الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

متون

متون
21 فبراير 2008 01:26
العقيد دولتشين مسلم تتري أجرى رصدا شاملا للمنطقة قبل 109 سنوات أول تقرير استخباري لروسيا القيصرية من الحجاز أحمد الصاوي القاهرة - الكتاب المترجم عن الروسية بعنوان ''الرحلة السرية للعقيد الروسي عبدالعزيز دولتشين الى الحجاز'' تقرير مطول كتبه عقيد روسي من عائلة تترية مسلمة عن الحج، ويحتفظ ارشيف الدولة التاريخي العسكري في روسيا بهذا التقرير الذي كتبه هذا العقيد عام 1899م· وترجع أهمية ما كتبه عبدالعزيز دولتشين إلى الدقة التي سرد بها الرجل أحوال المناطق التي مر بها في طريقه من روسيا الى الأراضي الحجازية، وتناوله بالتفصيل وقائع رحلته اليومية ولاسيما في ميناء جدة وفي الحرمين الشريفين، مكة والمدينة، فضلا عن معلومات دقيقة عن الحجاج والمناطق التي جاءوا منها والاجراءات التي كانت تتبعها السلطات لتنظيم دخولهم للأراضي المقدسة· ويعكس تقرير دولتشين مدى اهتمام روسيا القيصرية بما يجري في الشرق العربي ليس فقط من زاوية حروبها المستمرة مع الدولة العثمانية ولكن ايضا من جهة التنافس الاستعماري مع انجلترا التي كانت تخطط للاستيلاء على الولايات العربية الخاضعة لحكم رجل اوروبا المريض ''الدولة العثمانية''· كما ان هناك دافعاً روسيا خاصا للاهتمام بما يجري في الحج، اذ لاحظت حكومة القيصر ان الانتفاضات المسلحة التي قام بها المسلمون في آسيا الوسطى ضد الحكم الروسي انما قام بها مسلمون عادوا لتوهم من رحلة الحج، وكانت لدى الروس قناعة بان هؤلاء الحجاج يلقون تحريضا ودعما من الاتراك، وفي أعقاب انتفاضة المسلمين في انديجان التي قادها في عام 1898 الزعيم الصوفي ايشان محمد علي صابر اوغلي وادت إلى ذبح 20 جنديا روسيا وجرح 22 اخرين وقطع رأس مستوطن روسي، قررت الحكومة الروسية ان توفد شخصا موثوقا به لاستطلاع ما يجري في الاراضي الحجازية بعدما علمت ان قائد ثورة انديجان كان قد عاد لتوه من رحلة الحج· ووقع الاختيار على عبدالعزيز دولتشين نظرا لتاريخه العسكري والاداري المشرف ولكونه ايضا مسلما الامر الذي يتيح له اقامة هادئة في مكة والمدينة· سيرة ضابط ولد عبدالعزيز لعائلة ضابط بالجيش الروسي وكانت هذه العائلة التترية تتمتع بتأثير كبير بين ابناء قوميتها وشغل والد المؤلف مناصب مهمة في ادارة مناطق الاورال الجنوبية في روسيا دون ان يتخلى عن روح التقوى الإسلامية السائدة في العائلة وكذلك كان حال عبدالعزيز الذي يوضح سجل خدمته العسكرية قيامه بعد التخرج في المدرسة العسكرية في بطرسبورج بالدراسة في صفوف اللغات الشرقية للضباط لدى الدائرة الاسيوية لوزارة الخارجية، ليمتلك في نهاية التعليم ناصية اللغات العربية والتركية والفارسية والانجليزية والفرنسية إلى جانب لغته القومية واللغة الروسية· ويحفل تقرير دولتشين بالعديد من المعلومات التي يندر ان تجد مثيلا لها في مؤلف عربي أو غربي، فهي ليست مجرد ملاحظات عابرة أو اجمالية وانما هي يوميات تحوي خليطا من المعلومات الاستخباراتية والاشارات الحضارية والثقافية التي توضح