الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

القرصنة الإلكترونية تقلق الصين

6 سبتمبر 2013 23:13
عندما يتعلق الأمر بالهجمات الإلكترونية، كثيراً ما يُنظر إلى الصين في الغرب باعتبارها معتدياً شرساً، وبأنها تمثل التهديد الأكبر بالنسبة للحكومة والشركات الأميركية خاصة في مجال القرصنة الإلكترونية. ولكن في الصين نفسها، أضحى مستعملو الإنترنت قلقين على نحو متزايد بشأن وضعهم الهش هم أيضاً. والواقع أن الأمن الإلكتروني يعتبر، من نواح كثيرة، مشكلة أكثر تفشياً هنا في الصين منها في الولايات المتحدة، كما يقول خبراء في القطاع، وذلك لأن الثغرات الموجودة في الأنظمة الحاسوبية في الصين أكثر عدداً ولأن مستعمليها أقل حماية. غير أن القلق بشأن هذا الوضع الهش ازداد، على الخصوص، في أعقاب المعلومات التي كشف عنها الموظف السابق لدى وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن بشأن العمليات التي تقوم بها الولايات المتحدة لاختراق محاور حركة الإنترنت وشركات الهاتف المتحرك الصينية. فقد أظهر أحدث المعلومات، في وثائق حصلت صحيفة الـ«واشنطن بوست» على نسخة منها، أن الصين كانت من بين الأهداف الرئيسية للعمليات الإلكترونية التي قامت بها أجهزة الاستخبارات الأميركية في 2011. غير أن التهديد الذي يواجه أجهزة الكمبيوتر الصينية لا يأتي من العملاء الأجانب فحسب، كما يقول خبراء في التكنولوجيا؛ حيث أخذ المسؤولون ومديرو الشركات يخشون على نحو متزايد الأضرار التي يتسبب فيها القراصنة الإلكترونيون الموجودون في الصين نفسها. ونتيجة لذلك، أخذ المسؤولون في الحكومة الصينية وقطاع أمن الإنترنت يدفعون في اتجاه وضع استراتيجية وطنية لحماية المعلومات في الأنظمة الحاسوبية للبلاد. ويقول محللو القطاع إن الطلب على منتجات الأمن التكنولوجي المصنوعة في الصين يشهد ارتفاعاً حالياً. وفي هذه الأثناء، بدأ العديد من الصينيين يدعون إلى حظر استعمال المعدات الأميركية في القطاعات الحساسة من الحكومة والصناعة. وفي هذا السياق، قال «توني يوان»، مؤسس «نينت-سيك»، وهي شركة لبيع معدات جدار الحماية وأدوات فلترة الإنترنت يوجد مقرها في بكين، مازحاً: «علينا حقاً نحن العاملين في القطاع أن نشكر سنودن». ويرى «يوان» أن المسؤولين الحكوميين ومديري الشركات الذين كانوا ينظرون إلى أمن تكنولوجيا المعلومات في الماضي باعتباره تكلفة غير ضرورية أصبحوا فجأة مهتمين بتعزيز إجراءات الحماية، إذ يقول: «اليوم، يكفي أن تشير إلى سنودن كمثال، ليدركوا بسهولة الحاجة إلى شيء مثل جدران الحماية من الجيل المقبل». وفي هذه الأثناء، يقول العديد من محللي القطاع إنهم يعتقدون أن الصين تخصص أفضل تكنولوجيتها الدفاعية الخاصة بالأمن الإلكتروني للمراتب العليا من الجيش والحزب الشيوعي الحاكم. ولكن بالنسبة لمعظم الناس في الصين يبقى أمن الكمبيوتر ضعيفاً والضرر الذي تتسبب فيه أعمال القرصنة الإلكترونية اليومية هائلاً. ويُعتبر التهديد نتيجة لتضافر ثلاثة عوامل رئيسية هي: مواهب القرصنة الكثيرة في الصين، وثقافة الفساد، وعدم تنفيذ القانون. وفي هذا الإطار، يقول ريتشارد بيتليك، مدير الأمن الإلكتروني في شركة «مانديانت» للمعلومات ومقرها في ألكساندريا: «في الولايات المتحدة، إذا قمت بالدخول إلى ملف حاسوبي لشخص آخر بشكل غير قانوني، فإنك ستذهب إلى السجن لأن آليات إنفاذ القانون وضعت الأدوات والتوعية من أجل ذلك»، مضيفاً «أما في الصين، فتشعر بأن ثمة قدراً كبيراً من النشاط، ولكن ليس الكثير من القدرة المؤسساتية على التعاطي مع ذلك». وكان استطلاع للرأي أُنجز لحساب الحكومة الصينية قدر أن نحو 60 في المئة من مستعملي الإنترنت في الصين فقدوا بيانات شخصية على الإنترنت. كما قدرت دراسة أكاديمية العام الماضي أن التكلفة الاقتصادية للقرصنة في الصين بلغت 852 مليون دولار. وخلال العامين الماضيين، قام مجرمون صينيون بسرقة عدد من قواعد البيانات يضم ملايين الحسابات وكلمات السر في سلسلة من الهجمات على أكبر بوابات الإنترنت وشركات البيع بالتجزئة في الصين. كما أنه من المعروف أن بعض الشركات في الصين تقوم باستعمال قراصنة للتجسس على شركات منافسة، وتعطيل المواقع الإلكترونية لشركات أخرى، وتخريب أنظمة الدفع، كما يقول خبراء صينيون في الأمن الإلكتروني. بل إن البعض يزعم أن الاحتيال والخداع ربما يقف وراءه قطاع الأمن الإلكتروني الصيني نفسه في بعض الأحيان. فخلال السنوات الأخيرة، اتُّهمت إحدى شركات مكافحة الفيروسات بخلق ونشر فيروسات كمبيوترية، ثم إعطاء رشى لمسؤول أمني في بكين لإصدار تحذير لمستعملي الإنترنت وتنبيههم إلى ضرورة تحميل برنامجها لمكافحة الفيروسات من أجل محاربتها. وفي هذا السياق، يقول توم كريدون، الخبير في الأمن الإلكتروني المتخصص في شرق آسيا: «هناك سيطرة ملموسة في بعض المجالات، ولكن في مجالات أخرى هناك فوضى وانفلات واضحان». ومن بين الأسباب التي تجعل الحواسيب في الصين في وضع هش هناك الاستعمال واسع النطاق لبرامج حاسوبية مقرصنة، حتى من قبل بعض الوزارات الحكومية والشركات المملوكة للدولة. ذلك أنه إذا كانت البرامج الحاسوبية المرخصة مثل «ويندوز» و«مايكوسوفت أوفيس» تتلقى تحديثات أمنية من حين لآخر من أجل سد ثغرات قد تُستغل بشكل سيئ، فإن النسخ المقرصنة وغير المسجلة لا تتلقى تلك التحديثات. بل إن بعض القراصنة يذهبون إلى حد وضع نسخ مجانية من البرامج الحاسوبية على الإنترنت بعد أن يضيفوا إليها نقاط ضعف وثغرات، وذلك حتى يستطيعوا لاحقاً بيع الدخول إلى الأنظمة الحاسوبية بشكل قانوني لأشخاص آخرين، كما يقول بعض الخبراء هنا في الصين. ويليام وان بكين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©