الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

احتجاجات العراق... مخاوف على الديمقراطية

4 سبتمبر 2013 22:59
توم بيتر بغداد ينتاب القلق الكثير من العراقيين من أن الديمقراطية التي لم تضرب بجذورها قط في البلاد تنفر بعيداً عن العراق. فقد منعت قوات الأمن العراقية يوم السبت الماضي عراقيين من الاحتجاج على برنامج البرلمان للمعاشات. وفي بغداد أغلقت الشرطة عدداً من الطرق والجسور الرئيسية لمنع المحتجين من الوصول إلى أماكن التجمع المتفق عليها. ورغم المنع، نزل مئات المحتجين إلى الشوارع في عدد من المدن، حيث قال منظمو الاحتجاجات إن الشرطة ضربت واعتقلت بعض المشاركين. وقال مسؤولون عراقيون إنهم منعوا الاحتجاجات لأن التجمعات الكبيرة قد تكون هدفاً لهجوم إرهابي. وقال عقيل أحمد، أحد المحتجين الذي لم يستطع المرور من نقاط التفتيش التي أقامتها الشرطة ليلتحق بمسيرة احتجاجية «كنا نتوقع دعماً من الحكومة لأننا نرى الحكومة في وسائل الإعلام تؤيد إصلاح المعاشات لكن بدلاً من هذا ضربوا بعض أصدقائنا واعتقلوهم». وتقييد احتجاجات يوم السبت الماضي هو أحدث دليل على تنامي السلطوية في العراق، وتتصاعد السياسة ذات البعد الطائفي فيما يبدو مرة أخرى، وأصبحت الحكومة أكثر تشدداً ضد المعارضين. وسيلقي فشل الديمقراطية هنا بظلال أكثر قتامة على الحضور الأميركي الذي دام ما يقرب من تسعة أعوام والذي تم الترويج له باعتباره مسعى لإقامة بلد ديمقراطي. وقال جابر الجابري العضو في البرلمان العراقي الذي يدعم إصلاح برنامج المعاشات «إن النظام الديمقراطي يتعرض للخطر وفي حالة تدهور دائم... الاحتجاج حق دستوري للجميع ولا يتطلب تصريحا من أحد». ويتصاعد الإحباط من حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي منذ الانتخابات البرلمانية لعام 2010 على الأقل، وفازت كتلة إياد علاوي السياسية بفارق ضئيل متفوقة على كتلة المالكي بمقعدين فقط، لكن بنية الائتلاف السياسي أعادت السلطة للمالكي. وأحبطت التسوية كثير من العراقيين وجعلتهم يشعرون أن منصب رئيس الوزراء سرق من علاوي. ومع انطلاق الاحتجاجات على امتداد العالم العربي عام 2011، خرج آلاف العراقيين ليعبروا عن إحباطهم من الفساد الحكومي وضعف الخدمات. ورغم تعهد المالكي بأنه لن يترشح لفترة ولاية ثالثة عام 2014 في مسعى لتخفيف حدة المخاوف، فقد فضت الشرطة احتجاجات بالقوة وقتلت عشرات المحتجين. وبعد ذلك بعامين ونصف العام، مازال المسؤولون العراقيون يخشون الاحتجاجات. ومن الناحية النظرية، يكفل الدستور العراقي الذي يتم تجاهله في الغالب في شؤون السياسة حرية التجمهر. ولا يوجد قانون واضح يحدد السلطة التي تمنح المحتجين تصريحاً. وأكد مسؤولون في وزارة الداخلية في الآونة الأخيرة أنهم يمثلون السلطة الوحيدة المخول لها حق منح مثل هذه التصاريح، لكن هذا التأكيد لا يؤيده أي قانون معروف بحسب ما تشير إليه منظمة «هيومان رايتس ووتش». وتقدم منظمو احتجاجات مطلع الأسبوع بطلب لوزارة الداخلية للحصول على تصريح لكنه قوبل بالرفض. وزعم بعض مسؤولي الحكومة أنهم يدعمون مطالب المحتجين لكنهم لا يستطيعون السماح بتنظيم احتجاجات من دون تصريح. وقال خالد الأسدي العضو في البرلمان العراقي «إن المحتجين لم يتبعوا أوامر وزارة الداخلية وكسروا القواعد لذا اضطرت قوات الأمن إلى أن تأخذ هذه الانتهاكات في الاعتبار. وسنستجيب لكل مطالب المحتجين ونحسمها قريباً». وانتقدت منظمتا العفو الدولية و»هيومان رايتس ووتش» قرار الحكومة، وطالبت السلطات بأن تسمح بالاحتجاجات السلمية. وقالت «هيومان رايتس ووتش» إن الحكومة «قلقة فيما يبدو من أن تكون الاحتجاجات محرجة سياسياً أو غير ملائمة»، وليس لديها خوف صادق من وقوع أعمال عنف. ويرى منظمو احتجاج يوم السبت الماضي انهم سيتحدون الإجراءات الأمنية ليمارسوا حقهم في حرية التعبير. ويشير أحد منظمي الاحتجاجات، وهو يدعى أحمد إبراهيم «أن الناس فاض بهم الكيل من الأوضاع بعد عشرة أعوام من الغزو. العراق يرجع القهقري ولا يمضي قدما. لقد خاب رجاء الناس في الحكومة». وتعزيز الديمقراطية في العراق عنصر محوري في مسعى إعادة الإعمار الذي تقوده الولايات المتحدة بعد غزوه عام 2003. و قد تم إنفاق ما يزيد قليلا على 60 مليار دولار من أجل تحقيق هذا الهدف، ووصف التقرير النهائي للمفتش العام الخاص لإعادة إعمار العراق «عملية تدشين وإقامة ديمقراطية جديدة في العراق ومساعدة اقتصاده على النمو»بأنها تأتي ضمن أساسيات منطقية للمسعى الأميركي في مجمله». ومنذ سبتمبر 2012، لم تنفق الولايات المتحدة إلا 1.82 مليار دولار على برامج تتعلق بشكل مباشر بالحكم الديمقراطي والمجتمع المدني. وقالت هناء إدوارد الناشطة الحقوقية المقيمة في بغداد «إن الأميركيين لم يفعلوا في الواقع ما كان يجب فعله. وعندما نتكلم عن نظام ديمقراطي، فالأمر لا يتعلق بالتصويت، ووضع صوتك على ورقة اقتراع. الأمر لا يقتصر على هذا.... كيفية احترام حقوق الإنسان في هذا البلد مسألة محورية للديمقراطية. يتعلق الأمر أيضا بكيفية إدارة الحوار مع الجميع وقبول الآخر. الأميركيون لم يضعوا قواعد لهذا». ينشر بترتيب مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©