التحكيم الإماراتي يحقق قفزة نوعية بـ 70 % فقط من الأفكار.. وتتواصل أفكار الجيل الثالث رغم الصعوبات، ورغم أنني أؤمن بأن التوقف أفضل من الاستمرار في التدهور·· إلا أنني استلهمت الحكمة والقوة من مقولة نرددها دائماً: ''للضرورة أحكام''·
ساقتني قدماي مع سبق الإصرار إلى حيث يجلس علي محمد بوجسيم المونديالي الذي لا ينسى، وقائد كتيبة العمل في لجنة الحكام باتحاد كرة القدم الإماراتي، في مجلس عامر يضم إلى جانبه لفيفا من نخبة متميزة من الرجال فكان اللقاء·
وقبل أن نذهب إلى ركن بعيد هادئ، وخلال دقائق بسيطة كانت مخصصة للترحاب والضيافة، شرد ذهني وسرح فيما سوف يذهب إليه الحوار، لكن ملامح شخصية بوجسيم كانت تطغى على كل شيء، فهو القوي والحاسم غير المتردد، وهو القادر على اتخاذ القرار تحت أي ضغط، فهكذا تأثر بمهنته كضابط، وبهوايته كحكم لافت، ترك بصمة باقية هنا في الشرق، وهناك في الغرب·
قال لي ببساطة: هات ما عندك·
وبطريقة هجومية كانت البداية، فقد كنت أدرك أن بوجسيم قادر على الرد، مهما كانت الأسئلة صعبة أحياناً، أوحساسة ومحرجة في أحيان أخرى·
؟ وبلا تردد قلت: تختلف نجوميتك كحكم عن نجوميتك كإداري·· فرغم اسمك وتاريخك وشخصيتك إلا أن هناك شخصا آخر هو الآمر الناهي في لجنة الحكام، وأول حرف من اسمه سالم سعيد؟!
؟؟ وتقبل بوجسيم البداية بصدر رحب وبهدوء قال: لو تدارسنا لجنة الحكام على مر تاريخها سنجد أن سالم سعيد كان- ولايزال- عضواً فعالاً فيها، وأنا بدوري لابد أن أعطي كل عضو في اللجنة دوراً فعالاً حتى أستفيد من خبرة الجميع، سالم من الأعضاء أصحاب الخبرة، وله مستوى فني يجب أن نستفيد منه·· لكن من جانب آخر فلجنة الحكام تحتاج لقائد ومخطط·· تحتاج إلى أفكار استراتيجية·· أنا موجود من عام ،84 لكن هذه الأفكار لم تتواجد، ولم تطرح إلا في الإطار الذي نحن متواجدون فيه الآن·
الأدوار في اللجنة نتقاسمها بحيث كل واحد فينا تكون له مهامه التي يجد فيها نفسه، ويشعر من خلالها أنه يؤدي خدمة لبلده من خلال المكان المتواجد فيه·
أنا مع اللجنة تنحصر مهمتي في وضع الأفكار والسياسة العامة، ابتداءً من الحكم المستجد، مروراً بالدرجات المختلفة، وانتهاءً بالمراقبين والمحاضرين وعملهم ودوراتهم·· هناك خطة تطوير·· ونجتهد من أجل تواجد خطة شاملة تكون أساساً لعملنا·
نحن الآن نتحدث عن الاحتراف في العمل الإداري، وكان سالم سعيد بمثابة الخطوة الأولى في هذا المجال فقد استعرناه، وهو الآن يؤدي عمله كمحترف بعد أن أصبح شبه متفرغ،
وحتى يعلم الجميع وحتى يطمئن الجميع فإن سياسة تعيين الحكام هي من مسؤوليتي كرئيس، وقد وضعتها من قبل·· وكل الذي يقوم به الأخ سالم يتم بمعرفتي، فهو الذي يقترح تعيين حكام الدرجة الأولى، والأخ يونس حسن يقوم باقتراح تعيين حكام المراحل، أوينوب عن سالم في غيابه، ونحن نقر هذه الاقتراحات·
التشكيك··!
