الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الهند تسن قانوناً جديداً لمكافحة الفساد

الهند تسن قانوناً جديداً لمكافحة الفساد
8 سبتمبر 2013 21:46
في أعقاب فضائح عالمية منطوية على رشى وتلاعب في الحسابات، تسعى الهند لمكافحة الفساد، وتعديل قوانينها المختصة بالرقابة على الشركات. ففي شهر أغسطس الفائت، أقر البرلمان الهندي مشروع قانون «الشركات 2012» الرامي إلى تشديد تدقيق الشركات، وفرض عقوبات صارمة على جرائم الاحتيال، وإرساء رقابة حكومية أكثر انضباطاً على المؤسسات. ومتى اعتمده الرئيس الهندي براناب موكيرجي، فإنه سيحل محل قانون الشركات الهندي المعمول به منذ 57 عاماً، الذي قال منتقدون، إنه لا يواكب ما طرأ من تغيرات على أنشطة الشركات. طالما اشتهرت الهند بفساد إداري ومالي، وهو ما دفعها إلى إقرار القانون الجديد عقب فضيحة محاسبية أطلق عليها «إنرون الهند». ذلك أنه في عام 2009، اعترف بي رامالينجا راجو رئيس شركة التعهيد البارزة ساتيام كمبيوتر سرفيسز، بأنه قدم بيانات مغلوطة عن أصول الشركة وإيراداتها تزيد على الواقع بنحو 50 مليار روبية أو حوالي مليار دولار، ثم قدم استقالته. إن مسألة أن شركة واحدة في إمكانها غش المساهمين بذلك المبلغ الضخم رغم خضوعها للتدقيق القانوني دعت إلى ضرورة فرض رقابة أكثر صرامة. غير أنه بعد انقضاء أربع سنوات من تلك القضية الصادمة، لم يجر تغيير يذكر على قانون الشركات حتى الآن. سيطال القانون الجديد جميع الشركات التي تمارس أعمالاً في الهند بغض النظر عن حجمها أو هيكلها التنظيمي أو ملكيتها بما يشمل ما يقدر بنحو 8000 شركة مدرجة في أسواق الأوراق المالية الوطنية الثلاث. ورغم أن هناك أملاً في أن يروق هذا القانون الجديد للمستثمرين الأجانب ويعجل بنمو الهند الاقتصادي، إلا أن هناك من يشكك في جدواه المنتظرة، إذ يعتمد كثير من مشروع القانون على لجان وقواعد جديدة يتعين صياغتها. ذهب المشرعون إلى وضع تغييرات جذرية بعد قيام شركة ريبوك الهند باتهام اثنين من التنفيذيين السابقين العام الماضي باختلاس 8?7 مليار روبية، حيث اكتشفت «أديداس» الشركة الأم لـ«ريبوك» أثناء التدقيق أن مديرها السابق لقطاع الهند ومدير عملياتها السابق قاما بتكوين ثروة من خلال إيصالات مبيعات مغشوشة لمتاجر وهمية وعمليات تجارية مغلوطة. وقالت أوساط الأعمال، إن مثل تلك المشاكل منتشرة في الشركات الهندية. حيث ورد في تقرير أصدرته مؤسسة كيه بي إم جي للاستشارات العالمية أن أكثر من نصف المستطلع رأيهم أفادوا بأن شركاتهم شهدت وقائع غش أو سرقة في العامين السابقين، واعتبر معظمهم أن الاحتيال يعد ثمناً حتمياً لممارسة الأعمال في الهند وأن العديد من الشركات الهندية تجنب جزءاً من ميزانياتها لتعويض الخسائر المنتظرة. سيستغرق الأمر بعض الوقت لإعمال القانون الجديد، وإن كان بعض المسؤولين يأملون في أنه من الممكن إحراز تقدم حقيقي في إصلاح نظم شركات الهند الضبابية. وقال نيتين كيني أحد شركاء كيه بي إم جي في الهند إنه يرى أن في مقدور القانون الجديد الإسهام في حل مشاكل الهند الاقتصادية بما فيها انهيار الروبية الهندية وأنها خطوة في الطريق الصحيح. جرائم الاختلاس يضع قانون الشركات الهندي الجديد عقوبات صارمة لمرتكبي جرائم الاختلاس بما يشمل السجن وغرامات مغلظة. ومنعاً للمزيد من القضايا مثلما جرى في ساتيام التي أخفق المدققون الهنود في اكتشاف المغالطات رغم