الأربعاء 17 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حكايات «البجعة الحسناء» تعكس ثقافة الشعب السويدي

حكايات «البجعة الحسناء» تعكس ثقافة الشعب السويدي
4 ديسمبر 2010 20:55
عرف العالم مملكة السويد عبر جوائز نوبل التي تمنحها سنوياً للمبدعين من أرجاء المعمورة في شتى العلوم والفنون والآداب، نظراً لأن الأدب هو الأكثر ملامسة للجماهير والأفراد حول العالم، كونه ينتقل إلى قراءه مباشرة، دونما الحاجة إلى وسائط إنتاجية كما هو الحال مع إنجازات وابتكارات البشر في كافة المجالات. تعد السويد منصة عالمية لنشر الأدب والتراث العالمي، غير أن المفارقة تتجلى في أن العالم لا يكاد يعرف سوى النذر اليسير من أدب السويد وتراثها الثقافي، ومن بين المخزون التراثي لها الحكايات والأساطير الشعبية، التي تعكس عادات وتوجهات وأفكار الشعب السويدي، والواردة في كتاب “البجعة الحسناء”، والتي قام هيرمان هوفبيرج بجمعها، وتاليا عدد من القصص التي وردت في الكتاب. نجاة راع على بعد مسافة قليلة من جبل بال في قضاء فيلكستاد بمنطقة ويلاند توجد هضبة كان يعيش فيها في قديم الزمان عملاق ضخم اسمه ستومب بيلت. وذات يوم جاء إلى تلك الهضبة راعٍ يسوق قطيعاً من الماعز، وعندما اكتشف العملاق وجود الراعي خرج من الهضبة حاملاً في يده حجر صوان كبيرا ونادى: “من هناك؟”. فرد الراعي: “هذا أنا، إذا شئت أن تعرف”، وتابع طريقه نحو أعلى الهضبة مع قطيعه. صرخ العملاق: “إذا صعدت إلى هنا فسأسحقك كما أسحق هذه الحجر:، ثم عصر الحجر بين أصابعه وطحنه إلى رمال ناعمة. “أما أنا سأعصر الماء منك كما أفعل بهذه الحجر”، أجاب الراعي مخرجاً من حقيبته قطعة جبن طازجة وعصرها حتى سال مصلها من بين أصابعه، فسأله العملاق: “ألست خائفاً؟”. “لست خائفاً منك”. “فلنتقاتل إذن”. “حسناً، لكن دعنا أولاً نتبادل الشتائم كي نثير غضب بعضنا بعضاً، فالإهانة تولد الغضب، والغضب يمنحنا سبباً للاقتتال”. “جيد جداً، سأبدأ أنا أولاً”. “ليكن ذلك، وأنا سأتبعك”. قال العملاق: ستصبح عفريتاً أعوج الأنف”. فرد الراعي: “وأنت ستصبح شيطاناً طائراً” ثم أطلق من قوسه سهماً حاداً باتجاه العملاق. “ماهذا؟” تساءل العملاق وهو يحاول إخراج السهم من جسمه. “هذه إهانة”. “لماذا عليها ريش؟”. “كي تستطيع أن تطير بسهولة وسرعة”. “ولماذا التصقت بي بهذه السرعة؟”. “لأنها انغرزت عميقاً في جسدك”. “هل لديك المزيد منها؟”. “إليك بواحدة أخرى” قال الراعي مطلقاً سهماً آخر نحو العملاق فصاح: “آه، آه، ألم تشعر بما يكفي من الغضب حتى نبدأ القتال؟”