الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الانتخابات الفنزويلية... ومصداقية «الاستطلاعات»

2 سبتمبر 2012
على رغم أنه لم يعد متبقياً على موعد انطلاق الانتخابات الرئاسية في فنزويلا سوى ما يزيد عن شهر بقليل، إلا أن استطلاعات الرأي ما زالت غائمة مثلما كانت عليه الحال في شهر يوليو الماضي. وقد شهد شهر أغسطس المنصرم ظهور دفعة جديدة من نتائج استطلاعات الرأي، التي تتراوح ما بين تقدم الرئيس شافيز على منافسه الرئيسي "هنريك كابرايلز رادونسكي" محافظ مقاطعة ميراندا بفارق عشرين نقطة، وتقدم الأخير على شافيز بفارق نقطتين. وقد ثبت من خلال تجارب انتخابية سابقة أن مراكز استطلاع الرأي تميل عادة لأن تخطئ في اتجاه واحد، وهو ما يتيح لنا حرية استخدام "قدر من التحيز" في تصحيح التنبؤات الحالية. وسوف أسلط الضوء على سيناريوهين في هذا الخصوص مستفيداً في ذلك من التجارب السابقة: السيناريو الأول: الذي تبين استطلاعات الرأي فيه أن المعارضة تتقدم على الحكومة، ولكن الذي ينتهي بفوز ممثل الحكومة أو الرئيس المنتهية ولايته. والسيناريو الثاني: الذي تظهر فيه استطلاعات الرأي أن الحكومة أو ممثل الحكومة متقدم على المعارضة، ولكن ينتهي مع ذلك بفوز المعارضة، أو اقترابها كثيراً من تحقيق الفوز. وهذان السيناريوهان يمثلان قاعدة لإجراءين تصحيحيين لنتائج استطلاعات الرأي الموجودة في المتناول. وهناك معيار تصحيح يقوم على أخذ متوسط جميع الأخطاء الخاصة بالانتخابات السابقة وإيرادها على شكل جدول. وبناء على بعض الملاحظات الحصيفة التي تلقيتها فإنني أود أن أشرح بشكل مختصر السبب الذي دعاني لأخذ متوسط كافة استطلاعات الرأي من أجل خلق مصطلحي التصحيحي الخاص الذي يبين أداء المؤسسة في انتخابات بعينها، بدلاً من الاكتفاء باستخدام آخر استطلاع رأي تم إجراؤه: وبعض المعلقين أشاروا إلى أنني عندما آخذ متوسط جميع نتائج استطلاعات الرأي التي جرت على امتداد الدورة الانتخابية بصرف النظر عن التوقيت الذي تم فيه إجراء تلك الاستطلاعات، فإنني أكون في الحقيقة كمن يعاقب مؤسسات استطلاع الرأي الجيدة، عندما يتغير مستوى الدعم للفريقين المتنافسين على امتداد تلك الدورة. ومع ذلك وفي غيبة أي مقياس صالح، أي رأي عام حقيقي في أي نقطة زمنية قبل الانتخابات، فلن تكون هناك طريقة يمكننا الاعتماد عليها في تقويم أي استطلاع رأي تم إجراؤه. وفضلاً عن ذلك هناك عيب جوهري كامن في التركيز على آخر استطلاع قبل الانتخابات. فإذا ما استخدمنا آخر استطلاع رأي لتقدير مدى الانحياز الذي ينطوي عليه، فإن هناك احتمالاً لوقوعنا نحن في الخطأ ونحن نقوم بذلك مما يجعلنا نمنح مؤسسات استطلاع الرأي سمعة جيدة من دون قصد منا. وللمزيد من التوضيح دعونا هنا نفترض أن هناك مؤسستين لاستطلاع الرأي: واحدة تنحاز للحكومة بشكل دائم والثانية تفعل العكس أي تنحاز للمعارضة بشكل دائم أيضاً. وخلال السباق الانتخابي كانت كل مؤسسة تنشر نتائج لاستطلاعات الرأي التي تقوم بإجرائها مختلفة تمام الاختلاف عن تلك التي تنشرها الثانية -ولكنهما مع انتهاء السباق الانتخابي واقتراب موعد التصويت قدمتا نتائج متماثلة تقريباً "وصائبة" في الوقت نفسه. فهل يعني ذلك أن كافة النتائج التي قدمتاها خلال السباق لم تكن منحازة؟ بالطبع لا. ولذلك، فإن مثل هذا الوضع غالباً ما ينتهي بقرار تحليلي يحدد مَن المؤسستين نكافئ ومن منهما نعاقب. أما إذا ما استخدمنا المتوسط -كما أفعل أنا- فإننا نعاقب مؤسسات استطلاعات الرأي الجيدة. وإذا ما استخدمنا آخر استطلاع للرأي فإننا نكافئ المؤسسات السيئة. وأنا شخصياً أفضل معاقبة المؤسسات الجيدة على مكافأة المؤسسات السيئة على أساس أن ذلك يبدو لي أهون الشرَّين. والوضع الحالي في فنزويلا هو أن السباق الانتخابي فيها يزداد حدة والتهاباً. وفي العديد من الدول نجد أن فارق 10 نقاط لصالح أحد المرشحين -وليكن الرئيس المنتهية ولايته- يعني أن فوزه في الانتخابات قد بات محسوماً (بعض استطلاعات الرأي كما أشرنا في بداية المقال تشير إلى أن شافيز يتقدم على خصمه بعشرين نقطة كاملة). ولكن انتخابات فنزويلا لعام 2012 مختلفة عن ذلك جداً لعدة أسباب: السبب الأول أن نسبة كبيرة من الناخبين لم تحسم أمرها بعد (20 في المئة من المسجلين في القوائم الانتخابية) وبالتالي فإن قرارهم بالإدلاء بأصواتهم أو عدم الإدلاء بها سيكون له تأثير هائل وخصوصاً إذا ما مالوا للتصويت لصالح مرشح بفارق كبير. والسبب الثاني أن المرشح "كابرايلز" يزيد من عدد الناخبين المؤيدين له على نحو مطرد في حين يتخذ الأمر صفة الثبات بالنسبة لشافيز. وإذا ما استمر هذا الاتجاه، فإن كابرايلز سيكون في وضع يسمح له بسد الفجوة أو الفارق الكبير في النقاط بينه وبين الرئيس المنتهية ولايته. وفضلاً عن ذلك فإن الانفجار الكبير الذي حدث في مصفاة "أمواي" التي تعد أكبر مصافي النفط في فنزويلا وأدى إلى مصرع 48 شخصاً، يمكن أن يؤثر على نتيجة السباق الانتخابي. فهو يعادل ما يصطلح عليه بـ"مفاجأة أكتوبر" في الانتخابات الأميركية أي المفاجأة التي تحدث في الشهر السابق للانتخابات فتغير مسار السباق الانتخابي لصالح مرشح دون الآخر. والمعالجة السليمة للأزمة من قبل الحكومة يمكن أن تحسن وضع شافيز في استطلاعات الرأي، أما المعالجة السيئة فيمكن أن تصرف الناخبين بعيداً عنه. وعلى نفس المنوال نجد أن تسييس هذه الكارثة "انفجار المصفاة" من قبل المعارضة يمكن أن يضر بحظوظ "كابرايلز" أيضاً. آيناكي ساجارزازو كاتب ومحلل سياسي فنزويلي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «كريستيان ساينس مونيتور»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©