الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

حديقة الأورمان تسكن وجدان المصريين بمساحاتها الخضراء

حديقة الأورمان تسكن وجدان المصريين بمساحاتها الخضراء
9 سبتمبر 2013 21:35
حديقة الأورمان بالجيزة واحدة من أجمل وأندر الحدائق النباتية في مصر والعالم إذ تضم 600 نوع من أندر الأنواع، بموقعها المتميز قرب نهر النيل، وأشجارها النادرة ومسطحاتها الخضراء الرحبة، وأزهارها المختلفة الأشكال والألوان، ولذا فهي مزار مهم للباحثين عن الهدوء والجمال سواء من المصريين أو الأجانب المترددين على القاهرة. وقد حرص العديد من الأعمال الفنية منذ ثلاثينيات القرن الماضي على إبراز جمال وروعة الحديقة بتصوير أحداث رومانسية عده بين أشجارها. وحاليا تولي الحكومة المصرية أهمية خاصة لتلك الحديقة بسبب ما تعرضت له من أضرار جراء اعتصام بعض القوى السياسية في الحديقة ما تسبب في تلف جانب من النباتات، ومثل صدمة كبيرة لعشاق الحديقة والمهتمين بالبيئة والثروة النباتية. تحظى حديقة الأورمان بأهمية بالغة في حياة المصريين وتاريخيهم، وعقب الأحداث التي مرت بها البلاد، لحقت بها بعض الأضرار، قدر كلفتها الدكتور أيمن فريد أبوحديد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بنحو 55 مليون جنيه. وأكد أن الوزارة ستقوم بزراعة نوعيات معينة من النباتات التي تعرضت للتلف، إلى جانب إعادة تجديد وترميم الممرات الخاصة بزوار الحديقة لكي تعود إلى سابق عهدها. استعادة المكانة ناشد اللواء عادل لبيب وزير التنمية المحلية منظمات المجتمع المدني والمؤسسات العالمية للمساهمة في إحياء وترميم حديقة الأورمان للنباتات لاستعادة دورها مرة أخرى. وأكد أن دعوته ترجع إلى أهمية الحديقة للمصريين، وأنها جزء من منظومة التراث والثقافة على مستوى العالم، وإليها يفد الباحثون للاستفادة مما تضمه من نباتات نادرة. ويتزامن ذلك الاهتمام الرسمي مع حملة شعبية، تهدف إلى أن يتبرع كل من يمتلك نوعا من النباتات النادرة أو المتميزة إلى حديقة الأورمان كي تستعيد ما فقدته. إلى ذلك، قال الدكتور ياسر عادل، الخبير بمركز بحوث الصحراء ومنسق التنوع البيولوجي وعضو جمعية أصدقاء الحدائق التراثية، إن المبادرة ليس هدفها جمع نقود وإنما دعوة كل الناس للمشاركة في إعادة أعمار حديقة الأورمان، بأن يتبرع كل مربي نباتات الزينة والأشجار والشجيرات النادرة بنماذج منها للحديقة لاستعادة الفاقد منها، على أن يتم وضع لوحة على كل شجرة باسم المتبرع. كما تهدف المبادرة إلى مناشدة دول ومنظمات العالم مثل اليونسكو والفاو، وغيرهما للمساهمة بالتبرع ببذور وعينات من أنواع النباتات والأشجار النادرة كي تعود الحديقة لسابق عهدها. ويرى غالبية المصريين أن «الأورمان» ليست حديقة للنباتات النادرة فحسب وإنما هي مكان لراحة النفوس وللرومانسية ولذا فهي قبلة المتزوجين حديثا، كما تحرص على زيارتها الأسر التي ترنو إلى استعادة الذكريات الجميلة، والى قضاء وقت هادي بين جمال الطبيعة وزهورها، بعيدا عن صخب الحياة اليومية، لاسيما وأن تذكرة دخول الحديقة زهيدة وهي جنيه مصري فقط. بابا الحديقة للحديقة بابان الأول يدعى النهضة لوقوعه بالقرب من تمثال نهضة مصر أمام جامعة القاهرة، بينما الباب الثاني يعرف «بباب البرنسيسات»، حيث كان مخصصا فقط لعبور الأميرات وسيدات الطبقة الأرستقراطية في العهد الملكي قبل قيام ثورة 23 يوليو 1952. والزائر للحديقة أمامه خياران للتجوال في أرجائها، الأول أن يترك لنفسه العنان فيتنقل وفقا لما ترنو إليه للاستمتاع بالحالة الجمالية الفريدة التي ما زالت عليها الحديقة برغم ما تعرضت له من تلف بعض أشجارها ونباتاتها. والخيار الثاني أن يتبع اللوحات الإرشادية للوصول سريعا إلى نوعية النباتات والأشجار التي يرغب في مشاهدتها لاسيما وأنها مقسمة على عدة أقسام، فهناك حديقة الورد وهي الأشهر للباحثين عن الهدوء والرومانسية ومساحتها فدانان، وتضم العديد من سلالات الورد الرائعة بألوانها الزاهية ورائحتها الجميلة التي تملا المكان وبالقرب منها حديقة النباتات الشوكية والعصارية ومساحتها 1,5 فدان، وتحتوي على مجموعة كبيرة من النباتات العصارية التي تم استيرادها من أفريقيا والمكسيك. وهناك ثلاثة أقسام داخل الحديقة مخصصة للنباتات المخروطية النادرة، وتشتمل