الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات الطيران العالمية تبحث عن طريق لحصد الأرباح

شركات الطيران العالمية تبحث عن طريق لحصد الأرباح
2 سبتمبر 2012
في حين تمثل شركات الطيران مصادر ربح قوية للعديد من النشاطات المرتبطة بها، تفشل بوضوح في تحقيق ذلك لنفسها. وحتى في أحسن ظروفها، لا يتجاوز هامش أرباحها قدرا ضئيلا خاصة وأنها تعرضت للكثير من الخسائر خلال السنوات القليلة الماضية. وبلغ متوسط ربح خطوط الطيران العالمية كافة خلال الأربعة عقود الماضية نسبة قليلة تقدر بنحو 0,1% فقط. وفي المقابل، نجحت الأعمال الأخرى التي تعتمد على هذه الشركات، مثل شركات صناعة الطائرات ووكالات السفر والمطارات وشركات التموين والصيانة، في تحقيق الأرباح. ومن أكبر نسب الأرباح في قطاع السفر، تلك التي تُحظى بها ما يطلق عليها “أنظمة التوزيع العالمية”، ذلك الاسم المقصود به خدمات الحجز عبر الانترنت. وابتدعت هذه الخدمات العديد من شركات الطيران الكبيرة بغرض توزيع رحلاتها على وكالات السفر التي تحولت في ما بعد إلى مؤسسات مستقلة. ويتم حجز معظم الرحلات من خلال عميل شخصي أو عبر الانترنت باستخدام أنظمة التوزيع مقابل تقاضي رسوم من خطوط الطيران المعنية قدرها 12 دولارا للرحلة الواحدة ذهاباً وإياباً التي يذهب جزء قليل منها لوكالة السفر. ووفقاً للوبي الطيران “نحو قطاع طيران أفضل”، تقوم شركات الطيران في العالم بدفع نحو 7 مليارات دولار كرسوم لأنظمة التوزيع سنوياً، المبلغ الذي يفوق أرباحها المتوقعة لهذا العام عند 3 مليارات دولار، بنحو الضعف. احتدام المنافسة وتُعد حالة عدم الربح المزمنة لخطوط الطيران ناتجة عن موجة من المنافسة خاصة من قبل شركات الطيران الاقتصادي التي ساعدها التحرير المطرد لقطاع الطيران منذ سبعينات القرن الماضي، على الانطلاق. لكن يُعزى ذلك أيضاً لاثنين من التحركات التي قامت بها شركات الطيران منذ تسعينات القرن الماضي وما تلاها، في نطاق الأخطاء الاستراتيجية. واحد منها يتعلق بوقف دفع العمولات مباشرة لوكالات الطيران، وثانيها تحرير أنظمة الحجز التي أصبحت مصدر ربح لجهات أخرى. وعند بزوغ فجر الانترنت، زعمت شركات الطيران أن عهد الوسطاء الذين يقفون بينها وبين مرتاديها من المسافرين، مقبل على نهايته. ومعروف أن بإمكان المسافر شراء التذكرة أما مباشرة من موقع شركة الطيران المعنية أو عبر وسطاء آخرين على اتصال بشبكة هذه الشركة. لذا، ليس من المنطقي دفع عمولة للوكلاء، وكذلك الاستمرار في امتلاك أنظمة حجز، خاصة وأن المنظمين منعوها من التلاعب بأنظمة التوزيع العالمية لوكالات السفر ليتسنى لها وضع رحلاتها في أعلى القائمة. ودفع ذلك شركات تتضمن، “لوفتهانزا” و”أير فرانس” و”أيبريا”، لبيع معظم أسهمها في “أماديوس” أكبر مؤسسة لأنظمة التوزيع العالمية في العالم، بينما باعت “أميركان أيرلاينز” شركة “سابير” و”الخطوط البريطانية” و”كي أل أم” باعت “جاليليو”. ومع ذلك، جعل فقدان خطوط الطيران للعمولة المباشرة، وكالات السفر أكثر امتناناً لأنظمة التوزيع التي لا توفر لها جزءا من الرسوم فحسب، بل توفر لها أيضاً الخدمات المكتبية من تقنية معلومات وحسابات وموارد بشرية وغيرها. وأصبحت العديد من وكالات السفر العاملة على شبكة الانترنت