الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«تراتيل من الجنة» يستعرض فن حياكة السجاد في العصور الإسلامية

«تراتيل من الجنة» يستعرض فن حياكة السجاد في العصور الإسلامية
11 سبتمبر 2011 22:53
يعود تاريخ قطع السجاد المعروضة في «تراتيل من الجنة»، المقام حاليا في دبي، إلى مئات السنين حيث نفذها الحرفيون الأوائل بكل مهارة وإتقان، لتكون شاهدا على براعتهم وإبداعهم، لاسيما في ظل مفرداتها وجماليتها وتفاصيلها ونمنماتها الدقيقة التي نطل من خلالها على عوالم طوتها الأزمنة، وأصبحت مجرد ذكرى مرسومة على مساحة من السجاد. (دبي) - يسلط معرض «تراتيل من الجنة»، الذي افتتح مؤخرا، الضوء على وجه من أوجه الثقافة الإسلامية الثرية، وعلى القيمة الجمالية والفنية الأخاذة التي تمثلها قطع السجاد في بيوت بلدان الشرق الأوسط على مدار قرون عدة. هذه القطع الفريدة التي تستنطق الماضي بأحداثه ورواياتها التي نسجت على مساحات محددة منه، فكانت نتاج ثقافات وتاريخ الأقوام السابقة، ما أصبح جزءا لا يتجزأ من إرث وثقافة الشعوب. ولتظل ذات قيمة بفضل تداولها من قبل الهواة والمهتمين. حقبة ثرية يؤرخ المعرض، الذي يستقبل زواره في المركز التجاري العالمي بدبي حتى شهر نوفمبر، لحقبة تاريخية ثرية في صناعة حياكة السجاد بمشاركة قطع نادرة من المقتنيات الخاصة بالدكتور فرهاد فرجام، مؤسس «مجموعة فرجام» الجهة المنظمة، حيث يتألف المعرض من مجموعة قطع السجاد التي تمثل الحقبة الصفوية من القرنين السادس والسابع، والتي تنفرد بقيمة جمالية وحرفيّة عالية تشهد على براعة وحرفيّة الأسرة الصفوية التي حكمت فارس لأكثر من مائتي عام، حيث مثّلت تلك الحقبة علامة فارقة في تاريخ الفنون الإسلامية. ويتمحور معرض «تراتيل من الجنة» حول حرفة حياكة السجاد التي عرفتها البشرية منذ الحضارات القديمة. وقد انتقلت قطع السجاد النادرة المعروضة من جيل إلى آخر، ومن قرن إلى آخر، لتزداد قيمتها وندرتها وأهميتها، جنباً إلى جنب مع الفنون التقليدية مثل فن صناعة الكتب والأعمال المعدنية والمنسوجات التي غدت، عاماً تلو آخر، من أهم معالم الفنون الإسلامية المتوارثة على مدار القرون. وعلاوة على المنسوجات وقطع السجاد النادرة، تتضمّن مقتنيات فرجام قطعاً تمثل الإسلام بكافة حقبه وأوجه حضارته، كما تمثل مساحة جغرافية شاسعة تمتد من الأندلس إلى الهند في عهد المغول، وتشمل مخطوطات قرآنية، ونصوصاً قديمة، ولوحات خطيّة، وكتباً في العلوم والرياضيات، ودواوين شعر، فضلاً عن مشغولات معدنية مزخرفة، ومشغولات زجاجية، وزخرفيات ومنمنمات وفخاريات ومنسوجات ومجوهرات وقطعاً نقدية معدنية وغيرها الكثير. ويذكر أنه ثمة قرابة ألفين من قطع السجاد التي تعود إلى عهد الصفويين موزعة حول العالم اليوم، غير أن قلة قليلة منها موجودة بمنطقة الشرق الأوسط، ما يجعل معرض «تراتيل من الجنة» فرصة مهمة للتعرّف، عن قرب، على جمالية وبراعة هذه الحرفة وجذورها الضاربة في عمق التاريخ. ويشار إلى أنه تم شراء معظم الأعمال الفنية، المعروضة في «تراتيل من الجنة» عبر المزادات التي تقيمها دور مزادات عالمية مختلفة مثل كريستيز وبونهامز. وتتاح هذه الأعمال التي تعرض في دور المزادات العالمية بالمجان للجمهور. مجموعة نادرة للمرة الأولى تعرض مجموعة فرجام الفنية في الإمارات مجموعة متنوعة ونادرة من قطع السجاد الإيراني التي تعود للعهد الصفوي في القرنين السادس عشر والسابع عشر. ويوجد حاليا أكثر من ألفي قطعة سجاد تعود للعهد الصفوي في إيران تتوزع في مختلف أرجاء العالم، إلا أن عددا قليلا منها يوجد حالياً في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يؤكد على أهمية معرض «تراتيل من الجنة» للاطلاع على هذه المجموعة الكبيرة من قطع السجاد النادرة في مكان واحد. كما تسعى مجموعة فرجام من خلال سلسلة متعددة من معارضها الفنية إلى نشر المعرفة الإبداعية من خلال تزويد المهتمين ببعض البرامج التعليمية والتثقيفية والتعريفية المجانية، وما تضمه في مجموعتها من مقتنيات ذات قيمة تاريخية. وتتميز القطع الفنية التي يمتلكها الدكتور فرجام ببعض من أندر القطع الفنية من العالم الإسلامي. وتعود هذه القطع الفنية لفترات مختلفة تشمل كافة مراحل العالم الإسلامي، إذ تضم تشكيلته الكثير من الأعمال الفنية التي تم إبداعها وابتكارها في منطقة واسعة امتدت بين الأندلس غرباً إلى الهند المغولية شرقاً. وتضم كنوز وتحف هذه المجموعة