السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الجلوس «الخطأ» للطلبة يشوه العمود الفقري ويؤثر على التحصيل الدراسي

الجلوس «الخطأ» للطلبة يشوه العمود الفقري ويؤثر على التحصيل الدراسي
14 سبتمبر 2011 01:58
يدق ناقوس الخطر مع بداية العام الدراسي منبهاً إلى واحدة من أهم السلوكيات الحركية الخطأ التي تتكون لدى الفرد في سنوات حياته المبكرة، المتمثلة في الجلوس الخطأ لساعات طويلة، والتي تعد من أكثر أسباب شيوع آلام العموم الفقري في العالم العربي، إذ وصلت إلى 80 في المائة من بين سكانه، وفق دراسات، وتصيب هذه الآلام في الغالب الفئات العمرية الأقل من 40 عاما، وهنا يظهر دور المدرسة؛ كونها المكان الأول الذي يشهد جلوس الفرد فيه لساعات طويلة، وبالتالي يتعلم مبادئ الجلوس السليم أو غير السليم، ومن ثم يتأثر حاضره الصحي ومستقبله بهذه السلوكيات. (أبوظبي) - تحرص هالة عبدالعليم (42 سنة)، وهي أم لأربعة أولاد، على تعليم أبنائها طريقة الجلوس الصحيحة لحمايتهم من الآثار السلبية للجلوس الخطأ لساعات طويلة، سواء في المدرسة أو أمام شاشات الكمبيوتر، وذكرت أنها تعاني من صعوبة نسبية في هذا الأمر كون الأطفال يشعرون بالملل من الجلوس المنتظم المصحوب باستقامة الظهر أثناء الدراسة والتعلم، ويحاولون دائما التململ من طول الجلوس أو الانحناء جهة اليمين تارة أو اليسار تارة أخرى، ما يضطرها أحياناً إلى نهرهم وأحياناً أخرى إلى مداعبتهم، والتحدث معهم بضرورة الجلوس الصحي، حفاظاً على أنفسهم في المستقبل. ساعات الجلوس لفتت عبد العليم إلى أن والدهم الذي يعمل موظفاً حكومياً يعاني من آلام في الرقبة وأسفل الظهر لطول ساعات الجلوس، وفي الوقت نفسه نيتجة عدم اختيار طريقة الجلوس المثلى، وهذا يدعوها لتكون أشد حرصاً على صحة أولادها وتجنيبهم أي آلام في العمود الفقري أو تشوهات تنشأ به مع استمرار الجلوس الخطأ لسنوات طويلة، قد تسبب لهم شبه انزلاق غضروفي وهو المرض الذي يعاني منه الكثيرون بسبب ثقافة الجلوس الخطأ الشائعة بين أوساط اجتماعية كثيرة. من ناحيتها، أشارت سلمى زهران (37 سنة)، أم لطفلين، إلى أن المدرسة هي التي تتحمل الدور الأساسي في تعويد الأطفال على طريقة الجلوس الصحيحة ما يحفظ لهم صحتهم ويقيهم شر أمراض العمود الفقري التي لا تظهر إلا مع تقدم العمر، مؤكدة أن المدرسة هي المكان الأول الذي يعرف فيه الطفل الجلوس لفترات طويلة، ومن ثم ينبغي على المعلمين خاصة في مراحل التعليم الأولى أن يوجهوا التلاميذ لكفية الجلوس السليم، ولا يتعاملون مع هذا الأمر باستهتار، وإنما باعتباره في أهمية المواد التعليمية ذاتها التي يقومون بتدريسها إن لم يفقها. ولم تنف زهران أهمية دور الأسرة في الحفاظ على صحة أبنائها، مبينة أنها كأم تراقب أبناءها داخل المنزل وخارجه، وتقوم بتعديل سلوكياتهم الخاطئة أياً كان نوعها سواء كان من ناحية السلوك الحركي أو السلوك الخلقي. ولفتت إلى ضرورة أن توفر