؟ قلت لبوجسيم: وما رأيك فيما يردده البعض أن هناك حالياً من يتعمد التشكيك في نزاهة الحكام والتشهير بهم عبر الفضائيات، ويستمد هجومه من معلومات يسربها إليه بعض الحكام من خلال الاجتماعات؟!
؟؟ قال بوجسيم: أنت تقصد الحكم صلاح أمين·· وبوضوح أقول لك: إن صلاح كحكم دولي عنده خبرة، ويعتمد على نفسه في التحليل·· وإذا تحصل على معلومة فهي معلومة إدارية، وليست فنية، ولا تنس أن أمور التحكيم أصبحت مكشوفة·· فالحالة التي يتكلم عنها مثلاً تكون الكاميرا قد ضبطتها، وأعادتها بالبطىء أكثر من مرة·· وكثير من الحالات فيها اجتهاد، ووجهات نظر، ونحن لا نأخذ الأمور بحساسية، ونرحب بالأخ صلاح أوغيره، فهو يستطيع أن يقول ما يشاء، لأن هذا هو رأيه الشخصي، ونحن لا نحجز علَى آراء أحد·
ويقول بوجسيم: إذا كان هناك من قال: وأكد أن هناك تركيزا على السلبيات، وليس الايجابيات ·· فأقول: إن من يفعل ذلك يعبر عن شخصيته·· والحمد لله أن الجواب جاء من الناس الذين يشاهدون بحياد، ولم يأت الجواب منا·· وأسوأ تهمة هي التي تأتي من زميل العمل·· فالمحامي عندما يسيء لزميله المحامي·· أوالقاضي عندما يسيء لزميله القاضي تكون بالفعل هذه هي أسوأ تهمة (!)·
أما الحديث عن النزاهة·· فهو موضوع بعيد كل البعد عن حكام الإمارات، وهذا أمر محسوم·
الضجة··!
؟ وماذا عن الضجة التي أثارها إخواننا في قطر بخصوص تعيين العميد فاروق بوظو رئيسا للجنة الحكام في ''خليجي ''18 ما أسبابها وكيف تراها؟
؟؟ لقد استأت استياءً كبيراً·· فمنطق الموضوع لم يكن مقنــــعاً(!)·
العميد بوظو يعين الحكام لليابان والسعودية وكوريا·· يعين الحكام لمباريات تصفيات كأس العالم ونهائيات الأندية الآسيوية·· فهل رجل بهذا المستوى من الأمانة والثقة على المستوى القاري والدولي يستحق أن نشكك فيه من أجل بطولة للصداقة (!)·
نحن للأسف كعرب وكآسيويين نسيء (!) إلى رموزنا·· فالعميد بوظو رمز من رمز التحكيم العربي والآسيوي·· ولم يصل إنسان عربي إلى هذه المكانة الدولية غير بوظو·· فالفيفا يعتمد عليه، وآسيا تعتمد عليه·· ونجيء نحن ونسيء إليه من أجل مسابقة مثل هذه!
الكلام في هذا الموضوع لم يكن في محله·· وحسناً ما فعل رئيس الاتحاد الآسيوي عندما قال: نحن كآسيا لن نتدخل في بطولة الخليج·· وأقول في النهاية: إن هذه الأفكار أساءت للبطولة قبل أن تسيء لبوظو(!)·
مجاملات··!
