الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شبكة الأصدقاء أفضل وسيلة لمحاربة التوتر والقلق

شبكة الأصدقاء أفضل وسيلة لمحاربة التوتر والقلق
2 سبتمبر 2012
لاشك وجود أصدقاء وأقارب يحيطون بك ويحبونك يفعل المعجزات ويأتي بمنافع لا تُعد ولا تُحصى على صحتك. فتلك الوشائج التي تجمع كل واحد منا بخلانه وكل عزيز في أسرته هي روابط لا تقدر بثمن، وتستوجب منا بالتالي الذود عنها كمن يذود عن كنز ثمين ترتعد فرائصه بمجرد التفكير في احتمال فقدانه. فما يكون أمامه غير بذل الغالي والنفيس للحفاظ عليه ما دام قلبه ينبض حياةً وحُباً. لا شك أن امتلاك الإنسان شبكة دعم اجتماعي قوي هو أمر يساعده كثيراً على التخلص من مشاعر القلق والتوتر التي قد تنتابه في ظروفه الصعبة، سواءً إنْ هو قضى يوماً سيئاً في العمل، أو أمضى السنة بكاملها في الانتقال من مرض مزمن إلى آخر، أو تقلب من مصيبة إلى أخرى. ونظراً لأن دعم العائلة والأصدقاء والأعزاء من الزملاء مهم في حياة كل شخص، فإنه لا يمكن لأي عاقل أن يفرط فيه، بل يعض عليه بالنواجذ أملاً في جني ثماره العاجلة والآجلة. شبكة الدعم فاعلية أي شبكة دعم اجتماعي رهينة بمدى نشاط وسخاء الأصدقاء والأقارب والأقران في تقديم المساعدة عند الحاجة. ويختلف مفهوم شبكة الدعم الاجتماعي عن مجموعة الدعم. فهذه الأخيرة تتمخض عادةً عن اجتماع يديره اختصاصي صحة ذهنية. وعلى الرغم من أن شبكة الدعم ومجموعة الدعم من شأنهما كلتيهما أن تلعبا دوراً هاماً في تخفيف وطأة التوتر والضغط النفسي في الأيام الصعبة والظروف الحالكة، فإن شبكة الدعم الاجتماعي تبقى شيئاً يمكنك تطويره في الأوقات التي تنعم فيها بهدوء النفس وصفاء الذهن. فلحظات كهذه تجعلك تُدرك إلى أي حد يمكن لأحبائك أن يضحوا من أجلك، وأنهم هنا لمساعدتك متى احتجت إليهم، وكلما وقعت في ضائقة أو مشكلة فأنت لا تحتاج إلى تأطير دعم هذه الشبكة عبر عقد اجتماعات منتظمة أو تعيين قائد رسمي لها. بل إن مجرد تناول فنجان قهوة مع صديق في الكافتيريا التابعة لمقر عملك، أو إجراء محادثة سريعة مع جار، أو اتصال هاتفي مع أخ أو قريب، أو القيام بزيارة إلى مكان روحاني تهدأ فيه نفسك وتقر عينك هي بعض أشكال نشاط هذه الشبكة التي تُسهم في تقوية علاقتك الدائمة بمن تحب. وينصح علماء نفس عيادات “مايوكلينيك” كل من يتعرض لنائبة دهر ألا ينتظر الآخر ليشعر عبر الإلهام أو التخاطر بمعاناته ويبادر بسؤاله ويتجه لدعمه، بل عليه أن يأخذ زمام المبادرة. فإذا التقيت شخصا أفتاك قلبك بأنه قد يصبح صديقاً مقرباً لك، فلا تتردد في دعوته إلى مقهى. منافع الشبكة أظهرت دراسات متعددة أن اكتساب الشخص شبكةً من علاقات الدعم يُسهم في تحقيق رفاهيته النفسية. وحينما يكون للإنسان شبكة دعم اجتماعية، فإنه يستفيد منها بطرق شتى أبرزها ما يلي: - الشعور بالانتماء. فقضاء