كل ِأسرة المقاعد والطاولات المريحة لأبنائها بما يتناسب مع أطوالهم وأعمارهم، وألا يتساوى الأطفال في هذا الأمر، لأن هناك من الأطفال من هو أكثر طولاً من أخيه، ما قد يصيب البعض بالإرهاق في حال الجلوس الخطأ، وبالتالي يجعله يشعر بسرعة بالملل ويترك المذاكرة، ما قد يؤثر على مستواهم الدراسي وعملية التحصيل بصفة عامة. مسؤولية مشتركة من جانبه، قال سالم المحروقي (46 سنة)، أب لخمسة أولاد، إن صحة أبنائه جميعاً هي مسؤولية البيت في المقام الأول، لأن الطفل قبل التحاقه بالمدرسة يجلس إلى الكمبيوتر ويجلس إلى طاولة الطعام، هنا على الأم أن تقوم بتربيته على الجلوس السليم، مع عملية الشرح له بمساوئ الجلوس الخطأ، وبأنه سيضر بصحته مع مرور الوقت. وشدد على الكيفية التي يتعامل بها كلاً من الأم والأب في هذه المرحلة من حيث مراقبة كل سلوكيات الطفل، وتقويمها بما يساعده على التنشئة الصحية السليمة، ومن ضمن هذا الاهتمام المسارعة بالذهاب إلى الطبيب إذا لاحظت الأم أن أحد أبناءها يصر على الجلوس بشكل خطأ، كون ذلك يعد مؤشرا على بداية عرض صحي سلبي، سواء متعلق بسلامة العمود الفقري، أو القدرة على الإبصار من مكان بعيد. أما عن دور المدرسة، فهو بالغ الأهمية، وفقاً للمحروقي، لأن هناك أولاد كثيرين تبدأ علاقتهم بالجلوس لفترات طويلة بعد التحاقهم بالمدرسة، ومن ثم تظهر أهمية توجيهات المعلم لتلاميذه في كيفية الجلوس الصحيح، ليحافظ على صحة أبنائه الطلبة، ويجنبهم أي آثار خاطئة لعمليات الجلوس غير السليمة، وكذلك ينبغي على المدرس توزيع التلاميذ على المقاعد التي تناسب أطوالهم، وأن تعذر ذلك ينبغي عليه إبلاغ إدارة المدرسة كي تقوم بمهامها الإدارية من حيث توفير البيئة التعليمية السليمة من كافة الأوجه، ومنها توفير المقاعد والطاولات المريحة للتلاميذ حتى يكون تركيزهم أعلى أثناء تحصيل الدروس، ولا يجلسون بطريقة صعبة تجعل من بيئة المدرسة بيئة صعبة وغير جاذبة لهم. مراقبة السلوكيات عبلة الشيخلي (32 سنة) مهندسة معمارية وأم لطفلين، أوضحت أنها بالفعل تعاني من آلام بالعمود الفقري فرضتها عليها تبعات عملها بالهندسة المعمارية، واضطرارها للانكفاء لفترات طويلة من أجل عمل التصميمات المختلفة، غير أنها تمارس بعض تمارين العلاج الطبيعي إلى جانب الرياضة للتخفيف من هذه الآلام، ولذلك هي أحرص الناس على صحة الجهاز العظمي لأبنائها، وسلامة عمودهم الفقري. ولفتت إلى أنها تقوم دائما بمراقبة أولادها أثناء الجلوس سواء للعب أمام الكمبيوتر، أو لعمل الواجبات المدرسية، كما أنها تعمل على أن لا يجلسوا لفترات طويلة متواصلة، وإنما تعمل على أن يقوموا بتأدية بعض الأمور من حين إلى آخر، حتى لا يعتاد العمود الفقري على وضعية معينة قد تسبب لهم آلاماً فيما بعد. ونوهت الشيخلي إلى أهمية دور المدرسة في هذا الصدد، وعليهم مراقبة سلوكيات الأولاد الحركية وليس فقط الخلقية، والعمل على تقويم الغير سليم منها، وذلك