الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

هوة متنامية بين الأفغان و الناتو

هوة متنامية بين الأفغان و الناتو
4 مارس 2009 01:24
في العشرين من فبرايرالماضي، دخل الجنود الأميركيون البلدة النائمة في إقليم لوجار تحت جنح الظلام، واثقين من هدفهم ومدججين بالأسلحة· حاصروا منزلاً جدرانه من الطين، كسروا البوابة واقتحموا المبنى، ثم تعالت الأصوات المذعورة والمحتجة في الداخل· ما حدث بعد ذلك على وجه التحديد هو محل اختلاف، ولكن الثابت أن عيارات نارية أُطلقت، وأن رجلاً في الداخل سقط ميتاً· وخلال العملية أُلقي القبض على أربعة رجال آخرين؛ وبعد ذلك رحل الجنود تاركين النساء وهن يحاولن تهدئة روع الأطفال في وقت تناسلت فيه الإشاعات في الظلام· بحلول الصباح، كان المئات من الأشخاص الغاضبين قد قطعوا الطريق السريع المجاور، حيث قاموا بحرق الإطارات وترديد الشعارات المنددة بالولايات المتحدة مثل ''لتسقط أميركا!''· وبحلول المساء، كان الملايين من مشاهدي التلفزيون الأفغان قد اقتنعوا بأن القوات الأجنبية قتلت رجلاً غير مسلح كان يحاول معرفة ما يحدث أمام باب داره· ويقول عبدالله غفار، وهو سائق شاحنة بالبلدة التي تعرضت للغارة: ''إننا نخاف من طالبان، ولكننا بتنا الآن نخاف من الأميركيين أكثر''· من الناحية التكتيكية، كانت الغارة الأميركية الليلية في بلدة باغي سلطان ناجحة، حيث يقول المسؤولون العسكريون الأميركيون إن الرجل القتيل وشريكــاً له، هما الآن رهن الاعتقـــال كانا يصنعان القنابل وعلى علاقة بهجمات نفذها المتمردون خلال الآونة الأخيرة، موضحين أنهم تعقبوا الرجلين لعدة أيام وأن أحدهما كان يحمل بندقية حين أطلقوا عليه النار· ولكن من الناحية الاستراتيجية، كان الحادث كارثة حقيقية، حيث انتشرت الرواية التي تُجرم الأميركيين -التي تأثرت بحزن سكان البلدة وغضبهم، وحُرفت ربما من قبل بروباجندا ''طالبان''، وضُخمت نتيجة التأثير المتزايد للتلفزيون الأفغاني المستقل- مثلما تنتشر النار في الهشيم، وبشكل أسرع حتى من قدرة السلطات الأميركية على محاولة الرد عليها· الأدهى أنها حدثت في منطقة حيث أطلقت إدارة أوباما للتو جهوداً عسكرية مكلِّفة تركز على المناطق القريبة من العاصمة كابول، حيث يحاول المتمردون الإسلاميون اكتساب النفوذ· فقد تم إنشاء عدد من القواعد الأميركية في لوجار وإقليم وارداك المجاور، ووصل إلى المنطقة نحو 3000 جنــــدي منـــذ شهــر يناير بهـــدف تعزيز الأمن، وتسهيل المشاريع التنموية والإدارة الجيدة، وتأليب الرأي العام المحلي ضد المتمردين· وتقع لوجار في منطقة عُرفت بأمنها وتبعد بنحو ساعة إلى الجنوب من كابول، تحيط بها الجبال الملتوية والوعرة؛ منظرها بُني قاتم في الشتاء، وأخضر ينبض بالحياة في الصيف، حيث تنتشر حقول القمح والأشجار المثمرة والعسل الذي يبيعه الريفيون على قارعة الطريق· والإقليم علاوة على ذلك، هو بوابة العبور من جنوب شرق أفغانستان إلى العاصمة، حيث يخترقه واحد من الطرق السريعة