؟ هناك حكام أصبحوا مراقبين رغم أنهم لم ينجحوا·· بينما بعض المعتزلين ورغم تاريخهم آثروا الابتعاد·· فهل العمل في هذا الاطار تحكمه المجاملات؟
؟؟ الباب مفتوح لكل حد، نحن نرحب بكل من يجد في نفسه القدرة والامكانية·· ولا يمكن أن نحجب الفرصة عن أحد·· ولا نفكر مطلقاً في شيء اسمه المجاملات، الحكم صلاح أمين رشحناه لدورة مراقبين ولدورة محاضرين بصرف النظر عن كونه في اللجنة أوخارجها·· لكي يكون مراقباً، ويمثل الاتحاد الآسيوي·· رشحناه لأن الشروط كانت تنطبق عليه·· فهو خريج أميركا ومهندس ويجيد كما تتطلب الشرط الإنجليزية وأعمال الكمبيوتر، إضافة إلى كونه كان حكماً دولياً·· للأسف صلاح فوت الفرصة على نفسه لأنه اعتذر، لأن ظروف عمله لا تسمح كما قال·
نحن كل سنة ننظم دورة للمحاضرين ودورة للمراقبين، وعندنا ارتباط مع الاتحاد الإنجليزي في هذا الشأن·· وهذه الدورات لاقت نجاحاً كبيراً وقبولاً وانتشاراً ليس في الداخل فقط، بل لدينا اتصالات من دول الخليج·· والكل يتمنى المشاركة في هذه الدورات·
وبالمنسابة فلأول مرة في تاريخنا ندخل حكاماً عاملين في هذه الدورات من الدرجة الثانية والأولى والدوليين·· وهذا الأسلوب يتم تطبيقه في انجلترا·· وأفضل المحاضرين هناك هم حكام عاملون في نفس الوقت·· وهذا الأسلوب فيه فائدة من ناحيتين: فالحكم يسعى لتطوير نفسه وتطوير الآخرين في نفس الوقت·· ونحن نتبع هذا الأسلوب حالياً في الإمارات لأول مرة·
مرة أخرى نحن نرحب بمن يريد الانضمام إلينا لكي يكون مراقباً أومحاضراً، بشرط أن تكون لديه القدرة بعد الدراسة على مراقبة المباراة، ويأتي بلقطاته ويشرح لنا ملاحظاته من المباراة في وجود الحكام، وفي وجودي وفي وجود سالم سعيد كمشرفين، ونحن لن نتدخل إلا في بعض الحالات التي يلزم تدخلنا فيها·· وإذا تمكن المراقب من النجاح في هذا الاختبار نجيزه على الفور·
الخليفة··!
؟ بصراحة هل أنت راض عن مستوى التحكيم، ومن هو الأفضل هذا الموسم، ولماذا لم يظهر خليفة لبوجسيم؟
؟؟ بصراحة تامة أنا راض جداً·· فتوجد نقلة نوعية محسوسة·· ولا تنس أننا أناس غير متفرغين·· نعمل متطوعين خدمة لهذا البلد وحبا فيه·· والحكام نفس الشيء هم متطوعون ويسعون لتمثيل بلدهم أفضل تمثيل·· ولا أخفيك أن في صدورنا أفكاراً كثيرة لم تر النور بعدُ، وإذا كنا قد نفذنا 70 في المائة من أفكارنا فهذا معدل جيد في ظل الهواية·
وأقول عن أفضل الحكام حتى الآن في هذا الموسم: هو الحكم محمد الجنيبي·· فأنا أراه متفوقاً، ولديه قدرة على تنافس حكمي النخبة، وهما محمد عمر، وفريد علي، وأيضاً لديه القدرة على منافسة علي حمد·· وبالمناسبة فعلي حمد صاعد بقوة إلى أعلى، وصارت له قناعة على المستويين العربي والآسيوي·· وسوف يمثلنا في دورة الألعاب الآسيوية بالدوحة بناءً على طلب من الاتحاد الآسيوي وهذا شيء يثلج الصدر·
لقد أصبح لحكام النخبة عندنا مكانة مرموقة خارجيا، بدليل أن محمد عمر أدار نهائي أبطال كأس آسيا، كما أن فريد أدار نهائي ناشئي آسيا للأمم·· وهذا علي حمد سيمثلنا في الآسياد·· ورغم كل ذلك فالحكم محمد الجنيبي ينافسهم·· ليس هذا فحسب·· بل تفوق عليهم حتى الآن هذا الموسم·
عدد اليوم
)
