ الدكتور يوسف جمعة سلامة خطيـب المسـجد الأقصـى المبـارك www.yousefsalama.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©