نسخ نادرة من القرآن الكريم، ومخطوطات، وكتب إيضاحية تختص بالعلوم والرياضيات، والشعر، والكثير من اللوحات الفنية، والأعمال الفنية المصغرة، بالإضافة إلى الكثير من الأعمال الفنية التي تعود للقرن الثالث عشر هجري (القرن التاسع عشر ميلادي). وبدأ فرجام جمعه للأعمال الفنية الإسلامية منذ عدة عقود، إذ ازداد اهتمامه تدريجياً بمجالات فنية أخرى بما فيها الفنون المعاصرة، وأصبح بذلك أحد أهم رعاة الفن والفنانين في العصر الحديث. وتأتي مشاركة هذه الأعمال الفنية المميزة كامتداد طبيعي لما حفزه ودفع نحو جمع واقتناء هذه الأعمال الفنية، وهي الحفاظ على الأعمال الفنية ذات الأهمية التاريخية والسلامية، ودعم المواهب الفنية الجديدة والواعدة. ويتيح عرض هذه الأعمال الفنية للجمهور الكبير من عشاق الفن فرصة فريدة للإطلاع على هذه الأعمال المميزة ومعرفة الأهمية والسياق التاريخي لها، وبذلك الإسهام بشكل فعال في تطوير وإثراء العالم الفني والثقافي في دبي. احتراف الصناعة من بين مقتنيات «تراتيل من الجنة» سجادة فارسية من منطقة الشمال الغربي القرن 17 ميلادي تبلغ مساحتها 650 سم × 240 سم، وتتألف من ثماني ميداليات على شكل نجوم بحواف متعددة، وهي بحجم أصغر وموضوعة إحداها داخل الأخرى بألوان أرضية مختلفة وأشكال زخرفية. والامتداد الواسع لحافة الميدالية الأخيرة، والتي تطغى على حافة الحد الداخلي الصغير والخط الفاصل، تعطي انطباعاً بأن الميدالية تعوم فوق شبكة الأزهار الموجودة على الأرضية. أما الزوايا الداخلية للأرضية فلا تحتوي ربع الميداليات، في حين أن الحد الرئيس يتضمن أرضية غامقة من خراطيش متداخلة كلاسيكية، ومتعددة الفصوص يحدها نصفي وردة. وتجسد هذه السجادة الكثيفة التفاصيل والزخرفات تنوع الألوان المستخدمة في السجاد الصفوي والزخارف الفردية والألوان المستخدمة مثل العاجي والأصفر الباهت والمشمشي والأزرق الشاحب والأزرق المتوسط والأزرق البحري والأخضر الفستقي والزيتوني والأرجواني الداكن والجوزي. وأيضا هناك بساط أصفهاني بولوني من بلاد فارس الوسطى، من أوائل القرن 17 ميلادي تبلغ مساحتها 194 سم × 137 سم، وتتميز هذه السجادة بسمات غير عادية عديدة تجعلها مثالاً مهماً على التنوع الموجود في مجموعة السجاد البولوني. من حيث الصفوف الملونة من الأوراق المسننة والمنفذة بالخيط المعدني تمر من خلال المنحنيات الجميلة في الأرضية لتشكل معيَناً في وسط الأرضية، في حين يربط بين هذه التركيبة طوق سحابي خافت من الزخرفة التشجيرية. ويعد استخدام الخيوط المعدنية شائعا في مجموعة السجاد البولوني، كما هي الحال مع الأرضيات المسطحة التي تفصل بين الزخارف النباتية الحريرية المكدسة. لكن من غير المعتاد تحديد الزخارف بالخيوط الحمراء، إذ عادة ما يكون تحديد الزخارف في سجاد المجموعة البولونية بالخيوط السوداء، في حين تم استخدام الخيوط الحمراء فقط عند الحاجة إلى إضفاء أثر دراماتيكي. ومن المثير للاهتمام ملاحظة نسيج الخيوط الحمراء على النصف العلوي من السجادة، والذي يعرض تكوين عالية الكثافة من الخيوط، والتي بدورها تنتج وبر نسيج ناعم وفاتح اللون. الأوراق المسننة الخفيفة على الأرضية متوازنة على الحد الرئيسي من خلال سعفات متداخلة ومتراكبة بالتناوب مع رسوم مكررة من الأوراق المتشابكة مع أشكال زخرفية من براعم العريش الناعمة. مقتنيات ثمينة من أبرز القطع في المجموعة، المعروضة في «تراتيل من الجنة» نسخة كاملة من القرآن الكريم على لفافة تدوين واحدة؛ ومن الأمثلة المميزة أيضاً يبرز كتاب «ذخيره خوارزمشاه»، أحد أهم النصوص الطبية في تاريخ الحضارة الإسلامية؛ بالإضافة إلى قطعة فنية مميزة للكتابة والخط العربي للخطاط الشهير ياقوت مستعصمي، الذي عاش في القرن السابع الهجري، وقطعة فريدة للفنان محمد صياح غلام، أحد أشهر فناني القرن الخامس عشر ميلادي. كما يمتلك نسخة للقرآن الكريم لأم سلامة، وهي خطاطة موهوبة جداً وابنة الملك القاجاري فتح علي شاه. ومن النادر جداً إيجاد قرآن كتب بالكامل بيد أم السلامة، ويدل هذا على أن الفنانات والخطاطات الموهوبات قد لعبوا دوراً في صياغة تاريخ الفنون الإسلامية. ومن الأعمال الفنية الأخرى ذات الأهمية الكبيرة أيضاً تبرز الشاهنامة الهندية «كتاب الملوك»، والتي تضم عددا مميزا من اللوحات الفنية، التي تعتبر أحد أهم الأعمال الفنية التي يتم إنتاجها خارج إيران.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©