الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

لعبة الحب.. اسمه أقل من أحداثه

لعبة الحب.. اسمه أقل من أحداثه
1 ديسمبر 2006 00:38
القاهرة - إيمان إبراهيم: أساء صناع ''لعبة الحب'' إلى فيلمهم باختيار عنوان يتناقض مع مضمون الفيلم، ويوحي بأن الحب مجرد ''لعبة'' بين طرفين أو أكثر، وفي الوقت الذي يبدو فيه ان الكاتبين الصديقين أحمد الناصر وسامي حسام يكرران نفس المزاج المغرم بالألعاب، الذي ورد في فيلمهما الأول ''ملك وكتابة'' الذي شارك فيه أيضا هند صبري وخالد أبو النجا، تشير وقائع أخرى إلى ان الثنائي المتناغم في الكتابة قدم السيناريو إلى جهاز السينما التابع لمدينة الانتاج الاعلامي المصرية بعنوان ''بأمر الحب''، وورد هذا العنوان في الصحف كثيرا في سياق مشاكل متعددة حول الفيلم بعد استبعاد المرشح الأول للبطولة حينذاك الفنان خالد النبوي، وقيل إن ممدوح الليثي رئيس الجهة المنتجة هو الذي أسند بطولة الفيلم الى شريف منير، ورد الليثي بأن ذلك قرار المخرج، واندلعت حرب تصريحات قادها النبوي ضد الليثي والكاتبين معا، وأكد أنه صاحب عنوان الفيلم، وأنه ظل أكثر من عامين يناقش السيناريو وأجرى التعديلات مع سامي حسام في منزله، خاصة أن سامي كان يفكر في إخراج الفيلم بنفسه كأول تجربة روائية له، وذكر النبوي ان الاسم الأصلي للسيناريو كان ''لعبة الحياة''· واتضحت معلومات اخرى عن المسار العجيب للفيلم ان ليلى علوي كانت المرشحة الأولى لبطولته، وأنها قدمت السيناريو بنفسها لجهات الانتاج ومن بينها مدينة السينما، كما كان مرشحا لإخراجه في البداية المخرج الكبير علي بدرخان، وعندما اعتذر سعى النبوي لاقناع الليثي باسناد الاخراج لحسام الذي كان متحمسا لظهور أول فيلم له، لكن الرياح أتت بما لم يشته خالد وحسام معا، وتم إسناد الاخراج لمحمد علي في أول تجربة طويلة له، وتوقف الفيلم طويلا قبل أن يظهر هذا العام بفريق مختلف عن التصورات التي بدأ بها قبل خمس سنوات بعد مشاركة هند صبري وبسمة وبشرى وخالد أبو النجا ومحمد سليمان، ومعتز التوني· ملك وكتابة والفيلم لا يختلف كثيرا عن ''ملك وكتابة'' وربما كان أسبق منه في الكتابة، لكنه تأخر في العرض لأسباب انتاجية، حيث يبدو وكأنه إطار عام لفيلم ''ملك وكتابة'' الذي ركز على حالة واحدة من الحالات المتعددة التي طرح فيها هذا الفيلم المفاهيم المختلفة عن العلاقات بين الرجال والنساء من خلال علاقة عصام وليلى اللذين يلتقيان لأول مرة بشكل عابر ويتصادمان منذ اللحظة الأولى، ويتبنى كل منهما فكرة مختلفة عن مفهوم العلاقة بين الرجل والمرأة، ويحاول فرضها على الآخر· وعندما يلتقيان مرة أخرى بعد عدة سنوات تكون الحياة قد انضجتهما· والفيلم هو رحلة التحول في علاقتهما واكتشافهما أن علاقة الرجل والمرأة هي علاقة شراكة وليست حربا يجب أن تنتهي بانتصار أحدهما على الآخر· والفيلم يبدو ناعما، ويذكرنا بتيار الكوميديا الرومانسية في السينما الأوروبية من دون ان يصل إلى فلسفة الفرنسي جان لوك جودار، أو التشريح النفسي للسويدي انجمار برجمان، لكن جوهر الفيلم عنيف ومحبط، ويناقش بجرأة قضايا خطيرة تمس الأخلاق والحرية والقيود الاجتماعية، من دون أن يهاجم أي طرف، مفضلا عرض الأحداث والمواقف تاركا الحكم للجمهور· هناك ''ليلى'' (تقوم بدورها هند صبري) مصممة الازياء التي تقيم علاقة مع طبيب الاسنان ''عمر'' (يقوم بدوره محمد سليمان) وهي فتاة متحررة تعرف ما تريد، وترفض سيطرة الرجال على المجتمع، وعندما تكتشف أن ''عمر'' متردد وأناني وأسير لرؤية تقليدية عن المرأة تهجره وتحاول ان تبدأ حياتها من جديد· على الطرف الآخر هناك خالد أبو النجا فى شخصية ''عصام'' الذي يعمل أيضا في مجال تسويق الأزياء، ورغم أن دراسته ومهنته والمجال الاجتماعي الذي يتحرك فيه يتيح له فرصة اكبر لتفهم الحرية بكل أعبائها، فإنه نموذج للرجل التقليدي الذي يحب بطريقة