الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تسرب الغاز الطبيعي خطر يومي يهدد حياة الجزائريين

تسرب الغاز الطبيعي خطر يومي يهدد حياة الجزائريين
23 يناير 2011 20:21
نظمت الشركة الجزائرية للكهرباء والغاز بمعيَّة مصالح الحماية المدنية منذ شهر ديسمبر الماضي حملة واسعة لتنبيه الجزائريين إلى خطر الاختناق بالغاز الطبيعي، وحثهم على اتخاذ مجموعة من الاحتياطات والتدابير الوقائية التي من شأنها أن تحول دون وقوع المزيد من الضحايا، لاسيما أن البرودة الشديدة لفصل الشتاء في الجزائر عادة ما تدفع الجزائريين إلى الاستعمال الواسع للغاز الطبيعي وأسطوانات غاز البوتان للتدفئة. تأتي حملات التوعية التي تقوم بها شركة الكهرباء والغاز والحماية المدنية بعد تسجيل تزايدٍ لافتٍ للانتباه لحوادث الاختناقات بغاز التدفئة في السنوات الثلاث الأخيرة في مختلف أنحاء الجزائر، سواء في المدن أو الأرياف، حيث عادة ما تتدخل مصالح الحماية المدنية لنقل عائلة ما إلى المستشفى بعد إعلامها بوقوع تسرب للغاز بمنطقة ما. مئات التدخلات يكشف الملازم الأول نسيم البرناوي تسجيل الحماية المدنية 551 تدخلاً العام الماضي، مكَّنتها من إسعاف أكثر من ألف شخص بينما تعرض 145 شخصاً للهلاك، منهم 35 شخصاً اختنقوا بغاز البوتان. وفي الأيام العشرة الأولى لشهر يناير الجاري سجلت الحماية المدنية 20 تدخلاً مكَّن من إنقاذ 53 شخصاً بينما هلك 6 أشخاص. والواقع أن هناك تراجعاً في عدد ضحايا تسرُّبات الغاز في سنة 2010 مقارنة بالسنتين اللتين سبقتاها؛ حيث توفي 291 جزائرياً في 2008 و253 في 2009، بحسب الدكتورة مليكة رحَّال، مديرة مستشفى «بارني» بالجزائر العاصمة، في ندوة للحماية المدنية للتوعية بخطر تسربات الغاز مؤخراً. إلا أن الخطر لا يزال قائماً بالنظر إلى تصاعد نسبة تغطية القرى والتجمعات السكنية بالغاز الطبيعي، حيث يُعلن يومياً عن ربط حي أو تجمع سكني جديد بمشروع «غاز المدينة»، إلى درجة أن ولاية سطيف، 304 كم شرق الجزائر، انتقلت فيها نسبة التغطية بغاز المدينة من 40 بالمائة قبل 5 سنوات فقط، إلى أكثر من 80 بالمائة أواخر السنة، بحسب مصادر في شركة الكهرباء والغاز بالولاية. ويُنتظر أن يُعمم غاز المدينة على أغلب البلديات والقرى الجزائرية في إطار المخطط الخماسي (2010- 2014)، لاسيما أن الجزائر من أكبر الدول المنتِجة للغاز في العالم، ما يعني أن أخطار تسربات الغاز سترتفع بسبب حداثة الكثير من السكان به وعدم معرفتهم بالتدابير الضرورية للوقاية من خطر تسربات الغاز. الأسباب الرئيسة يؤكد برناوي أن الأسباب الرئيسة لتسربات الغاز القاتلة تكمن في عدم سلامة توصيلات الأنابيب في المنازل، وغياب الصيانة الدورية للتجهيزات من مدافئ ومواقد وسخانات مياه، وغياب التهوية في البيوت. ويقول إن «الكثير من المواطنين يغلقون تماماً النوافذ قبل نومهم لاتقاء البرد دون أن يعلموا أنهم بذلك يغلقون على أنفسهم أي منافذ للنجاة في حالة حدوث أي خلل بالمدفئة، لأن الهواء لا يتجدد فيقضي أكسيد الكربون تماماً على الأكسجين فيحدث الاختناق حتماً في فترات متفاوتة». إلى ذلك، توضِّح الدكتورة سهيلة رزوق، طبيبة بمستشفى «بارني» أن «غلق كل المنافذ أمام الأكسجين، يجعل الاختناق بغاز مونوكسيد الكربون يحدث خلال ساعة واحدة إذا كانت نسبة التسرب تبلغ 0.1 بالمائة فقط، وإذا ارتفعت إلى 1 بالمائة فإن الاختناق يحدث خلال ربع ساعة، أما إذا بلغت نسبة التسرب 10 بالمائة فيحدث الاختناق فوراً». وإلى جانب الأسباب الرئيسة المعروفة كعدم سلامة التوصيلات، وغياب الصيانة الدورية لأنابيب الغاز والمدافئ وسخانات الماء، فإن هناك سبباً آخر لا يقل أهمية وهو الانتشار الواسع للسلع المقلَّدة التي تُعرف في الجزائر باسم «سلع تايوان»، ومنها المدافئ وسدَّادات الغاز والسخانات والأنابيب. ويقول جمعة حسان، وهو مختص في التمديدات الصحية منذ 30 سنة، إن «الكثير من الجزائريين يقبلون على اقتناء سلع تايوانية لرُخص أسعارها وتناسُبها مع قدرتهم الشرائية دون أن يدركوا أنهم بذلك يغامرون بحياتهم وقد يتسببون في إبادة أسرهم». ويؤكد جمعة بحكم تجربته وتعامله مع هذه التجهيزات في السنوات الأخيرة، أن نوعية هذه السلع رديئة، ناصحا الذين طلبوا خدماته في مجال تمديد الأنابيب وتركيب المدافئ وسخانات المياه بالتخلي عنها ،وتعويضها بسلع ذات جودة ومتانة حتى وإن كلفتهم مصاريفَ إضافية، فذلك أدعى لسلامتهم». حملات تفتيش ينصح جمعة الجميع بالفحص الدوري لتجهيزاتهم للتأكد من سلامتها والاستعانة بمختصين ذوي خبرة ودراية بالمجال، وعدم التهاون أبداً في المسألة، لأن أي أعطاب تصيب أجهزة التدفئة ولواحقها، وبخاصة في الفترات الليلية، سيؤدي إلى عواقب وخيمة، كما ينصح بوضع سخانات المياه في الشرفات وليس داخل غرف الاستحمام أو حتى غرف الطبخ كما هو الحال في الكثير من البيوت. من جهتها، أعلنت وزارة التجارة الجزائرية أنها أمرت مسؤولي الرقابة وقمع الغش بالقيام بحملة واسعة تشمل كل بائعي الأدوات الكهرومنزلية، بالجملة أو التجزئة، لمصادرة السلع المقلَّدة وإحالة أصحابها إلى العدالة. وتقدم الوزارة بين الفينة والأخرى أرقاماً عن حجز سلع مقلدة في مختلف أنحاء الجزائر، وأعلنت الوزارة مؤخرا حجز نحو 10 أطنان من أنابيب الغاز التي لا تنطبق عليها مقاييس السلامة في مدينة «سوق أهراس» شرق الجزائر، ومع ذلك لا تزال المدافئ ومختلف التجهيزات المُقلدة تُباع في الأسواق، وتشهد رواجاً بسبب رخص أثمانها، ما يعني أن المسألة تتعلق بوعي المستهلِكين بالدرجة الأولى وأن إجراءات الرقابة لن تنجح وحدها في وضع حد للآفة دون أن يصاحبها هذا العاملُ الضروري.
المصدر: الجزائر
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©