قيامهم بتدقيق الشركة لسنوات - يلزم القانون بضرورة تناوب المدققين وشركاتهم. من ضمن الإجراءات الأخرى، سيتم للمرة الأولى تشكيل مجلس جديد في الهند هو الهيئة الوطنية للمراقبة المالية من أجل توصيف ومراقبة معايير المحاسبة والتدقيق. ومن المقرر دعم صلاحيات مكتب تحقيقات جرائم الاحتيال الجسيمة وهي الوكالة التي لعبت دوراً رئيسياً في قضيتي ساتيام وريبوك، ليبدأ التحقيقات وتحديد الاتهامات. إذ كانت صلاحياتها، حتى الآن، مقصورة في المقام الأول على فحص المستندات، وكانت شبه مكتوفة الأيدي وسط العديد من وكالات التحقيق الحكومية الأخرى التي لها جميعاً مجالات اختصاص متداخلة. كما تقرر إنشاء هيئة قضائية جديدة هي محكمة قانون الشركات الوطنية، تعجيلاً للعدالة ولإبعاد قضايا الشركات عن المحاكم العليا المكتظة بالقضايا لدرجة تطيل فترات التقاضي لسنوات. كما سيتم حل مجلس قانون الشركات بصفته الهيئة شبه القضائية التي كانت تبت في قضايا متعلقة بالقانون السابق. وقائع الفساد ومن المقرر إلزام الشركات في الهند باتباع سنة مالية موحدة من أبريل إلى مارس. ويكفل القانون الجديد الحماية للمبلغين عن وقائع فساد ويضم أحكاماً تحول دون تضارب المصالح والنشاط التجاري داخل الشركات. ويكفل القانون الجديد مرونة أكبر لعمليات الإندماج والاستحواذ بين شركات هندية وأجنبية، ولكنه يلزم الشركات بتعيين مدير هندي واحد كحد أدنى، الأمر الذي يمثل مشكلة للعديد من الشركات ذات الملكية الأجنبية. وسيتم الحد من عمليات شراء الأسهم بصفتها استراتيجية تعزز أسعار الأسهم المسموح بها حالياً مرتين في العام لتكون مرة واحدة سنوياً. أحد الأحكام الأكثر جدلاً يطالب الشركات الكبرى التي يزيد صافي ربحها على 50 مليون روبية بالتبرع باثنين في المئة من صافي أرباحها لبرامج المسؤولية الاجتماعية. وقال منتقدون، إن بعض التغيرات التي وضعت يعيبها أنها انتكاسية، وضربوا مثلاً بمساعي الحد من عدد توابع الشركات التي يرون أنه لا جدوى منها. التعثر المالي وقال بهارات فاساني مستشار عام تاتا سونز الشركة القابضة التي تضم مجموعة تاتا، إن القانون الجديد به الكثير من العيوب منها على سبيل المثال أنه لا يحل مشكلة تعثر الشركات مالياً، وأكد أن الشركات الهندية المتعثرة يلزمها الحماية بشدة على غرار الفصل 11 من قانون الشركات الأميركي الذي يحمي الشركات في حالات الإفلاس. وقال أيضاً، إن إبعاد المحكمة العليا عن قضايا الشركات يعد خطأ بالنظر إلى أن القانون الجديد يعتمد كلياً على كفاءة الهيئة المقرر إنشاؤها المسماة محكمة قانون الشركات الوطنية، مبرراً ذلك بأن مثل هذه الهيئات لا تحصل عادة على البنية الأساسية اللازمة والدعم والقوّة البشرية المطلوبة. وأضاف: هذا التشريع بكامله صاغه البيروقراطيون الذين لم يسبق لهم معرفة الطريقة التي تعمل بها الشركات. استقبل مستثمرو الأسهم الهندية إمرار القانون بقليل من الحماس، حيث تراجع مؤشر سنسكس 500 بنسبة 7?55% هذا العام. غير أن محللين يقولون، إنه بمرور الوقت ربما يمهد القانون الجديد السبيل إلى حوكمة أكبر، وأضافوا أن هناك أحكاماً تمنع الحكومة من التدخل في قرارات الأعمال اليومية، على نحو ينهض بحوكمة الشركات، وإن كان يتيح مجالاً أكبر لمراقبتها ولكن ذلك في رأيهم سيستغرق بعض الوقت. عن - «إنترناشيونال هيرالد تريبيون» ترجمة - عماد الدين زكي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©