الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

التحالف ضد «داعش».. وتعقيدات الدور التركي

التحالف ضد «داعش».. وتعقيدات الدور التركي
25 سبتمبر 2014 00:12
مع إطلاق 49 مواطناً تركياً كانوا محتجزين من قبل تنظيم «داعش» في العراق عاد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ليؤكد أنه أصبح أكثر تحرراً في التعاون الجدي مع التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لتدمير التنظيم الإرهابي، لكن الأمور ليست بالسهولة المتصورة، فبرغم التعقيدات المحيطة باستراتيجية أوباما في التصدي لـ«داعش»، حيث تسعى إلى سحق التنظيم وفي الوقت نفسه إقناع ثاني أكبر خصم له في المنطقة وهي إيران بالتوصل إلى اتفاق نووي، والإطاحة أيضاً بحليفها بشار الأسد الذي يعد الخصم الأول لتنظيم «داعش»، إلا أن كل هذه التقاطعات تبهت مقارنة مع تعقيدات الموقف التركي. فقد انخرط أردوغان بكل قوة في مسعى إسقاط نظام الأسد مباشرة بعد أن بدأ الجيش السوري في قمع المظاهرات وارتكاب مجازره ضد المدنيين المحتجين في 2011، لذا عمل على فتح الحدود التركية وخزائنها أمام المعارضة السورية لدعم مجموعاتها المختلفة المنخرطة في محاربة النظام، بما فيها الجماعات الراديكالية، ومع أنه ليس مؤكداً ما إذا كانت «داعش» نفسها استفادت من هذا الدعم التركي، إلا أنها كانت تجند العناصر من داخل تركيا، وهي أيضاً متواجدة في مخيمات اللاجئين السوريين التي تضم ما يزيد على 850 ألف شخص استقروا في المناطق التركية القريبة من الحدود السورية. وما أن مسح التنظيم الحدود بين سوريا والعراق في هجمته الأخيرة خلال الصيف الجاري حتى انهارت السياسة التركية الهشة أصلاً، لتشرع «داعش» في تهديد المناطق الكردية بشمال العراق التي استثمرت فيها الشركات التركية مليارات الدولارات لتطوير حقوق النفط، ومد أنابيب نقلها، وإقامة البنية التحتية، والنتيجة أن عدو العدو التركي في سوريا الذي هو «داعش» بات يهاجم المصالح التركية في العراق التي يمثلها الأكراد، ليجد أردوغان نفسه اليوم أمام خريطة معقدة من الخصوم في سوريا. بيد أن الوضع التركي يظل أكثر هشاشة مقارنة بنظيره الأميركي ما دامت الأراضي التركية هي أكثر تعرضاً لهجمات «داعش» حتى دون مسألة الرهائن الذين أفرج عنهم مؤخراً، هذا التعقيد في الموقف التركي يوضحه، بهلول أوزكان، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة مرمرة بإسطنبول، قائلاً: «يتحدث العديد من الناس عن كيف أن تركيا تحررت للتعاون مع التحالف الدولي بعد إطلاق سراح رهائنها، لكني لا أرى هذا التعاون قريباً»، والسبب، حسب رأيه، قدرة «داعش» على تنفيذ هجمات إرهابية في المدن التركية، بما فيها الوجهات السياحية المهمة، ليضرب بذلك قطاع السياحة الذي يمثل 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بعدد سياح مرتقب سيصل هذا العام إلى 40 مليونا، حسب مجلس السفر والسياحة العالمي، ولا أحد داخل تركيا يستطيع المغامرة بخسارة هذا العائد، أو تقليصه. هذا بالإضافة إلى العلاقة المعقدة مع الأكراد والتقاطعات المتعددة التي لا تواجهها الولايات المتحدة، فبرغم تحول تركيا في السنوات الأخيرة إلى شريك استراتيجي لمنطقة كردستان العراقية، إلا أنها لم تعالج مشكلتها مع المتمردين الأكراد داخل تركيا والذين يتخذون من المناطق الحدودية مواقع خلفية لهم، ما يعني أن أردوغان يواجه منظمتين مسجلتين على لائحة الإرهاب، «داعش» وحزب «العمال الكردستاني» اللذين معا يجندان الأتباع داخل تركيا ويحاربان بعضهما البعض في سوريا والعراق. وفي وقت انضم فيه حزب العمال الكردستاني إلى الحرب ضد «داعش» تصاعدت المخاوف التركية من مصير الأسلحة الحديثة التي حصل عليها الأكراد من ألمانيا وأميركا وباقي الدول، ويزيد من هذا التوجس أن فرعاً من حزب «العمال الكردستاني»، هو من يدير المناطق الكردية في سوريا التي تعرضت مؤخراً لهجوم كاسح من تنظيم «داعش» أسفر عن نزوح 130 ألف لاجئ عبر الحدود في اتجاه تركيا، والنتيجة أن أحد أعداء تركيا المتمثل في «داعش» بات يهدد عدواً آخر هو حزب العمال الكردستاني. والراهن أن هناك طريقة واحدة لفك هذا التشابك في الخيوط الذي يعقد الموقف التركي عبرت عنها الفكرة التي أعاد أردوغان طرحها وهي إقامة «منطقة عازلة» في شمال سوريا والتي سيكون لها أكثر من فائدة، منها أنها ستعطي لأردوغان حافزاً قوياً للانخراط في الحرب على «داعش» والمغامرة بتعريض بلاده لهجمات إرهابية انتقامية، هذا التعاون حتى وإنْ كان سيتم تحت غطاء إنساني، إلا أنه سيشمل جنوداً على الأرض لضمان دحر عناصر «داعش»، ثم إن المنطقة العازلة ستخلق فضاء آمناً لأكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري موزعين بين تركيا والأردن ولبنان. غير أن المشكلة مع هذه الفكرة أنها تعكس أجندة تركية لا تتفق بالضرورة مع الاستراتيجية الأميركية، فأنقرة تريد توظيف المنطقة العازلة لتدريب المعارضة السورية، بما فيها الإسلاميون، لإسقاط الأسد باعتباره من الأولويات التركية، وذلك خلافاً للأولوية الأميركية التي ربما تذهب في اتجاه تسوية سياسية في سوريا، والنتيجة أن الأسد لن يقبل بهذه المنطقة العازلة، كما ستعارضها روسيا والصين في مجلس الأمن الدولي، لتظل بذلك الفكرة فاقدة لأساس قانوني، ولأن أردوغان لا يريد الإضرار بتحالفه الأمني مع الولايات المتحدة، أو حلف شمال الأطلسي، وليس راضياً عن صورة بلادته التي يتم ربطها بدعم المتطرفين، فلا شك أنه سيقدم دعماً إضافياً للتحالف بعد أن أُفرج عن الرهائن الأتراك، لكن ما لم يوافق التحالف الذي شكلته أميركا على تبني الأجندة التركية في سوريا وإقامة منطقة عازلة، فإنه من غير المرجح أن يقدم أردوغان على توظيف طائرات تركية، أو قواعد عسكرية في هذا التعاون. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©