الخميس 18 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الرواية الخليجية ومأزق الهوية

الرواية الخليجية ومأزق الهوية
8 ديسمبر 2010 21:34
حين فاز الروائي عبده خال بالجائزة العالمية للرواية العرب (البوكر العربية)، أحدث فوزه صدى تقاسمه أولئك الذين طاروا فرحاً بفوزه، وأولئك الذين ملأ فوزه صدورهم غضباً وغيظاً، ولم يكن ذلك الفرح وهذا الغيظ يبرأ من الاتصال بما الروائي عبده خال متصلاً به من حيث كونه كاتباً سعودياً ينتمي لواحدة من دول الخليج العربي. شكل فوز عبده خال بالجائزة العالمية برهاناً على أن الخليج العربي قادر على المشاركة في صياغة الخطاب الإبداعي العربي الحديث وتجاوز مرحلة التبعية والتلمذة على يد عواصم ومراكز عربية عريقة سبقته بعقود طويلة الى هذا المضمار، وكونت الواجهة الثقافية العربية التي تتقدم في المحافل العالمية باعتبارها ممثلة للأدب العربي الحديث. يأخذ هذا الفوز بُعداً خاصاً حين يكون فوزاً في مجال الرواية التي تعد فناً حديث النشأة في منطقة الخليج، ولم تكن بداياته المتواضعة تشكل مؤشراً على ما تحقق له من تسارع تم تتويجه بجائزة البوكر، كما أن للفوز في مجال الرواية دلالته الخاصة من حيث كونه علامة على تبلور الطبقة الوسطى على نحو يجعلها قادرة على ترجمة آمالها وآلامها عبر فن قائم على تعدد الأصوات والاعتداد بالحراك الاجتماعي والسياسي والثقافي كمنتج للفن من ناحية ومستهلك له من ناحية أخرى. ولم يكن إنكار من أنكروا هذا الفوز أو استكثروه عليه يخلو من أحد أمرين، يعود أولهما الى ما يمكن إرجاعه الى غيرة المراكز حين تستشعر منافسة الأطراف لها وظفرها بما ظل عقوداً طويلة مقصوراً عليها، أما الأمر الآخر فيتصل بما نحن بصدده من حديث عن العلاقة المتشابكة بين الهوية وذلك ما يتبدى في حديث من لم يروا في رواية “ترمي بشرر” غير حديث عن الجنس ولم يجدوا في مقاصد صاحبها غير الرغبة في تشويه المجتمع وبث الرذيلة والفساد بين فئاته، وهي التهمة التي ظلت تطارد عبده خال منذ أن كان كاتباً للقصة القصيرة وأوشكت أن توقف تركي الحمد أمام القضاء ومست بطيف منها بنات الرياض، حين دونت سيرتهن رجاء الصانع، وغلبت هذه التهمة على الأصوات التي وقفت أمام طوفان الروايات التي ظهرت مؤخراً فلم يكن رفضها مستنداً لضعفها وهشاشتها بقدر ما كان رفضاً لما نظر إليه على اعتبار أنه فضح لمجتع يتوهم أنه مجبول على الفضيلة، فإذا ما انحرف عنها شملته قاعدة إن الله يحب الستر، ولذلك رأى القيمون على هيئة تشخيص أخلاق المجتمع مواجهة تلك الروايات التي اعتبرت أنها تكريس لما يعانيه المجتمع من تقهقر للقيم وتفسخ للأخلاق وانحراف عن جادة الخير التي ينبغي أن يكون متسماً بها. جدل وتواطؤ تتكشف أبعاد الجدل بين الرواية والهوية إذا ما تواطأنا على النظر الى الرواية من حيث مضامينها وعوالمها على أنها سجل اجتماعي يرصد حركة التغيير التي تطرأ على المجتمع وتؤثر على سلوكه، وهو ما يجعل العمل الروائي من حيث المبدأ متسماً بالصدمة لمفهوم الهوية في بعدها المعياري المحافظ الذي ينظر الى هذه التغييرات التي تطرأ على المجتمع على أنها مجرد انحرافات عما ينبغي أن يكون عليه وهي انحرافات طارئة لا يلبث المجتمع أن يبرأ منها. وإذا كانت الرواية تعبر عن صعود الطبقة الوسطى واقتحامها مجال تحديد الهوية، فإن الرواية عندئذ تشكل بما تتسم به من تعدد في الأصوات تحدياً لمفهوم الهوية الذي ظل تاريخياً نتاج صوت أحادي يمتلك وحده حق تحديد معالمها ورسم خصائصها. الرواية بما يتم تدوينه فيها من متغيرات وما تقوم به من رصد للتحولات تشكل اعترافاً بما لا يراد الاعتراف به أو على نحو أدق بما لا ينبغي الاعتراف به، الرواية عندما تقوم بتحويل الراهن الاجتماعي والاقتصادي والسياسي والثقافي، كما هو الى مدونة يمكن تداولها وحفظها والعودة إليها تنهض بصياغة مدونة موازية