السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

اليوم الدراسي الأول محطة انطلاق إلى رحلة «الألف ميل»

اليوم الدراسي الأول محطة انطلاق إلى رحلة «الألف ميل»
2 سبتمبر 2012
في حياة كل منا محطات مهمة في مسيرة حياته الطويلة بحلوها ومرها، يصعب حصرها أو تذكر الكثير من تفاصيلها. لكن المحطة الأهم التي لا يمكن أن تمحى من الذاكرة ربما يكون اليوم الأول من التحاقنا بالمدرسة. تاريخ يصعب أن يمحى بسهولة، بتفاصيله وطقوسه وذكرياته. واليوم تستقبل المدارس باختلاف مراحلها الطلاب في بداية عام دراسي جديد، ومن بين هؤلاء آلاف الصغار الذين يصطحبهم آباؤهم أوأمهاتهم في حلل جديدة مميزة، ليضعوا أقدام صغارهم على عتبات طريق طويل، وعالم جديد، يختلف كثيراً دون شك عن عالم اللعب واللهو والطفولة واللامسؤولية المطلقة، ليبدأ الطفل الخطوة الأولى ـ المبكرة جداً ـ في عالم الالتزام والانضباط والعمل والمسؤولية، وكيف يشق طريقة الطويل لتحديد معالم مستقبله التعليمي والأكاديمي. فكيف يتعامل الآباء والأمهات والإدارات المدرسية مع هذا الوافد الجيد الذي يخط بقدميه اليوم الأول في مسيرته التعليمية المشرقة ؟ خورشيد حرفوش (الاتحاد) - هناك نسبة كبيرة من الأطفال يصاب بالانزعاج مع انتهاء الإجازة الصيفية الأمر الذي يعني النوم والاستيقاظ مبكراً، ومشاهدة التلفزيون بحساب، وغيرها من الأوامر التي يمليها الآباء على الأبناء. لكن سرعان ما تنتهي المعاناة ويتأقلم الأطفال على الروتين اليومي الجديد بعد أيام معدودة من دخول المدرسة، لكن تبقى المخاوف لدي الأطفال الملتحقين بالمدرسة للمرة الأولى، وبوجه خاص أولئك الذين لا ينالون نصيباً كافياً من التأهيل النفسي من قبل الأسرة، أو ممن حرموا من فرص الانخراط في دور للحضانة أو لرياض الأطفال، ومن ثم يواجهون متاعب ما للتكيف مع النظام المدرسي الذي يجدون أنفسهم في مواجهته دون سابق إنذار. وتشير الدراسات التربوية إلى أن بعض الأطفال يعانون الخوف والقلق مع بداية الالتحاق بالمدرسة، ويعود ذلك إلى عدة أسباب، وهي خروج الطفل من بيئة البيت الضيقة إلى بيئة أوسع وأشمل، عدد أفرادها أكبر بكثير من الأسرة العادية، والكل بالنسبة لهم غرباء وغير مألوفين، ولاسيما الأطفال الذين لم يكن لهم تواصل مسبق خارج دائرة البيت والأسرة، ويعانون في البداية من صعوبة التواصل مع المحيطين بهم في المجتمع المدرسي، أو أولئك الأطفال الذين تربوا على الارتباط اللصيق بأمهاتهم إلى درجة مرضية. تهيئة تشير شمة سعيد «موظفة» إلى أهمية التحاق الطفل في سن مبكرة بدار الحضانة، ومن ثم روضة الأطفال، وتقول إنها كانت محظوظة أن ألحقت طفليها الأول والثاني بروضة للأطفال قريبة من مكان عملها، وأن ذلك ساعد الابن الأكبر على التغلب على مشاعر الخجل التي كان يعاني منها، وتعود على الاختلاط بالأطفال، من خلال اللعب، وأنها دأبت قبل دخول أي من أطفالها المدرسة أن تستعد لذلك، وتتحدث معه عن مميزاتها، وأنها فرصة أوسع وأجمل وأرحب لممارسة الهوايات التي يحبها ومنها الرسم، فضلاً عن القراءة والكتابة التي تعلمها مبسطة في الروضة، ولم تجد أية صعوبة في تهيئة الطفلة الثالثة لدخول المدرسة هذا العام، وأنها ستقوم باصطحابها