. أجاب الراعي وهو يضبط سهمه على وتر القوس: “كلا، فأنا لم أهنك بما يكفي بعد”، فصرخ عندها ستومب بيلت: “اذهب بقطيعك أينما شئت، فأنا لا أستطيع أن أتحمل إهاناتك، فما بالك بضرباتك” واختفى داخل الهضبة من جديد. وهكذا نجا الراعي بفضل شجاعته وذكائه. العملاق «فين» في غابر الأزمان، وفي هيلجوناباكن، أو هضاب هيلجونا، القريبة من لوند، كانت تعيش عائلة من العمالقة، انتابها الخوف والقلق عندما علمت بقدوم أحد القديسين إلى البلاد لبناء كنيسة. وكان القديس وايل لورينتيوس يحاول اختيار موقع الكنيسة ووضع الخطط لبنائها، ولم يقف إلى جانبه سوى فين، عملاق هيلجوناباكن الذي خاطبه قائلاً “سأبني لك هذه الكنيسة إذا استطعت أن تعرف عندما أنتهي منها، ما هو اسمي، لكن انتبه جيداً إلى شرطي أيها الرجل الحكيم، إذا لم تستطع معرفة اسمي، فعليك أن تقدم للسكان الصغار المشعلين الصغيرين، أعني الشمس والقمر، اللذين يبحران هناك في رحاب السماء”. ومن المعروف في عالم العمالقة أنه من الضروري جداً إخفاء اسم العملاق عن البشر، لأن إفشاءه يؤدي إلى موت العملاق وتحرر الإنسان من جميع الالتزامات التي يفرضها عليه اتفاقه معه. ولم يشأ لورينتيوس أن يقطع على نفسه وعداً كهذا، ولكن حماسه لإنشاء الكنيسة دفعه لعرض عينيه كبديل، وذلك لثقته بأن الحظ سيحالفه في معرفة اسم العملاق قبل الانتهاء من بناء الكنيسة، وقد قبل العملاق بالصفقة وباشر عمله فوراً، وبدأ بناء الكنيسة يرتفع بسرعة مذهلة، وأخيراً لم يتبق على اكتمالها سوى وضع حجر واحد في أعلى البرج. قبل يوم من الموعد المتوقع لوضع الحجر الأخير في مكانه، وقف لورينتيوس على هيلجوناباكن تنتابه حالة من الكآبة العميقة، فقد بدا من المؤكد أنه سيخسر عينيه، وأن تلك كانت المرة الأخيرة التي سيرى فيها نور السماء وكل ما جذبه إلى العالم والحياة، وسيعيش اعتباراً من يوم غد في ظلمة وأسف، وفي خضم تلك الأفكار السوداوية سمع صوت طفل من داخل الهضبة وصوت الأم العملاقة تحاول تهدئة ابنها بأغنية استطاع أن يدرك كلماتها بوضوح وهي تقول: “اصمت، اصمت يا طفلي الصغير، في الصباح سيأتي والدك فين حاملاً معه الشمس والقمر أو عيني الكاهن لورينتيوس”. لم يتمالك لورينتيوس نفسه من الفرح، فأسرع إلى الكنيسة وصاح: “انزل يا فين، فنحن نستطيع أن نضع الحجر المتبقي بأنفسنا.. انزل يافين، لم نعد بحاجة إلى مساعدتك”. استشاط العملاق غضباً وأسرع بالنزول من برج الكنيسة إلى الأرض، وأمسك بأحد أعمدة الكنيسة وحاول هدمها، في هذه الأثناء انضمت إليه زوجته وطفله، وأمسكت الزوجة بدورها بعمود آخر لمساعدة زوجها على هدم بناء الكنيسة، لكن في اللحظة التي بدأ فيها المبنى يتداعى، تحول العملاق وزوجته إلى تمثالين من الحجر مايزالان يقفان هناك، كل منهما ممسكاً بعمود من أعمدة الكنيسة. فارس إيلنهولم في قديم الزمان عاش في قلعة إيلنهولم فارس، وقد رغب يوماً في حضور صلوات الصباح التي تقام في كنيسة موروم بمناسبة عيد الميلاد، ولهذه الغاية غادر القلعة بعد منتصف الليل مباشرة وانطلق في رحلة طويلة بصحبة سائس خيله عله يلحق بأول صلاة، وبعد أن قطعا مسافة لا بأس بها، بدأ النعاس يداعب عيني الفارس، فأمر سائس الخيل أن يتابع سيره وترجل