الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«ويكيليكس يا حبيبي»

4 ديسمبر 2010 20:54
أنا من الذين لم يستغربوا ولم يفاجأوا إطلاقاً بمضمون وثائق الدبلوماسية الأميركية التي كشفها موقع “ويكيليكس” في جزئها الخاص بقضايا ودول المنطقة. ويمكن القول على الأقل إن واقع السياسات السائد فيها منذ بضع سنين غير بعيد عما كشفته الوثائق أو هو لا يتناقض معه في أي شكل من الأشكال. وأنا من غير المؤمنين إطلاقاً بما راح يظنه البعض أو يروج له من أن كل عملية الكشف هذه هدفها التشويش على العرب وبعض زعمائهم أو إشعال الفتن بينهم وبين جيرانهم . فمراسلات السفارات الأميركية في الدول العربية ليست إلا جزءا يسيرا جدا من مجموع الوثائق، ما نشر منها وما سينشر. ولو كان الموقع يستهدف العرب وجيرانهم لكان منح إحدى صحفهم امتياز مشاركته في نشر وتحليل الوثائق مثلما فعل مع خمس صحف عالمية معروفة بأنها الأكثر موضوعية في سمعتها (نيويورك تايمز الأميركية، الجارديان البريطانية، لوموند الفرنسية، ألبايس الإسبانية ودير شبيجل الألمانية). بل ويمكن القول إن دول المنطقة هي الأقل تضرراً من نشر الوثائق مقارنة بغيرها من الدول التي طالتها، أو ستطالها قريباً الوثائق المسربة، لاسيما الدول الكبرى التي تتمتع بعلاقات حساسة أو بتحالفات تاريخية مع الولايات المتحدة. كما أن زحمة الضجة وردود الفعل حول نشر الوثائق يجب ألا تجعلنا نغفل عن أن اهتمامات “ويكيليكس” أهم وأشمل من قضايا العرب وأسرارهم .فالموقع الناشط منذ عام 2007 سبق وكشف عشرات القضايا العالمية وأطنانا من الوثائق المتنوعة قبل أن نسمع به كعرب منذ بدء نشره دفعة الوثائق العسكرية السرية الخاصة بحرب أفغانستان ، ثم الدفعة التالية الخاصة بحرب العراق. وقلة من العرب ربما تعرف أن مصداقية الموقع قد بدأت ترسخ مع نشره وثائق تتعلق بقضايا وانشغالات إنسانية وكونية عامة، منها ما يتعلق بقضية المناخ العالمية ومكافحة الملاريا وعنف الأطفال والرقابة التكنولوجية والمذاهب العقائدية وتهريب السلاح في العالم وغيرها وغيرها. لقد لازمت الموقع منذ بداياته شائعة تبعيته لأجهزة الاستخبارات، ورد عليها الموقع ببساطة “من حيث الأساس تسعى وكالات الاستخبارات إلى إخفاء المعلومات. وخلافا لذلك فإن ويكيليكس أثبت أنه يريد فعل العكس تماما”. ولما لم تفلح محاولة تشويه صورة الموقع تم نبش تاريخ مؤسسه، جوليان أسانج واستدعاؤه للتحقيق في قضية اغتصاب سرعان ما خرج منها بريئاً. والآن، وبغض النظر عن أي مفاجآت أو مواقف سياسية كشفتها الدفعة الجديدة من الوثائق السرية الأميركية، فإن الإنجاز التاريخي (الإعلامي) الأهم لويكليكس يكمن في الترويج لثقافة إنسانية جديدة عابرة لحدود الأجهزة والأوطان، ثقافة تهدد بانتهاء عصر الغرف الخلفية بعد النجاح المباغت في زرع الشك بإمكانية الكتمان في الدولة الأقوى والأكثر اتهاما بتدبير المؤامرات والانقلابات والتدخل في كل شاردة وواردة في العالم. إن من شأن مثل هذه الثقافة الإعلامية الجديدة فتح الأبواب في المستقبل لكل أنواع فضح السجلات والوثائق أيا كانت خطورتها وسريتها ومهما بلغ حرص رجال ومؤسسات القرار في أي دولة في عصرنا. ومن هذه الناحية تحديدا قد ينقسم العالم بين من يشكر ويكيليكس وجوليان أسانج أو يكرههما، ولكن الدول الأقل أهمية من حيث قيمة وخطورة الأسرار سوف تكون بشكل عام الأكثر استفادة أو الأقل تضررا من غيرها. ولأجل هذه الغاية فقط يتوجب علينا كعرب دعم موقع ويكليكس والتبرع له بدون شروط، حتى لو أساءت بعض الوثائق التي ينشرها إلى البعض منا. barragdr@hotmail.com
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©