الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الدول النامية... وفرص الاستثمار التنافسية

3 ديسمبر 2010 21:50
عادة ما تترتب على زيادة القدرة التنافسية التصديرية الناتجة عن الاستثمار الأجنبي المباشر آثار مهمة، ولحسن الحظ أن البلدان التي حققت أكبر المكاسب من حيث الحصص السوقية هي بصورة رئيسية بلدان نامية. وقد أصبحت تلك البلدان تنتمي بفضل ما اكتسبته مؤخراً من حصص سوقية إلى البلدان الـ20 الأكثر تصديراً في العالم. وكذلك توجد 5 شركات مقارها في اقتصادات نامية تحتل مكانة في قائمة أكبر 100 شركة في العالم. أي أن هنالك تغيّرات هائلة أخذت تحدث في تكوين وبنية التجارة العالمية. ويمكن اعتبار ذلك من المؤشرات التي تبعث على الأمل، وهناك إمكانية للتقدم في حال تم استغلال الظروف والإمكانيات استغلالاً جيداً بالنسبة للعديد من الدول النامية. إن احتدام المنافسة يجبر الشركات متعددة الجنسيات على البحث عن سبل جديدة لزيادة كفاءتها وإمكانياتها، بما في ذلك الجهود الرامية إلي توسيع نطاق وصولها إلى المستوى الدولي، والدخول إلى أسواق جديدة في مرحلة مبكرة وتحويل بعض الأنشطة الإنتاجية من أجل تخفيض التكاليف. وهذا يؤدي إلى اتخاذ أشكال جديدة للإنتاج الدولي على مستوى ترتيبات الملكية والترتيبات التعاقدية الجديدة. كما أن سياسة الدول الرائجة في عصرنا الحالي في مجال فتح الأسواق المالية والسماح بجميع أنواع الاستثمارات الأجنبية، تساعد الشركات على زيادة استثماراتها في الخارج. وبهذه الكيفية أتاحت استراتيجية الشركات وتغيير النظم الإنتاجية العالمية إمكانات جديدة للبلدان النامية للانخراط في نظم الإنتاج العالمية. ويلاحظ أن كثيراً من البلدان التي حققت تقدماً في الأسواق التصديرية كانت معتمدة اعتماداً كبيراً على الاستثمار المباشر. وهناك بعض الميزات النسبية التي تتمتع بها تلك البلدان تلعب دوراً في استقطاب الاستثمار الأجنبي، فمثلاً تتميّز الصين بحجم اقتصادها، أما كوستاريكا وإيرلندا فتتميّزان باتباع سياسات وطنية قائمة على نهج استباقي لاجتذاب الاستثمار الأجنبي في مجال التكنولوجيا رفيعة المستوى والارتباط بشبكات الموردين الدولية. أما هنغاريا والمكسيك وإيرلندا فتتميّز بإمكانية وصولها إلى أسواق رئيسية وبشروط تفضيلية، فمثلاً ميزة المكسيك هي إمكانية التصدير إلى الولايات المتحدة الأميركية وفقاً لاتفاقية التجارة الحرة بين البلدين، مما يفتح المجال واسعاً أمام بعض الدول، التي تفرض عليها الولايات المتحدة شروطاً في تجارتها، لأن تدخل إلى السوق الأميركية عن طريق المكسيك وهذا ما تفعله اليابان. وذلك أيضاً ما يحدث في هنغاريا وإيرلندا اللتين كانتا تتميزان بحصولهما على شروط تفضيلية في الأسواق الأوروبية مما جعلهما محط أنظار كثير من الشركات. إن اجتذاب أنشطة الشركات الموجهة للتصدير يعتبر في الواقع عملية تنافسية إلى حد كبير. والدول المتقدمة قد تجد صعوبة في إدامة قدراتها التنافسية عندما ترتفع الأجور وتتغير الأوضاع في الأسواق. وهذا ينطبق أيضاً على الدول النامية، فالهند التي استطاعت من خلال مجموعة من الميزات، ومنها الأجور المنخفضة، أن تكون مصدر جذب من الطراز الأول للشركات متعددة الجنسيات. ولكن فيما بعد، ونتيجة لارتفاع الأجور فيها، جعلها ذلك تتراجع لتصبح روسيا -محط الأنظار- صاحبة الأجور المنخفضة أكثر من الهند. فالفوائد المستمدة من التجارة المرتبطة بالشركات بدءاً بتحسين الميزان التجاري وتحسين العمليات التصديرية وإدامتها، تساعد على زيادة الصادرات في المحصلة النهائية. ولكن في المقابل تستورد الشركات الأجنبية أيضاً وقد تكون حصيلة النقد الصافي بين التصدير والاستيراد صغيرة في بعض الحالات. وقد تكون قيمة الصادرات مرتفعة، ولكن مع تدني مستويات القيمة المضافة تحمل العملية مستقبليّاً في طياتها مخاطر ذات نتائج سلبية. ولا يمكننا اعتبار المكاسب الإنمائية الناتجة عن جذب الاستثمارات، وتمتع تلك الاستثمارات بالديمومة والاستقرار، مقولة قابلة للنقاش. ومن الخطأ أن يصبح جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة هدفاً بحد ذاته، بل إن من الحكمة أن تسخّر الدول النامية إمكانياتها للاستفادة من تلك الاستثمارات في إطار سياسات التنمية الشاملة، وفي كثير من الأحيان تتحمل الدول النامية مسؤولية فشل الاستثمارات في تحقيق نهضة اقتصادية نتيجة غياب التخطيط والسياسات العامة. فالمسألة ليست في اجتذاب الاستثمارات بقدر ما هي في الكيفية التي يمكن للبلدان النامية المضيفة أن تستفيد بها إلى أقصى حد ممكن من الأصول التي تتحكم فيها الشركات؟ وهنا ينبغي القول إن هذا الأمر يعتمد على الاستراتيجيات التي تتبعها الشركات من جهة، وعلى ما يقابلها من قدرات السياسات العامة في البلد المضيف من جهة أخرى. إذ أن عدداً من المنافع المستمدة على المدى الطويل، والتي يمكن عزوها إلى الشركات الأجنبية العاملة في التصدير، قد لا يتحقق في البلد المضيف، حيث إن من الممكن ألا يقع انخراط إيجابي بين الشركات الأجنبية والاقتصاد المحلي، وبالتالي لا تسهم الشركات كثيراً في تنمية المزايا النسبية الدينامية للبلدان المضيفة. على أن هناك أولويات مشتركة بين البلدان سواء كانت غنية أم فقيرة أهمها تحسين الصادرات وإدامتها لكي تسهم في التنمية إسهاماً كبيراً. ولذا يجب على البلدان النامية النظر في كيفية التحول في أي صناعة من الصناعات إلى أنشطة ذات قيمة مضافة أعلى، وهنا يكمن التحدي في كيفية الاستفادة من إمكانيات الشركات لتحقيق التنمية المستدامة. سلام الربضي كاتب أردني ينشر بترتيب مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©