الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أزمة اليونان الاقتصادية...متاعب للجيران

12 فبراير 2010 20:39
أنتوني فايولا أثينـا سعت أوروبا جاهدة يوم الثلاثاء الماضي إلى إيجاد طرق لدعم مالية الحكومة اليونانية المتداعية، مما ساهم في إعادة بعض الاستقرار إلى هذا الجزء من النظام المالي العالمي وارتفاع الأسواق عبر العالم. لكن المشاكل الاقتصادية الجوهرية التي تواجه اليونان وبعض البلدان الأوروبية الأخرى تعني احتمال أن يعقبها التقشف وتقليص الإنفاق الحكومي ومزيد من الألم الاجتماعي في وقت تحاول فيه هذه البلدان جاهدة تلافي أزمة دين سيادي، حيث تجد دول نفسها غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها المالية ودفع الديون المستحقة عليها. غير أن تقلبات الدهر جاءت سريعة وقوية، ولاسيما بالنسبة لليونان. فقد تخلى هذا البلد المتوسطي عن عملته "الدراخما" في 2001 لصالح عملة الاتحاد الأوروبي الموحدة "اليورو"، ونتيجة لذلك، حصلت على موطئ قدم غير مسبوق في الأسواق المالية. وفي ظل استفادة ديون اليونان من دعم "اليورو" القوي، جمعت أثينا المليارات من صناديق المعاشات الأجنبية والبنوك الدولية بمعدلات فائدة تقارب من حيث انخفاضها تلك المقدَّمة لألمانيا، العملاق المالي المحافظ في أوروبا. ومع انهمار الأموال السهلة، ارتفع الإنفاق الحكومي وازدهر الاقتصاد. ولكن وتماما مثلما وجد المستثمرون أن الملايين من مالكي المنازل الأميركيين يمثلون رهانا أخطر مما كان يُعتقد في البداية، فإنهم بدأوا يدركون اليوم أن اليونان -وكذلك اقتصاديات أخرى ضعيفة تستعمل اليورو- ليست هي ألمانيا. فقد ساعدت الهدايا والعطايا السياسية وقوائم البطالة المعدلة رواتب القطاع العام على أن تتضاعف في اليونان على مدى العقد الماضي. كما أن تفشي التهرب الضريبي -يذكر هنا أن ربع الاقتصاد اليوناني على الأقل غير رسمي- تسبب في نضوب خزائن الحكومة حتى بموازاة مع ارتفاع الإنفاق العام. وعندما ضربت الأزمة المالية العالمية، تلاعبت الحكومة اليونانية بالسجلات المالية لإخفاء حجم العجز الضخم في ميزانيتها، ولم تتضح حالة الطوارئ المالية سوى خلال الأشهر القليلة الماضية. واليوم، تحاول اليونان تمرير خفض في الميزانية من أجل إرساء استقرار ماليتها وإقناع المستثمرين بجدارتها الائتمانية قبل فصل الربيع - وهو التاريخ الذي يتعين عليها فيه أن تعيد تمويل 25 مليار دولار من الديون أو تواجه خطر إعلانها عاجزة عن تسديد ديونها. ومن جهة أخرى، عُلقت الآمال يوم الثلاثاء الماضي على تقارير حول احتمال استعداد ألمانيا لتزعم مجموعة من دول الاتحاد الأوروبي لتقديم ضمانات قروض لليونان وبلدان أخرى من المنطقة تضررت كثيرا جراء الأزمة. وفي هذا السياق، قال أولي رين، الذي يتولى حقيبة المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية، لشبكة "بلومبرج نيوز" الإخبارية: "يتعين على اليونان أن تتخذ التدابير الضرورية" حتى تحصل على دعم الاتحاد الأوروبي. والواقع أن ثمة طريقة أخرى لمساعدة اليونان وتكمن في تدخل صندوق النقد الدولي لمساعدتها على النهوض من كبوتها؛ غير أن مصادر دبلوماسية أفادت بأن فرنسا بشكل خاص تعارض مثل هذه الخطوة على اعتبار أن الحاجة إلى إنقاذ مالي دولي في منطقة اليورو تشكل حرجاً كبيراً لأوروبا. ولكن دولا أخرى في منطقة اليورو تبدو أقل رغبة في رفض دعم صندوق النقد الدولي. وفي هذه الأثناء، أفضى الخبر إلى ارتفاع الأسواق حيث ارتفع مؤشر "داو جونس" الصناعي بـ1.5 في المئة ، ليقفل على 10058، كما سجلت السندات اليونانية واليورو ارتفاعا أيضا. ومن بين أسباب رد فعل الأسواق الحماسي، حقيقة مفادها أن مشاكل اليونان ليست مشاكلها وحدها، ذلك أن تخوفات مماثلة ضربت دولا مثل البرتغال وإسبانيا وإيطاليا، وجميعها دول استفادت أيضا من معدلات اقتراض منخفضة تاريخيا، يقول المنتقدون إنها كانت استثمارات أكثر خطورة مما كانت تبدو عليه. وفي هذا السياق، يقول توماس ماير، كبير الاقتصاديين في "دويتش بنك" في لندن: "هناك أوجه شبه مع القروض المنزلية عالية الخطورة في الولايات المتحدة، وبخاصة مع اليونان"، مضيفا "لقد اقترضوا أموالا باقتصاد يفتقر تقريبا إلى قاعدة صناعية ويقوم على السياحة والزراعة. كما كانوا يعيشون على نحو يفوق إمكانياتهم ومواردهم المالية. والواقع أنه حتى في حال حصلوا على مساعدة من أوروبا على المدى القصير، فإن السؤال سيظل: متى سيخفضون الإنفاق وكيف؟". الجواب، مثلما يقول "ماير" وآخرون، ينطوي على إصلاحات هيكلية مؤلمة قد تعني تقشفاً وشد الحزام بالنسبة لليونانيين والإسبان والبرتغاليين والإيطاليين خلال السنوات المقبلة لتبرير عضويتهم لمنطقة اليورو. ولهذا الغرض، تعمل الحكومة الاشتراكية في اليونان حالياً على رفع سن التقاعد وإصلاح النظام الضريبي المختل. وقد أظهرت أربعة استطلاعات للرأي نشرت نتائجها خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي أن أغلبية من اليونانيين الذي ضاقوا ذرعا بالتبذير يؤيدون هذه التدابير، حتى وإن كانت مؤلمة. غير أن العديد من موظفي الدولة ينظرون إلى هذه الجهود باعتبارها هجوما على نمط حياة مريح. ذلك أنه بفضل التمويل الذي يؤمنه جزئيا العجزُ الذي ما فتئ يتعمق في ميزانية اليونان، يتمتع موظفو الدولة اليونانيون ببعض من أكثر المزايا سخاء في أوروبا، حيث يتلقون علاوات يمكن أن تبلغ ضعف رواتبهم تقريبا، وفي بعض الحالات الحق في التقاعد مع تقاضي معاش كامل في سن الخمسين، أو حتى قبل هذه السن. ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©