احوال الحج وطرق الوصول الى مكة المكرمة والمعاناة التي كانت تصادف الحجاج وخاصة انتشار الاوبئة واجراءات الحدود ومتاعب السفر والرسوم و الضرائب· وغادر عبدالعزيز دولتشين الاراضي الروسية في باخرة عبرت به مضيق الدردنيل في 25 مارس 1898 لترسو في ميناء أزمير التركي ومنه انتقل إلى اسطنبول وانتقد بشدة الفوضى والقذارة التي تعم اغلب شوارعها ليستقل باخرة الى الاسكندرية بمصر· وبالقطار اصبح دولتشين في السويس تمهيدا لنقله بالباخرة الى جدة وحسب ما قاله فإنه اخذ تذكرة الى جدة من وكالة شركة المانية بالاسكندرية ودفع 10 جنيهات استرلينية نظير تذكرة الدرجة الاولى الى السويس في السكة الحديد والتذكرة في الباخرة· في المدينة المنورة لكن معاناة دولتشين تلاشت عقب وصوله الى المدينة المنورة في الخامس من مايو، حيث وصفها بانها مدينة تقع وسط سهل عريض وبساتين البلح تنطلق بشكل رائع والسهل تتخلله التلال والمدينة مطوقة بسور حجري متين مع بوابات محمية وفي احد ابراج الزاوية توجد بطاريات مدفعية وفي السهل توجد هنا وهناك نقاط حراسة ترابط فيها قوات تركية· وكتب عن زيارته في اليوم التالي للروضة الشريفة ''اليوم ركعنا امام قبر النبي· الحرم الشريف هنا مبني حسب احدث منجزات علم الهندسة ويترك انطباعا ايمانيا عميقا والاضرحة محاطة بأسوار حديدية كثيفة والمدافن مغطاة بديباج غال''· وزار العقيد دولتشين خلال رحلته المدارس الدينية والتكايا التي تتبع مسلمي آسيا الوسطى وكتب تقريرا وافيا عن تواضع منشآتها وانشغال روادها بتلقي العلم وممارسة الشعائر الدينية ولم يشر في تقريره الى قيامهم بأي انشطة سياسية يمكن ان تشكل تهديدا للسياسة الروسية بل اشار الى ان الحجاج واهالي البلاد يحترمون القيصر ويتحدثون عن عدل روسيا وان الحجاج من اسيا الوسطى موضع تقدير واحترام من الكافة· ولا جدال في ان يوميات العقيد دولتشين تهدف الى تبديد شكوك الحكومة الروسية تجاه الحج وهي تعكس بصدق رغبة العقيد المسلم في ضمان تسهيل القيصرية عملية الحج لابناء امته· دورهم تراجع في الحقبة الاشتراكية المحامون أبطال المشهد السياسي في مصر حلمي النمنم في كل موقف أو حركة سياسية تجد عدداً من المحامين· حركات وجماعات المعارضة خلفها مجموعة من المحامين إن لم يكونوا هم الذين نظموها، وعمليات تأييد الحكومات وإصدار التشريعات وراءها أيضاً نفر من المحامين· وفي مصر تعد نقابة المحامين واحدة من أقدم النقابات المهنية، أسست عام ،1912 ولعبت دوراً وطنياً منذ تأسيسها، فقد كانت مساندة للحزب الوطني، حزب مصطفى كامل ومحمد فريد، الذي كان يطالب بجلاء الانجليز التام والفوري عن مصر والسودان· وحين أسس حزب ''الوفد'' المصري عام 1918 كان المحامون مؤسسين به وكانت النقابة سنداً قوياً له، وهذا ما درسته د· أماني الطويل في كتابها الذي صدر مؤخراً بعنوان ''المحامون بين المهنة والسياسة''· زعماء ومحامون ولا يندهش الباحث حين يكتشف أن معظم زعماء الحركة الوطنية في مصر كانوا محامين، ويكفي أن نتأمل أسماء مثل مصطفى كامل وسعد زغلول ومصطفى النحاس ومحمود فهمي النقراشي وأحمد ماهر