الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«الفزاعة» تحمي غلة مزارعي المغرب من مناقير الطيور

«الفزاعة» تحمي غلة مزارعي المغرب من مناقير الطيور
11 سبتمبر 2011 22:56
سكينة اصنيب (الرباط) - لا يزال الفلاحون في المغرب يعتمدون على «فزاعة الطيور» لإبعاد الطيور عن مزارعهم وحقولهم، ويزداد الإقبال على هذه الحيلة في فصل الصيف حين تنضج محاصيل الفواكه والتمور والحبوب، ويكون الخروج لتفقد المزارع صعبا بسبب حرارة الشمس وطول ساعات النهار. رجل القش يستخدم المزارعون هذا «الخيال» لحماية حقولهم من هجمات طيور البرية التي ترتفع أعدادها في هذا الفصل بسبب توافد الطيور المهاجرة، وقدرة فراخ الطيور على التحليق للمرة الأولى، ويبتدع الفلاحون أشكالاً مختلفة من «فزاعة الطيور»، وحيلاً عديدة لاقتناع الطيور بالفزاعة، حيث يصنعون بعضها على شكل رجل طويل وأخرى على شكل امرأة، ويضيفون إليها بعض الإكسسوارات كأدوات الفلاحة مثل الفأس والعصا والمنجل، وينقلون بعضها من مكان إلى آخر، بينما ينصبون أخرى بشكل ثابت في منتصف الأرض الفلاحية، ويجعلون ملابسها فضفاضة لتحركها الرياح في كل اتجاه فتخيف الطيور أكثر. وتنتشر فزاعات الطيور في جميع المزارع والضيعات الفلاحية ويكثر استعمالها في مزارع التفاح والرمان والتين والشعير والقمح، ويتم صنعها على شكل إنسان بوضع عود طويل على هيئة إنسان في وسط المزرعة ثم يتم حشوه بالقش وإلباسه ملابس المزارعين. في هذا السياق، يقول المزارع عبد الله العائدي إن فزاعة الطيور ضرورية لإخافة الطيور، وإبعادها عن الحقول، معتبراً أن عدم استعمالها يهدد محصول المزارع بالتلف لأن نقرات الطيور وانتقالها من ثمرة إلى أخرى كفيل بإتلاف محصول السنة. ويضيف «الطيور تضر بالمزارع وتخرب الفواكه والخضراوات ويسبب نقرها الثمار إفساد فرحة الفلاح بغلّة وافرة وربح كبير». وعن كيفية صنع «فزاعة الطيور»، يقول العائدي «الفزاعة هي تمثال على شكل إنسان من القش والثوب ننصبه في المزارع لتخويف الطيور، ويتم صنعه بربط قطعتين من الخشب بشكل متعامد وتثبيتهما بواسطة حبل، ونحاول أن نجعل هذا التمثال حقيقيا قدر الإمكان بوضع ملابس مبهرة عليه وحشوه ليبدو وكأنه إنسان حقيقي ما يجعل الطيور تفزع منه ولا يقترب من الزرع». ويشير إلى أن الفلاحين أعياهم التعب، واستنفدوا الحيل في محاربة الطيور والعصافير التي تتكاثر خلال هذه الفترة، ويزداد عددها بسبب توافد الطيور المهاجرة، مشيرا إلى أن طير «نقّار الخشب» من أكثر أنواع الطيور إضراراً بالمحاصيل الزراعية ورغم ذلك فان المزارعين يرفضون التخلص منه برش المبيدات القاتلة ونصب الفخاخ. ويتفق عبد القادر موحمادي، الذي يملك أرضا زراعية، تنتج اللوز والجوز مع ما ذهب إليه العائدي بان العصافير الصغيرة قادرة على أن تلحق ضرراً بالغاً بالمحاصيل بسبب هجماتها المكثفة التي تخرّب الثمار، كما يرفض رش مبيدات مضادة للطيور، ويفضل الأساليب التقليدية لإبعادها عن المحاصيل أو ابتكار طرق قد تحول دون فقدان كميات هامة من