الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ضرب سوريا... وحاجة «أولاند» للدعم البرلماني

ضرب سوريا... وحاجة «أولاند» للدعم البرلماني
4 سبتمبر 2013 22:57
أنتوني فايولا باريس يتعرض الرئيس الفرنسي لضغط كبير للعودة لطلب الدعم من المشرّعين الفرنسيين قبل تنفيذ العمل العسكري ضد سوريا، وذلك بعد أن أصبح موقفه أكثر تعقيداً عقب قرار أوباما باستشارة الكونجرس قبل توجيه الضربة للنظام السوري. وينسجم موقف “أولاند” المعادي لنظام بشار، مع موقف رئيس الوزراء البريطاني في الدعوة إلى توجيه ضربة أكثر عنفاً من التي اقترحها أوباما. ولكن، وبعد أن واجه “كاميرون” هزيمته في مجلس العموم الأسبوع الماضي عندما رُفض اقتراحه للمشاركة في الضربة، وجد “أولاند” نفسه في مواجهة مجموعة من المخاطر السياسية. وفيما تقرر عقد اجتماع للمجلس الوطني الفرنسي (البرلمان) لمناقشة الضربة المحتملة لسوريا أمس الأربعاء، إلا أن من غير المقرر أن يصوّت النواب على المشروع. ووفقاً للقانون الفرنسي، لا يحتاج “أولاند” لطلب التصويت قبل مضي أربعة أشهر على بداية التدخل العسكري، ولم يحدث أن رفض سابقاً أي قرار للرئيس بالقيام بضربة عسكرية. إلا أن معارضي “أولاند” يرون أن اتخاذ القرار بالمشاركة في الضربة من دون الاحتكام إلى التصويت سيجعل باريس معزولة عما يحدث في العواصم العالمية الأخرى. وقال “أرنود دينجيان” النائب عن حزب “يمين الوسط” في البرلمان الأوروبي: «أعتقد بضرورة إجراء التصويت على القرار في البرلمان. فنحن نواجه النقد من الناس ومن حلفائنا». وبالرغم من هذا الموقف، لا زالت الحكومة الفرنسية مصرّة على القيام بالضربة العسكرية بعد أن قرر رئيس الوزراء “جان- مارك آيرو” الاجتماع بكبار البرلمانيين ليكشف لهم عن أدلة مؤكدة مستقاة من معلومات استخباراتية فرنسية حول الهجوم الكيميائي الذي نفّذه نظام الأسد يوم 21 أغسطس الماضي. وتعرض تلك الأدلّة التي نشرت ملخصاتها على موقع الحكومة الفرنسية في تسع صفحات، «لتفاصيل الاستخدام المكثف للعوامل الكيميائية»، التي يُعتقد أن الأسد وحده أو «الأعضاء الأكثر نفوذاً في زمرته» هو المسؤول عنه. وأظهر التدقيق في فيلم فيديو أن ما لا يقلّ عن 281 سورياً لقوا حتفهم في هذا الهجوم. إلا أن خبراء فرنسيين قالوا إن هناك إحصائية أخرى تقدر عدد الذين ماتوا من جراء الهجوم بنحو 1500 ضحية. ويزعم خصوم “أولاند” بأن كاميرون أيضاً يمتلك سلطة اتخاذ القرار بتوجيه ضربة عسكرية من دون موافقة برلمانية، إلا أنه قرر استشارة مشرّعي القوانين في مجلس العموم قبل اتخاذ قرار بهذا الصدد بسبب التعقيدات التي ينطوي عليها الصراع في سوريا. وقال محللون فرنسيون إن الرئيس الفرنسي يواجه خياراً صعباً، ذلك أن الشروع بالعمل العسكري من دون الحصول على دعم المشرّعين من شأنه أن يستثير التساؤلات حول مسؤوليته القانونية عنه، وأما إذا احتكم إلى التصويت فسيتحمل البرلمان وحده تبعات القرار بعد مناقشته بالتفصيل، وقد يعيده بالرفض مثلما حدث مع “كاميرون” الأسبوع الماضي. ويُضاف إلى ذلك أن على “أولاند” الانتظار حتى يتخذ الكونجرس الأميركي قراره، وبما يجعل باريس في موقف عصيب يجعلها مجبرة على التراجع عن قرارها بالعمل العسكري إذا عارض الكونجرس الأميركي طلب أوباما بالقيام بضربة عسكرية ضد النظام السوري. وقال “آيرو” في مؤتمر صحفي نظم