ومكرم عبيد وغيرهم، ويلفت الانتباه العلاقة الحميمة بين حزب ''الوفد'' ونقابة المحامين أو جماعة المحامين عموماً، حتى قيل في بعض الأوقات أن النقابة جناح لحزب الاغلبية، وحرص ''الوفد'' على أن يقدم بعض الامتيازات للنقابة، حتى أن سعد زغلول حين شكل الحكومة عام 1924 استعان بنقيب المحامين ليكون وزيراً في وزارته، وصار ذلك تقليداً من بعد في حكومات حزب ''الوفد'' ولكن هذا لا يعني أن المحامين كانوا خارج بقية الأحزاب، فقد كانوا موجودين بقوة، بل وهناك الجماعات غير الليبرالية مثل مصر الفتاة والاخوان المسلمين كانوا بها أيضاً، وفي أوقات الأزمات وعند فرض الأحكام العرفية والرقابة على الصحف، كانت نقابة المحامين هي مكان المعارضة وتقودها أيضاً· وحين انشق مكرم عبيد عن حزب ''الوفد'' عام 1943 وشكل الكتلة الوفدية، كان نقيباً للمحامين، مما عرض العلاقة بين النقابة والوفد لأزمة حقيقية· قوة الشركات وأحد أسباب قوة المحامين، أن عدداً منهم ارتبطوا بالشركات والمشاريع الرأسمالية مما حقق لهم عائدا ماديا مرتفعا، جعل بعضهم من الشريحة العليا في الطبقة الوسطى، وظل دور النقابة والمحامين قوياً حتى قيام ثورة يوليو ·1952 ولعب المحامون أدواراً مهمة في الحياة النيابية والبرلمانية في مصر، ففي عام 1914 دخل الجمعية التشريعية تسعة محامين، وازداد دورهم بعد دستور 1923 حيث خاضوا الانتخابات كمستقلين أو من خلال الأحزاب وأهلتهم خلفيتهم القانونية وخبرتهم في المرافعة والخطابة للعب أدوار مهمة في البرلمان بمجلسيه ''النواب والشيوخ'' وتولى رئاسة مجلس الشيوخ 9 رؤساء منهم ثلاثة محامين هم: محمود بسيوني ومحمد محمود خليل ومحمد حسين هيكل· أما مجلس النواب فتولاه عشرة رؤساء منهم سبعة محامين هم: سعد زغلول ومصطفي النحاس وويصا واصف وأحمد ماهر وعبدالسلام فهمي جمعة وحامد جودة ومحمد بهي الدين بركات، أما المحامون الذين نالوا عضوية البرلمان من الهيئة الأولى وحتى الهيئة السابعة، أي في الفترة من 1924 وحتى 1938 فقد بلغ عددهم 304 بنسبة 19,9 في المئة وهي نسبة مرتفعة لم تتحقق لأي فئة أخرى، أما المحامون في مجلس الشيوخ عن الفترة نفسها فكان عددهم ·132 وارتفعت نسبة المحامين بمجلس النواب في الفترة من 1942 إلى 1952 حتى بلغت 31,5 في المئة تقريباً من مجموع الأعضاء، وبعد المحامين كان الأطباء، ففي برلمان 1950 وحده كانت نسبة المحامين 17,6 في المئة والأطباء 2,5 في المئة، وهذه النسب تحققت عبر صناديق الاقتراع، ووصل عدد من المحامين إلى رئاسة بعض الأحزاب، وتركز عدد كبير من المحامين في مناصب نائب رئيس الحزب، وفي وقت من الأوقات كان في مصر 27 نائباً لرؤساء الأحزاب، بينهم عشرون محامياً· وفور قيام ثورة 1952 لم يكن سهلاً إبعاد المحامين عن المناصب الوزارية وما بين حكومات يوليو 1952 حتى أبريل 1954 كان هناك 9 محامين تقلدوا مناصب وزارية من بينهم فتحي رضوان الذي شغل منصب وزير في أكثر من تشكيل وزاري· في وجه السلطة وبعد قيام الثورة وفي ظل التوتر الناجم عن إلغاء الأحزاب في عام 1953 وإلغاء دستور 1923 وقف المحامون المصريون ضد هذه