الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين «تشتري العالم» عبر موجة استحواذات كبرى

الصين «تشتري العالم» عبر موجة استحواذات كبرى
5 ديسمبر 2010 20:29
تستفز الاستحواذات الخارجية في كثير من الأحيان الحس القومي لدى البعض في أنحاء مختلفة من العالم. لكن من المتوقع أن يستشري هذا الاستفزاز مع موجة الاستحواذات التي تقوم بها المؤسسات الصينية الحكومية حول العالم. ويشكل المشترون الصينيون “الغامضون في الأغلب، حيث يدير عمليات الشراء الحزب الشيوعي لأغراض سياسية وربحية”، عشر العمليات التجارية الخارجية هذا العام التي تضم كل شيء تقريباً من الغاز الأميركي إلى شبكات الكهرباء في البرازيل وشركات السيارات في السويد مثل “فولفو”. وبما أن هذا التوجه يلقى معارضة كبيرة، فقد أخذت فكرة أن يسمح العالم الرأسمالي للشيوعي بشراء شركاته، بالتحرير الاقتصادي إلى أبعاد غير معقولة. لكن ينبغي لهذا التوجه أن يأخذ مجراه حيث سيجلب انتشار رأس المال الصيني الفائدة للذين يتلقونه وللعالم ككل. والشركات الصينية، المملوكة من قبل الحكومة، كانت حتى وقت قريب قيد الخصخصة. لكن عدد من العوامل مثل معدلات الادخار الضخمة في الدول الناشئة والثروات النفطية وفقدان الثقة في نماذج الأسواق الحرة، قادت إلى بروز نموذج من “رأسمالية الدولة”. وتملك مثل هذه الشركات الآن نحو خمس قيمة أسواق الأوراق المالية العالمية، أي أكثر من ضعف القيمة مقارنة قبل عشر سنوات. وتغاضت الدول الغنية عن الانتعاش الذي شهدته الاقتصادات التجارية خلال العقود الماضية وخير مثال لذلك نهضة كوريا الجنوبية التي تدعمها الحكومة، أو المؤسسات السنغافورية الحكومية ذات النشاط الملحوظ في الاستحواذات الخارجية. ومع كل ذلك، فان الصين مختلفة حيث أصبحت ثاني أكبر اقتصاد في العالم وربما تحل في المرتبة الأولى قبل أميركا في المستقبل القريب. ونسبة لضخامة مؤسساتها، فإنها حتى الآن تركز أنظارها في الداخل بالرغم من أنها بدأت في استغلال مواردها الكبيرة في الخارج. ولا يتعدى ما تملكه المؤسسات الصينية في الاستثمارات التجارية العالمية سوى 6% فقط. وكانت حصة الشركات العالمية الكبيرة في بريطانيا وأميركا تفوق ذلك بكثير حيث قارب نصيب كل منهما 50% في العامين 1914 و1967 على التوالي. ويتم استثمار ذلك حالياً وبصورة كبيرة في السندات الحكومية للدول الغنية ويمكن أن يستغل في المستقبل لشراء الشركات ولحماية الصين ضد تخفيض قيمة عملات الدول الغنية. واتجهت المؤسسات الصينية نحو الخارج للأسباب العادية المعروفة مثل الحصول على المواد الخام والمعرفة التقنية بالإضافة إلى إمكانية دخول الأسواق الأجنبية. ويتم ذلك تحت رعاية الحكومة التي تعتبرها العديد من الدول منافسا استراتيجيا وليس حليفا. وكما هو معلوم تقوم الحكومة بتمويل هذه المؤسسات وتوجيهها وتعيين مديريها. ولعبت الشركات الخاصة دوراً هاماً في جلب فوائد العولمة للصين. وجابت هذه الشركات العالم بحثاً عن المصادر المناسبة والمنافسة في الحصول على العملاء. وبما أن الحكومة في طريقها لتصبح ممثل الرأسمالية العالمية، وأن المصادر تحددها الحكومة وليست السوق، وأن القرارات تمليها السياسة وليست الأرباح، فقد وصدت استراليا وكندا أبواب أسواقها في وجه استحواذات الشركات الصينية المدعومة من قبل الحكومة خاصة تلك العاملة في مجال الموارد الطبيعية. وسيكون من الخطأ أن تحذو دول أخرى حذو كندا وأستراليا حيث لا يمكن لهذه المؤسسات أن تمثل مثل هذا الخطر وذلك لبعدها الجغرافي ولعدم توطين نفسها في الخارج حتى الآن. وحتى في الموارد الطبيعية، فإنها ليست قريبة من توفيرها بالكميات الكافية التي تمكنها من السيطرة على معظم السلع المطروحة في الأسواق. كما أن المؤسسات الصينية تركز على المنافسة المحلية وتتعدد أهدافها عندما تكون في الخارج. ويمكن السماح للشركات الصينية بامتلاك مؤسسات للطاقة في سوق تنافسية يملك المستهلك فيها حرية اختيار كبيرة. كما يمكن لأميركا وأوروبا استغلال أموال المؤسسات الصينية، حيث من الأفضل التعامل مع أمكانية أن يضعف رأس المال الصيني الرخيص المنافسين، عبر فرض قانون للمنافسة بدلا عن عدم السماح بدخول الاستثمارات. وليست كل المؤسسات الصينية خاضعة لسيطرة الحكومة، حيث توجد شركات مستقلة تمثل الأرباح همها الأكبر. وغالباً ما تكون هذه المؤسسات هي التي تتجه للخارج. ويمكن أخذ شركة جيلي مالك فولفو الجديد مثالاً حيث أصبح بإمكان الشركة الآن بيع سيارات أكثر في الصين. ويجدر بالذكر أن مستقبل الشركة لم يبعث على الطمأنينة قبل قيام هذه الصفقة. والمؤسسات الصينية قادرة على جلب نشاط ورأس مال جديدين للشركات المتعثرة حول العالم، لكن سير التأثير لن يكن في اتجاه واحد. وعلى هذه المؤسسات التأقلم في الخارج حتى تحرز قدراً من النجاح. ويعني ذلك تعيين المديرين المحليين والاستثمار في البحوث المحلية. ومن المنتظر أن تجلب أموال هذه المؤسسات فوائد تفوق الفوائد التجارية. وبينما تستثمر هي في الاقتصاد العالمي، فان مصالحها ستتفق مع مصالح بقية دول العالم مما يعزز نمو تعاونها العالمي. كما يعني رفض هذه الأموال حرمان الأجيال القادمة من مثل هذه الفرص، بالإضافة إلى شعور الرأسمالية بسحب الثقة منها. نقلاً عن: فاينانشيال تايمز ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©