الثلاثاء 19 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مصر تعدل قانون التمويل العقاري لكسر «حلقة الجمود»

مصر تعدل قانون التمويل العقاري لكسر «حلقة الجمود»
2 سبتمبر 2012
انتهت الهيئة المصرية العامة للرقابة على الخدمات المالية غير المصرفية من إعداد مجموعة من التعديلات الجوهرية على قانون التمويل العقاري، بهدف تحقيق نقلة في أداء السوق العقارية خلال المرحلة القادمة وكسر حالة الركود الراهنة. والمنتظر الدفع بهذه التعديلات الى مجلس الشورى لمناقشتها خلال الأيام المقبلة، تمهيدا لإصدار قرار جمهوري بقوة القانون أو الانتظار لحين إعادة انتخاب البرلمان، الذي سيصبح اسمه مجلس النواب حسب مشروع الدستور الذي يجري إعداده حالياً، وإن كان مسؤولو هيئة الرقابة يفضلون صدور قرار جمهوري سريع بهذه التعديلات. وتتمثل أبرز التعديلات على قانون التمويل العقاري في زيادة الحد الأقصى لقيمة أقساط التمويل من إجمالي الدخل من 25 إلى 40%، حيث كانت النسبة السابقة تمثل إحدى أبرز العقبات التي تحول دون إمكانية حصول الكثيرين على تمويل عقاري، استنادا إلى انخفاض دخولهم واستمرار ارتفاع أسعار العقارات. كما تشمل هذه التعديلات ضم إجمالي دخل الأسرة مثل الزوج والزوجة والأبناء إذا كان هناك من بين الأبناء من يعمل ويمتلك دخلا مستقلا، بحيث تسمح عملية ضم الدخول بزيادة المبلغ الذي يمكن الحصول عليه كتمويل، مما يفتح الباب أمام دخول شرائح جديدة في دائرة المستفيدين من التمويل العقاري وتنشيط مبيعات الوحدات الإسكانية ذات القيمة السعرية المرتفعة. أما التعديل الثالث فيشمل إجراءات الرهن والتسجيل العقاري وتخفيف القيود التي يحددها القانون، والتي كانت تحول دون دخول العديد من العقارات دائرة التمويل نظرا لعدم تسجيلها أو أنها مقامة على أراض غير مسجلة أو بقرارات تخصيص في المجتمعات العمرانية الجديدة، وغيرها من أنماط الملكية التي لم يكن القانون يعترف بها ويقصر تعاملاته على الوحدات المسجلة فقط في الشهر العقاري والأراضي ذات الملكيات المستقرة والمسجلة. ويتمثل التعديل الرابع في السماح بمزيد من المرونة لمؤسسات وصناديق التمويل العقاري، فيما يتعلق بعمليات التوريق وإعادة بيع محافظ المديونيات الخاصة بالعملاء لمؤسسات مالية أخرى، ما يفتح الطريق أمام زيادة الأموال الموجهة لهذا النشاط حيث كانت مواد القانون ـ قبل التعديل ـ تفرض على شركات التمويل سقفا معينا للاقتراض من البنوك لايتعدى ضعف رأسمالها، وظل حجم التمويل محدوداً ولم يتجاوز ثلاثة مليارات جنيه لكافة شركات التمويل العقاري العاملة في السوق مجتمعة والتي يزيد عددها على ثماني شركات. ويمثل هذا التعديل استجابة لمطالب شركات التمويل والمتعاملين في هذا القطاع، حيث يسمح للشركات بالاقتراض من البنوك بلا قيود وكذلك توريق المديونيات وبيعها لمؤسسات مالية أخرى، ما يؤدي إلى سرعة تدوير التمويل والوصول إلى شرائح اجتماعية جديدة لم تكن تستفيد من هذه الآلية في أوقات سابقة، وكذلك تسمح لشركات عقارية جديدة بدخول سوق التمويل عبر تمويل عملائها بطريقة مباشرة مع توفير ضمانات اقراض من البنوك أو شركات التمويل أو شركات التأمين العادية، ما يؤدي إلى توسيع السوق والسماح بدخول لاعبين جدد ويسهم في تطوير أدوات العمل. تسويق 300 ألف شقة وتمثل التعديلات المرتقبة لقانون التمويل العقاري في السوق المصرية بداية التعامل الجدي مع أزمة هذا القطاع الحيوي، الذي وقع في أسر الركود منذ أحداث ثورة 25 يناير وحتى الآن، حيث أصيب بالشلل التام خلال الأشهر الأخيرة على خلفية الانفلات الأمني وعدم الاستقرار السياسي الأمر أدى إلى احجام الكثير من شركات التشييد والمطورين العقاريين عن ضخ استثمارات جديدة أو استكمال المشروعات تحت التنفيذ. وتمنح التعديلات كبار المطورين العقاريين بصيصاً من الأمل لتصريف جانب من المخزون العقاري الكبير المتاح في السوق، والذي يقدره البعض بأكثر من 300 ألف وحدة سكنية كاملة التشطيب وتنتظر المشترين