الإجراءات، وفي أوج الصراع على السلطة بين محمد نجيب وجمال عبدالناصر، انحاز المحامون إلى نجيب باعتباره ممثلاً للديمقراطية وبعد إطاحة محمد نجيب، تدخلت الدولة في نقابة المحامين، ففي الجمعية العمومية للنقابة عام 1954كان مجلس النقابة وفدياً ثم تشكل تجمع''المحامين الأحرار'' وحاولوا أن يفشلوا الجمعية العمومية، وكان من أعضائها عبدالرحمن الرافعي ومصطفي مرعي، لكنهم لم يتمكنوا فاتصلوا بوزير الداخلية وكان وقتها المستشار سليمان حافظ، مما اعطى الانطباع لدى الكثيرين بأن تجمع المحامين الأحرار تشكل بوازع من السلطة ممثلة في الضباط الأحرار· وحلت الدولة مجلس النقابة عام 1954 وتم تشكيل مجلس نقابة جديد ووضعت الحكومة يدها على النقابة، وتقارب عبدالناصر مع المحامين الفرعيين والتقى بهم لتقوية دورهم وإضعاف دور النقابة العامة· وفي سنوات الخمسينات والستينات من القرن الماضي تراجع دور المحامين كثيراً في السياسة وفي القضايا العامة، فمع تطبيق الاشتراكية تراجعت دخول المحامين ومع غياب التعددية السياسية تراجع دورهم الوطني والسياسي، ولم يعد دورهم إلا مع المعارضة لسياسات الرئيس الراحل أنور السادات، مما دفعه ليتدخل في حل مجلس النقابة عام 1981 قبل أزمة سبتمبر ·1981 وتخلص الباحثة إلى فرضية مهمة هي أن دور المحامين في مصر وفي العالم العربي عموماً يبرز ويزدهر في ظل المراحل الليبرالية، فقد انتعش دورهم بعد ثورة 19 ثم عاد إلى الانتعاش مع سياسة الانفتاح الاقتصادي عام1974 حيث ارتبطوا بالمشاريع الاقتصادية والشركات الاستثمارية والتوكيلات الاجنبية· ذيل مرآة الزمان لليونيني شاهد على تحولات منسية كشف أحوال العرب بعد سقوط بغداد سلمان كاصد بعد سقوط بغداد عام 1258م/ 656 هـ بيد التتار كان لابد أن تنهض مدن أخرى لتشكل مراكز المواجهة الدائمة للتحدي التتاري القادم من الشرق، لذا كان لمصر وبلاد الشام الدور المهم حيث تحملتا تبعات هذا السقوط عبر مواجهتهما للوجود الصليبي الغربي القائم منذ أكثر من قرن ونصف وما رافق ذلك من مواجهات عسكرية وتحالفات اقليمية وتحولات في البنى الاجتماعية والاقتصادية والديموجرافية· وفي هذا السياق كان من الضروري أن ترصد تلك الحقبة من قبل المؤرخين، وعليه كان ظهور (قطب الدين موسى بن محمد اليونيني ت 726هـ/ 1326م) عن عمر ناهز الـ86 عاماً دارساً ومستقياً وشاهداً مبكراً على حقبة لا تزال تحتاج إلى المزيد من الكشف·· لذا فإن اطلاعنا على كتابه ''ذيل مرآة الزمان'' بمجلداته الثلاثة الذي درس وحقق من قبل الباحث الدكتور حمزة عباس والصادر عن هيئة أبوظبي للثقافة والتراث- المجمع الثقافي 2007 يأتي لينير لنا مغاليق تلك الفترة على الجبهة الشامية إبان دولة المماليك البحرية· شاهد حقيقي اليونيني شاهد حقيقي على المتغيرات التي حصلت في تلك الفترة في بلاد الشام أي بعد سقوط بغداد الذي عدّ فاصلاً كبيراً بين عصرين هما العصر العباسي وعصر الفترة المظلمة كما أطلق عليه· لقد عايش اليونيني أخطر الأحداث التي شهدتها مصر والشام لذا كانت أهميته لا تقف عند حدود الجانب السياسي للحقبة التي عاصرها وإنما تتعداها