ويتزوج بطريقة أخرى، فهو ينحاز للتقاليد ضد المشاعر، ويرفض سلوك ''ليلى'' صديقة شقيقته، ويقرر الزواج بطريقة تقليدية، ويفضل أي فتاة جميلة رقيقة من أسرة طيبة، والأهم ألا تكون قد ارتكبت جريمة حب رجل آخر قبله، ويجد ذلك في ''حنان'' (قامت بدورها بسمة)، ولكن بعد ثلاث سنوات من زواجه، يكتشف مدى تعاسته، ويصيبه الملل، وينهمك في العمل، مهملا زوجته التي اعتادت غيابه· وتبدو ''حنان'' زوجة مهضومة الحق، منسية المشاعر، باحثة بلا جدوى عن حب لم ينبت في تربة ''خرس الأزواج''، وعن هذا الدور الملتبس قالت بسمة: كنت قلقة من شخصيتي فيه، كنت أخشى كراهية الرجال لحنان، لأنها زوجة نكدية، متذمرة دوماً في الشق الأول من الفيلم، قبل وضوح الظلم الذي تعانيه· وفي واحدة من المصادفات يلتقي عصام وليلى في محطة مصر للقطارات أثناء سفرهما إلى الإسكندرية، وتنضم ليلى كمصممة أزياء الى الشركة التي يعمل بها عصام· وجوه وأقنعة ويبدأ نوع من الصراع الداخلي المستتر حول أقنعة زائفة يحاول من خلالها كل طرف أن ينتصر لطريقته في الاختيار والحياة، مشيرا الى سعادة كاذبة، لكن ''اللعبة'' كما يصورها الفيلم تنتهي بمشاعر حب متوترة، تشهد نوبات من الشد والجذب، والاقتراب والابتعاد، وفي إحدى هذه النوبات التي ابتعد فيها عصام، تقرر ليلى الابتعاد لتفكر في حياتها وعلاقتها المرتبكة، وفي الطريق إلى الإسكندرية يكتشف عصام مدى حبه لها فيلحق بها في نفس المحطة التي شهدت لقاءهما الأول· ثنائيات ''عصام وحنان''، و''ليلى وعمر''، ثم ''عصام وليلى''، لم تكن هي النماذج الوحيدة في ''لعبة الحب''، فهناك ''سمر وبلبع'' (لعب دورهما بشرى ومعتز التوني)، وسمر نموذج لفتاة مترددة غير قادرة على حسم اي قرار في حياتها، فاستسلمت للارتباط الاجتماعي كبديل للحب وهمومه وتزوجت من قريبها بلبع، بلا حب، أو اقتناع، مستجيبة لرغبات والديها، ولنداء الزواج المستمر في داخلها، ثم تشعر بعد ذلك بقليل من الندم وتبوح لصديقتها ليلى برغبتها في الطلاق لكنها لا تجرؤ على مجرد اعلان رغبتها· وهناك ايضا ضيفا شرف الفيلم منة شلبي وتامر حبيب كاتب السيناريو الذي استهواه التمثيل مؤخرا، في دور زوجين أدركا ضياع الحب منهما، لكنهما قررا الاستمرار في العلاقة والتعامل مع حياتهما كأنها مباراة للمشاكسة، وهذا النموذج العابر هو المبرر الوحيد لعنوان الفيلم، ويدعمه دور ''عطية'' بواب العمارة التي تسكنها ''ليلى'' والذي تربطه بها علاقة مطاردة وتلصص، فهو لا يرضى عن طريقة حياتها ويظهر كلسان حال لتقاليد المجتمع، ويوجه النصح والسخط في مواجهة سلوك ليلى الغريب، وإقامتها مع رجل بلا زواج· ورغم الصدمة التي أحدثها الفيلم للتيارات المحافظة، والتي دفعت نائبا إخوانيا في البرلمان لتقديم استجواب ضد الفيلم الذي يصور علاقات كاملة بين الرجل والمرأة بلا زواج، فإن الفيلم على الشاشة لم يقدم أي مشاهد مبتذلة، ولم يلجأ الى مغازلة الجمهور بالعري او الرقصات، وناقش موضوعه بدقة واحترام من دون اسراف، مع جرعة كوميدية محسوبة خففت من وطأة الميلودراما ومشاهد الهجر والفراق والطلاق، ونجح المخرج محمد علي في إدارة الممثلين بأسلوب سلس، وساعده على ذلك تمكن ابو النجا وهند صبري من أداء دورين تخصصا فيهما من قبل، كما بدا المونتاج موفقا في اسلوب الانتقال من مشهد الى آخر بطريقة ''الاظلام التدريجي'' لتحقيق قدر أكبر من النعومة والسلاسة، بعيدا عن القطع المفاجئ الذي لا يلائم الأحداث وطبيعة الموضوع، ولعب التصوير بقيادة سامح سليم دورا واضحا في تلقائية المشاهد، حيث كانت الكاميرا في مستوى النظر العادي، بلا زوايا غريبة، ما أضفى جوا من الحميمية، واتاح للمشاهد فرصة أكبر للتشبع بتعبيرات الوجه ومشاعر النفوس القلقة التي جسدتها موسيقى تامر كروان التي صاحبت الانفعالات النفسية من دون ان تسرق المشاهد من الفيلم·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©