للمدونة الأساس المستمدة من التاريخ وسلطة الماضي وصاحبة الحق في تحديد مفهوم الهوية، ولذلك فإن الرواية بهذا العمل تشكل خلخلة للمدونة المتصورة للهوية واستلاباً لتفردها وانفرادها بتحديد معالم الهوية التي ينبغي أن يكون عليها المجتمع بصرف النظر عما هو عليه. ظلت الهوية إجابة على سؤال يسعى الى تحديد مفهوم الهوية وفق صيغة كيف ينبغي لنا أن نكون. وحين جاءت الرواية طرحت صيغة أخرى للسؤال المحدد للهوية تتمثل في كيف نحن الآن، وإذا كانت الصيغة الأولى تنتهي الى تكريس مبدأ الوصاية على المجتمع فإن الصيغة الثانية التي تطرحها الرواية تنتهي الى الاعتراف بحرية المجتمع. القلق من الرواية يبدأ عندما تصبح مدونة، ذلك أن التدوين تعبير عن الاعتراف، وكل ما هو مكتوب من شأنه أن يكتسب وجوداً شرعياً، ولذلك فإن التخوف من الرواية إنما يعود الى ما تقوم به من تدوين للراهن وهو تدوين يفضي الى شرعنته وينتهي على الاعتراف به. والنظرة الى الرواية من هذه الزاوية نظرة لا تخلو من أحد أمرين، فهي إما أن تقوم بتقديم واقع اجتماعي سياسي اقتصادي ثقافي يشكل مدونة لهوية المجتمع من حيث إن الهوية هي نتاج للوجود وتعبير عنه، أو أنها تقدم مجتمعاً موازيا مخالفاً مغايراً في قيمة وأنماط سلوكه على نحو ترى فيه المدونة الأساسية للهوية ما يشكل إغراء بالانحراف عنها وخروجه عما ينبغي أن يكون عليه. وإذا ما انتهينا الى هذا الوعي بما تشكله الرواية من تحدٍ لمفهوم الهوية أمكن لنا أن نتفهم ذلك التوجس من الرواية وتلك النظرة المرتابة فيها والتي تبدأ من التقليل من شأنها كجنس أدبي وتنتهي على تحريمها باعتبارها ضرباً من الكذب. قاعدة التنظير ولكي نضع هذا التنظير على قاعدة التاريخ نعود الى أول كتاب صدر في منطقة الخليج وناقش قضية الرواية ودون أول المواقف المرتابة فيها وهو كتاب “المعرض” الصادر في الحجاز سنة 1925 ميلادي 13344 هجرية، ويعتبر أول كتاب صدر في العهدد السعودي، وتضمن سلسلة من المقالات كتبها عدد من أدباء تلك الفترة إجابة على سؤال طرحه محمد سرور صبان يتعلق بمرتكزين أساسيين من مرتكزات الهوية، هما العروبة والإسلام، وقد تضمن ذلك الكتاب حملة عنيفة على الروايات التي كانت قد بدأت تأخذ طريقها الى القراء منافسة بذلك الشعر والخطابة والمقالة، وهي الأجناس التي كانت تشكل الفنون الرفيعة القادرة على ترسيخ مكونات الهوية في بعدها العربي والإسلامي. في كتاب “المعرض” شن الشاعر أحمد إبراهيم الغزاوي هجوماً عنيفاً على ما سماه (الروايات والترهات) محذراً من مطالعة “كل ما ينافي أخلاقنا وآدابنا وتقاليدنا التاريخية”. ونادى الغزاوي في مقالته التي تضمنها كتاب المعرض بضرورة تاريخنا الذي كان يرى أننا لم نلم به فضلاً عن أن نحيط بحوادثه الكبرى وما فيها من العظة والتفكه ونظام الملك وتدبير الأحكام وتطور الشعوب مما ليس وراءه غاية لمستزيد وبذلك نتوفق، كما يقول، على الغرض المنشود ونتحاشى المزالق الخفية المبثوثة في أحشاء كثير من المبتكرات الحديثة مما ينافي الدين والأخلاق. الرواية تبدو لنا من خلال ذلك موازية للتاريخ ومناقضة له ومستلبة لدوره من حيث هم مصدر للعظة ونظام الحكم وتدبير الأمور والأحكام، والقادرة على تطوير الأمة دون أن تكون محتاجة لسواه فليس (وراءه غاية لمستزيد)، كما قال العزاوي. وإذا ما وقفنا عند هذا المفهوم للتاريخ باعتباره مصدراً للهوية والرواية باعتبارها تهديداً للهوية استطعنا أن نطمئن الى ما ذهبنا إليه من أن الخلاف إنما يؤول الى خلاف حول مفهوم الهوية وما إذا كانت مستمدة من التاريخ أو منبثقة من السياق الاجتماعي والثقافي الراهن وما إذا كانت الهوية قارة مستقرة ثابتة أو متغيرة متحولة، وما إذا كانت التحولات التي يشهدها المجتمع جزء من محددات هويته أو جرد انحرافات عابرة لا تمس جوهر الهوية. شرّ مستطير ولم يفت علي عبدالقدوس الأنصاري حين أصدر أول