وقت طيب مع من ترتاح إليهم يُساعدك على طرد المشاعر السلبية ودفع الملل. وسواءً كان هؤلاء أصدقاء أو إخوة أو أزواجاً حديثي العهد بالأبوة والأمومة أو عشاق هواية ما، فإن مجرد إدراكك أنك لست وحدك يدفعك بقوة إلى الأمام ويجعلك تتعايش مع التوتر أو تطرده، أو حتى تنفيه من حياتك. - تعزيز روح التقدير الذاتي. فوجود أصدقاء يهتمون بك ويتصلون بك لا لشيء سوى للسؤال عن أحوالك والاطمئنان عليك دون حاجات في أنفسهم يقوي لديك الشعور بأنك شخص طيب، سهل المعشر، ويأنس برفقته الناس، ما يجعل تقديره لذاته يزداد. - الشعور بالأمان. فشبكتك الاجتماعية تُتيح لك الوصول السريع إلى المعلومة والنصيحة والتوجيه والإرشاد، وغيرها من أشكال المساعدة التي تحتاج إليها. وليس أجمل للإنسان من أن يشعر بأن لديه من يلجأ إليهم عندما تضيق به نفسه، أو حينما تجري رياح الدهر بما لا يشتهيه. وتذكر أن الهدف من بناء شبكتك الخاصة للدعم الاجتماعي هو تقليل مستويات التوتر لديك وليس زيادته. ولذلك وجب عليك الحذر من الوضعيات والحالات التي تستنزف طاقتك وتُرهق أعصابك. فتجنب مثلاً قضاء الكثير من الوقت مع الصديق الذي يُتقن ممارسة النقد الهدام ويُدمن الشكوى والتذمر وتقمص دور الضحية. وابتعد عن الأشخاص الذين تصدر منهم سلوكات مشبوهة أو غير سوية، خصوصاً إنْ كانت هذه السلوكات تؤدي إلى الإدمان. وَلْتعلم أن بذل الوقت الكافي في بناء شبكتك للدعم الاجتماعي هو استثمار حكيم ومربح، ليس فقط على مستوى ذهنك وعقلك، بل أيضاً بالنسبة لصحة بدنك، ومقولة “العقل السليم في الجسم السليم” عبارة بليغة لن تَقْدُم أبداً. فليس من الغرابة والحال هذه أن تُظهر أحدث الدراسات أن أولئك الذين يتلقون مستويات عالية من الدعم الاجتماعي يتمتعون بصحة أفضل ويعيشون أطول. فبادرْ بتكوين صداقات، وبإحياء علاقاتك السابقة، وتجديد علاقاتك الحالية. وسواءً كُنْتَ المستفيد من هذا الدعم أو المانح له، فتيقنْ أنك ستجني منه الكثير على الصعيدين النفسي والبدني. كيفية البناء إذا كنت تريد تحسين صحتك الذهنية وقدرتك على محاربة التوتر، فأَحط نفسك ببضع أصدقاء طيبين وثقاة. وإذا رغبت في معرفة كيفية تحقيق ذلك وبناء شبكة اجتماعية قوية وصلبة، فاحرص على القيام بالآتي: - التطوع. قم باختيار قضية إنسانية تشعر أنها تهمك أكثر وأقرب إلى قلبك، وأسهم فيها. وتأكد أنك ستلتقي خلال تطوعك للاهتمام بشؤون المحتاجين إليك بأشخاص يشاطرونك نفس الرؤى والأفكار، وذات الاهتمامات والقيم. - ممارسة نشاط رياضي جماعي، سواءً عبر الانضمام إلى ناد رياضي أو عبر ممارسة هوايتك المفضلة ككرة القدم أو المشي مع أصدقاء الحي أو زملاء العمل، وتيقن من أنك ستظفر حينها بحُسنيين: أصدقاء جُدد ولياقة عالية. - استئناف مسيرة التعلم والدراسة. وذلك من خلال الالتحاق بكلية محلية أو مركز للتعليم المستمر لدراسة ما