هو وجلس على حافة الطريق عند أسفل سفح الجبل ليأخذ قيلولة ويستعيد نشاطه. ولم يمض على جلوسه في ذلك المكان دقائق قليلة حتى جاءت إليه عملاقة ضخمة وأمرته أن يتبعها إلى الجبل، فانصاع لها، وأخذته إلى زوجها العملاق، هناك وضعت أمامه كل أصناف الطعام الشهي، ولكن الفارس امتنع عن تناول الطعام لإدراكه بنوعية الأشخاص الذين كان بصحبتهم. وشعرت المرأة بالإهانة من ذلك، فأحضرت سكيناً وخاطبت الفارس قائلة: “هل تعرف هذه؟ إنها السكين التي جرحتني بها في فخذي مرة عندما كنت أجمع القش لعجولي، أيها الأب، ماذا تعتقد أن علينا أن نفعل به؟”. أجابها العملاق: “لندعه يذهب، لا نستطيع أن نفعل له شيئاً لأنه يتوسل كثيراً إلى الله العظيم”. قالت العملاقة: “ليكن ذلك، ولكن لابد من أن يحمل ذكرى مني”، وقامت بكسر إصبع الفارس الصغير. غابات إلستوربس وبعد ذلك سرعان ما وجد الفارس نفسه في الهواء الطلق من جديد، وكان سائس الخيل قد عاد بحثاً عن سيده ووجده في المكان الذي تركه فيه، ولكن اصبعه كان مكسوراً، وكانت تلك عبرة يعتبر بها كل من يحاول أن يتقاعس وينام وهو في طريقه إلى الكنيسة لأداء واجباته الدينية. إبان الحرب التي اندلعت بين الملكة جريتا وألبريخت أمير ميكلينيبيرج تواجه الجيشان الخصمان في هالاند الجنوبية، فعسكر جنود الملكة في سهول تجاربي على بعد نصف ميل إلى الشمال من لاهولم، في حين أقيم معسكر لجنود الأمير بالقرب من كنيسة وينج. وفي صباح أحد الأيام ذهبت الملكة كعادتها لأداء صلاة الصباح في كنيسة تجاربي، ولكنها أخذت حيطتها بأن أبقت حارساً فوق ما يسمى جبل الملكة لينذرها من أي خطر. وبينما كانت الملكة مستغرقة في صلواتها جاءتها رسالة تبلغها بأن بعض الجنود يتجولون في الجوار بمفردهم، فقالت الملكة الشجاعة: “ليس هنا خطر بعد” وتابعت صلاتها عند المذبح. بعد وقت قصير وصلت رسالة أخرى تبلغها بظهور ما مجموعه مئة فارس، ولكن الملكة طلبت من جنودها التزام الهدوء لأن الظروف لا تستدعي الخوف والحذر، وأخيراً وصلتها رسالة بأن جميع أشجار غابات إلستوربس قد تحولت إلى ما يشبه كائنات حية تتحرك باتجاه تجاربي. قالت الملكة: “لقد آن الأوان يا أبنائي، هيا إلى المعركة، وسيكون النصر حليفنا بإذن الله”، ثم اعتلت صهوة حصانها وسارت في مقدمة محاربيها تصد الأعداء. وكما ورد في مسرحية ماكبث، فقد استخدم العدو الحيلة حيث حمل كل رجل أمامه شجرة خضراء لكي يتمكنوا من مباغتة جنود الملكة، لكن الملكة فاقتهم ذكاء وتمكنت من تحقيق نصر باهر. وأعادت الملكة بناء كنيسة تجاربي القديمة تعبيراً عن شكرها لله، ومنذ ذلك اليوم لم تنبت في غابات إلستوربس أي أشجار أكثر ارتفاعاً من قامة الإنسان. قبر قاطع الطريق إبان الحرب الدامية التي نشبت في عهد الملك تشارلز الثاني عشر مع الدانمارك، تنقل عدد من قطاع الطرق بين سكين وهالاند تاركين آثار ما اقترفوه من جرائم قتل وسلب في كل مكان