بالتنسيق مع أولياء الأمور من خلال إبلاغهم بأي سلوكيات غير مرغوبة يقوم بها الأبناء، حتى لو كانت بعيد عن السياق الدراسي، مثل أن يصر الطفل على الجلوس بشكل خطأ كأن ينكفئ على المقعد أو يجعل بصره قريباً من الكتاب بشكل أكثر من اللازم، ظنا منه أن ذلك سيكون مريحاً له، بينما يحمل ذلك معه الخطر على صحت عينيه ورقبته وعموده الفقري. من الجانب التربوي واستناداً إلى خبرته الطويلة في هذا المجال، أكد عدنان عباس، مدير مدرسة البنين التابعة لمدارس النهضة، الدور الكبير الذي تلعبه أي مدرسة في الحفاظ على صحة طلاب وسلامة عمودهم الفقري كجزء من دورها في الحفاظ على الصحة العامة للتلاميذ، وتنشئتهم بشكل سليم وإيجابي. وأضاف “في هذا الإطار تحرص المدرسة على توفير الطاولات والكراسي من حيث الحجم بما يتناسب مع الفئات العمرية المختلفة التي تدرس بالمدرسة، بما لهم من أطوال وأوزان متباينة”، مشيرا إلى ضرورة أن تكون المقاعد مصنعة من مواد عالية الجودة، وتتفق مع شروط الحفاظ على الصحة العامة. دور المدرسة ولفت إلى ضرورة أن يكون المقعد والتصميم الخاص به متوافقاً مع أحدث المواصفات العالمية، في الحفاظ على سلامة العمود الفقري لمستخدميه، حتى لا يتأثر الطالب صحياً، وبالتالي تظهر لديه إشكالات دراسية، من تأخر للمستوى الدراسي أو عدم الشعور بالإقبال على العملية الدراسية بصورة شاملة، موضحا أن المدارس تحصل على المقاعد الخاصة بها من خلال السوق المحلي، ولكنها تكون مستوردة من الخارج ومطابقة لأحدث المقاييس الصحية العالمية. وانطلاقاً من أن المعلم هو الأكثر التصاقاً بالتلميذ خاصة خلال السنوات الأولى في العملية التعليمية، يبرز دور جوهري للمعلم في إطار توجيه التلاميذ لطريقة الجلوس الصحيحة، وكذلك مراقبة التلاميذ داخل الصفوف، وعمل تقارير عن الحالات التي تتطلب تغيير في مقاعدها أو طاولاتها كي تكون أكثر توفقاً مع التلاميذ واحتياجاتهم، بحسب عباس. وأكـد عباس أن هناك في كل قسم مشرف يقوم بمتابعة الصفوف ويتلقى الشكاوى المختلفة، سواء من الطلبة أو أولياء الأمور، ثم يقوم بعد ذلك بكتابة تقرير لعمل ما يلزم بما يفيد مصلحة الطالب والقضاء على المشكلات التي قد يعاني منها، مشددا على دور المؤسسات الرسمية المسؤولة عن التعليم داخل الدولة، في متابعة كل ما يتعلق بالمقاعد وطاولات المدارس سواء داخل المدارس أو الأسواق، والتأكد من مدى مطابقتها لكافة الشروط الصحية، كون هذا الأمر شديد الخطورة بالنسبة لصحة التلاميذ ويؤثر في حاضرهم ومستقبلهم، لأن جلوس أحد الطلاب على مقعد غير مريح، قد يسبب له فشل دراسي أو عاهة مستديمة تتكون بمرور الوقت. وقال “في ظل سعي أبوظبي للمحافظة على مكانتها دائماً في تواجدها بين أفضل المستويات العالمية في التعليم من كافة النواحي، تظهر أهمية العناية بهذا الجانب الذي يؤثر تأثيراً مباشراً سواء في التعليم أو في صحة التلاميذ”.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©