تعشق من علوم وفنون ولغات، وغيرها مما تمنيت تعلمه سابقاً وأضحى ممكناً حالياً. وستلتقي في رحلتك الدراسية الجديدة هاته بأصدقاء آخرين يُشاطرونك هوايات مماثلة واهتمامات متشابهة. - التواصل الرقمي. فآخر صيحات مواقع التواصل الاجتماعي على الإنترنت تساعد كل شخص على التواصل دوماً مع أصدقائه وأفراد عائلته. وهناك الكثير من المواقع المخصصة للأشخاص الذين يمرون بأوقات عصيبة، والمصابين بأمراض مزمنة، والمصدومين من فقدان عزيز أو غال، وأولئك الذين يعيشون تجربة الأبوة أو الأمومة لأول مرة، وأولئك الذين يعيشون تجربة طلاق، وغيرهم ممن جار عليهم الزمن أو جاروا على أنفسهم. ولكن يجب الحرص طبعاً على ارتياد المواقع حسنة السمعة، مع توخي كل الحذر من الانجرار إلى زيارة مواقع غير معروفة يشهد القاصي قبل الداني بأن أضرارها أكثر من أفضالها. أهم شرط لنجاح أي علاقة إنسانية هي العطاء والأخذ، أيْ علاقة ذات اتجاهين، وليس اتجاه واحد. فكلما كنت صديقاً جيداً للآخرين، زاد عدد أصدقائك الطيبين. ودع عنك تلك التجارب السيئة التي يركز أصحابها على لعب دور الضحية والمظلوم ويكفر بشيء اسمه “صداقة”، فذلك ديدن الأشخاص السلبيين الانهزاميين فقط. وفيما يلي بعض الإرشادات التي يمكن اتباعها لتحقيق ذلك: - البقاء على تواصل. فمن اللباقة وحسن الأدب مع الآخرين الإجابة عن اتصالاتهم الهاتفية، والرد على رسائلهم الإلكترونية، والاستجابة لدعواتهم لحضور مناسباتهم، ودعوتهم أيضاً لحضور مناسباتك. - تجنب المنافسة السلبية. احرص على أن تكون سعيداً بنجاح أصدقائك بدلاً من أن تكون غيوراً منهم، وسيحتفلون معك بدورهم بإنجازاتك ونجاحاتك كلما حققتها. - الاستماع الجيد. فحاول اكتشاف ما يهم كل عزيز من أصدقائك، وكن مستمعاً جيداً. وثقْ أنك ستكتشف أن القواسم المشتركة التي تجمعك بهم هي أكثر بكثير مما كنت تتوقع. - الاعتدال ودرء الحماس الزائد. فإذا كنت متحمساً لتوسيع نطاق شبكتك الاجتماعية، فاحذر من أن تسلُك سلوك بعض “المتهورين” وتُمطر أصدقاءك وأقاربك بالرسائل الإلكترونية والاتصالات الهاتفية، واعلم أن مَثَلَ “زُر غباً تزدد حباً” لا يتناقض أبداً مع صفة التواصل الدائم. وعندما تكون في طور مشاطرة الآخرين همومك واهتماماتك، فاحذر ألا تُطلعهم على كل خصوصياتك، ولا تطلب من الآخر إطلاعك على كل تفاصيل مشكلته وخصوصياتها بحجة مساعدتك له على اقتراح حل لمشكلته، خصوصاً إذا كان هذا الصديق جديداً أو عادياً، أو إذا كان تواصلك معه لا يخرج عن نطاق مواقع التواصل الاجتماعي. - تقدير الأصدقاء والأقارب. فَخُذْ وقتاً كافياً للتعبير عن شكرك لصديقك أو قريبك، وأَعْرب له عن مدى أهميته بالنسبة لك. وكُن حاضراً وموجوداً دوماً لمساعدته ودعمه عندما يحتاج إليك. هشام أحناش عن موقع “mayoclinic.com”
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©