لتعرفها على معلماتها وعلى كيفية ركوب الحافلة، وكيف تنظم برنامجها اليومي، والتعرف على مشرفات المدرسة والحافلة». تكمل أم خالد «موظفة»:» حرصت أن أهيىء طفلي لهذا اليوم منذ وقت بعيد، فلقد انتظم بالروضة، وشجعته على الخروج إلى الأماكن العامة، ومصادقه الأطفال في نفس الحي ممن سيلتحقون معه هذا العام بالمدرسة وحاولت معه التعرف علي بعض زملاء الفصل قبل دخول المدرسة من الذين سيشاركونه ركوب الحافلة حتى يشعر بالألفة، كما تحدثت إليه عن اليوم الذي يبدأ فيه الذهاب للمدرسة لأول مرة، وإزالة القلق الذي قد يساوره، وشاركته اختيار ملابسه، وأدواته المدرسية، مما أدخل السرور إلى قلبه، وسيقوم والده باصطحابه إلى المدرسة في اليوم الأول، ولا أظن أنه سيواجه مشاكل في ذلك». مشاركة يرى خالد سعيد، مساعد مدير مدرسة عبد الجليل الفهيم للتعليم الأساسي للبنين «الحلقة الثانية»، أن من الأهمية تهيئة الطفل الذي سيلتحق بالمدرسة لأول مرة خلال العطلة الصيفية، ومحاولة افهامه وتجهيزه لاستقبال نظام جديد عليه، فكثير من الآباء يسرفون في الاهتمام بتجهيز أدوات الطفل اللازمة للدراسة بينما يفوت معظمهم شيء آخر له أهمية كبيرة، وهو مساعدة طفلهم على التأقلم مع الجو الجديد الذي سيلتقي به عند ذهابه للمدرسة لأول مرة لذلك يجب أن يكون أهم شيء تفعله خلال هذا الأسبوع هو أن تدعو إلى منزلك بعض الأطفال ممن سيشاركون طفلك في الدراسة سواء كانوا من الأقارب أو الجيران أو أبناء الأصدقاء، ومن ثم يتم خلال الأسبوع الأخير تجهزه بما يحتاج أثناء الدراسة، كالأدوات الكتابية ، والزي المدرسي، والحقيبة والحذاء، وعندما يخالج الطفل شعور بالخوف أو القلق أو الخجل، على الأسرة ألا تبتعد عن أسلوب التخويف والترهيب والضغط ، فعادة ما يشعر الطفل بالقلق والتوتر في هذه الليلة ، فعلى الوالدين أن يحاولا معه بهدوء ويشجعانه بشكل بسيط وهادىء ، ولا يمنع من تحفيزه بالهدايا البسيطة، والإثابة، وأن يصطحبه الأب والأم إلى المدرسة في اليوم الأول ويشاركانه فرحة هذا اليوم». يوم مبهج الأخصائية النفسية سوسن الحلاوي، تفسر هذه الحالة، وتقول: « أكثر الأطفال الذين يواجهون متاعب التكيف مع المدرسة، أولئك الصغار الجدد الذين حرموا من فرص التواصل المسبق خارج دائرة البيت والأسرة، أو ممن لم تتاح أمامهم فرص دخول دار للحضانة أو رياض الأطفال حتى يتعودوا أن يقضون ساعات معينة بعيداً عن الأم وعن الأسرة، أو أبناء الأسرة المنغلقة على نفسها، وهؤلاء يعانون في البداية من صعوبة التواصل مع المحيطين بهم في المجتمع المدرسي، كذلك الأطفال الذين تربوا وكبروا وهم يلتصقون بأمهاتهم بدرجة مرضية. ويمكن تقسيم المخاوف إلى قسمين، الأول خوف مؤقت ناتج عن الجو الجديد والبيئة الجديدة التي سيدخلها الطفل، والثاني هو الخوف الدائم والطويل وفي الأعم يكون سببه مكبوتات ومشكلات نفسية، وهناك مخاوف أخرى ناتجة عن صعوبة التعلم أو صعوبة الكتابة أو ناتجة عن تعامل المعلم أو البيئة المدرسية، وهي نسبة لا تكاد تتجاوز 6 إلى 10 في المائة من كل الحالات، فالمشكلات التي يمكن أن تعترض الصغار، يمكن تخطيها بمساعدة الأبوين والإدارة المدرسية ومعلمة الصف، ومن ثم ننبه هنا علي أهمية دور الآباء في بث