السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«طوفان» الديون المعدومة يهدد «سفينة» البنوك الهندية

«طوفان» الديون المعدومة يهدد «سفينة» البنوك الهندية
1 سبتمبر 2012
تكمن واحدة من مصادر القوة الهندية في شركاتها، التي تتميز عموماً بأرباحها وجودة تسييرها وميزانياتها المتعافية، لكن تعاني الدولة الآسيوية أيضاً معدلات كبيرة من الديون، حيث جرى العرف في الهند على تفضيل المؤسسات للاقتراض من خلال إصدار الأسهم، بدلاً من خفض هذه المؤسسات للحصص الرئيسية المملوكة لشخصيات أو عائلات معروفة. وفي غضون ذلك، تعاني العديد من شركات القطاع الخاص من “طيران الهند” إلى مجالس الكهرباء المحلية، التي تستنزف ما لديها من سيولة ولا تزال لديها المقدرة على الاقتراض من البنوك الحكومية. كما يتم تسديد فواتير مشاريع البنية التحتية من طرق إلى محطات طاقة ومطارات، عبر القروض أيضاً. وتواجه بعض هذه المشاريع المشاكل نظراً للروتين الحكومي ولبطء نمو اقتصاد البلاد. وتتضافر كل هذه العوامل، لتؤكد أن الهند مقبلة على مشكلة ديون معدومة، أكبر من تلك التي يشير إليها المستوى شبه الثابت من قروض البنوك الرسمية غير العاملة. لكن ليس من الممكن معرفة الحجم الحقيقي لهذه الديون وذلك نتيجة لأن معظمها تحمل صفة ديون تمت إعادة هيكلتها. ويعني ذلك تخفيف حدة شروطها وأنه لا ينطبق عليها لفظ ديون معدومة من الناحية الرسمية. وبلغ حجم مثل هذه الديون نحو 43 مليار دولار في شهر مارس، أي ما يعادل 2% فقط من الناتج المحلي الإجمالي الهندي، وكنسبة من كل القروض، أقل بكثير من المستوى الذي شهدته الأزمات الآسيوية السابقة أو في الهند في بداية تسعينيات القرن الماضي عندما بلغت الديون المعدومة ربع النسبة الكلية. كما تقل أيضاً وبكثير عن الديون المكشوفة التي يقول البعض إنها انتشرت بشدة في أوساط البنوك الصينية. لكن ربما تقود مثل هذه الأموال إلى الفوضى. ويُذكر أن عمليات شطب الديون في البنوك الأميركية لم تتعد سوى 5% من الناتج المحلي الإجمالي منذ عام 2007، بينما لا تزال الديون التي تُعاد هيكلتها في زيادة مستمرة في البنوك الهندية. ويرى كي سي شاكرابارتي، نائب مدير “بنك الاحتياطي الهندي”، أن النظام المصرفي الهندي ليس من المتوقع أن ينهار، لكن في حالة استمرار هذا الوضع لسنة أو اثنتين، من الممكن أن يصاب بعدم الاستقرار. ويخطط البنك لتشديد القيود المالية مرة أخرى على إعادة هيكلة القروض التي كانت من ضمن الأولويات الوطنية في 2010. ونظرياً، لا تزال هذه القروض مقبولة، حيث عمل البنك على تخفيف شروطها لمساعدة المقترض الذي يعاني مشاكل مؤقتة. لكن وضح أن هذه الشروط تم استغلالها بصور سيئة. وعلى سبيل المثال، كانت خطوط طيران “كينج فيشر” مفلسة للحد الذي لم تستطع معه دفع أجور طاقم الضيافة، بينما لا تقل “الخطوط الهندية” عنها في مشاكلها. وتم وضع كلا الشركتين في خانة إعادة هيكلة القروض لفترة طويلة من الوقت للحد الذي تضررت فيه البنوك الدائنة. ويُذكر أن بعض القروض تمت إعادة هيكلتها لأكثر من مرة. وهناك تطور آخر، حيث تملك الهند بنوكاً