الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

أوروبا الشرقية تسير «عكس تيار» أزمة «منطقة اليورو»

أوروبا الشرقية تسير «عكس تيار» أزمة «منطقة اليورو»
4 ديسمبر 2010 21:23
ليس لدى إيفان ميلكوس وزير المالية السلوفاكي شك في أن دولته الصغيرة المنفتحة ستحقق أكبر معدلات النمو في الاتحاد الأوروبي هذا العام المنتظر أن يبلغ 4,1%. ويقول إن ذلك يرجع في المقام الأول إلى صادرات سلوفاكيا الى ألمانيا. ويتكرر الحال لكثير من باقي منطقة وسط وشرق أوروبا التي أنقذت من ركود العام الماضي بفضل تعافي الاقتصاد الألماني. يذكر أن المصانع التشيكية والسلوفاكية والبولدنية والمجرية، خصوصاً تلك المصانع المرتبطة بصناعة السيارات باتت جزءاً من سلسلة التوريد الألمانية على نحو مطرد. في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام شهدت شركات السيارات الرئيسية الثلاث في جمهورية التشيك زيادة إنتاج بلغت 13%. ويعني هذا أن معظم وسط أوروبا سيحقق أرقاماً جيدة لعام 2010، باستثناء لاتفيا ورومانيا اللتين تعانيان من انكماشات اقتصادية، في الوقت الذي ستتنافس فيه بولندا مع سلوفاكيا على تحقيق أسرع نمو في تلك المنطقة. وقد أظهرت الأزمة تباين اقتصادات وسط أوروبا رغم تاريخها الشيوعي المشترك يتنوع بشكل مطرد. إذ عانت دول البلطيق الثلاث من ركود لا تقل نسبته عن 10 في المئة، بينما نمت بولندا، أكبر اقتصاد في هذه المنطقة، بمعدل 1,7%. ولدى كل من جمهورية التشيك وسلوفاكيا اقتصاد صغير وشديد الانفتاح ولم يعودا دولتين ناميتين. وجنوباً، فإن عداء المجر لصندوق النقد الدولي ومقاربتها الغريبة الى الإصلاحات الاقتصادية يشهد أنها عضو متباعد بينما تسعى رومانيا بصعوبة للعودة الى النمو الاقتصادي. ويتمثل أحد المخاطر التي تهدد النمو فيما لو تباطأ نمو ألمانيا الاقتصادي. في ذلك يقول مارك آلن كبير مندوبي دول البلطيق ووسط أوروبا في صندوق النقد الدولي إن المنطقة تعتمد بشكل كبير على أوروبا، خصوصاً ألمانيا. وهناك مشكلة أخرى هي المارزنات العامة. إذ تفاقمت التفاوتات جراء الأزمة، وتقوم معظم دول المنطقة بتطبيق إصلاحات متفاوتة الشدة رغم مثول خطر تقليص الإنفاق الذي قد يعيدها مرة أخرى الى الركود. وتعتبر رومانيا متأخرة اقتصادياً نسبياً في المنطقة نظراً لتأثير إجراءات التقشف الحكومية بها التي تشمل خفض أجور القطاع العام بنسبة 25 في المئة وتقليص المزايا بنسبة 15 في المئة وزيادة ضرائب القيمة المضافة بنسبة 5 في المئة. ونتيجة لذلك يتوقع أن ينكمش اقتصادها بما يقارب 2 في المئة عام 2010، ورغم توقع عودة النمو العام المقبل إلا أن ذلك سيحدث بنسبة متواضعة تبلغ نحو 1,5%. ويقول ليفيو قوينا الخبير الاقتصادي الروماني إن ذلك لا يعني تعافياً حقيقياً وأنه لن يكون مصحوباً بزيادة الوظائف أو زيادة القوة الشرائية. وتشير القراءة السطحية للأسس المجربة الى أنها نجحت في البدء في تعافٍ قوي إذ يتوقع أن تسجل نمواً نسبته واحد في المئة في عام 2011 وفي عام 2010 ستسجل المجر فائض حساب جار قياسياً للعام الثاني على التوالي، كما ينتظر أن يقل عجز ميزانيتها في عام 2011 عن هدف “ماستريخت” البالغ 3 في المئة. ويقول كريستيان كيلر من باركليز كابيتال: “يبدو الوضع من الناحية الشكلية