تشابه لحد كبير الأخرى المحسوسة، حيث تقوم بالاشتراك في أنظمة التوزيع العالمية التي توفر لها نظام حجز وخدمات حسابية أخرى، بالإضافة إلى تقديم عمولة لها مقابل كل رحلة. وبصرف النظر عن الجهود التي تبذلها شركات الطيران لإبعاد المسافر عن وكالات الطيران وجذبه ناحية مواقعها الالكترونية، إلا أنه بات أقل من نصف الرحلات يتم حجزها بهذه الطريقة. واعتمدت بعض شركات الطيران كلياً على هذه الأنظمة وجعلها تتولى تسيير جميع الأنظمة المتعلقة بالمسافر، وفي بعض الحالات حتى مواقعها الالكترونية. وعلى سبيل المثال، يتم الحجز على موقع “بي أيه دوت كام” الخاص بالخطوط البريطانية، من خلال شركة “أماديوس”. وعادت بعض شركات الطيران الاقتصادي مثل “إيزي جيت”، إلى استخدام نظام التوزيع العالمي، بعد أن رفضته في بداية الأمر، وذلك حتى تكون قادرة على الوصول إلى المسافرين على الدرجات الكبيرة الذين كثيراً ما يلجأوون للحجز عبر وكالات شركاتهم التي تستخدم هذا النوع من الأنظمة للحصول على مسارات هؤلاء المسافرين. وعلى الرغم من وجود بعض أسواق السفر الناشئة الكبيرة مثل البرازيل والهند التي تضعف فيها قبضة نظم التوزيع العالمية، إلا أنها نجحت في أخرى في الحصول على وكالات جديدة وخطوط طيران. وأنشأت الحكومة الصينية واحدا من هذه الأنظمة أطلقت عليه اسم “سكاي ترافيل”. ويرتبط الأمل الوحيد لاستعادة شركات الطيران لأرباحها المفقودة في السنوات القليلة الماضية، على الخدمات الملحقة مثل الرسوم الإضافية للوجبات والأمتعة وتوفير المقاعد الأكثر راحة وغيرها. وتكمن المشكلة في صعوبة إدخال بيانات هذه الخدمات في أنظمة الكمبيوتر مما يجعل ليس من الممكن تحصيل الرسوم من الركاب عند حجزهم عبر الوكالات. وكغيره من مدراء الخطوط الآخرين، اشتكى أكبرالبكر، مدير “الخطوط القطرية”، من بطء استجابة أنظمة التوزيع في تحديث أنظمتهم للتعامل مع كل هذه الخيارات الجديدة، إلا أنه اعترف بعدم إمكانية الاستغناء عنها نظراً لقيامها بنصيب كبير من الحجوزات. ولجأت شركات طيران مثل “أميركان أيرلاينز” و”أير كندا”، إلى إنشاء خدمة اتصال مباشرة يمكن من خلالها لوكالات السفر تفادي أنظمة التوزيع والدخول مباشرة لأنظمة شركات الطيران الداخلية للقيام بعمليات الحجز للرحلات الأساسية والإضافية على حد سواء. وللقيام بذلك، على هذه الشركات العودة إلى دفع عمولات لوكلاء السفر التي تقل عن ما يتم دفعه لأنظمة التوزيع. وحتى الآن، لا مفر لوكالات السفر من استخدام هذه الأنظمة، وأن إنشاء أنظمة تقنية معلومات خاصة بها يكلفها الكثير من المال. آلية التوزيع الجديدة وأملاً في حل هذه المشاكل، يعمل اتحاد الطيران الدولي “آياتا”، في إيجاد طريقة جديدة باسم “آلية التوزيع الجديدة”، التي من عناصرها الرئيسية معيار فني عام لخدمات الاتصال المباشر. ومن الممكن لـ “نظم التوزيع العالمية”، استغلال مثل هذه الخدمات لبيع جميع خدمات خطوط الطيران الإضافية وكذلك الرحلات. ومن أهم المميزات التي تصب في مصلحة شركات الطيران، أن يصبح من السهل لوكالات السفر إنشاء شبكاتها الخاصة من الحاسب الآلي التي تتصل مباشرة بهذه الشركات. كما يصبح أكثر سهولة لمحركات البحث، الدخول في الإنترنت والبحث عن الرحلات المناسبة ومن ثم الانتقال إلى موقع