المحاصيل. ويقول «فزاعة الطيور أو «رجل القش» تقليد قديم ورثناه عن آبائنا وأجدادنا، ولا زال يساعد في مهمة طرد الطيور من الحقول، لكننا نتمنى إيجاد طريقة جديدة لأنه لا يمكننا مراقبة الحقول بكيفية متواصلة نظرا لشساعة المساحات المزروعة وتكاثر أعداد هذه الطيور واستئناسها بـ»رجل القش» الذي لم يعد يخيفها كما في السابق». ويشير موحمادي إلى أن المزارعين يتبعون حيلاً عديدة في نصب فزاعة الطيور بنكس القبعة وتغيير وضعيتها، وجعل الملابس تتحرك مع الريح، ونقل الفزاعة من مكان لآخر ونصبها بعيداً عن الطيور أو في الليل، كما يقومون بزرع فزّاعات الأفاعي التي تستعمل فيها أشرطة الكاسيت التي تصدر أصواتاً مع حركة الرياح». حركة وصوت دفع هجوم العصافير التي اكتشفت حيلة الفلاحين مخترعاً مغربياً إلى التفكير في ابتكار «فزاعة» عصرية تعمل بالطاقة الشمسية، وتشتغل وفق نظام للتحكم عن بعد، وتعمل الفزاعة الحديثة التي اخترعها أحمد زكاغ، على إفزاع الطيور ومنعها من الاقتراب إلى محاصيل الزراعة، وتفقد حالة المزرعة بفضل كاميرا متطورة مثبتة على مستوى عيني الدمية، التي لا تظل جامدة في مكانها على غرار نظيرتها المصنوعة من القش. و»الفزاعة الحديثة» مزودة بثلاثة أنظمة متكاملة تحول دون اقتراب الطيور من حقول الحبوب، وهي على التوالي، مولدات للصوت تصدر أصواتاً مرتفعة وحادة، وأسطوانات عاكسة للضوء مثبتة على جسم الدمية إلى جانب يدين تتحركان بكيفية سريعة ومتكررة. ويقول زكاغ إن ابتكار «فزاعة» إلكترونية يعتمد ثلاثة أساليب لإخافة الطيور في نفس الآن، والتي تتمثل في الحركة المباغتة والصوت الحاد والضوء المعكوس، يروم جعل هذه الأداة أكثر قدرة على منع الطيور من الاقتراب إلى حقول الحبوب. مشيراً إلى أن عمل «الفزاعة» بالطاقة الشمسية انطلاقاً من ربطها بصفيحة تلتقط أشعة الشمس وتحولها إلى طاقة كهربائية، يجعلها ضئيلة التكلفة وغير مضرة بالبيئة. ويوضح أن هذه «الفزاعة» التي يبلغ طولها مترين، تمكن مالك المزرعة من مراقبتها بكيفية مستمرة، وذلك بواسطة نظام للتحكم عن بعد وكاميرا من الجيل الثالث مثبتة على مستوى عيني الدمية، تتيح له معاينة الحقل وتفقد وضعيته من دون تكبد عناء التنقل. وعن إمكانية توظيف هذا الابتكار، يقول زكاغ «له استعمالات أخرى، تتمثل على الخصوص، في تنظيم المرور بكيفية أوتوماتيكية وتقديم الإرشادات على مستوى الفنادق والمحلات الكبرى، مضيفا أن هذه «الفزاعة» تظل قابلة للتعديل والتطوير تماشيا مع نوعية المهام والوظائف المستعملة فيها. ويؤكد زكاغ أنه قام بابتكار النموذج الأولي لهذه «الفزاعة» انطلاقا من وسائل بسيطة، ومن ثم فإن النموذج الصناعي في شكله النهائي القابل للاستعمال من طرف الفلاحين، يتطلب استثمارات هامة ودراسات معمقة. ويطمح هذا المخترع إلى إخراج ابتكاره الجديد إلى حيز الوجود وتقديمه للفلاحين ومهنيي القطاع الذين عبروا عن إعجابهم وعن رغبتهم في امتلاكه انطلاقا من قناعتهم بوظائفه وجدوى استعماله.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©