السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الاقتصاد الأميركي والافتقار إلى التفاؤل

13 سبتمبر 2011 01:15
الموضوع الأكثر تناولاً في موسم انتخابات 2012 هو"خلق وظائف بأعداد تكفي لتغيير حظوظنا الاقتصادية"، ففي الوقت الراهن نجد أن معلقي نشرات الأخبار، والسياسيين، والمؤلفين يدلون بدلوهم في هذا الموضوع. لكن المشكلة أن هؤلاء الأشخاص لا يساهمون في خلق الوظائف. أما أنا فباعتباري مديراً لمشروع صغير، فإنني أساهم في ذلك. فالمشروعات الصغيرة، لمن لا يعرف، هي المكان الذي يبدأ من عنده خلق الوظائف في أميركا. ومن خلال موقعي كرائد أعمال ومدير لشركة لتصميم البرامج الحاسوبية فإنني أود أن أدلى بدلوي في هذا الموضوع باعتباري أحق من معلقي الأخبار، والسياسيين والمؤلفين، بذلك. الحاجة الأكبر في الوقت الراهن، هي الحاجة لرؤية وطنية، وشعور بالتفاؤل، يجب أن يتم بثهما والتعبير عنهما بطريقة غاية في الوضوح على القمة، ومن قبل أوباما شخصياً. الملايين من أصحاب المشروعات الصغيرة في الولايات المتحدة ومديريها يشاركونني رأيي عن الدور الكبير الذي يلعبه التفاؤل. يرجع هذا لأننا متعودون على تلك الدائرة المعروفة بـ" دائرة" الخوف مقابل التفاؤل" التي تؤثر على كل قرار من قرارات المشروعات التجارية وعلى وجه الخصوص تلك المتعلقة بتعيين موظفين جدد. وتلك الدائرة لا تؤثر على تصرفات المديرين فحسب، بل إن الشيء الأكثر أهمية من ذلك أنها تؤثر على إنفاق الزبائن الذين يتعاملون مع شركاتهم. يرجع ذلك لأن الأحداث الكبرى مثل الحادي عشر من سبتمبر عادة ما تقترن بحدوث انهيارات لأسواق الأوراق المالية تؤدي لحالة من الهلع والخوف الشامل، وهو ما يؤدي لتباطؤ الإنفاق وانخفاض الإيرادات، وتوقف عمليات تعيين موظفين جديد. فعندما يسود الخوف فإن الشركات لا تقوم عادة بتعيين موظفين. وعاما 2008 و2009، اللـذان تأثرا كثيراً بعامل الخوف كانا من أسوأ الأعوام التي مررت بها في حياتي في مجال التجارة والأعمال، حيث رأيت خلالهما كيف كان المستهلكون يحجمون عن الإنفاق، أو يؤجلونه لمرحلة لاحقة. كما رأيت كيف تم تأجيل مشروعات مهمة على الرغم من أن تأجيلها كان ضد مصلحة أصحابها، وكيف كان الموظفون في الشركات التي ظلت في العمل ينتظرون بفارغ الصبر أن يصدر إليهم مدراؤهم إشارة البدء كي يقوموا بإصدار أمر شراء أو إتمام معاملة من المعاملات. وفي أجواء مثل هذه كان من الطبيعي أن يلجأ الكثيرون من أصحاب المشروعات التجارية للوسيلة التي كانوا يلجؤون إليها دوماً، وهي عرض خصومات كبيرة على أسعار البيع ولكن تلك الوسيلة لم تنجح سوى في إقناع البعض بالشراء، في حين أحجمت الغالبية العظمى من المستهلكين عن ذلك. ولم أبدأ في رؤية بعض البشائر التي تدعو للتفاؤل، إلا في بداية الربع الثاني من العام الحالي 2011. وكان دليلي لذلك أن شركات كبرى مثل "جنرال اليكتريك"، نجحت في الخروج من خانة الإفلاس التي وجدت نفسها فيها خلال السنوات السابقة، وبدأت لأول مرة في تحقيق أرباح. كما عادت سوق الأوراق المالية إلى مستوياتها المرتفعة قبل الأزمة، كما أن النقود الورقية التي كانت الشركات والمؤسسات الكبرى تحتفظ بها في خزائنها، بدأت في التدفق مجددا للأسواق، وبدأ زبائننا في تقديم طلبات كبيرة بشراء برامج حاسوب. وخلال أسابيع قامت مؤسستنا بتعيين عدد من الموظفين الجدد، كما زادت من أجراء المقابلات الشخصية تحسباً لظهور حاجة للمزيد من الموظفين. ولكن فجأة حدث شيء غير متوقع، عندما بدأت حكومة الولايات المتحدة في تصنيع وتصدير مخاوف من خلال أحاديث متضاربة، لا نهاية لها عن رفع سقف الديون. ولم يتم تقديم الحل لتلك المشكلة إلا في اللحظة الأخيرة، وهو حل لم يكن ناضجاً تماماً. نتيجة لذلك أصيبت الأسواق المالية بحالة من الشيزوفرينيا، أو الانفصام المرضي، كنتيجة لكل ذلك. وهنا يبرز السؤال من الذي كان مسؤولًا عن دائرة الخوف/ التفاؤل هذه؟ لا يستطيع أحد أن يقدم إجابة دقيقة على ذلك. المهم أن حالة التردد، وعدم القدرة على اتخاذ القرار الذي وسم القيادة الأميركية انعكس في أزمة سقف الديون كان لابد وأن ينعكس مرة أخرى في أذهان المستهلكين الذين عاد إليهم الخوف. في الأوقات الصعبة يتطلع الناس إلى القيادة الملهمة. وبدون تلك القيادة فإنهم يسقطون في قبضة الخوف. وفي مثل هذه الحالة، يتقدم المديرون والرؤساء لسد الفراغ داخل المؤسسات والشركات، ويحاولون إنقاذ ما يمكن إنقاذه وتسيير الأمور. ولكن يبقى لنموذج القيادة الذي يقدمه الرئيس الأميركي أهميته. فالرئيس ـ ويمكن أن ينضم إليه في ذلك قادة الكونجرس هم القادرون على إلهام الجمهور، وبث التفاؤل الذي يؤشر على أن الأمور ستتطور نحو الأحسن. لقد حان الوقت لتعاون الجميع داخل الحكومة وداخل الشركات والمؤسسات التجارية وداخل المؤسسات التعليمية. الأزمة الحالية التي تمر بها أميركا في الوقت الراهن ليست بالجديدة، حيث مرت من قبل بأزمات مماثلة في أوقات مختلفة من تاريخها، وأثبتت في كل مرة قدرتها على الارتفاع لمستوى المسؤولية التاريخية. علينا أن ننظر إلى أحداث تاريخية مثل الحرب العالمية الثانية، وحرب الفضاء، والحرب الباردة، والحادي عشر من سبتمبر كي ندرك كيف واجهت أميركا التحديات، وكيف تغلبت عليها، وعندما ندرك ذلك سوف تمتلئ قلوبنا بالأمل الذي يقود حتما إلى الرخاء. ريتشارد شريدان محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©