الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

عمالة الأطفال ظاهرة تؤرق المجتمع المغربي

عمالة الأطفال ظاهرة تؤرق المجتمع المغربي
13 سبتمبر 2011 01:56
تكثف الجمعيات والمؤسسات الاجتماعية في المغرب حملاتها لمحاربة ظاهرة تشغيل الأطفال مع بداية الموسم الدراسي الجديد، حيث تسجل المؤسسات التعليمية انقطاع آلاف الأطفال عن الدراسة سنوياً في المغرب من أجل العمل، خاصة في قطاعات الصناعة والفلاحة والخدمات. تقدر إحصاءات رسمية عدد الأطفال النشيطين المشتغلين بالمغرب بـ 147 ألفاً، لكن الجمعيات وفعاليات المجتمع المدني تؤكد أن العدد أعلى بكثير، ويتضاعف باستمرار لاسيما في ظل استمرار الأسباب المؤدية إلى دخول الأطفال عالم الشغل، ومنها الهدر المدرسي، وانتهاك القوانين التي تحميهم، واستفحال ظاهرة أطفال الشوارع وضحايا التشرد والإهمال. وتعتبر ظاهرة تشغيل الأطفال بالمغرب ظاهرة قروية بامتياز، حيث يقطن 9 أطفال نشيطين مشتغلين من بين 10 بالوسط القروي، ووفقا للمعطيات، التي يوفرها البحث الدائم حول التشغيل، والذي يهم سنويا عينة من 60 ألف أسرة، فإن عدد الأطفال المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 وأقل من 15 سنة بلغ، في المدن، 13 ألفا خلال سنة 2010، أما بالقرى، فقد بلغ هذا العدد 134 ألفا. ويخلص البحث إلى أن ما يقارب 6 أطفال يشتغلون من بين 10 هم ذكور، وأن 23.3 في المائة من الأطفال المشتغلين يعملون بالموازاة مع دراستهم، فيما غادر 55.3 في المائة منهم الدراسة، و21.4 في المائة منهم لم يسبق أن التحقوا بأي مؤسسة تعليمية. ويكشف البحث أيضاً أن عدد الأطفال النشيطين المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 وأقل من 15 سنة يبلغ نحو 147 ألف طفل سنة 2010، أي ما يعادل 3 في المائة من مجموع الأطفال المنتمين لهذه الفئة العمرية. ويتمركز تشغيل الأطفال في قطاعات اقتصادية محددة كقطاع الفلاحة والغابة والصيد والصناعة، وبينما يستأثر الرعي والفلاحة بالنصيب الأكبر من عمل الأطفال في القرى، كشفت المعطيات أن القطاعات الإنتاجية، التي يشتغل بها الأطفال في المدن تشمل قطاع التجارة بالتقسيط، بنسبة 58.86 في المائة، والصناعة المعدنية، بما في ذلك الحدادة، وغيرها، بنسبة 21.71 في المائة، والخشب والنجارة، بنسبة 12.57 في المائة. وبحسب الحالة في المهنة، يظهر البحث أن كل 9 أطفال مشتغلين بالوسط القروي من 10 هم مساعدون للعائلة. أسباب وعوامل يرى خبراء أن هناك قطاعات أخرى تستأثر بالنصب الأكبر من «العمال» الأطفال كالعمل في المنازل، والذي يجتذب أعداد كبيرة من الطفلات والتسول، حيث يشكل الأطفال العمود الفقري في تجارة التسول، بينما يعتبر آخرون أن تمركز الظاهرة في بعض القطاعات غير المهيكلة وذات النشاط التقليدي، إضافة إلى تأثير عوامل اجتماعية واقتصادية مركبة يصعب مهمة محاربة الظاهرة. إلى ذلك، يعتبر الباحث عبد الله بوطالب أن المجتمع أصبح مطالبا بتضافر الجهود من أجل معالجة ظاهرة تشغيل الأطفال وضمان عيش أفضل لهم، ويقول إن «الفقر والتفكك العائلي والرواسب الاجتماعية أسباب رئيسية لتفاقم هذه الظاهرة، حيث يدفع المحيط العائلي الطفل للعمل من أجل إعالة الأسرة أو المساهمة في مصروف البيت، إضافة إلى فتح باب العمل أمام الأطفال، وسهولة وسرعة إيجاد عمل لهم بسبب تفضيل أصحاب بعض النشاطات الاقتصادية والتجارية لليد العاملة الصغيرة والرخصية، كما أن غلاء المعيشة وفشل الخريجين في الحصول على عمل كلها أسباب ساعدت على تشجيع الأطفال على العمل في سن مبكرة، وبالتالي الرفع من نسبة الأطفال المشتغلين». ويحذر الباحث من خطورة تجاهل هذه الظاهرة، وما يمكن أن ينجم عنها من إشكاليات، ويرى أن المعالجة الممكنة للظاهرة ترتبط بتحسين الظروف الاقتصادية والمادية للأسر المعوزة خاصة بالقرى، وتشديد الرقابة على القطاعات والمهن التي تستقطب الأطفال للعمل بها، وتشجيع الفتاة القروية على الالتحاق بالمدرسة، معتبرا أن العمل الاجتماعي يمكن أن يساهم في تقليص هذه الظاهرة بشرط دعم الجمعيات المحلية التي تعمل عن قرب. حلول مقترحة من أجل محاربة ظاهرة تشغيل الأطفال وإعادة إدماجهم في التعليم وضعت الحكومة برامج وخططاً كبرنامج تحسين جودة التعليم والرفع من مردوديته بشكل يسمح باستقبال الأطفال المنقطعين عن الدراسة، وسن قوانين تتعلق بمنع تشغيل الأطفال وإجبارية التعليم، والتدرج المهني الذي يفسح المجال للشباب الذين انقطعوا عن الدراسة من أجل اكتساب حرفة ومواصلة الدراسة، ومعالجة العوامل الكامنة وراء هذه الظاهرة، خاصة منها الوضعية الصعبة للأسر والأمية والهدر المدرسي والفقر والعنف ضد الأطفال والفوارق الاجتماعية، وحماية الأطفال المعرضين للعمل ومحاربة ظاهرة تشغيل الطفلات كخادمات. ويؤكد بوطالب أن جهود الحكومة ساعدت على تراجع ظاهرة تشغيل الأطفال، حيث سجل المغرب تقدما في مجال مكافحة تشغيل الأطفال، حيث تراجع عدد الأطفال المشتغلين الذين تتراوح أعمارهم ما بين 7 وأقل من 15 سنة من 517 ألف طفل مشتغل سنة 1999، إلى 147 ألف هذه السنة. وساهم تفعيل الترسانة القانونية لمحاربة تشغيل الأطفال، ووضع لائحة الأشغال الخطيرة الممنوعة على الأحداث، الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، في انتشال أكثر من 12 ألف طفل من العمل المبكر، وأكثر من 20 ألف آخرين من الانخراط في العمل.
المصدر: الرباط
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©