متميزة في القطاع الخاص، لكن لا تزال البنوك الحكومية تشكل ثلاثة أرباع إجمالي القروض. وتشير التقديرات إلى أن 93% من هذه القروض تعود إلى البنوك الحكومية. وأضحت هذه البنوك في أوضاع مزرية مقارنة بمنافساتها في القطاع الخاص، حيث انخفض مستوى رؤوس أموالها وأرباحها، بالإضافة إلى ارتفاع معدل ديونها المعدومة. وتقوم بنوك القطاع العام بإلقاء أعبائها على عاتق بنوك القطاع الخاص. ويملك “بنك الهند الوطني”، أكبر البنوك الهندية على الإطلاق، ميزانية معافاة. وباستثناء هذا البنك، ترقد نحو 80% من القروض المعادة هيكلتها في خزائن البنوك العامة التي لا تتجاوز حصتها من رأس المال الأساسي للنظام المصرفي الهندي، سوى 50% فقط. ولو أخذنا على سبيل المثال “بنك بنجاب الوطني”، الذي يتميز بقوة كبيرة وقروض مقدمة لشركات خطوط الطيران، نجد أن حجم إعادة هيكلة القروض لديه لا تتجاوز 8% من القروض الكلية. وكمثله من العديد من البنوك الحكومية الصغيرة، يتم تداول أسهمه بأقل من قيمتها الدفترية، ما يؤكد المعاناة التي يعيشها. ويعني هذا الوضع، أن المشكلة مهما كانت صغيرة ربما تقود إلى شل أجزاء كبيرة في النظام المصرفي. وإذا افترضنا مثلاً شطب نصف القروض المعادة هيكلتها، فمن المتوقع أن يواجه أكثر من ربع النظام المصرفي قياساً على القروض، مشاكل كثيرة. وبضرورة التوصل إلى حجم خسائر البنوك، نجد أن معظم القروض مقدمة لمؤسسات كبيرة مدعومة من قبل جهات سياسية، ما يؤكد احتمال طول الصبر عليها. وتُعد الديون المعدومة المقدمة لقطاعي العقارات والبنية التحتية المعترف بها من قبل الدولة حتى الآن قليلة جداً، حيث إن الإفصاح عنها ربما يقود إلى بعض المشاكل. وتشير التجربة في الهند إلى أن 15% فقط من الديون المعادة هيكلتها، تتحول إلى معدومة. وربما تشكل ديون البنية التحتية نصف هذه الديون، حيث يرى البعض عدم احتمال تحولها إلى قروض غير عاملة، نظراً إلى حاجة البلاد لمشاريع البنية التحتية. وللتأكد مما إذا كان النظام المصرفي الهندي يواجه المشاكل، يبدو وارداً أن جزءاً كبيراً من القروض المعادة هيكلتها ستتحول إلى ديون معدومة. وفي غضون ذلك، فإن البنوك الحكومية هي التي تتعرض للضرر، خاصة الصغيرة منها. كما أنها ستعاني في سبيل جمع الأموال اللازمة نتيجة لاستنزاف السيولة من خزينة الدولة التي تمانع في دفع المزيد وليس لديها في الوقت نفسه الرغبة في خفض حصصها في البنوك. ومع كل ذلك، ليس من المتوقع انفجار الوضع، لا سيما أن البنوك الهندية تعتمد على الإيداعات وليس سوق البيع بالجملة المتداعي، للحصول على ما تحتاجه من الأموال. ويتمثل بصيص الأمل في أن تحوز بنوك القطاع الخاص بإداراتها التي تملك قدراً كبيراً من الكفاءة، المزيد من الحصة السوقية. لكن لا يزال من المرجح انعكاس ثمن مشاكل بنوك القطاع العام على المقترضين الذين ربما يواجهون شحاً في الائتمان. ويقود هذا بالضرورة إلى بطء نمو الاقتصاد الذي ينبغي عليه محاولة زيادة سرعته في ظل نظام مصرفي عقيم يقع تحت سيطرة الحكومة. نقلاً عن: «ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©