إلى جوانب أخرى تتصل بالأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والدينية للمجتمع الإسلامي آنذاك· اليونيني في ''ذيل مرآة الزمان'' لم يقدم الصورة باردة ولم يقدم ولم يعتن بالتوصيف حصراً وإنما قدم الأسباب والصورة والحلول بل وعرض اجابات واسعة حول طبيعة هذه الأوضاع والعلاقات القائمة فيما بينها ومدى تأثرها مجتمعة بالتحديات الداهمة أو التطورات المستجدة خاصة حينما يتصل الأمر بقضايا تمس صميم المجتمع وتشكل تحدياً لوجوده واستمراره· لقد كانت الدولة المملوكية تواجه تحديات خارجية خاصة من حشود التتار وتهديداتهم لها والتي انعكست على البنى والروابط المجتمعية والاقتصادية والأخلاقية القائمة بين الناس· وكما يصف اليونيني فإن المجتمع تحول إلى ما يشبه قطع الفسيفساء المتناثرة أو المتنافرة·· حيث يرى في وصفه الناس بعد أن تأكدوا من أمر الهزيمة في وقعة وادي ''الخزندار'' بقوله ''يأكل بعضهم بعضاً، ومن أراد أن يبيع شيئاً من المأكول بأي سعر اختار لا ينازعه أحد، ومن ضرب أو شتم لا يستقد منه، ولم يظهر من الناس شفقة ولا رحمة، ومن قدر على أمر فعله، ومن تغلب على مكان سكنه'' ص·257 تلك هي صورة عامة لما آل إليه الأمر من وجهة نظر اليونيني التي نقلت حالات الهلع سواء على الصعيد الشامي العام من الشمال إلى الجنوب باتجاه دمشق ومنها إلى غزة والكرك ومصر، أو على الصعيد الدمشقي الضيق من داخل المدينة إلى القلعة كما جرى بحسب اليونيني خلال السنوات الثلاث 699 و700 و702هـ وهي السنوات التي شهدت ذروة التوتر والتصادم في العلاقات المملوكية-التتارية· صورة داخلية في هذا الكتاب نجد صورة واضحة وواسعة وجلية كتبت من داخل تلك الحقبة بل من داخل جغرافيا الأرض والمدن، حيث الحياة الأدبية والعلمية والفكرية في مصر والشام، فقد أتاح لنا ''ذيل مرآة الزمان'' أن نكون صورة وافية عن التراث الثقافي المملوكي عبر نقوله من حكايات وطرائف ومساجلات وأشعار· وربما في هذا الإطار قد قدم لنا اليونيني الكثير من المعلومات المتعلقة بالأصول الأدبية والشعرية المفقودة والضائعة أو إعادة النظر فيما وصل إلينا منها· أبيات عديدة لابن المعتز وابن الرومي والشافعي وأبي نواس والحلاج والمعري وابن خيوس لم نجدها في المطبوع من آثارهم بالرغم من اهتمام الباحثين بموروثاتهم الإبداعية إلا أننا نجدها في ''ذيل مرآة الزمان'' لليونيني، بل نجد مئات الأبيات والقصائد التي لم نجد لها أدنى أثر وذكر في المصادر التراثية الأخرى· لقد احتضن اليونيني أفكار الصوفية، فدافع عن هذا التيار، لذا فإنه أفرد الصفحات الكثيرة والمطولة لأعلام الصوفية ومشايخها في القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي) ربما أراد اليونيني من ذلك الانتصار لهؤلاء الأعلام وما حوته سيرتهم من خوارق إلى حد التصرف بشؤون الكون والذي عارضه ابن تيمية (ت 728هـ/ 1328م) الذي لم يكن ليرى في هذه الخوارق سوى ضرب من الخزعبلات· لقد قدم اليونيني في كتابه ''ذيل مرآة الزمان'' ما يقرب من 380 شخصية صوفية على امتداد 114 صفحة في المخطوط بحسب الدكتور حمزة عباس محقق ''ذيل مرآة الزمان''· لقد استحق أن يقال إن قطب الدين موسى اليونيني مؤرخ هذه الحقبة لما امتلك من نظرة موسوعية لكل مناحي الحياة لا في الشام ومصر بل تعداه إلى اليمن والمغرب والهند والحبشة وبلاد القنقاس بالرغم من أنه لم يفصل فيها تفصيلاً، إلا أنه حاول جاهداً فحسبت له هذه المحاولة ليكون بذلك شاهد عصره والعين المبصرة والقلم البارع· إن كتاب ''ذيل مرآة الزمان'' كشاف تاريخي كتب بجهد وحقق بجهد أكبر· رئاسة جورج بوش بلسانه قبل أن يشرع روبرت دريبر في إعداد كتابه عن الفترة الرئاسية للرئيس الأميركي جورج بوش تحت عنوان DEAD CERTAIN أو ''الموت الحتمي'' أجرى ست مقابلات صحافية غير مسبوقة مع بوش داخل البيت الأبيض ما بين عامي 2006 ـ ·2007 والتقى الكاتب أيضاً بالسيدة الأولى لورا بوش ونائب الرئيس ديك تشيني ووزيرة الخارجية كوندوليسا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وكبير المستشارين الرئاسيين كارل ريف علاوة على 200 شخصية أخرى· صور الكاتب الرئيس الأميركي باعتباره شخصاً متفائلاً واثقاً في قدراته مع اقتناعه في الوقت نفسه بأن أي تشكيك في تلك القدرات سيقلل من زعامته· كما أشار الكاتب أكثر من مرة إلى أن الرئيس يفرط في التفاؤل ويتجنب الاعتراف بالأخطاء ويكره الانتقاد ويتحاشى الاستماع إلى الأخبار السيئة ويرفض إلى حد ما أن يسدي أحدهم نصيحة إليه· وفي أولى المقابلات قال الرئيس للصحافي: ''ربما لن يمكنك فهم رئاسة بوش بصورة كاملة إلا بعد وفاتي''· ويطرح المؤلف سؤالين مهمين وهما: هل الرئيس بوش يفتقر إلى الذكاء؟ ولماذا قرر غزو العراق؟ وإذا كان من الصعب الإجابة على السؤال الأول إلا أنه من المؤكد كما يقول المؤلف إن الرئيس لا يتسم بالغباء ولكنه بسيط ويميل الى إعطاء الانطباع بأنه ساذج· أما إذا تعلق الأمر بالقضايا السياسية فإنه يغوص في التفاصيل الدقيقة لو أراد ذلك· ويقول الكاتب دريبر إن الرئيس بوش ليس من النوع الذي يمكنه الاستفاضة في الحديث عن سيرته الذاتية كما أنه لا يساعد غيره على معرفته والغوص داخل أعماقه· وأشار الكاتب إلى أن الرئيس بوش قال له في إحدى المقابلات: ''أنت المراقب ولست أنا· إنني لا أشعر بالارتياح حينما أتحدث عن نفسي وأحاول تحليلها''· وخلص الكاتب إلى القول إن الرئيس بعد ست جلسات معه لم يكشف إلا عن النذر اليسير عن أسلوبه وطريقته في التفكير· اسمها أروى وإن اختلف الباحثون ملكة اليمن التي أتاحت الحريات فاحترمها الجميع علي المقري تذهب الباحثة إيمان ناجي سعيد المقطري في كتابها ''الملكة سيدة بنت أحمد 440-532هـ'' إلى الأخذ بالرأي الذي يقول إن الملكة اليمنية الشهيرة (أروى) لم تُعرف بهذا الاسم عند أغلب من أرّخوا للفترة التي عاشت فيها من تاريخ اليمن، وأن اسمها الحقيقي هو (سيّدة)· ويبدو هذا القول الذي كان قد تبناه باحثون في ثمانينات القرن العشرين غير ممكن القبول لدى عامة أهل اليمن الذين كرّسوا (أروى) كاسم للملكة التي اشتهرت برجاحة عقلها وحنكة سياستها، وصاروا بالتالي يطلقونه على بناتهم ومدارسهم وشوارعهم· وإذا ما استخدموا اسم (سيدة)، فإنه يأتي مع (ال) التعريف، مسبوقا كغيره من الصفات الحميدة، على نحو: ''السيدة الحرة بنت أحمد الصليحي''، حتى وإن حذفوا الاسم، فإن الإشارة تذهب مباشرة إلى اسمها الشهير (أروى)· تتناول الباحثة في هذا الكتاب، الصادر حديثا عن مركز الدراسات والبحوث اليمني بصنعاء، حياة الملكة التي لقبت أيضاً بـ(بلقيس الصغرى)، نسبة إلى (بلقيس) ملكة سبأ اليمنية القديمة، فتعود إلى المدونات التاريخية التي وصفتها، وذكرت أنها كانت رائعة الجمال ''بيضاء حمراء، مديدة القامة، معتدلة البدن، أقرب إلى السمنة، كاملة الحسن، جهورية الصوت''، وأنها متبحرة في علم التنزيل والتأويل والحديث ''قارئة كاتبة، حافظة الأشعار والأخبار والتواريخ، ولها تعليقات وهوامش على الكتب تدل على غزارة ثقافتها''· امرأة للفراش والأمر وحكمت أروى اليمن بعد وفاة علي محمد الصليحي مؤسس الدولة الصليحية في اليمن، حيث خلفه في الحكم ابنه (المكرم) إلاّ أن هذا الأخير فضّل حياة اللهو تاركاً أمر الملك والدولة لزوجته السيدة أروى· وبداية نقلت الملكة عاصمة الدولة من صنعاء إلى (جبلة) لخصوبة أرضها وطيبة أهلها· وكانت قد طلبت من زوجها المكرم أن يدعو أهل صنعاء ومخاليفها إلى ميدان بالقرب من قصر غمدان، وحين فعل طلبت منه أن يخرج ليراهم من شرفة القصر، فلم يقع بصره إلاّ على لمعان السيوف وبريق الأسنة البيضاء· وطلبت منه أن يفعل الأمر نفسه في جبلة، فجاء أهلها وهم يحملون الهدايا بأنواعها، فقالت له ''العيش بين هؤلاء أفضل''· وقيل إن الملكة حين فوّضها زوجها لتدبير دفة الحكم، استعفت ذلك في نفسها، وقالت له: ''إن امرأة تراد للفراش لا تصلح لتدبير أمر، دعني وما أنا بصدده، فلم يفعل''· وقد أنجبت مع هذا أربعة أولاد· وارتبطت الدولة الصليحية في اليمن بالخلافة الفاطمية في مصر، وبقيت الملكة مخلصة لهذه المرجعية وبالذات للخليفة (الآمر)· وأدى انقسام الدعوة في مصر بين (الآمر) و(الحافظ لدين الله)، إلى اتجاه الزريعيين في عدن إلى الولاء للدعوة الحافظية، فيما لم تخرج الملكة عن دعوة (الآمر) ومن بعده (الطيبية)، وهي خلافات زعزعت استقرار الدولة وأضعفتها، خاصة بعد أن فقدت الملكة أهم مستشاريها· واستطاعت الملكة أروى أن تواصل الاستحواذ على الملك رغم أن المكرم زوجها أوصى بالدعوة لقائده (سبأ بن أحمد الصليحي)، فحوّلت الأمر إلى ابنها علي بن المكرم الذي ظلت وصية عليه· حرّيات وفُرص وعملت الملكة على حل المشاكل والخلافات، وكانت تمثل مرجعية فكرية لنشر المذهب الإسماعيلي، حيث ''قامت بأمر الدعوة في السند والهند وعمان''، وفي الجزيرة العربية· وعلى الرغم من تمسكها بمعتقداتها المذهبية، فإن من مآثرها ''أنها منحت رعاياها في عموم اليمن حرية الاعتقاد وممارسة الطقوس الدينية''، ولهذا يجمع اليمنيون من مختلف المذاهب حتى الآن على احترامها، ولا يردد اسمها إلاّ مع الزهو والاعتزاز· فهي التي ''فاخرت الملوك بأعمالها وأوامرها التي استمدتها من مصلحة الشعب وأتاحت الفرصة لجميع الكفاءات لتتعاون في بناء الوطن''· أوقاف القدس منذ فجر التاريخ إلى ليل الاحتلال سيرة نزيف لا يستكين أحمد عوض سعداوي