الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

تحولات موقف «ميركل» تجاه اليونان

2 سبتمبر 2012
بعد ثلاث سنوات من المحاولات الرامية لإبقاء اليونان المعسرة في منطقة اليورو، يظهر سياسيو دول المنطقة في الوقت الراهن قبولاً متزايداً لفكرة خروجها. وفي الوقت الذي يحتدم فيه سجال مفتوح بشأن خروج اليونان من منظومة العملة الموحدة، تتمسك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، بعبارتها المأثورة وهي "أثينا يجب أن تبقى"، وهو موقف لا يشاطرها فيه سوى عدد يقل باطراد من زملائها. فعقب لقائها مع رئيس الوزراء اليوناني "أنطونيس ساماراس" في برلين الأسبوع الماضي أدلت ميركل بتصريح قالت فيه: "نريد أن تظل اليونان جزءاً من اليورو... ولكنها يجب أن تفي بعدد من المتطلبات... وإذا ما فعلت ذلك فإنه يمكنها أيضاً توقع المساعدة منا". وهذه الكلمات تفسر مأزق ميركل. فرئيس الوزراء "ساماراس" طالب بمنحه المزيد من الوقت كي يتمكن من الوفاء بالشروط المتعلقة بالمساعدة المالية من الاتحاد الأوروبي، وصندوق النقد الدولي؛ ولكن إذا لم يتمكن رئيس الوزراء اليوناني من إظهار نتائج ملموسة، فإن ميركل لن تتمكن من تقديم المزيد من المساعدة من دون أن تقابل بمقاومة صلبة من برلمانها. ولم يتردد أيضاً زملاء ميركل في التعبير عن عدم استساغتهم تقديم المزيد من المعونات لليونان. ففي تصريح له قال "ولفجانج شويبله" وزيرة المالية الألماني وعضو الحزب الديمقراطي المسيحي الذي ترأسه ميركل: "إن منح اليونان المزيد من الوقت حتى تتمكن من الوفاء بمتطلبات اليورو يعني في الآن ذاته منحها المزيد من الأموال، وهو خيار ليس مطروحاً في الوقت الراهن". ولم يكن "مارتن ليندر"رئيس الكتلة البرلمانية لحزب الديمقراطيين الأحرار شريك حزب ميركل في الائتلاف الحاكم بأقل حزماً حيث قال: "أرى أن المشكلات في اليونان هائلة، ولكنهم إذا ما أرادوا الحديث عن شروط حزمة الإنقاذ فيجب عليهم أن يعطونا شيئاً في المقابل". أما" فيليب روسلر" وزير الاقتصاد الألماني (من حزب الديمقراطيين الأحرار أيضاً) فقد كان من أوائل من حطموا "التابو" وأعلنوا صراحة منذ أسابيع قليلة أن خروج اليونان من منطقة اليورو ممكن تماماً، وأنه لا صحة لما يقال من أن منظومة العملة الموحدة لا يمكنها التحكم فيه... ولكن المشكلة هي أن ميركل كما هو واضح لا تريد أن تتحمل المخاطرة بمفردها. تقول "مارجريت هكل" مؤلفة السيرة الشخصية لميركل : "ميركل طموحة ولكنها حريصة للغاية، ولا تريد أن يسجل اسمها في التاريخ باعتبارها المرأة التي دمرت منطقة اليورو"! وهناك في الوقت الراهن ثلاث مجموعات عمل تبحث في التداعيات التي يمكن أن تترتب على خروج اليونان من منطقة اليورو، تعمل إحداها مع البنك المركزي الأوروبي، وتعمل الثانية مع وزارة المالية الألمانية، والثالثة مع البنك المركزي الألماني "البندسبنك".وحتى الآن توصلت هذه المجموعات إلى نفس النتيجة بشأن تلك التداعيات وهي: لا أحد يعرف على وجه التحديد ما سيقع. وعلى رغم ذلك هناك شيء واضح تماماً وهو أن اليونان ستحتاج إلى المزيد من المساعدات حتى لو خرجت عن منطقة اليورو، ولكن أية أموال جديدة تحصل عليها اليونان كمساعدات ستكون في صورة إعفاء من جزء من الديون المستحقة عليها من قبل الدائنين العموميين على وجه التحديد. واقتصار المساعدة على الدائنين العموميين يرجع إلى أن الدائنين الخصوصيين قد وافقوا في موعد سابق من هذا العام على ما اصطلح على تسميته "قصَّة شعر" تعادل خمسة وسبعين في المئة من الديون التي كانت مستحقة لهم، أما إجراء "قصة شعر" عمومية فسيعني أن مليارات اليوروهات المدفوعة من قبل دافعي الضرائب الأوروبيين -وعلى وجه الخصوص الألمان- سوف تضيع. و"هذا شيء لا تحب ميركل أن ينظر إليها على أنها موافقة عليه" هذه ما يقوله "سيباستيان دالين" من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية الذي يلاحظ مع ذلك أن هناك نوعاً من التوافق الهادئ بين المستشارة الألمانية وبين البنك المركزي الأوروبي تحت قيادة رئيسه الجديد "ماريو دراجي" حول هذا الأمر. ومن المعروف في هذا الصدد أن البنك المركزي الأوروبي قد تبنى دوراً أكثر مبادرة وإيجابية في أزمة اليورو حيث يدأب على مساعدة اقتصادات دول اليورو التي تكافح للخروج من براثن الأزمة مثل الاقتصادين الإسباني والإيطالي وذلك من خلال شراء كميات كبيرة من السندات الحكومية التي يقوم البلدان بإصدارها بما يساعد على إبقاء معدلات الفائدة المستحقة عليهما عند مستويات متدنية. ويضيف"دالين": "في العلن تتصرف ميركل على نحو حازم، ولكنني شخصياً أعتقد أنها سعيدة تماماً ولا مانع لديها في تدخل البنك المركزي الأوروبي لحل الأزمة على رغم أن العديد من أعضاء حزبها لا يحبون ذلك". و"خلاصة الأمر أن مصير اليونان بات معلقاً على التقرير الذي ستنشره الترويكا (الثلاثية) المتمثلة في الاتحاد الأرووبي، والبنك المركزي الأوروبي، وصندوق النقد الدولي، في وقت ما من شهر سبتمبر الجاري. وسيتعين على القمة الأوروبية القادمة المزمع عقدها في أكتوبر المقبل النظر في نص ذلك التقرير، ثم تحديد ما إذا كان يمكن أن يبرر استمرار عضوية اليونان في منطقة "اليورو" أم لا. مايكل شتاينينجر برلين ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©