الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

ليبيا: دعوات لإنهاء فوضى الميليشيات

8 سبتمبر 2013 23:26
بعد عامين من الثورة التي أطاحت بالطاغية الليبي معمر القذافي، وبعد عام من الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي ومقتل السفير كريستوفر ستيفنز وثلاثة آخرين، لم تستطيع الحكومة الليبية الهشة السيطرة، حتى الآن، على الأمن في البلاد. فحتى النزاعات الصغيرة قد تتحول إلى أعمال عنف بالمسدسات في الشوارع. وتتزايد عمليات الخطف والسطو المسلح كما اغتيل مسؤولون من الحكومة وآخرون في هجمات بالأسلحة النارية والقنابل. ويتسلل المسلحون ومهربو الأسلحة عبر الحدود المهملة أمنياً مع تشاد والنيجر. والوضع الأمني المبهم في ليبيا يهدد الاستقرار في ذلك البلد الذي يمتلك أكبر مخزون من النفط في شمال أفريقيا، ويتسبب في قلاقل في منطقة مضطربة بالفعل بعد تصاعد أعمال العنف في مصر المجاورة وشبح شن هجوم عسكري أميركي في سوريا. فبعد 42 عاماً من الحكم الاستبدادي، تركت الحكومة الليبية المتعثرة الأمن في أيدي ميليشيات خاصة أفضل تسليحاً وأكثر عدداً من الشرطة والجيش ضعيفي التدريب والعتاد. وقد ظهرت هذه الميليشيات أثناء الثورة في القرى والبلدات والمدن في مختلف أنحاء البلاد التي يبلغ عدد سكانها 6,4 مليون نسمة. وقد شكل التجار والصناع والمزارعون ميليشيات بناء على أساس قبلي أو ديني، أو على أساس الجوار، واستمدت الميليشيات أسلحتها من ترسانة القذافي الضخمة، وأصبحت شبكة شديدة التنوع لا يجمعها إلا هدف التخلص من القذافي. وبعد الإطاحة بالقذافي في أكتوبر عام 2011 لم يلق المقاتلون السلاح وأصبح ينظر إليهم باعتبارهم أبطالاً ومحررين. وتحولت بعض الميليشيات إلى عصابات إجرامية وبعض أفرادها أصبحوا متطرفين دينيين. وكثير من الميليشيات مثلت مزيجاً من كل شيء، فبعضهم ضباط شرطة، ووطنيون. وهنالك مسلحون آخرون أيضاً، ولصوص، ومتطرفون! مما يجعل من الصعب معرفة من منهم يساعد فعلاً في انتقال ليبيا في فترة ما بعد الثورة، ومن يعرقل هذا الانتقال. وأكثر الرجال نفوذاً في العاصمة طرابلس هو هشام بشير البالغ من العمر 42 عاماً، رئيس اللجنة الأمنية العليا. وقال بشير الذي يتمتع بشخصية قيادية ويرتدي زياً عسكرياً إنه حصل على درجة علمية في المكتبات في جامعة ليبية ثم درس الشريعة في المملكة العربية السعودية وموريتانيا وتونس. وقال بشير إن اللجان الأمنية العليا كانت هي البديل الوحيد لملء الفراغ الأمني بعد الحرب، مؤكداً أن اللجان تتلقى طلبات لفعل كل شيء من التحقيق في أعمال الخطف إلى التوسط في الخلافات بين الأزواج. وقال عدد من سكان طرابلس إنهم على رغم خوفهم من الميليشيات وعدم رضاهم عنها إلا أنهم يقبلونها أيضاً باعتبارها السلطة القائمة. ويقول السكان إنهم في حالة الضرورة يتصلون بهاتف اللجان الأمنية العليا، وليس بهاتف الشرطة الذي غالباً ما يكون خارج الخدمة. وتحاول الحكومة أن تخضع بعض الميليشيات لسيطرتها، ولكن لم يحالفها النجاح كثيراً في ذلك. وهي تدفع حالياً أجوراً لآلاف المقاتلين الذين انضمت كتائبهم اسمياً ضمن منظمتين كبيرتين هما اللجان الأمنية العليا وقوات درع ليبيا. ولجان الأمن العليا تقوم بأعمال الشرطة بإشراف وزارة الداخلية بينما تعمل قوات درع ليبيا التي تتخذ من بنغازي مقراً لها تحت إشراف رئيس أركان الجيش. ولكن على رغم أن الميليشيات تتلقى أجورها من الحكومة، فهي ما زالت مستقلة إلى حد كبير، وأفرادها لا يرتدون زي الشرطة، ويتلقون أوامرهم من قياداتهم وليس من مسؤولي الشرطة. ويقول بشير إن اللجان الأمنية العليا تضم 161 ألف عضو على امتداد البلاد. وقال إن هناك نحو 29 ألف عضو في طرابلس ولكن نحو 12 أو 13 ألفاً يمارسون عملهم، والباقي يتقاضون رواتبهم دون عمل في ظل تسيُّب محاسبي وافتقار للرقابة. وأضاف أنه أمر بسجن بعض أفراد الميليشيات لاتجارهم في المخدرات. وما زال الوضع الفوضوي للميليشيات مستمراً في ليبيا. ففي يونيو الماضي، قتل أعضاء من قوات درع ليبيا نحو 30 مدنياً كانوا يحتجون خارج مقر الميلشيا في بنغازي. كما حاصرت الميليشيات عدداً من مباني الحكومة في طرابلس في وقت سابق هذا الصيف للضغط على البرلمان كي يقر تشريع عزل يمنع الموالين للقذافي من شغل مناصب حكومية. وقد أضر التسيب الأمني بالاقتصاد. فمدينة طرابلس تنتشر فيها آلات الرفع المتوقفة عن العمل عند عدد من مواقع المباني التجارية والسكنية التي لم تكتمل منذ قيام الثورة. وفي الشهرين الماضيين استولى أفراد أمن تابعون لميليشيا محلية على أربع محطات رئيسية لتصدير النفط. وأكد رئيس الوزراء الليبي علي زيدان الأسبوع الماضي للصحفيين إن صادرات ليبيا من النفط انخفضت إلى 15 في المئة، لتصل إلى 250 ألف برميل بدلاً من 1,6 مليون برميل في اليوم قبل الثورة عام 2011. ويقول مسؤولون ليبيون إن تعطيل الصادرات كلف البلاد نحو ملياري دولار. وتقر الشرطة بضعفها وافتقارها للعتاد والتدريب للاضطلاع بعملها. وقال محمود إبراهيم شريف قائد شرطة طرابلس إن الحكومة تتقاعس عن تقديم التمويل اللازم لتدريب ضباط الشرطة وتزويدهم بالعتاد. وقال إنه في مواجهة عمليات الخطف والسطو المسلح المتزايدة، فنادراً ما يحاول ضباطه اعتقال الجناة لأنهم عادة ما يكونون أفضل تسليحاً من الشرطة، وإن محاولات الاعتقال توقفت بعد أن استهدفت هجمات بالقنابل الصاروخية ضباطه. وقال شريف إنه يجري مفاوضات مع بشير كي يتم دمج اللجان الأمنية العليا في الشرطة مؤكداً أن العملية قد تستغرق شهوراً، ويقول بعض المنتقدين في طرابلس إن الوضع فوضوي إلى درجة أن هذا الدمج لن يحدث أبداً. كيفين سوليفان ليبيا ينشر بترتيب مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©