على 14 جنساً، و28 نوعاً، و7 فصائل، أبرزها الجاسيس والجنكو والتتراكلينس والسيكويا. ويحظى القسم المخصص لأشجار النخيل النادرة والعجيبة في شكلها باهتمام عشاق التقاط الصور الفوتوغرافية، ولذا فلا يندهش الزائر للمكان من كثرة كاميرات التصوير سواء الشخصية أو عبر كاميرا الهاتف المحمول، وحتى لو لم يكن الزائر يهوى التصوير فقد يجد من يطلب منه أن يتوقف لحظة ويعطيه كاميرا ليلعب دور المصور له ولمن معه. قبلة المصورين يتبادل الجميع المعلومات العلمية والانطباعات الشخصية عن أشجار النخيل ومسمياتها الغريبة مثل «الكروكوميا والتانيا بوربونيكا والفيونكس ركليناتا وسبال بلاكبور نيانا والبوراسس»، وبالقرب منها نباتات منطقة العصفور، والتي تشمل نباتات عدة فائقة الروعة مثل تفاح الورد وسرسس والبيزيا جامبل والسراكا. كما يحظى القسم المعروف بـ «البركة» بإقبال فريق آخر من هواة التصوير لتميزه عن بقية أقسام الحديقة؛ فهو عبارة عن بحيرة مائية صغيرة المساحة يطلق عليها المصريون اسم البركة، وبها العديد من النباتات المائية ونصف المائية، وكل منها يتميز بأزهاره وألوانه الخلابة وبالقرب من البركة توجد منطقة أشجار الفيكس وبها 20 نوعاً من الأشجار النادرة مثل اسبراجوانا وهسبيد وجلوميراتا وبيريفومس، إلى جانب شجرة البلوط الرائعة في مظهرها والمعروفة باسم «كوركس انكانا»، والقرب منها يمثل الانتقال عبر الزمان إلى العصور الأولى للحياة على كوكب الأرض، وهي متعة كبيرة لا يلمسها إلا من يوجد في هذا المكان ومن حوله كل تلك الأشجار العملاقة بأوراقها الخضراء الغريبة. ولا يفوت الزائر لحديقة الأورمان التوقف عند منطقة الرسم، والتي بها العديد من أحواض الزهور والنباتات النادرة مثل الهوفينيا والقرفة والفجوا والانتيدسما والوروكزيلن، وكل منها يعد دافعا وملهما لهواة رسم الطبيعة إلى الجلوس أمامها بالساعات، لينقل عبر الفرشاة والألوان واحدة من صور الطبيعة الخلابة، وبالقرب منها مجموعة من أقدم وأندر أنواع البامبو والنخيل وأشباه النخيل في مصر والمنطقة العربية، والتي يزيد ارتفاع بعض نباتاتها على 20 متراً. كما تضم الحديقة أيضاً دولابين كانا بقصر الملك فاروق ويحتويان على مجموعة مختارة من نباتات شبه جزيرة سيناء وجبل علبة، والنباتات البرية التي تمثل المناطق الجغرافية المصرية والمحاصيل والحوليات الشتوية والصيفية. خصوصية شديدة أبرز ما يميز الأورمان بالنسبة لعامة المصريين أنهم بمقدورهم زيارتها على مدار أيام السنة لحالة الهدوء التي تميزها والتزام الزائر بالحفاظ على المكان، ولذا فهي من الأماكن التي يتمتع فيها الزائر بخصوصية شديدة سواء كان من هواة الرسم أو باحثا علميا أو جاء للترفيه عن النفس. في هذا الإطار، يقول هشام جلال الدين «الأورمان لها في نفسي مكانة كبيرة فقد كنت طالبا في جامعة القاهرة، وكنت أقضي الوقت بين المحاضرات إذا كان يزيد على الساعة بها لأذاكر في جوها المثالي ولتصفية الذهن، كما أنها شهدت أجمل أيام فترة التعارف والخطوبة مع زوجتي، ولذا فمن حين لآخر نحرص على زيارتها لاستعاده ذكرياتنا معاً في مرحلة الشباب، كما نحرص على أن نصطحب أولادنا ليتعلموا حب المكان». «الأرومان» في التاريخ كلمة «الأورمان» تركية تعني الغابة وقد تم‏‏ إنشاء‏ حديقة ‏‏الأورمان‏ ‏في‏ عهد‏ ‏الخديو‏ي ‏إسماعيل‏ ‏عام 1875 ‏بهدف‏ ‏إمداد‏ ‏القصور‏ ‏الخديوية‏ ‏بالفاكهة‏ ‏والموالح‏ ‏والخضراوات‏ ‏التي‏ ‏تم‏ ‏استجلابها‏ من‏ جزيرة‏ صقلية‏، وكانت‏ ‏الحديقة‏ ‏جزءا‏ ‏من‏ ‏قصر‏ الخديوي، والذي‏ ‏عرف آنذاك بسراي‏ ‏الجيزة‏‏ وجلب‏ ‏الخديوي‏ ‏لهذه الحدائق أشجارا ونباتات مزهرة‏ ‏من جميع‏ ‏أنحاء‏ العالم،‏ وصمم الحديقة مهندسون فرنسيون، وأشرف على تنفيذها المهندس «ج. دليشفاليري» ومعه كبير البستانيين في القصر الملكي إبراهيم حمودة، ‏وكانت‏ ‏مساحتها‏ 95‏ فدانا‏، ‏وقت‏ ‏إنشائها إلى أن تقلصت إلى 30 فدانا بعد اقتطاع جزء كبير منها لإقامة حديقة الحيوان عام ‏1890. وظلت تابعة لقصر الخديو حتى عام 1910 ثم تسلمتها وزارة الزراعة، وعندما تم التخطيط لشارع جامعة القاهرة عام 1934 تم اقتطاع جزء آخر منها لإقامة هذا الشارع فتقلصت مساحتها إلى 28 فدانا إلى الآن.
المصدر: القاهرة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©