السبت 11 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

مسرحيون: مهرجان مسرح الطفل إضافة للحركة الثقافية

30 نوفمبر 2006 01:35
تحقيق ـ إبراهيم الملا: كشفت العروض الأخيرة في مهرجان الإمارات الثاني لمسرح الطفل الذي أختتم أمس بقصر الثقافة في الشارقة عن ميل واضح للإعلاء من شأن الإبهار البصري والسمعي كعناصر جذب أساسية تشد انتباه الطفل وتجعله أسيرا للعرض من البداية وحتى إسدال الستارة، ولكن هذه النوايا الطيبة لم تفلح كثيرا ـ من خلال معظم العروض التي شاهدناها ـ في الاستحواذ الكلي على ملكات الطفل ووعيه المتجاوز لكل ما يقدم أمامه أحيانا من موسيقى صاخبة، وحبكة تقليدية حول الخير والشر، ومن صور وأقنعة لحيوانات باتت من فرط تكرارها في العروض وكأنها خارجة من نص واحد ومن أسلوب إخراجي مستنسخ· الأسئلة الكثيرة التي يمكن أن تراود الراصد لهذه الظاهرة تتمحور دون شك حول الدور التأسيسي المفقود للمسرح المدرسي، والذي بات لصيقا بالمناسبات والحفلات الختامية للعام الدراسي، أكثر من التصاقه بالهم الفني والإبداعي الذي يمكن أن يهبه المسرح للطفل، وأن يعممه كتجربة حياتية تمتد مع الطفل خارج أسوار المدرسة وخارج الخشبة أيضا، وهناك سؤال كبير آخر يدور حول ماهية النصوص المقدمة لهذا المسرح، والتي أتضح جليا أنها تفتقد للتخصص ولشروط المسرح الموجهة لهذه الفئة العمرية، حيث استشعرنا الانحياز الواضح لتوجهات المسرح الإرشادي ورسالته القائمة على النصح المباشر وعلى الإسقاطات الأيدلوجية، وكان واضحا أيضا حضور الحس التجاري فيما قدم من أعمال مزدحمة بعناصر الجذب والترفيه والبهرجة· ومثل هذه الأسئلة والتطلعات تفتح مجالا للتصورات حول إنشاء كلية متخصصة في الدولة لتدريس فنون وجماليات المسرح بكافة فروعه وتصانيفه، كما هو الحاصل الآن مع كلية الشارقة للفنون الجميلة على سبيل المثال· '' الاتحاد'' حملت هذه الملاحظات والإشكاليات إلى القائمين على مهرجان مسرح الطفل ومتابعيه، مع الإيمان أن هذا المهرجان الوليد لم يخل من إيجابيات ومن عروض مجتهدة وندوات مهمة، وكانت الحصيلة كالتالي: مشكلة عامة يقول عمر غباش رئيس جمعية المسرحيين بالدولة ورئيس المهرجان : إن هذا المهرجان رغم الهنات والنواقص التي أحاطت به، إلا أنه يساهم دون شك في إثراء الحركة المسرحية بالدولة كونه يؤسس لعلاقة أولية بين المسرح وبين الطفل، كما أنه من الطبيعي لهذا المهرجان أن يثمر عن مواهب وعناصر مسرحية جديدة وفاعلة من ممثلين ومخرجين وفنيين وكتاب نصوص، ومثل هذه المهرجانات بزخمها الإعلامي تساهم أيضا في تقريب المسرح من الجمهور وصياغة نوع من تقاليد الفرجة المختلفة والنوعية، القادرة على خلق جيل مسرحي جديد في الدولة خلال السنوات القادمة· وعن الحبكة المكررة وأشكال البهرجة الزائدة في العروض يقول غباش: قد يكمن السبب في ندرة النصوص المتخصصة والموجهة أصلا للطفل، وقد يكون هناك استسهال من بعض المخرجين في نظرتهم لهذا النوع من الشكل المسرحي، وهي أيضا مشكلة عامة يعاني منها المسرح العربي، وسنحاول في السنوات القادمة أن نتجاوز هذه الإشكاليات من خلال الاستعانة بخبرات خارجية وتكوين ورش متخصصة تتناول حيثيات وتفاصيل هذا المسرح· وعن علاقة المهرجان بالمسرح المدرسي يقول غباش: العلاقة غير مبتورة بالمطلق مع هذا المسرح، فالتواصل موجود بين المهرجان وجمعية المسرحيين وبين العاملين في حقل المسرح المدرسي· الطفل المبدع الدكتور فاضل الجاف رئيس لجنة التحكيم في الدورة الحالية من مهرجان الإمارات لمسرح الطفل يقول: إن مجرد وجود مهرجان لمسرح الطفل في أي دولة عربية هو حدث يبشر بالخير بغض النظر عن المستويات الفنية للعروض، ولكن هذا لا ينفي أن مسرح الطفل في الدول الأوروبية وفي أميركا مثلا ينظر بجدية لهذا المسرح مقارنة بما يحدث عندنا، فالفروق واضحة فيما يخص الخطاب الفكري والإبداعي والدور التربوي لمسرح الطفل، والتأليف المسرحي هناك له رواده المتخصصون والمبدعون، وبدوري أتمنى أن يكون