الاثنين الماضي: «لا يمكن السكوت عن هذا العمل الشنيع من دون عقاب. ولا يتوجب على فرنسا أن تعمل لوحدها. ويبذل الرئيس الآن جهوده لإقناع الحلفاء جميعاً للعمل معاً ومن دون إبطاء». وفي حوار مع صحيفة «لوفيجارو» نشر في عددها الصادر يوم الاثنين الماضي، هدد الأسد بأن فرنسا سوف تشهد «رداً عنيفاً» إن هي شاركت في الهجوم، كما هدد بإشعال حرب إقليمية شاملة في المنطقة. وأضاف: «سيفقد الجميع السيطرة على الموقف بمجرد انفجار عبوة البارود الأولى، وستنتشر بعد ذلك الفوضى والإرهاب». وفي بريطانيا، استمع كاميرون إلى نصائح وجهها إليه أعضاء من حزب “المحافظين” بالعودة إلى مجلس العموم ليحاول مرة أخرى الحصول على موافقته على المشاركة في توجيه الضربة العسكرية للنظام السوري، إلا أن الحكومة بدت غير مقتنعة بهذا الاحتمال، فيما نفى متحدث باسمها وجود أية خطط للعودة للتصويت للمرة الثانية. وبدا وزير الدفاع البريطاني وكأنه أراد ترك الباب مفتوحاً عندما أخبر البرلمان الاثنين الماضي بأن من الممكن أن يُعاد التصويت على القرار «لو أن الظروف تغيّرت بشكل كبير». وفي ظل القرار البريطاني بعدم الاشتراك في الضربة العسكرية، قال محللون إن المشاركة الفرنسية في أي تدخل عسكري أميركي في سوريا ستكون أساسية لإحياء آمال إدارة أوباما في تأمين المشروعية العالمية لحملته. ويوم الاثنين الماضي، قال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي بأنه مقتنع من أن النظام السوري هو الذي يقف وراء الهجوم بالأسلحة الكيميائية الذي حدث يوم 21 أغسطس، ودعا إلى القيام بعمل فعّال لمعاقبته. وكان واضحاً من كلامه أنه لا يتوقع دوراً للناتو في هذا المجال وبأن الأمر متروك لكل دولة عضو في الحلف لتتخذ قرارها في هذا الشأن على نحو منفرد. وفي هذا الوقت بالذات، صعّد وزير الخارجية الروسي الضغط على واشنطن. وردّاً على تصريحات أميركية من أنها زوّدت روسياً بأدلّة لا تقبل النقض على مسؤولية نظام الأسد عن الهجوم الكيميائي، قال لافروف: «لم نجد ما يدل على الحقيقة فيما عرض علينا. وعندما نطلب المزيد من الأدلّة المفصلة يكون جوابهم: أنتم تدركون بأن هذه المعلومات تُعد أسراراً لا يمكننا كشفها لكم. وهذا يعني برأينا أنه لا توجد حقائق». وإذا شارك الرئيس الفرنسي في الائتلاف الذي تقوده الولايات المتحدة، فسوف يزيد هذا من احتمال أن تنضم العديد من الدول الأوروبية التي سبق لها أن عارضت واشنطن في غزوها للعراق عام 2003 إلى الضربة العسكرية ضد النظام السوري. وإذا شارك الفرنسيون ورفض البريطانيون المشاركة في تلك الضربة، فإن بعض المحللين يتوقعون أن يؤدي ذلك إلى تحول تصبح بموجبه فرنسا الحليف الجديد لواشنطن بدلاً من حليفتها التقليدية بريطانيا. وهناك الكثير من الدوافع التي تشجع فرنسا على التدخل في سوريا بالرغم من أنها لا تتعلق بالمستقبل بل بالماضي. وأولها يكمن في أنها هي التي كانت تستعمر سوريا، وهي ترى أن دمشق ما زالت تقع ضمن دائرة نفوذها. وخلال عدة سنوات مضت كانت باريس كثيرة الانزعاج من تدخل الأسد في مستعمرتها الثانية لبنان. ويقول “فواز جرجس” أستاذ العلاقات الدولية في معهد لندن للاقتصاد والعلوم السياسية: «هذا يمثل وقت العودة بالنسبة لفرنسا بعد أن فرض عليها الأسد المرور في أوقات عصيبة». ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©