الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تقنية التقاط الكربون أداة فعالة للحد من تداعيات تغير المناخ

تقنية التقاط الكربون أداة فعالة للحد من تداعيات تغير المناخ
10 سبتمبر 2011 22:34
بقلم بدر سعيد اللمكي إن مواجهة انعكاسات تغير المناخ والعمل على خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، هي من القضايا العالمية التي تتطلب نهجاً متعدد الأوجه لحلها. وتشكل تقنية التقاط الكربون وتخزينه مكوناً أساسياً من أي جهد يهدف إلى رسم مسارٍ اقتصادي منخفض الكربون. وتتلخص تقنية التقاط الكربون وتخزينه بأنها عملية احتجاز غاز ثاني أكسيد الكربون بكميات كبيرة، ويتم ذلك عادةً من محطات توليد الطاقة ومنشآت الغاز الطبيعي وغيرها من المواقع الصناعية، وتخزينه في تكوينات جيولوجية في باطن الأرض، مثل الأحواض الطبيعية والكهوف وآبار النفط المستنفذة. ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، سوف تكون هناك حاجة لتطبيق تقنية التقاط الكربون وتخزينه للإسهام بشكل كبير في الحد من انبعاثات الكربون بأقل تكلفة ممكنة، وذلك بما يمثل 19% من إجمالي خفض الانبعاثات حتى عام 2050. ووفقاً للمعهد العالمي لالتقاط الكربون وتخزينه فإن ثمة أكثر من 80 مشروعاً ضخماً ومتكاملاً في مختلف مراحل التطوير حول العالم، وتقع 7 من تلك المشاريع في بلدان لا تنتمي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). ومن هنا، فإن مزايا التقاط الكربون وتخزينه لا تقتصر على كونها استراتيجية مجدية وفاعلة ويمكن تطبيقها بسرعة لتحقيق إنجازات مهمة في خفض مستويات غاز ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي فحسب، بل هي عنصر أساسي في معالجة ظاهرة تغير المناخ. تنويع مصادر الطاقة وفي حين يخشى البعض من أن تؤدي هذه التقنية إلى تأخير الانتقال نحو اقتصاد قائم على الطاقة المتجددة، إلا أننا غير ملزمين بالنظر إلى المسألة كضرورة اختيار واحدٍ من حلّين اثنين، لاسيما في ظل التركيز على استراتيجية شاملة تقوم على مزيج متنوع من مصادر الطاقة. وتقدم تقنية التقاط الكربون وتخزينه فرصةً لاستخدام مصادر الطاقة التقليدية بطريقة أنظف بالتوازي مع تطوير تقنيات حديثة للطاقة المتجددة وتغيير السلوك الاستهلاكي. وبالنظر إلى خطورة التحدي المناخي الذي نواجهه، فإنه من المنطقي استخدام جميع الأدوات المتاحة للحد من انبعاث غازات الدفيئة. لذا، فإن قبول وتطبيق تقنية التقاط الكربون وتخزينه أمر يجب دعمه وتعزيزه. ولكي يحدث ذلك، فإن تطبيق هذه التقنية يجب ألا يقتصر على الدول المتقدمة والأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، بل يجب أن يشمل الدول النامية أيضاً. وأحد سبل تحقيق ذلك هو إدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة التابعة للأمم المتحدة. بروتوكول كيوتو إن إدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة، يقدم للحكومات أداة جديدة للحد من انبعاثات الكربون، حيث تقوم آلية التنمية النظيفة، التي أنشئت وفقاً لبروتوكول كيوتو، بتسهيل تطوير المشاريع التي تعمل على الحد من انبعاثات الكربون في البلدان النامية مقابل الحصول على اعتمادات أو “أرصدة” يعرف كل منها بـ وحدة خفض الانبعاثات المعتمدة (CER)، وتعادل الوحدة منها طناً مترياً واحداً من غاز ثاني أكسيد الكربون، يتم تمويلها أو شراؤها من قبل البلدان التي التزمت بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة وفق اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لمساعدتها على تحقيق أهدافها في مجال خفض الكربون. ويمكن لمشاريع آلية التنمية النظيفة أن تشمل، على سبيل المثال، مشروعاً لتزويد الأرياف بالكهرباء باستخدام ألواح الطاقة الشمسية في أفريقيا، أو تركيب مراجل أكثر كفاءة في استهلاك الطاقة في أميركا الجنوبية. وتساعد آلية التنمية النظيفة على توجيه الاستثمارات إلى هذا النوع من أنشطة الطاقة النظيفة والحد من انبعاثات غازات الدفيئة في الدول النامية، وذلك عبر تخفيف الأعباء المالية لتطبيق تقنيات الحد من الانبعاثات من خلال هذه الأرصدة. وتقوم تقنية التقاط الكربون وتخزينه بخفض كمية الانبعاثات بنسبة كبيرة مما يعني توليد الكثير من الأرصدة في حال تم إلحاقها بآلية التنمية النظيفة. لذا فإن اعتماد هذه التقنية ضمن آلية التنمية النظيفة يمكن أن يساعد بشكل فعال على التطبيق الواسع للتكنولوجيا وتعزيز جهود الحد من انبعاثات الكربون في العالم. لقد أسهمت آلية التنمية النظيفة في تحفيز الجهود لتحقيق خفض كبير في