يرصد كتاب ''الأوقاف على القدس'' للدكتور مصطفى عبد الغني الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، الأوقاف العربية في القدس، إسلامية كانت أو مسيحية، ملقياً الضوء على قضية غياب الكثير من الوثائق المتعلقة بالأوقاف الإسلامية في القدس، وأهميتها في إثبات هوية القدس العربية الإسلامية في مواجهة المحاولات اليهودية المستميتة لمحو تلك الهوية· في بداية الكتاب يحدثنا الكاتب عن أهم المعالم الإسلامية في مدينة القدس، وعلى رأسها آثار الحرم الشريف من مساجد وقباب وأروقة، وكذلك الأوقاف الإسلامية هناك من سُبل وعقارات، ثم يتحدث عن الاهتمام الذي شهدته الأوقاف الإسلامية في القدس في عهد الدولة العثمانية، حيث ازداد عدد وحجم تلك الوقفيات، وتعددت محاولات الإستفادة منها والإنفاق عليها، ثم يرصد الكتاب محاولات اليهود لإستغلال الأوقاف الإسلامية وشراء مساحات من الأراض وتحويلها إلى الملكية اليهودية على حساب الأوقاف الإسلامية (بدأت هذه المحاولات في عهد محمد علي) وكانت هذه المحاولات تستند إلى دعم وتأييد الحكومة البريطانية، وتشير المكاتبات في تلك الفترة، إلى أن أهل القدس لم يسمحوا لليهود بشراء العقارات والأراضي في القدس··· ومع بداية العشرينات في القرن العشرين، ظهر التواطؤ اليهودي البريطاني على المقدسات الإسلامية في القدس بشكل جليّ، حيث تصاعدت إعتداءات اليهود على الأماكن الإسلامية، خاصة مناطق الوقف ليفرضوا وجودهم بعنف، مما أدى إلى وقوع كثير من الإضطرابات بين اليهود (الآتين من الخارج) وبين المسلمين··· وبعد ذلك يستعرض الكاتب ما حل بالأوقاف منذ نكبة 1948 وحتى إنتفاضة ،1987 مشيراً إلى أن ظهور دولة إسرائيل إلى الوجود عام 1948 واستيلائها على 60 % من أرض فلسطين، حيث أُغلقت الكثير من المساجد، وهُجرت الأماكن الدينية، وطال الإضطراب جميع الأنشطة الدينية والعملية، وغاب أغلب الموظفين، فتوقف نظام الأوقاف عن العمل، وبدأت إسرائيل رويداً رويداً في السيطرة على الأوقاف الفلسطينية بطرق شتى، بعضها بسن القوانين وأغلبها باللجوء إلى العنف، وكان أكثرها التركيز على القدس وقبة الصخرة بوجه خاص· وبعد كارثة 1967 عملت إسرائيل على تقويض شرعية وسلطة إدارة الأوقاف في ظل غياب سلطة وطنية أو بلدية تمثل مصالح سكان الفلسطينيين في المدينة، وأعلنت الحكومة الإسرائيلية عدم إعترافها بالمحاكم الشرعية وإدارة الأوقاف، فلم يُعد لإدارة الأوقاف القدرة على مقاومة المصادرات أو حتى الاهتمام بتطوير الأنشطة الوقفية، وقد أثبتت عمليات المسح للأوقاف الإسلامية التي تمت في سبعينيات القرن الماضي سوء الحال الذي أصاب الأوقاف الفلسطينية، ومن ثم تم إنشاء دائرة الآثار الإسلامية عام 1979 بغرض المحافظة على الآثار الإسلامية وترميمها، ولكن سلطات الإحتلال دأبت على عرقلة أعمال التجديد والترميم التي تقوم بها دائرة الآثار الإسلامية· كما يتحدث المؤلف عن أهمية القدس لأصحاب الديانات التوحيدية الثلاث، ولكنه يشدد على أن التاريخ يؤكد الهوية العربية والإسلامية للقدس·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©