مروا به، وبعد سرقة بيت الكاهن والبيوت والأخرى في هيشولت، عاد بعضهم إلى “سكين” فيما واصل البقية طريقهم إلى الشمال. في بلدة بوجهات الواقعة في قضاء ترنيرسجو تجمع عدد من الفلاحين لمقاومة قطاع الطرق، ولم يكن بحوزة غالبيتهم من أسلحة سوى الفؤوس والمناجل والعصي، باستثناء أخوين من بوجهولت كانا أفضل تسليحاً حيث حمل كل منهما بندقية، وكان الأخوان يجيدان استخدام البندقية بحكم أنهما صيادان من سكان الغابة، وعندما بدأ الفلاحون بأخذ مواقعهم، ابتعد الأخوان على الطريق في الاتجاه الذي كان من المتوقع أن يأتي منه قطاع الطرق، في حين بقي الآخرون معاً على مسافة وراءهم. وبعد انتظار دام ساعات، ظهر فارس حزين رث الملابس يمتطي صهوة جواد لا سرج له وتنطلق خلفه أصوات ضحك وهرج حشد من الناس. قال أحد الأخوين: “انظر جيداً، إنهم قادمون إلى هنا”. فأجابه الآخر: “انتظر، بندقيتي أكثر دقة من بندقيتك، دعني أتولّ أمر اللص”، وبعد هذه الكلمات سمع صوت دوي هائل وسقط الفارس عن حصانه. خاف الأخوان مما حدث، وعادا بسرعة إلى بقية رفاقهم في المؤخرة، ولم يسمع أي شيء آخر بعد ذلك عن العدو. وفي اليوم التالي انطلق عدد من أشجع الفلاحين للاستطلاع عن الأمر، ولكن قطاع الطرق كانوا قد اختفوا، ثم وصل الفلاحون إلى كومة من الحجارة وضعها اللصوص كي تكون علامة على قبر رفيقهم، وقد سميت كومة الحجارة بعد ذلك بقبر قاطع الطريق. فرسان الابيرج ذات يوم انطلق فلاح برحلة إلى جونكوبينج مصطحباً معه حمولة من الشعير، فوصل عند الغسق إلى الابيرغ حيث وجد بطريقه هناك قصراً ضخماً، فقال في نفسه: “ربما أستطيع أن أبيع الشعير هنا، وبذلك أوفر على نفسي عناء الرحلة إلى جونكوبينج”، ثم اقترب من الباب وقرع عليه طالباً الإذن بالدخول. انفتح الباب فوراً بفعل قوة خفية، ودخل الفلاح إلى قاعة واسعة في وسطها طاولة كبيرة وضعت عليها اثنتا عشرة خوذة ذهبية يعجز عنها الوصف، كما انتشر في أرجاء الغرفة اثنا عشر فارساً بعتادهم البراق، وكانوا جميعاً غارقين في النوم. تأمل الفلاح المكان المحيط به، وأدرك أنه لن يتمكن من بيع شعيره هناك، لذا تابع طريقه إلى أن وصل أخيراً إلى اصطبل كبير وجد فيه اثني عشر من أروع الجياد وضعت على ظهورها سروج ذهبية وفي حوافرها حذوات فضية كانت تضرب بها الأرض. سيطر الفضول على الفلاح، فحاول الإمساك بلجام أحد الجياد ليكتشف فن صنعه، ولكن ما إن لمسه حتى سمع صوتاً ينادي: “هل حان الوقت الآن؟”. وآخر يجيب: “لا، ليس بعد”. شعر الفلاح بالخوف بعد كل ما سمعه ورآه، فولى الأدبار هارباً، وما إن خرج من ذاك المكان حتى اكتشف أنه كان في الجبل وليس في قصر كما اعتقد، وأن الفرسان الذين رآهم ما هم إلا الفرسان الذين سيظلون نائمين إلى أن يحلّ خطر كبير، وعندئذ سيستيقظون ويساعدون السويد في الدفاع عن نفسها ضد الأعداء.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©