القليلة الموجودة في المنطقة· خلال الأشهر الثمانية عشر الأخيرة أنشأت قوات ''طالبان'' معاقل لها في عدد من الأقاليم المجاورة، غير أن وجودها في لوجار كان خفيفاً ومرعباً في الوقت نفسه· ويقول المسؤولون إن معظم سكان الإقليم، رغم الإحباط الذي يشعرون به نتيجة انعدام الخدمات الحكومية أو ضعفها، لم يقرروا بعد أي جهة يوالون، ذلك أن لوجار من الناحية السياسية مازالت ساحة مفتوحة للتنافس· وفي هذا السياق يقول الليفتانت كولونيل دانيل جولدثورب، الذي يشرف على القاعدة العسكرية الأميركية في ألتيمور في لوجار، التي تبعد بحوالي 30 ميلا عن باغي سلطان إلى الجنوب: ''هذه منطقة خصبة بالنسبة لنا كي نزرع بذور الأمل والفرص رغم أن ثمة أشخاصاً كثيرين يلتزمون الحياد ويفضلون الوقوف في الوسط، ولذلك فإن الجميع يتهافت على سكان المنطقة''· ويعترف جولدثورب بأن الغارة التي نفذها الأميركيون في باغي سلطان تسببت في انتكاسة مفاجئة بالنسبة لصورة القوات الأميركية هنا، ولكنه عزا امتعاض الجمهور إلى البروباجندا المتفوقة لـ''طالبان''، نافياً بقوة أي تصرف غير قانوني خلال الغارة إذ يقول: ''لقد نفذنا كل شيء تماما وفق التعليمات، ولكن وسائل إعلامهم كانت أسرع، ذلك أنه عندما تسقط شجرة في الغابة، فإن أول من يخبر الناس هو من تلقى روايته انتشاراً واسعاً· غير أن تلك كانت تجربة جيدة بخصوص المصداقية''· بيد أن مقابلات مع السكان المحليين والمسؤولين الأفغان والمسؤولين العسكريين الأميركيين بعد الغارة، تشير إلى أن المشكلة أكثر تعقيداً من مجرد مسألة من يسبق إلى نشر روايته أولاً؛ ذلك أن الحادث وقع وسط مشاعر عداء وطنية متنامية تجاه القوات الأميركية و''الناتو''، وشكاوى متزايدة من عمليات القصف والغارات الليلية التي ينفذها التحالف· وعلى ما يبدو، فإن مسؤولي لوجار، وعلى غرار سكان المنطقة، يميلون إلى تصديق الرواية الأسوأ؛ غير أن المسؤولين الأميركيين يقولون إن بعض مسؤولي الإقليم يخافون من الوقوف علنا إلى صف الأميركيين ودعم روايتهم· والواقع أنه كانت ثمة قيود منعت المسؤولين الأميركيين من تفسير عمليتهم بالكامل أو محاولة جبر الأضرار التي نجمت عنها· كما لم يكن ممكنا الكشف عن المصادر الاستخباراتية· وعلاوة على ذلك، كانت الزيارات النهارية للبلدات تتطلب تخطيطاً عسكرياً والتنقل على متن مركبات ضخمة مدرعة تحسباً للقذائف والقنابل التي تُزرع على حافة الطريق، مما يعيق قدرة الجنود على القيام باتصالات شخصية مع وجهاء المنطقة بسرعة· وبعد أسبوع على الغارة، ورغم أن المسؤولين الأميركيين كانوا قد التقوا مع أعيان البلدة وأفرجوا عن المعتقلين ما عدا واحداً، فإن المشاعر في باغي سلطان كانت ماتزال ملتهبة، وكان المبنى الذي تعرض للغارة مايزال يعج بالمعزين· ويبدو أن الهوة بين السكان المستائين والجنود في ألتيمور قد ازدادت توسعاً· باميلا كونستبل قاعدة ألتيمور العسكرية- أفغانستان ينشر بترتيب خاص مع خدمة لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©