الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

ألمانيا تدفع ثمناً باهظاً لنقص العمالة الماهرة

ألمانيا تدفع ثمناً باهظاً لنقص العمالة الماهرة
4 ديسمبر 2010 21:24
تدفع الشركات الصناعية الألمانية أجوراً عالية وحوافز ضخمة للعمال المهرة وذلك لمجابهة أسوأ حالة نقص في العمالة تشهدها أكبر الاقتصادات الأوروبية منذ “المعجزة الاقتصادية” التي حققتها ألمانيا في ستينيات القرن الماضي. وأعلنت شركات مثل “سيمينز” و”بورش” و”كونتينينتال” عن حوافز نقدية وذكرت أنها ستستخدم فقرة في الاتفاقية الوطنية للأجور الهندسية لتقديم زيادة سنوية في الأجور لقوتها العاملة الألمانية قدرها 2,7% في فبراير. وذكرت “سيمينز” أنها ستدفع لقوتها العاملة العالمية نحو 310 مليون يورو (415 مليون دولار) في شكل حوافز مقابل أداء هذا العام الحالي. وسيتلقى الموظف الألماني العامل في المجموعة الهندسية مبلغاً قدره ألف يورو في يناير المقبل عبارة عن حافز يقدم مرة واحدة. وقال بيتر لوشر المدير التنفيذي “لسيمينز” إن “هذا التصرف ليس بمثابة التصرف الرمزي، لكننا نود فقط أن نقول شكراً لمنسوبينا”. وذكرت “سيمينز” وشركات أخرى أنها ترغب في تعويض الموظفين الألمانيين عن الظروف القاسية التي مروا بها في السنة الماضية عندما علقت الشركات الصناعية الحوافز الخاصة بالأداء وخفضت ساعات العمل. ويقول خبراء سوق العمل إن السخاء الذي تظهره هذه الشركات ما هو إلا انعكاس للنقص الحاد في العمالة الماهرة التي بدأت آثارها تظهر في الاقتصاد الألماني الذي يعتمد على القطاع الهندسي المزدهر. ومن المنتظر أن تشهد الصادرات الألمانية ارتفاعاً يصل إلى 16% إلى 937 مليار يورو في 2010 مدفوعة بالطلب القوي للسيارات الفاخرة والآليات التي تستوردها الصين والبلدان الناشئة الأخرى مما جعل الشركات الصناعية تقع تحت ضغط الطلب. ويشير جواشيم موللر مدير “معهد أبحاث سوق العمالة الألمانية” إلى أن “أسباب تعود هذه الضغوط لعدم تقييم الشركات الصحيح للنهضة الاقتصادية التي تشهدها البلاد هذا العام. وعانت العديد من القطاعات بالفعل من نقص كبير في الخبرات الأساسية”. وأظهرت الدراسة الأخيرة التي نشرتها مؤسسة “بي دبليو سي” الحسابية، أن نقص العمالة كان من الأسباب الرئيسية التي وقفت في طريق تعافي الشركات الألمانية المملوكة من قبل الأسر. ويقدر اتحاد المهندسين الألمانيين المعروف باسم “في دي آي” أن هناك نحو 43,000 وظيفة شاغرة تزيد عن عدد المهندسين العاطلين عن العمل. واتجهت الشركات الألمانية لانتهاج طرق غير عادية لمجابهة نقص العمالة، مثل التدريبات الرياضية لكبار السن من الموظفين وجلب من هم في سن الشباب من بولندا وتعليم اللغة الصينية للموظفين الجدد. وتخطط “بي أم دبليو” وبمتوسط عمر منسوبيها الذي من المنتظر أن يرتفع من 41 إلى 47 عاماً خلال سبع سنوات فقط، لمساعدة موظفيها من كبار السن للبقاء على رأس عملهم حتى بلوغهم سن الستين. وتعمل الشركة على تحسين بيئة عمل خطوط التجميع بتقديم تمارين اللياقة أثناء ساعات العمل الرسمية وتعيين “مشرفي صحة” الذين يتلقون تدريبات خاصة لتعليم زملائهم كيفية الغذاء