الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حادث سير يخطف حلم الشهرة من «عملاق» جزائري

حادث سير يخطف حلم الشهرة من «عملاق» جزائري
14 سبتمبر 2011 02:00
(الجزائر) - كان يطمح إلى أن يصبح نجماً مسرحياً أو فناناً كوميدياً شهيراً، ولكنه تعرض لحادث مرور عطل مسيرته الفنية، وأقعده الفراش منذ نحو سنتين. اسمه منير فورار، من مواليد 28 نوفمبر عام 1973، اكتسب شهرة كبيرة داخل الجزائر وخارجها، حينما أصبح ثاني أطول رجل في العالم بـ2.44 متر، غير بعيد عن صاحب الرقم القياسي العالمي في هذا المضمار الباكستاني الذي يبلغ طوله 2.48 متر. سن مبكرة يعيش فورار بمدينة عين التوتة، في ولاية باتنة (456 كيلومتراً شرق الجزائر العاصمة)، وهو شخصية تتمتع بخفة الظل، إذ يحب الطُرف ولا يكف عن إطلاقها لخلق جو من المرح بالبيت وتسلية ضيوفه، وهو أمرٌ يشتهر به منذ سنوات، لكن المفارقة هذه المرة أن منير شبه مقعد بعد أن تعرض لحادث سير بسيارته منذ عامين ليصاب في فقرات ظهره السفلية، ويلزم الفراش ولا يغادره إلا مضطراً وبمشقة وفي وضعية غير مريحة، حيث يحرّك جسده بصعوبة، لعدم قدرته على الوقوف، وبرغم شدة الصدمة على فورار، الذي كان قد قطع خطوات في مشواره الفني، إلا أن ذلك لم يُفقده روحَ الدعابة والمرح ليخفف بذلك عن نفسه بالدرجة الأولى. والطريف أنه لا يجد حرجاً في أن يسرد بنفسه المواقف الغريبة التي تعّرض لها من قبل بحكم طوله الفارع الذي يُشعرك بأنه أحد «بقايا» قوم العمالقة، وهو الأمر الذي جعله يدخل قلوب كل من عرفه بسرعة. يقول «حينما ازداد طولي زرتُ حلاقاً وجلستُ على الكرسي، فبحلق فيّ بعض الوقت ثم طلب مني الوقوف، وقال: انتظر حتى أجلب لك قطعة (آجر) لتجلس عليها، ثم سنرى إن كنتُ سأصل إلى شعر رأسك أم لا». وبدأت الزيادة غير المتوقعة في طول قامة فورار في سن مبكرة من عمره، فما أن تجاوز العاشرة حتى بدأ طوله ينمو بشكل غير طبيعي حتى تجاوز المترين في بضع سنوات، ما أربكه وأثار انتباه الجميع، وأثر سلباً في دراسته وفي مشواره الرياضي أيضاً كلاعب كرة يد ماهر، حيث اضطرّ إلى التوقف عن دراسته في الصف الثالث من المرحلة الوسطى، والتفرغ للعلاج لإيقاف نموّ طوله. إلى ذلك، يقول «كان طولي يزيد 7 سنتمترات شهرياً، أي بـ84 سنتمتراً سنوياً، ما دفعني إلى طلب العلاج بسرعة حتى أوقفه عند حدود معقولة، فخضعتُ لخمس جراحات و31 حصة للعلاج بالأشعة في الجزائر العاصمة، فتم إيقافُ هرمون نمو الطول في الغدة النخامية، ومن ثمة إيقاف طولي أخيراً عند حدّ 244 سنتمتراً». شهرة مؤقتة بعد انتهاء العلاج، كان فورار اشتهر وتحدثت عنه وسائل الإعلام المحلية، وانهالت عليه العروض الفنية للتمثيل في عدة مسرحيات وأفلام ومسلسلات إلى جانب العديد من الفنانين المشهورين بالجزائر، ومنهم الفنان الكوميدي حكيم دكار، الذي يعتز منير كثيراً بتجربته الفنية معه، رغم أن عائداتها المادية كانت رمزية ولم تحسّن وضعه المعيشي، كما زار عدة بلدان ومنها السعودية للعمرة، وسوريا وتونس وسويسرا وفرنسا، وهناك اهتمَّت وسائل الإعلام الفرنسية به، وأجرت معه 5 لقاءات في أسبوع واحد، وفي فرنسا حصل منير على حذاء جديد بمقاس 64، وقال له مذيع إحدى الفضائيات مداعباً «لقد تطلب الأمر استعمال جلد بقرتين لنتمكن من صنع الحذاء لك». والواقع، أن فورار يعاني قلة الملابس والأحذية «الضخمة» التي تتسع له، ما دفع بعض الشركات بالجزائر إلى صنع أحذية وملابس «خاصة» بمقاسه العملاق. ويؤكد فورار أنه لا يزال يعاني قلة الألبسة والأحذية المناسبة لمقاسه، ما يدفعه إلى ارتداء حذاء الشتاء في عز الصيف. وبعد الحادث، أصبح فورار بحاجة إلى عربة ذوي الاحتياجات الخاصة أيضاً لتنقله، ولكنه لم يحصل سوى على عربة صغيرة منذ شهر من أحد المحسنين، ولم يتسنَّ له استعمالها لضيقها الذي لا يناسب ضخامة جسمه، ويأمل أن يجد شركة تصنّع له عربة واسعة تمكنه من الخروج من بيته والتنقل في الشوارع بحرِّية. يقول «أقضي معظم وقتي الآن في حل الكلمات المتقاطعة وقراءة الجرائد، لقد مللتُ طول البقاء بالبيت، وأتمنى العودة إلى سابق عهدي، حيث كنتُ لا أبرح المقاهي التي أقضي فيها أوقاتي مع الأصدقاء، وإذا عثرتُ على عربة مناسبة، فأتمكن من الخروج إلى العالم الواسع مجدداً». وكان واضحاً على محيَّا فورار أن البقاء بالبيت العائلي ليلاً نهاراً قد أرهقه كثيراً، لا سيما أن الكثير من «أصدقائه» قد تنكر له، وهو ما حزّ في نفسه كثيراً، لكن أكثر ما آلمه هو التنكر الرسمي له، إذ لم تتكفل السلطات بعلاجه وإرساله إلى الخارج لإجراء جراحة دقيقة على عموده الفقري كما كان يأمل، كما أنه غير مؤمن عليه صحياً، ولا يستفيد من أي تعويض من الضمان الاجتماعي عن مصاريف علاجه وأدويته، كما أن السلطات لم تخصص له أي منحة يعتاش منها، لتبقى المنحة البسيطة لوالدته المتقاعدة هي المصدر الوحيد الذي تنفق منه عليه وعلى كل العائلة. عمرة بشق الأنفس أدى منير فورار العمرة ولكن بصعوبة بالغة، إلى ذلك، يقول «أديتُ العمرة في 2003، ولم يجدوا لي ملابس إحرام لمقاسي إلا بصعوبة، ثم قلتُ لأبي إني لا أستطيع الطواف حول الكعبة، ورجلاي عاجزتان عن حمل وزني الذي بلغ 120 كيلوجراماً آنذاك، فاستأجر لي من يحملني على الأكتاف مقابل 200 ريال سعودي، وحينما وصلوا إليّ وشاهدوني، أُصيبوا بالدهشة وصاح أحدُهم: هذا بـ 600 ريال، فدفعها أبي، وطافوا بي بشق النفس وأُرهقوا كثيراً».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©