الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

بولندا.. الملاذ الجديد للاستثمارات الأجنبية

26 نوفمبر 2006 22:45
إعداد - محمد عبدالرحيم: عندما افتتحت شركة إل جي إليكترونيكس مصنعاً لها لإنتاج شاشات التليفزيون المسطحة في مدينة ملاوا في الشمال من وراسو العاصمة لم تكن بولندا دولة منتجة للسلع الإلكترونية الفخمة في ذلك الوقت، أما الآن فإن هذه الشركة العملاقة أصبحت تنتج 4 ملايين شاشة في كل عام، حيث يقول ديفيد يون مدير الموارد البشرية في الشركة: ''تتخذ بولندا موقعاً في وسط القارة الأوروبية، لذا فمن الناحية اللوجستية أصبحت توفر مدخلاً سهلاً الى كامل بقية أنحاء القارة''· وكما ورد في صحيفة الفاينانشيال تايمز فهنالك العديد من الشركات الأخرى التي اكتشفت مؤخراً المميزات التفضيلية التي تتمتع بها بولندا، وبدأت في بناء مصانع التجميع مثل شركات توشيبا، وفوناي إليكتريك اليابانيتين، بينما شرعت شركة إل جي فيليبس في تشييد مصنع لإنتاج الشاشات بقيمة 430 مليون يورو (550,4 مليون دولار)، وبذلك فقد تمكنت بولندا في العام الماضي من إنتاج حوالي 20 في المائة من الشاشات المسطحة في القارة الأوروبية، أي بمقدار 1,45 مليون شاشة من إجمالي يبلغ 6,6 مليون شاشة وفقاً لما ذكره وزير الاقتصاد في وارسو· وعلى كل ففي ظل النمو الذي يشهده الطلب فإن الوزارة تقدر أن 75 في المائة من هذه الأطقم الأوروبية سوف يتم إنتاجها في بولندا بحلول عام 2010 بمقدار 35 مليون وحدة من إجمالي أوروبي يبلغ 45 مليون جهاز تليفزيون، على أن هذا الازدهار النشط في صناعة أطقم التلفزة العالية التكنولوجيا لا يمثل سوى الجزء البارز في موجة الاستثمارات المتدفقة نحو الدولة، إذ تقدر الحكومة أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة سوف تصل الى مستوى 10 مليارات دولار في هذا العام، أي أكثر مما تم تحقيقه في عام 2005 بمقدار 7,7 مليار دولار، وقريباً من الرقم القياسي الذي بلغ 11,8 مليار دولار في عام ·2004 وظلت بولندا جاذبة للمستثمرين الأجانب بما تحتويه من جموع المستهلكين الذين يبلغ تعدادهم 38 مليون نسمة، بالإضافة الى دورهم كقاعدة للصادرات ذات العمالة المنخفضة التكلفة، وكانت عملية الانضمام الى الاتحاد الأوروبي في عام 2004 قد شجعت حتى تلك الشركات الصغيرة والأكثر حذراً من غيرها على الدخول الى بولندا كملاذ آمن للمستثمرين· والى ذلك فقد أطلق كل من جاروسلو كازايانسكي رئيس الوزراء وشقيقه التوأم لينج رئيس الدولة عملية إصلاح شاملة للحياة العامة في الدولة ترمي لمكافحة الفساد، وشبكات رجال الأعمال المشتبه بها وضد الجواسيس وقدامى الشيوعيين، وعلى الرغم من أن الحكومة نجحت في إجازة القليل من التشريعات والقوانين الاقتصادية التي ترمي لخفض الضرائب ومكافحة البيروقراطية إلا أنها اصطدمت فيما يبدو بفشلها في الحفاظ على عجز الميزانية في مستوى أقل من 30 مليار زلوطي (10 مليارات دولار) أي بمعدل 2,8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، إلا أنه في ظل إعادة الهيكلة الشاملة للاقتصاد فإن العديد من الشركات أصبحت تعمل مستقلة عن الحكومة، حيث يشير كاتارزيان زيدل كورواسكا كبير الاقتصاديين في مصرف سيتي بانك في وارسو إلى أن الأعمال التجارية باتت تعمل في بولندا بنفس الطريقة التي اعتادت عليها في إيطاليا، أي في ظروف تتسم بالبيروقراطية ونوع من الفساد في ظل حكومة ضعيفة، ولكن مع وجود اقتصاد ديناميكي· وعلى كل فإنه على الرغم من محدودية إمكانية التدخل الحكومي في الأعمال التجارية إلا أن هذا الأمر لا يمكن تجاهله بالكامل، حيث أن السلطات كانت قد دخلت في معركة مطولة مع ''يوني كريدت'' البنك الإيطالي المعروف بشأن خطط تهدف لدمج اثنين من فروعه في بولندا قبل أن تنتهي المشكلة بإجبار يوني كريدت على بيع المئات من فروعه في الدولة، وعلى كل فليست جميع التدخلات الحكومية يمكن أن تثير الانتقاد والمعارضة، فقد حظيت الحكومة بالإشادة والدعم من قبل الأعمال التجارية في الدولة عندما دافعت عن مصالح بولندا في مجال الطاقة، حيث شنت هجوماً شرساً على الخطة الألمانية- الروسية التي تهدف لبناء خط لأنابيب الغاز تحت مياه بحر البلطيق· وعلى كل فما زالت المخاوف تساور الأعمال التجارية في الدولة بشأن عزم التوأم الرئاسي على تحجيم سلطات البنك المركزي والتشهير بمحافظ البنك الناجح ليزيك بالسيروسيتش الذي يعتبر المهندس المعماري للإصلاحات الاقتصادية في بولندا لفترة ما بعد عام ،1989 وفي الوقت الذي لن تؤثر فيه هذه المعركة إلا بقدر قليل على معظم الأعمال التجارية في الدولة إلا أنها ربما لن تصبح المعركة الأخيرة من نوعها، فعلى الرغم من أن المشهد الاقتصادي الحالي يبدو مشرقاً إلا أن أي تباطؤ يحدث في المستقبل سوف يجعل من الصعوبة بمكان على الحكومة المحافظة على مستوى متدن من العجز وخاصة أنها تعاني من ضغوط من شركائها في التحالف الشعبي بضرورة خفض الإنفاق· وبالإضافة الى ذلك فإن كل بولندي تقريباً أصبح يشعر بالقلق من رداءة وفقر البنية التحتية في قطاع النقل إلا أن أموال الاتحاد الأوروبي أصبحت من الممكن الآن أن تسهل عملية تمويل طرق السيارات التي طال انتظارها، بيد أن هذه الأموال لن يصبح بالإمكان إنفاقها بشكل فعال ما لم تعمل الحكومة على تطوير علاقات جيدة مع صناعة الإنشاءات والتشييد، ففي نهاية المطاف فإن الشركات المصنعة لشاشات أجهزة التلفزة سوف تصبح في حاجة ماسة لهذه الطرق من أجل شحن منتجاتها·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©