هناك تبن واضح من المؤسسات والهيئات العربية لترجمة النصوص العالمية الموجهة لمسرح الطفل، ففن التأليف المسرحي هو فن رفيع وضروري جدا، فلا يمكن أن يكون هناك عمل إخراجي مبدع دون وجود نص قوي ومتمكن، ومن ناحية الخطاب فيجب أن نعمل على تشذيب مسرح الطفل وتخليصه من الادعاءات والأفكار الأيدلوجية الكبيرة والضخمة، وعلينا أن ندفع الطفل للمسرح لا لكي يكون ممثلا أو مخرجا، بل كي يخلق مسرحه بنفسه ويكون إنسانا مبدعا في المجالات الأخرى وليس في المسرح فقط، فقد يصبح هذا الطفل كاتبا وشاعرا وفيلسوفا ومؤرخا من خلال النظرة الدرامية العامة للحياة، لهذا فنحن نختلف مع النظرة السائدة للمسرح في مدارسنا والتي تحتاج لتغيير شامل وجذري· إضافة مهمة ويقول الفنان سعيد سالم مدير المهرجان: إن هذا المهرجان يعتبر رغم كل الملاحظات إضافة مهمة للحركة المسرحية والثقافية في الدولة، وكنا نتمنى أن يولد هذا المهرجان قبل سنوات بعيدة وأن يكون متوازيا مع ولادة أيام الشارقة المسرحية، ولكن لأسباب تنظيمية لم يظهر هذا الحدث للوجود إلا قبل سنتين فقط، وبخصوص ضعف النصوص وتشابه العروض فإن التراكم السنوي للحدث مطلوب أيضا للتخلص من هذه السلبيات، وهذا التراكم سيصاحبه دون شك دورات وندوات وورش وتواصل مستمر مع الفعاليات التربوية والتعليمية للوصول لصيغة من التنسيق والتفاهم والتداخل بين أدوارنا نحن كمؤسسات وجمعيات وبين البنية التعليمية بشكل عام، إن الدورة الثالثة للمهرجان ستشهد دون شك لجانا متخصصة للاختيار والفرز قبل الدخول في المنافسة، أما النصوص فشهدت تفاوتا في المستويات ولكن ما يبشر هنا هو ظهور كتاب محليين جدد وهؤلاء سيطورون أدواتهم الكتابية وستتراكم لديهم الخبرة في السنوات القادمة· الثقافة المسرحية يرى الفنان أحمد الجسمي عضو لجنة التحكيم في المهرجان أن مهرجان مسرح الطفل هو حدث وليد ونحن الآن في الدورة الثانية ولابد أن تكون هناك نواقص وفي المقابل هناك طموح فيما يخص الأفكار والتصورات المستقبلية، ولكن المهم أن نحافظ على هذا الحدث الوليد حتى يكبر وينمو ويتطور، فعالم الطفل من الأهمية بحيث يجب بنا أن نحتفي به ونقربه من المسرح ونحيطه بالثقافة المسرحية القادرة على توسيع مداركه وفضوله الإبداعي، فصور وأقنعة الحيوانات، والألوان الزاهية والمقطوعات الغنائية والأناشيد لا تؤسس وحدها لمشهد مسرحي حقيقي يخاطب أعماق الطفل وأفكاره· وعن دور المسرح المدرسي يقول الجسمي: لا شك أن دوره مهم وحيوي لرفد وتعزيز دور الجهات الرسمية والمؤسسات الثقافية، ويجب أن تكون الثقافة المدرسية لصيقة ومتواشجة مع المنهج الدراسي في مؤسساتنا التعليمية، بحيث لا تتحول إلى حصة دراسية تقليدية ونشاطات مكررة، بل إلى فعل إبداعي حقيقي ومتواصل ويذهب مع الطفل إلى خارج أسوار وجدران الفصل، إننا بحاجة لمنظومة إبداعية تخاطب حاجات الطفل وتطلعاته في هذا الزمن المفتوح على العالم من خلال الوسائط الحديثة والمختلطة والخطيرة فيما يخص الرسائل المبثوثة من خلالها'' تكوين المفردات الفنية الفنان علي خميس عضو اللجنة المنظمة للمهرجان يقول: إن هذه النوعية من المهرجانات تعمل دائما على اكتشاف المواهب المسرحية الجديدة بغض النظر عن الضعف والارتباك الذي يصاحب محاولاتها الأولى، ومثل هذه المهرجانات تساهم دون شك في تعويد الطفل على ممارسه هذا الطقس الإبداعي وتكوين مفردات فنية بالغة الأهمية في ذاكرته المعرفية والبصرية، وللمسرح عموما دور تكميلي مع الفنون الأخرى كالسينما والأدب والدراما التلفزيونية وهو فن مهم أن نظرنا للعملية التثقيفية للطفل من وجهة نظر عامة تتداخل مع السلوكيات الحياتية والهوايات والميول الشخصية، وللمدرسة دور رئيسي في استثمار مواهب الطفل سواء في مجال المسرح أو المجالات الأخرى كي يتخلق لدينا جيل في المستقبل قادر على مجابهة تحديات العصر والتعامل معها بسلاسة وأريحية دون خوف ودون حواجز ثقافية وفكرية مغلقة ومؤطرة·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©