أقامت مؤسسة السركال الثقافية معرضاً للصور التاريخية لمنطقة الخليج العربي خلال ثلاثينات القرن الماضي بعنوان «ذاكرة الزمن»، التقطها قائد الجناح الجوي هارولد آلسوب، عندما شهدت منطقة الجزيرة العربية بعد الحرب العالمية الثانية وجود رحالة ومستكشفين غربيين، لأسباب عدة سواء العسكرية منها أو الاقتصادية، أو لمجرد حب الاستطلاع فقط، وقد دون هؤلاء مئات الصفحات في مذكراتهم والتقطوا آلاف الصور للمناطق التي زاروها، وقد تنوعت رحلاتهم بين الداخل أو في وسط الصحراء أو في المناطق الحضريةٌ والسكنية.
صور القائد آلسوب كانت ضمن ذكرياته في المنطقة التي عاش فيها لبعض الوقت، بحكم عمله قائدا للجناح الجوي في السلاح الجوي البريطاني آنذاك، حيث اختلفت رؤيته في التصوير فالسيد آلسوب صور الأماكن التي قضى فيها بعض الوقت والأحداث الشخصيةٌ التي تعامل معها يوميا، وأنماط العمل التي كانت تحدث ضمن الحياة اليومية، وقد قام بتصوير الطائرات التي لا يزال بعضها اليوم في متحف المحطة بالشارقة، كما صور الاستراحة الخاصة بالقادة والجنود، وأخذ بعض الصور الجوية لساحل رأس الخيمة، وأيضاً صور بعض المناطق التي مر بها أو حط بها مثل سلطنة عُمان والبحرين.
تأتي أهمية تلك الصور من كونها تحمل أهمية تاريخية حيث التقطت في عام 1933، ولا تزال تحتفظ بملامح غضة تبقيها في ذاكرة الزمن، وقد هدفت مؤسسة السركال الثقافية من خلال أقامتها لهذا المعرض، بالتعاون مع جون باتريك آلسوب، وهو ابن الراحل هارولد آلسوب صاحب الصور، إلى تعريف العامة بتاريخ منطقة الخليج العربي والمناطق المجاورة، ومدى التطور والتنوع الحضاري والثقافي الذي تعيشه دولة الإمارات، إلى جانب تلك الدول، وتوسيع رقعة التواصل بين الناس من جميع مناحي الشرق الأوسط، كما أن مثل هذه المعارض تساعد على دمج الثقافات بين الشرق والغرب.
ولد قائد الجناح الجوي هارولد آلسوب في بريطانيا في 25 أكتوبر 1909، كان يعمل في الشرق الأوسط كمسؤول الطيران بالإنابة بمدرسة تدريب الطيران، منذ أغسطس 1932 إلى نهايات 1935، وقد عرف آلسوب بشغفه للتصوير الذي دفعه إلى توثيق ذكرياته في هذه المنطقة عن طريق التقاط العديد من الصور، خلال فترة وجوده في دول الشرق الأوسط مثل سوريا والعراق والبحرين وعُمان واليمن، وأيضا المملكة العربية السعودية ومصر وفلسطين، متيقناً أن تلك الصور قد تصبح في يوم من الأيام تاريخية ومرجعاً لشعوب الشرق الأوسط بأكمله.
فارق هارولد آلسوب الحياة في 12 يناير 1991 عن عمر يناهز 82 عاماً في مسقط رأسه في بريطانيا.
تعد مؤسسة السركال الثقافية تجسيداً للمساهمة في تنفيذ خطة دبي الاستراتيجية، التي أعلنها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والتي ركز فيها سموه على البعد الثقافي لمدينة دبي ومرحلة التطور التي تمر بها الإمارة، وتتمحور أهدافها في المحافظة على الثقافة والتراث وتعزيز الإرث الثقافي الوطني، وتعزيز الروابط بين أفراد المجتمع والتراث الغني والعريق في دبي، بالإضافة إلى توطيد جسور التواصل والتفاهم مع مختلف الثقافات في الوطن العربي والعالم وتفعيل الحوار بين تلك الثقافات، كما أنها تقوم باحتضان وتشجيع وإبراز المواهب الإبداعية المحلية والعربية والعالمية في ميادين الفن والثقافة.
تعد دار التراث من أهم صالات العرض في الإمارة، وتستغل غرفها وقاعاتها حالياً لعرض المقتنيات الفنية لعائلة السركال، وأيضا عرض أعمال الفنانين ولوحاتهم أثناء إقامة المعارض، كما يوجد فيها طاقم فني كامل متخصص في تشكيل وعمل لوحات فنية مختلفة في الخط العربي، والنحت على الخشب، والرسم على السيراميك، والموزاييك، والزجاج، بالإضافة إلى تنظيم ورش فنية تعليمية في الفنون.
عدد اليوم