الثقة في نفس الطفل بعدم نقل مخاوفهم إلى دواخل الطفل مما ينتج عنها إرهاب من الدروس والمدرسة يستمر مع الطالب مدة طويلة». وتكمل الحلاوي:» كما يجب على الآباء ألا يتعاملون مع أطفالهم بعصبية زائدة بما يزرع المخاوف في أعماقهم، وهنا يبرز دور الأم في ترغيب طفلها في المدرسة وتهيئته نفسياً لأول يوم حتي يمر بسلام، وذلك عن طريق التمهيد قبل المدرسة بمدة كافية ليكون الطفل انطباعاً جيداً عن هذا المكان المجهول بالنسبة له، كأن تتحدث معه كثيراً عن أهمية المدرسة والدراسة، وأن تشرح له أن المدرسة ستجعل منه شخصاً مهماً، وأنها مكان سيلعب فيه ويتعلم القراءة والكتابة والرسم، وتوضح له أن المدرسين يحبون تلاميذهم الذين لا يخافون من المدرسة، ثم تبدأ بعد ذلك باصطحابه لزيارة المدرسة قبل الدراسة بأسبوع حتى يتعود على شكل المدرسة والهيئة التعليمية. وهناك عوامل جذب أخرى يمكن للأم اتباعها بالتشجيع والتحفيز والترغيب، فالأم يجب أن تعرف ما يحبه الطفل، وما لا يحبه، ولا بد أن تسأله عما يحب أن يأكله، كأن تعد له علبة الساندويتشات بطريقة جميلة وجذابة، وأن تحرص على وضع بعض الحلوى أو ثمار الفاكهة معه، وأن تخصص له «زمزمية» ماء في شكل جميل ومريح وجذاب، وتحاول أن تجعل من هذا اليوم يوما سعيداً ومبهجاً يتذكره الطفل دائماً».. أهمية التشجيع والدعم النفسي يرى الخبير التربوي الدكتور رضوان غزال أن ذهاب الطفل للمرة الأولى إلى المدرسة حدثاً هاماً في الطفل والأبوين، فقد تكون هي المرة الأولى التي تفصل بين الطفل ووالديه طوعاً، حيث يذهب الطفل إلى مكانٍ لا يخلو من تحديات كبيرة، كالنجاح أو الفشل، وقد تكون هذه التجربة مصدر قلق للأسرة بسبب عدم قدرة الوالدين السيطرة على مجريات ما يحدث في المدرسة بعكس ما كانوا عليه في البيت. ففي المدرسة يبدأ الطفل تعلم إقامة علاقات اجتماعية جديدة مع أشخاص غرباء عنه، وسيبدأ باكتشاف نقاط ضعفه وقوته والكثير عن شخصيته من الناحية الاجتماعية، وكيفية إيجاد الأصدقاء، ويمكن أن يكون الأمر مفرحاً لبعض الأطفال، ولكنه غالباً ما يكون مصدر قلق للكثيرين، وقد يكون الأمر أكثر سهولة للأطفال ممن كانوا في دور الحضانة، وفي حال لدى أحد أو كلا الأبوين شعورٌ بالذنب أو الخوف أو القلق، فسيزيد هذا من قلق الطفل وربما من تردده في الذهاب إلى المدرسة، لذلك من الضروري تحضير الطفل لهذه الأيام عدم إبداء أي تأثر من قبل الوالدين. وعلى الوالدين مساعدة الطفل في أيامه الأولى في المدرسة، بإظهار الاهتمام والتشجيع والدعم، وأن يتحدثا إلى الطفل عن ذلك قبل بدء المدرسة و عن النشاطات الممتعة كالرياضة والقصص واكتساب المعرفة والأصدقاء، ومن الممكن أن يسمح للطفل باصطحاب لعبة صغيرة من ألعابه أو صورة للعائلة معه الى الصف في الأيام الأولى، ولا مانع من توصيل الطفل إلى المدرسة في الأيام الأولى، و لا مانع من تعريفه على الصف والملعب و باقي مرافق المدرسة، أو كيفية ركوب الحافلة، والتعرف على المشرفة المخصصة لذلك. كذلك تدريب الطفل على تحضير كتبه وحقيبته قبل النوم وليس صباحاً قبل المغادرة مباشرةً، وهذا من شأنه أن يزيل كل توتر أو خوف أو قلق عند الطفل».
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©