الخطوط المعنية وإكمال إجراءات الحجز وذلك دون الاستعانة بأنظمة التوزيع العالمية. وتقوم “جوجل” بالفعل بتقديم هذه الخدمة، حيث قامت بشراء مؤسسة “آي تي أيه” المتخصصة في برمجيات خطوط الطيران و”فرومرس” العاملة في نشر كتيبات الدليل، كجزء من سعيها للدخول في عالم تجارة الطيران. وتأمل شركات الطيران أن تشجع المعايير الفنية العامة في خلق مؤسسات قادرة على الابتكار في مجال البحث المتعلق بقطاع السفر. ويساور أدم وود، المحلل لدى “مورجان ستانلي”، شك في أن التكلفة ستكون باهظة جداً لأي شركة جديدة ترغب في تقليد الإنفاق الضخم لأنظمة التوزيع الحالية على وسائل التقنية، وأن الحاجة لمثل هذا الاستثمار تجعل من نشاط توزيع الرحلات خاضع بطبيعة الحال إلى احتكار من قبل قلة من الشركات. وتأمل “إياتا” في الحصول على الموافقة لناظمها الجديد بنهاية السنة الحالية، على الرغم من أنه كقانون ليس من السهل موافقة شركات الطيران عليه. ومن ثم، هناك مشكلة التطبيق، حيث لاحظ القطاع كغيره فشل العديد من مشاريع تقنية المعلومات الطموحة. وفي حالة نجاح “إياتا” في إقناع مئات شركات الطيران بهذا النظام الجديد وربطه بأنظمة الكمبيوتر، ربما لا تتغير هيمنة “أنظمة التوزيع العالمية” على القطاع إلا عبر اللجوء إلى اتخاذ إجراء تنظيمي يفضي إلى حل اتفاقياتها المكلفة مع شركات الطيران. وبدأ المنظمون النظر في هذه القضية بجدية كبيرة، حيث قطع التحقيق في أنظمة التوزيع العالمية شوطاً كبيراً لدى “وزارة العدل” الأميركية، في وقت تعمل فيه “مفوضية الاتحاد الأوروبي” على مراجعة قواعد السلوك المرتبطة بهذه الأنظمة. وفي غضون ذلك، تقدمت اثنين من شركات الطيران الكبيرة في أميركا بشكوى إلى المحكمة ضد الحيل التي تتخذها هذه الأنظمة للهيمنة على وكالات السفر. وفي هذه الأثناء تحاول مؤسسات هذه الأنظمة كسب “وزارة المواصلات” الأميركية إلى جانبها بغرض إرغام شركات الطيران على تضمين رسوم خدمات إضافية مثل رسوم الأمتعة والحجز، في الأسعار التي تحددها لها لتتناسب مع الأسعار الحصرية التي تفرضها شركات الطيران الأخرى. وتتخوف “إياتا” وممثلو شركات أخرى، من أنه ربما يتم منعها من تقديم أي أسعار حصرية أو تخفيضات للوكالات التي تحجز مباشرة وليس من خلال أنظمة التوزيع. وربما يدعي كلا الطرفين العمل لمصلحة المستهلك، حيث ترى شركات الطيران أن تكلفة الوسطاء تضاف إلى سعر التذكرة، وأنها ترغب في إصلاح نظام التوزيع ليوفر للمسافرين المزيد من الخيارات والخدمات المطلوبة، في حين تدعي أنظمة التوزيع العالمية أنها توفر للمسافرين من خلال وكلائهم جميع الرحلات المتاحة بحيادية تامة ليتمكنوا من اختيار أفضل الأسعار. ويرى سفيند ليرفاج، أحد مدراء مؤسسة “أماديوس”، أنه من المحزن أن تتعلق شركات الطيران بشدة برسوم أنظمة التوزيع والتي عند أقل من 2% من عائداتها، تقل بكثير عن الأموال التي يمكن أن يجنيها القطاع بمحاربة أشياء مثل ضريبة السفر والمساعدات غير العادلة التي تتلقاها بعض شركات الطيران المملوكة من قبل الحكومة. وتسعى شركات الطيران للتكتل ضد هذه الأشياء أيضاً، لكنها لا تزال تسعى وراء خفض تكلفة الوسطاء. نقلاً عن:« ذي إيكونوميست» ترجمة: حسونة الطيب
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©