الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الإمارات والهند.. صداقة أغلى من اللؤلؤ

الإمارات والهند.. صداقة أغلى من اللؤلؤ
2 سبتمبر 2015 21:45
تقول الشاعرة والكاتبة سمو الشيخة أسماء صقر القاسمي رئيسة مجلس إدارة شبكة صدانا الثقافية ومؤسِسة الشبكة: لقد تمتعت الهند بعلاقات تاريخية مع منطقة الخليج العربي، التي تعد مصدراً مهماً من مصادر الطاقة بالنسبة للهند. وفي الوقت نفسه، أصبحت الهند بالنسبة لهذه المنطقة مصدراً مهماً للأيدي العاملة بكل تصنيفاتها الاحترافية والعادية، حيث يتواجد الملايين من الهنود يعيشون في الخليج من مئات السنين وحتى اليوم. وكدول شرقية الروح والثقافة تكتسي العلاقات الثقافية والإنسانية بين الخليج والهند طابعاً خاصاً لما فيه من تواصل دائم بين الشعوب التي تنضوي تحت لواء هذه الرقعة الجغرافية منذ زمن ليس باليسير، أما علاقات الإمارات بالهند بشكل خاص فهي أيضاً قديمة قدم التاريخ نفسه، سواء كانت علاقات سياسية أو اقتصاديه أو ثقافية بشكل خاص. فقد دخلت كثير من المفردات الثقافية الهندية إلى الأدب العربي ككتب الملاحم الهندية وأساطيرها مثل «الفيدا» و«المهاباهاراتا» و«الرامايانا». وفي الهند، توجد الكثير من الآثار الإسلامية المهمة، وتعتبر من عجائب الدنيا كتاج محل، وقطب منار، حيث الطابع الإسلامي في البناء، وهناك جامعات مشهورة في الهند كجامعة عليگرة الإسلامية التي أسّست عام 1875 م على يد السيد أحمد خان. ولا تزال كنوز ثقافتنا الإسلامية من المخطوطات موجودة في الهند إلى اليوم. ورغم حدوث انقطاع معرفي في العصور المتأخرة إلا أن العرب سرعان ما عادوا إلى التفاعل مع إبداعات الهند فيما يتعلق بالعلاقات الثقافية في العصر الحديث، فالمركز الثقافي العربي - الهندي في الجامعة الملية الإسلامية منذ تأسيسه في فبراير 2007 يلعب دوراً بارزاً في تطويرها، ويؤدي المركز دوراً فاعلًا في نشر الثقافة العربية في الهند على مستوى عالٍ، ويبذل كل مجهوداته لإحياء ثلاثة ملايين من المخطوطات العربية الموجودة في المكتبات الهندية المختلفة. صدانا في الهند وتضيف: شجعني ما للإمارات من علاقات ممتازة ثقافياً واقتصادياً مع الهند على تنظيم تظاهرة كبرى تقديراً للإبداع والمبدع الهندي، حيث كرمنا من خلال مؤسسة صدانا الثقافية الباحث والاجتماعي «موكاندان» بوسام صدانا الذهبي الذي نقدمه لشخصيات دولية أسهمت في خدمة الثقافة والفكر، بالإضافة إلى تنظيم ملتقى صدانا السادس بالهند بعدما تم تنظيمه بالمغرب والإمارات وفرنسا والعراق. وقد كانت تجربة رائعة بحضور العديد من الطلبة الباحثين بجامعة كاليكوت العريقة. ولما وجدنا التجاوب الكبير للأدب العربي بالهند برزت فكرة تنظيم جائزة أسماء صقر القاسمي لأفضل بحث في مجالي الماجستير والدكتوراه، تثميناً لأواصر التواصل الإنساني والثقافي الدائم بين الإمارات والهند. ومنذ توقيع الاتفاقية الثقافية بين الإمارات والهند في عام 1975، التي وفرت الإطار المؤسساتي وآليات التعاون الثقافي بين البلدين، شهدت العلاقات الثقافية بين الإمارات والهند تواصلًا ثقافياً وفنياً كان أبرزه تنظيم مهرجان سارك السينمائي في عام 2009 ومعارض الفن الهندي والمسرحيات التاريخية الهندية، كما قامت هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة والمؤسسات الثقافية بالدولة بترجمة العديد من الكتب الهندية البارزة في الفن والأدب والثقافة والتاريخ إلى اللغة العربية. وخلال