بناء، ولكن المشكلة هي الطريقة التي سيحققون بها ذلك من الناحية المالية”. وسعياً لتحقيق أهداف القضاء على عجز الموازنة تعتمد بودابست على ضرائب الأزمة المفروضة على قطاعات المال والتجزئة والطاقة والاتصالات وكذلك على تعليق توجه الدولة نحو نظام المعاشات الخاص مؤقتاً. وبالنظر الى أن لدى المجر أعلى نسبة ديون الى الناتج الإجمالي المحلي في المنطقة ورصيداً كبيراً من قروض العملات الأجنبية وعدم تغطيتها بشبكة أمان من قبل صندوق النقد الدولي (بعد أن قررت الحكومة الجديدة عدم تجديدها) تظل المجر عرضة لاضطرابات سوق مال جديدة. وتبدأ الصورة في التحسن كثيراً شمال المجر، فرغم انكماش الاقتصاد التشيكي بنسبة 4,1% العام الماضي، إلا أن جمهورية تشيكيا استطاعت صياغة نظام مصرفي راسخ وهي تعاود النمو، بينما تعتبر مالياتها العامة أسلم من ماليات كثير من أعضاء منطقة اليورو. وتسعى حكومة يمين الوسط بها تقليص عجز الميزانية الى 4.6 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي هذا العام بعد أن اقترب من 5,3%. وتطبيقاً لذلك قامت الحكومة التشيكية بتقليص أجور القطاع العام بنسبة 10 في المئة، كما خفضت بعض المدفوعات الاجتماعية الأمر الذي أثار مظاهرات احتجاج ضخمة في وسط براغ. والهدف المقصود هو بلوغ عجز 3% عام 2013 وميزانية متوازنة بحلول عام 2016. وخلال الأزمة زاد الدين العام من 27 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي عام 2008 الى 40 في المئة هذا العام - وهو أقل كثيراً من المستويات التي شهدتها دول منطقة اليورو المتعثرة مثل اليونان. تتخذ سلوفاكيا إجراءات مشابهة والتي عانت من هبوط صادراتها بشدة العام الماضي. وسعياً لتقليص عجز الميزانية البالغ 8 في المئة الى 4,9% قامت ايفيتارا ديكوفا رئيسة الوزراء الجديدة بتقليص الإنفاق بمبلغ 970 مليون يورو (ما يساوي نحو 14% من ميزانية الدولة) مع زيادة الإيرادات بمبلغ 730 مليون يورو. وهي تقول: “إننا فعلاً في أزمة مالية واقتصادية كبيرة”. وبصفتها عضواً في منطقة اليورو منذ السنة الماضية تحرص سلوفاكيا على تفادي مصير أعضاء العملة الموحدة الأضعف من خلال اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة الآن. وتأتي مواقف راديكوفا الراديكالية متضاربة بشكل صارخ مع مقاربة بولندا الأكثر حرصاً. إذ قامت وارسو بتأجيل الإجراءات المشددة على الأقل لغاية الانتخابات البرلمانية العام المقبل حين يفوز حزب المنصة المدنية يمين الوسط الحاكم بفترة أربع سنوات أخرى حسب التوقعات. أما وضع بولندا فهو أكثر خطراً من جيرانها في الجنوب. إذ ينتظر أن يبلغ عجز موازنتها 7,9% من ناتجها الإجمالي المحلي هذا العام. ولكن المشكلة الجاثمة تتمثل في أن دينها العام المتزايد المقترب من حد 55 في المئة من الناتج الإجمالي المحلي الذي تجاوزته سيقتضي تقليصات إنفاق مؤلمة. ورغم قلق بعض خبراء الاقتصاد المستقلين من زيادة الإنفاق بشكل غير مستدام، إلا أن أسواقاً دولية لا تزال ترى بولندا مخاطرة جيدة وتقبل على شراء دين الحكومة البولندية. في ذلك يقول آلن: “ينبغي على بولندا بالفعل خفض ديونها، ولكن أعتقد أنها تختار الطريق الصحيح”. نقلاً عن فاينانشيال تايمز ترجمة: عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©