بعد أن فشلت كافة الجهود التسويقية في تصريفها. وحسب معلومات حصلت عليها “الاتحاد” فإن القطاع المصرفي يساند هذه التعديلات للخروج من أزمة عدم قدرة المطورين العقاريين على سداد مديونياتهم للبنوك، والتي حصلوا عليها في أوقات سابقة، إلا أن عدم قدرة هؤلاء المطورين على بيع وتصريف المخزون لديهم حال دون حصولهم على السيولة الكافية لسداد هذه المديونيات، والتي يقدرها خبراء مصرفيون بأكثر من 15 مليار جنيه موزعة على أكثر من 35 شركة عقارية كبرى. وترى البنوك في هذه التعديلات منفذاً جديداً لقطاع التجزئة المصرفية، حيث تسمح هذه التعديلات للبنوك بالدخول كممول مباشر ـ من دون وسيط الشركات ـ لعملائها لشراء الوحدات السكنية والمصيفية والاستفادة من رفع نسبة الأقساط لتصبح 40% من الدخل بدلاً من 25% لبيع وحدات سكنية فاخرة أو وحدات مصيفية مرتفعة السعر، حيث يدور متوسط سعر الوحدة المصيفية حول نصف مليون جنيه على الأقل. وحسب هذه المعلومات فإن التعديلات الأخيرة سوف تؤدي الى تنشيط قطاع الصناديق العقارية المتخصصة والتي نشأت في وقت سابق، إلا أنها وجدت صعوبات هائلة في العمل نتيجة تعقيدات قانونية ومحدودية حجم السوق الأمر الذي يعني دخول قوة اضافية لنشاط التمويل، تعتمد في قراراتها الاستثمارية على الدراسات المعمقة وبالتالي سوف يسهم نشاط هذه الصناديق في ترشيد قرارات الاستثمار في المجال العقاري، سواء بالنسبة للأفراد أو المؤسسات ومساعدة المطورين العقاريين من ذوي الحجم المتوسط على النمو، اعتمادا على تمويل هذه الصناديق لأنشطة هذه الشركات المستقبلية حيث تسمح التعديلات بدخول الصناديق المتخصصة كشريك في المشروعات تحت التنفيذ، وتمويل عمليات التنفيذ والحصول على حصة من الأرباح المستقبلية للمشروع وهذا التعديل ـ تحديدا ـ سوف يحل أزمة الكثير من أصحاب المشروعات العقارية من الأفراد الذين سيجدون في هذه الصناديق وسيلة جديدة للحصول على التمويل اللازم، دون الاضطرار إلى رهن المشروع بأكمله لأحد البنوك. التوقيت الحرج ويرى خبراء عقاريون أن تعديلات قانون التمويل العقاري تأتي في توقيت حرج للغاية حيث تمر السوق بحالة من الجمود. ويرون أن آلية التمويل العقاري بوضعها الراهن لم تكن تلبي احتياجات السوق بمختلف أطرافه، حيث كانت الإجراءات بيروقراطية ومعقدة وحجم التمويل منخفضا ولا يتناسب مع الأسعار السائدة الى جانب صعوبة وفاء الكثير من الأفراد بمتطلبات وشروط عملية التمويل، ما حال دون استفادة الكثيرين من هذه الآلية والدليل على ذلك أن اجمالي حجم التمويل المتاح لم يتجاوز ثلاثة مليارات جنيه، رغم أن حجم السوق العقارية في مصر يدور حول 100 مليار جنيه سنويا استناداً إلى أن القطاع العقاري يستحوذ على 13% من النشاط الاقتصادي العام بالبلاد والذي يبلغ نحو تريليون جنيه سنوياً. ويؤكد الخبراء ضرورة إنجاز هذه التعديلات حتى تدخل حيز التنفيذ في وقت قريب لإنقاذ السوق من الركود الذي أطاح بأوضاع العديد من الشركات وكبدها خسائر فادحة على مدى العامين الماضيين. ويؤكد المهندس سامي القريني - رئيس مجموعة “إمارات هايتس العقارية”- أن تعديل قانون التمويل العقاري كان مطلباً رئيسياً لجميع أطراف المنظومة العقارية في مصر منذ بدء العمل بهذا النظام قبل نحو عشر سنوات، لأن آلية التمويل بوضعها الراهن لم تكن تلبي طموح السوق وظلت قاصرة عن لعب دور ملموس في تطوير السوق. وقال إن الهدف من آلية التمويل العقاري في كل أسواق العالم مساعدة من لايملك دخلاً كبيراً على اقتناء وحدة سكنية وسداد ثمنها مستقبلاً، استناداً لإمكانية تحسن الدخل المستقبلي لهذا الشخص ومن ثم كان يجب أن تتسم الآلية بالبساطة وعدم التعقيد وعدم طلب ضمانات كبيرة، أو الحيلولة دون دخول شرائح اجتماعية واسعة تحت مظلة التمويل العقاري استناداً إلى تحديد القسط بنسبة ضعيفة من إجمالي الدخل، وبالتالي كانت النتيجة أن آلية التمويل العقاري ظلت خارج دائرة التأثير.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©