شهر ديسمبر عام 2009، تم افتتاح المركز الثقافي الهندي في مقر السفارة الهندية في أبوظبي، ومنذ ذلك الحين نظم المركز ودعم العديد من الأنشطة الثقافية والبرامج المختلفة في مجالات الفنون المسرحية والندوات والمحاضرات والأمسيات الثقافية حول موضوعات متنوعة منها احتفالات مهرجان الهند ومعارض التسوق والحرف اليدوية واليوجا والأزياء والمطبخ الهندي. وخلال الفترة الماضية قامت السفارة الهندية في أبوظبي بتشجيع الجمعيات والمراكز الثقافية الهندية المختلفة في دولة الإمارات لتنظيم العديد من الأحداث الفنية والثقافية المتنوعة بهدف تعريف مواطني الدولة بثقافة الشعب الهندي وتاريخه وتطور الحياة الاجتماعية والثقافية في مختلف أرجاء الهند. وجاءت زيارة رئيس الوزراء الهندي خلال أغسطس الجاري، وهي الأولى لرئيس وزراء هندي للدولة منذ 34 عاماً، لتدل على انطلاقة نحو شراكة استراتيجية جديدة وشاملة بين الهند والإمارات، لكي تنطلق العلاقات الإماراتية الهندية بشكل أقوى وأنفع للشعبين معاً تحقيقاً للرخاء الاقتصادي والاجتماعي. ما إن تفتح سيرة الهند وعلاقتها الثقافية مع الخليج حتى يتلألأ بريق صداقة قديمة ومتجذرة في التاريخ، ولها أثرها على نواحي الحياة كافة، حتى ليقول المرء واثقاً: إنها صداقة أغلى من اللؤلؤ وأكبر من مجرد علاقة تجارية وتبادل منافع.. هي في الدرجة الأولى علاقة إنسانية، عميقة، جذريّة، متأصلة في مفردات الناس والمكان.. ويرى مثقفون إماراتيون وخليجيون وعرب أن العلاقة المتميزة للعرب عامة، وللخليج خاصة، مع الهند، اكتسبت أهمية إضافية مع زيارة رئيس الوزراء الهندي للإمارات خلال أغسطس الجاري، وهي الأولى لرئيس وزراء هندي للدولة منذ 34 عاماً، فهذه الزيارة تدلل على كل ما سبق، بل وترسخ كون هذه العلاقة هي شراكة استراتيجية جديدة وشاملة بين الهند والإمارات... في الاستطلاع التالي رصدنا آراء مثقفين وكتاب وباحثين وأكاديميين لنتساءل: كيف يمكن تعميق وترسيخ العلاقات الثقافية مع الهند؟ فكان هذا الحصاد. شراكة قديمة يرى الشاعر والأديب محمد حسن راضي، عضو مجلس الشورى بمملكة البحرين، أن الهند من أهم الدول ذات الشراكة التجارية والثقافية مع دول الخليج، ويقول: تمتد هذه العلاقة لمئات السنين، وربما تكون هذه العلاقة أكبر وأوسع من علاقة دول الخليج العربي ببعض الدول العربية. وقد تم تنظيم وتأطير هذه العلاقة مع بداية احتلال الهند من قبل الإمبراطورية البريطانية تحت مظلة شركة الهند الشرقية قبل أكثر من ثلاثمائة عام، وتم تنظيم هذه العلاقة في وزارة شؤون المستعمرات وكان المقيم الإنجليزي في الهند هو صاحب الكلمة ومؤسس النظام الإداري في دول الخليج. وكانت الهند مصدراً ثقافياً يتمثل في الطباعة، فضلاً عن كونها مصدراً مالياً يتمثل في العملة «الروبية»، التي كان يتم صكها في الهند بأمر من المندوب السامي الانجليزي، إضافة إلى أن أي مستشار لحكومة خليجية كان يتبع إدارياً للمندوب السامي في الهند.. ناهيك عن حجم التبادل التجاري الذي كان كبيراً إذا قيس بما تصدره دول الخليج آنذاك إلى الهند وهو اللؤلؤ تحديداً. وقد امتدت هذه العلاقة، وأخذت صفة أكثر متانة بتطور الاقتصاديات الخليجية وحاجتها للعمالة المستوردة في جميع المجالات مما جعل الهند شريكاً في التنمية لا يمكن إنكار دوره، وعلينا أن نؤطر ونقنن هذه العلاقة، بحسب ما نراه من تأثيرها على مجتمعاتنا واقتصادنا.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©