الانبعاثات في البلدان النامية، والتي لم يكن بالإمكان القيام بها لولا هذه الآلية. تغير المناخ ووفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، بلغت قيمة الاستثمارات في سوق التنمية النظيفة والحد من انبعاثات غازات الدفيئة في عام 2010 نحو 19,8 مليار دولار، ويتوقع لهذا الرقم أن يزداد بنسبة 17% عام 2011. ويمكن الاستفادة من جزء من هذه الاستثمارات لأغراض نشر تقنية التقاط الكربون وتخزينه في المستقبل بما يعزز نطاق استخدامها في البلدان النامية ويساعد في مواجهة تغير المناخ وتعزيز ممارسات التنمية المستدامة. وقد تبنّت أبوظبي تقنية التقاط الكربون وتخزينه بوصفها عنصراً هاماً من رؤيتها لبناء اقتصاد مستدام. وقد أشار تقرير نشر مؤخراً من قبل المعهد العالمي لتكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه إلى الجهود المتميزة لدولة الإمارات، من خلال “مصدر”، في مجال تطوير مشاريع التقاط الكربون وتخزينه على مستوى المنشآت الصناعية واستخدامه في تعزيز استخراج النفط. وتقدم تقنية التقاط الكربون وتخزينه للدول المنتجة للنفط والغاز مثل دولة الإمارات التي تستخدم المياه أو الغاز الطبيعي من أجل الاستخراج المعزز للنفط، فائدة إضافية تتمثل في إمكانية استخدام ثاني أكسيد الكربون في تلك التطبيقات. وعند استخدام أحد غازات الدفيئة، ثاني أكسيد الكربون، في هذه العمليات بدلاً من الماء، يمكن للمشروع تفادي إطلاق تلك الغازات في الغلاف الجوي. وتعمل “مصدر” على الدفع قدماً بعمليات الاستخدام النظيف للوقود الأحفوري بمستوى عالٍ من الكفاءة على نطاق المنشآت الصناعية، وهي تعمل حالياً على مشروع تجريبي لتقنية التقاط الكربون وتخزينه يظهر نتائج واعدة. ويعد اعتماد التقنية ضمن آلية التنمية النظيفة عاملا أساسيا لدعم المشروع، إذ من شأنه خفض الأعباء المالية لأي دعم حكومي مطلوب. وفي هذا السياق، استضافت أبوظبي، بالتعاون مع الحكومة النرويجية والأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، ورشة عمل يومي 7 و8 سبتمبر الجاري، لبحث آليات وإجراءات إدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة. وكانت المشاركة الفعالة لدولة الإمارات في المفاوضات المتعلقة باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، والدعوة لإدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة، من العوامل الأساسية التي أدت إلى اختيار أبوظبي مكاناً لعقد هذا الاجتماع. وشاركت دولة الإمارات في ورشة العمل هذه من خلال إدارة شؤون الطاقة وتغير المناخ في وزارة الخارجية، وشركة أبوظبي الوطنية للبترول (أدنوك) و”مصدر” و”أدكو” و”هيئة البيئة – أبوظبي” وعدد من الجهات الأخرى ذات الصلة. وأسهمت الندوة في تسليط الضوء على الجهود والخبرات المتميزة التي اكتسبتها دولة الإمارات في تقنية التقاط الكربون وتخزينه حتى الآن. وأتاح الحدث لممثلي دولة الإمارات مناقشة كيفية إدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة بشكل فعال. وبالتعاون مع الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ وممثلين عن 64 دولة، سعى الوفد الإماراتي إلى وضع مجموعة من التوصيات حول كيفية استكمال القواعد الموجودة حالياً لآلية التنمية النظيفة من أجل إدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمنها، وذلك من خلال البحث في اختيار الموقع، وعمليات المتابعة والرصد، وحدود المشروع، والمشاريع المشتركة بين الدول، وتقييم المخاطر والسلامة، وتقييم الآثار البيئية والاجتماعية، والاستدامة. وستكون الثمرة المتوقعة لهذه الورشة هي الاتفاق على إجابات وافية لتلك المسائل، مما يفتح الباب أمام إدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة خلال المؤتمر السابع عشر لأطراف اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ COP17. استخراج الوقود ويؤدي إدراج تقنية التقاط الكربون وتخزينه ضمن آلية التنمية النظيفة إلى تعزيز الجهود الرامية إلى بناء شبكة التقاط الكربون وتخزينه في الإمارات والتي تعكف “مصدر” وشركة أبوظبي الوطنية للبترول (أدنوك) حالياً على دراستها، والتي ستقوم بدورها بالمساعدة على تعزيز تكنولوجيا استخراج الوقود الأحفوري في دولة الإمارات والمنطقة والعالم، ما يشكل دعماً كبيرا لجهود أبوظبي والعالم في مجال خفض انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والاعتراف بتكنولوجيا التقاط الكربون وتخزينه عنصراً أساسياً في مواجهة تحديات تغير المناخ.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©