الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

دروس لأميركا من ديون الأرجنتين

22 يناير 2013 22:42
مايكل هيتزيك محلل سياسي أميركي هل قرأتم تلك التحذيرات التي تقول إن إدمان أميركا على الإنفاق بالعجز، سيجعلها تبدو شديدة الشبه باليونان؟ إذا كنتم قد سمعتم ذلك وانتابكم القلق، فإنني أقول لكم: لا داعي لهذا القلق؛ لأن أميركا إذا فعلت ذلك، فلن تكون شديدة الشبه باليونان وإنما بالأرجنتين. يمكن لذلك أن يحدث، نظرياً، إذا نفذ «الجمهوريون» في مجلس النواب تهديدهم برفع سقف الدين؛ على نحو يؤدي إلى عجز الحكومة عن سداد ديونها ومنها السندات الحكومية. وهل تسألون إلى أي حد سيكون ذلك أمراً سيئاً؟ عليكم إذن أن تقرأوا الكلام التالي: بسبب القضايا المرفوعة على الأرجنتين عندما أعلنت إفلاسها عام 2001 بعد عجزها عن سداد ما يقرب من 100 مليار دولار ديوناً سيادية، تضطر رئيسة الأرجنتين «كريستينا فيرنانديز دي كوشنير» إلى استئجار طائرة خاصة لتنقلها في زياراتها الرسمية للدول الأجنبية، وهو ما يرجع إلى خشيتها من أن يتم الحجز على طائرتها الرئاسية (تانجو-01) بواسطة الدائنين بمجرد أن تهبط في أي مطار أجنبي. ربما لا يصدق البعض ذلك؛ ولكن الحقيقة أن شيئاً شبيهاً به حدث في شهر أكتوبر الماضي عندما أوشك الدائنون على الحجز على الفرقاطة «ذي ليباريتد» التابعة لسلاح البحرية الأرجنتيني عندما رست في ميناء في غانا، وعلى متنها 220 جندياً ، حيث قامت حكومة غانا بالحجز على السفينة لمدة شهرين إلى أن حكمت محكمة دولية بأن الفرقاطة لا يجوز الحجز عليها باعتبارها تمثل أصلاً من الأصول البحرية التابعة للقوات المسلحة الأرجنتينية. والآن تخيلوا أن الولايات المتحدة قد باتت في وضع مشابه لوضع الأرجنتين … فما الذي يمكن أن يحدث؟ لن يتمكن أوباما من ركوب طائرته الرئاسية (يو إس-1) لحضور اجتماعات القمم العديدة التي تعقد في الخارج كل عام، خوفاً من أن يحجز محصلو فواتير الديون على مفاتيح الطائرة. يمكن أيضاً -على سبيل المثال- الحجز على حاملة الطائرات «إنتربرايز» عندما ترسو في قاعدة أوكيناوا البحرية في اليابان، كما يمكن إيقاف سيارة أي موظف قنصلي من الرتب المتوسطة، والحجز عليها في بكين؛ كما يمكن أن يتم ضم الحساب الجاري لكل من أوباما وزوجته ميشيل في حساب واحد حتى تسهل الرقابة عليه بواسطة صندوق من صناديق التحوط. قد يقول البعض إن ذلك سيناريو مستبعد(وقد يكون كذلك في الحقيقة حسبما قال لي بعض الخبراء)؛ ولكن ما لا شك فيه أن القلق قد بات عنصراً ثابتاً من العناصر المرتبطة بديون الحكومة الأميركية بسبب أساليب حافة الهاوية التي يمارسها «الجمهوريون» في مجلس النواب، حول الحد الأعلى للدين الفيدرالي الأميركي. يعلق «ستيفن جيه. لابين» خبير الديون في مدرسة «سيتون هول» للقانون في نيوجيرسي على ذلك بقوله «إن ما يفعله الجمهوريون يعتبر لعبة بالغة الخطورة». ولمزيد من التوضيح يضيف:«إن جزءاً كبيراً من النظام المالي يعتمد على خلو دين الحكومة الفيدرالية من المخاطر. وإذا أصبح ذلك موضع شك، فإن شيئاً يشبه تأثير «الدومينو» يحدث، ويطال كافة أنواع الأصول من دون استثناء، وليس السندات الصادرة عن الحكومة الفيدرالية فقط المخرج الوحيد من ذلك المأزق، هو أن ينضج «الجمهوريون» المتشددون في مجلس النواب فعلاً، وأن يتم إلغاء، قانون الحد الأعلى للدين الفيدرالي، بحيث لا يتعرض الاقتصاد العالمي للتهديد أكثر من ذلك من قبل بعض الأشخاص المتطرفين والمملين في آن. في الوقت نفسه هناك دروس تقدمها تجربة الأرجنتين. فعملية إعادة هيكلة ديون ذلك البلد تشير إلى الحد الذي يمكن أن تبلغه أي دولة في مجال الخطأ (أي مقدار الخطر المسموح لها به)، عندما تجد نفسها تسير في أرض غير مألوفة ومن دون خريطة. وقد يكون من المفيد هنا التذكير بأن بعض حملة السندات الأرجنتينية الذين تمسكوا بسنداتهم ورفضوا عروض مبادلة السندات التي قدمتها لهم حكومة الأرجنتين- والذين كان بعضهم قد اشترى الأوراق المالية، التي في حوزته بسعر بيع مخفض للغاية، على أمل أن يحقق ربحاً كبيراً عند عرض قضيتهم في المحكمة- قد استفادوا استفادة كبيرة من الحكم الذي أصدره القاضي الأميركي «توماس جريسا» في نيويورك. وما حدث هو أن «جريسا» فسر فقرة معقدة في عقد ديون الأرجنتين، بأنها تعني دفع الديون المستحقة لحاملي السندات، الذين رفضوا صفقة المبادلة مع الحكومة الأرجنتينية، وطلبوا سداد قيمة سنداتهم بالكامل، وذلك على الرغم من أن المعروف أن الذين قبلوا بتلك الصفقة، وغيروا سنداتهم الأصلية بسندات جديدة لن يحصلوا سوى على بنسات مقابل كل دولار من الديون المستحقة لهم. ويدعي حملة السندات هؤلاء والذين يطلق عليهم حملة السندات الممتنعين، أن الحكومة الأرجنتينية تدين لهم بما يقرب من 1.6 مليار دولار، وهو مبلغ رفضت الأرجنتين الموافقة على سداده- حتى الآن. نعود مرة أخرى للولايات المتحدة ونتساءل: ماذا يمكن أن يحدث إذا أدى عجز الولايات المتحدة عن سداد الديون المستحقة عليها إلى جعلها لا تبدو مثلما كانت تبدو حتى الآن «مقترضاً عالي النوعية»؟. هل هذا السؤال جائز في الأصل؟ ولما لا! من الذي يعرف ما الذي يمكن أن يحدث! فالعلاقات الدولية السياسية والاقتصادية ملتهبة بما فيه الكفاية، بما يدعو لعدم إضافة المزيد من الزيت- غير الضروري أصلا- عليها، وهو درس تعلمته الأرجنتين بتكلفة عالية. أما هؤلاء الناس الموجودون في الكونجرس، والذين يعتقدون أن معرفة الحد الذي يمكن أن يصل إليه لهيب النار في ارتفاعه عمل عظيم؛ فيجب أن نناديهم باللقب الذي يستحقونه وهو «مشعلو الحرائق». ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم.سي.تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©