المتوازن مع إجراء الفحوصات الصحية الدورية. وفي جزء آخر من سوق العمل الألماني، تهدف شركة “جروز بيكيرت” المملوكة لإحدى الأسر في جنوب ألمانيا والمتخصصة في قطع غيار ماكينات الخياطة وصناعة الإبر، لجذب المبتدئين الذين يتمتعون بخبرات أفضل، وتوسيع أفقها من خلال رعاية دروس تعليم اللغة الصينية في المدارس المحلية. وفي مدينة ريجينسبيرج، تأمل مجموعة تضم أكثر من 50 من الأقسام العلمية وشركات صناعة الحساسات، لطرح مشروع جديد في العام المقبل. وتسعى هذه الشبكة لاستيعاب الذين تركوا مدارسهم في بولندا لتدريبهم ومن ثم استيعابهم في شركات صناعة الحساسات. وهذا واحد من الأسباب التي دعت “سيمينز”، التي تعاني في سبيل ملء 3,000 وظيفة شاغرة في الهندسة الالكترونية والآليات، إلى عقد صفقة رمزية مع الاتحادات تم بموجبها التوصل إلى تعهد لتفادي التكرار القسري “هو إجبار شخص على الاستقالة ليحل محله شخص آخر فقد وظيفته” فيما بين العاملين الألمانيين البالغ عددهم 128,000 موظف. ويقول بيتر لوشر “نعيش في عالم ليس من السهل فيه الحصول على المهندسين. وما قمنا به يعتبر من مميزات المنافسة التي تخص إستراتيجية التوظيف التي ننتهجها”. ويذكر أن معدل البطالة في ألمانيا انخفض في شهر أكتوبر الماضي لأقل من 3 مليون لأول مرة خلال عامين وهو ما يوازي 7,5% من نسبة البطالة. وجاء انخفاض نسبة البطالة نتيجة للإصلاحات التي طالت سوق العمل في العقد الماضي والتي سهلت إجراءات توظيف العمال المتعاقدين والحفاظ على الموظفين الدائمين عبر استخدام البرنامج الذي ترعاه الحكومة الذي يرمي لتخفيض ساعات العمل عند حدوث أي ركود في الاقتصاد. لكن يولد انخفاض معدل البطالة أيضاً ضغوطاً على الشركات التي تعتمد على الصادرات. ويختلف الحال اليوم عن ستينيات وسبعينيات القرن الماضي عندما دعا التعافي بعد الحرب العالمية الثانية، ألمانيا لجلب عمال غير مهرة من ايطاليا وتركيا. أما اليوم فتقوم الشركات الصناعية بإعادة تدريب العاملين على الخبرات الجديدة، بالإضافة إلى سعيها لجذب مهنيين أجانب بالرغم من صعوبة الحصول عليهم. ويقول بيتر إسميتس رئيس “مؤسسة بول هيستينجس” القانونية بفرانكفورت “لا تتمتع ألمانيا بالجاذبية الكبيرة للمواهب الأجنبية حيث لم تتعلم بعد كيفية احتوائها”. ويضيف موللر “هناك العديد من البوادر التي تشير إلى تحول سوق العمل من تحكم المخدم إلى تحكم الموظف الذي أصبح يختار بين الوظائف العديدة المتوفرة أمامه. وسيؤثر ذلك على الأجور”. وبينما انخفضت أجور العمال غير المهرة بصورة كبيرة خلال العشر سنوات الماضية حتى العام 2008، ارتفعت أجور خريجي الجامعات بصورة ملحوظة. ويهدد نقص وظائف العمال المهرة نمو الاقتصاد الألماني بالفعل. ويعني ذلك عدم تسليم الطلبيات في مواعيدها مما يعيق عملية النمو. ويتفق مدراء الشركات وخبراء أسواق العمل على أن من شأن تناقص عدد السكان المتزايد، أن يؤدي لتفاقم هذه الظاهرة في السنوات المقبلة. ويقول بيتر لوشر “سيكون التحول في تركيبة السكان من التحديات الكبيرة التي تواجه الاقتصاد الألماني في المستقبل”. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©