رواية تصدر في السعودية سنة 1348 هجرية 1929 ميلادية بعنوان “التوأمان” أن يقدم لها بما يشبه الاعتذار عن كتابتها، فحرص على أن يدشن روايته تلك بمقدمة شن فيها هجوماً شرساً على فن الرواية، مشيراً الى أنها “ألبست أكسية جذابة من الإغراء الشائن بالفظائع والانسلاخ من قويم الآداب وشريف الأخلاق” وأنها، أي الرواية، (شر مستطير) يجب أن يتصدى له رجال التربية والأخلاق، وأن ينهضوا بدورهم من أجل إنقاذ الناشئة من الفتيان والفتيات الذين أصبحوا (ضحايا مطالعاتهم لهذه الروايات) كما يرى الأنصاري الذي وصف غايته من وراء كتابة الرواية بأنها من باب (مقابلة الشوكة بسن الشوكة). وإذا لم يكن لنا أن ننتزع من رواية “التوأمان” حق السبق باعتبارها أول رواية صدرت في الخليج العربي فإن لنا أن نتحفظ على قيمتها الفنية المتواضعة والتي توشك أن تجعل من إلحاقها بفن الرواية عملاً متصلاً بنية كاتبها، مثلها في ذلك مثل الروايات الأولى في بقية دول الخليج، ومنها على سبيل المثال رواية “آلام صديق” لفرحان راشد الفرحان الصادرة سنة 1948 والتي تعتبر الرواية الأولى في الكويت، ورواية “شاهندة” لراشد عبدالله النعيمي الصادرة سنة 1976 مسجلة بذلك أول رواية تصدر في الإمارات. وإذا كان الأنصاري واضحاً في مقصده كاشفاً عن نواياه حين صرح بأن روايته “التوأمان” محاولة لمقابلة الشوكة بس الشوكة، فإن كثيراً من الروايات التي ظهرت بعد ذلك لم تكن تخرج في مقصدها عن هذه الغاية فغلب عليها الطابع التعليمي الوعظي الذي يحاول تكريس قيم الخير والفضيلة لمواجهة ما يتعرض له المجتمع من متغيرات تمس هذه القيم وتزعزع تركيبتها التاريخية. ولم يكن الاعتذار بما يمكن أن يعتور البدايات من قصور وضعف يشفع لما اتسمت به تلك الروايات من هشاشة ما دامت قد جاءت بعد عقود طويلة من تبلور مفهوم الرواية في الأفق العالمي وظهور نماذج متميزة للعمل الروائي في الأفق العربي، ولعله العلة في تلك الهشاشة إنما تعود الى هيمنة النزعة المحافظة والرغبة العارمة في تكريس القيم المشكلة لهوية المجتمع مما أفضى الى ما يمكن أن يعتبر عجزاً عن تمثل المنجز الروائي في أفقية العالمي والعربي وأنتج عملاً يمكن للمتعلقين بتدوين البدايات اعتباره عملاً تأسيسياً كما يمكن للقيمين على القيم أن يعدوه في ميزان حسنات من كتبوه. ولم تكد نجو المراحل التي أعقبت تلك البدايات مما اعتور تلك البدايات، وذلك حين فرت بأحداثها الى التاريخ لكي تستلهم أحداثه وتعيد صياغتها على نحو يضمن له الحضور من ناحية، والقدرة على تعزيز مفهوم الهوية من ناحية أخرى، مرتكسة بذلك الى مرحلة توشك أن تكون سابقة على مرحلة ظهور الرواية العربية على يد محمد حسين هيكل في رواية زينت مستعيدة على نحو موارب ما قام به جورجي زيدان في كتابة الرواية التاريخية والتي لا يعتد بها المؤرخون لفن الرواية حين يخلصون في الاعتداد بالقيم الفنية لها. ولم يكن الفرار الى التاريخ أو الاستنجاد به أكثر من مجازفة بتقنية الرواية وقيمها الفنية من تلك الروايات التي تذرعت بالخيال العلمي وانتهت الى ما لا يمكن حتى للتسامح أو يعتد بها ويصفنها فيما يصنفه من روايات. ويمكننا أن نضيف الى هذين الصنفين صنفاً ثالثاً تدخل فيه تلك الروايات التي اختلقت أو استلهمت أحداثاً معزولة من حيث بنية المكان الذي تدور فيه أو ظرفية الحدث الذي تدونه وكأنما هي بذلك تلتمس لنفسها العذر بعزل أحداثها عن سياق الحياة العامة للمجتمع، فلا تتقاطع معه فضلاً عن أن تستلهم منه ما يمكن أن يشكل حراكاً لها يفضي الى المس بهويته المكرسة تاريخياً. بين الرواية التي حققت للخليج حضوراً في المشهد الإبداعي العربي حين اقتنصت واحدة من الجوائز العالمية البارزة والرواية كما تتوالد وتتكاثر دون أن تشكل إضافة لرصد الإبداع في الخليج مسافة يمكن لنا أن نختصرها في المسافة بين الرواية حين تكتب لتكون مدونة تستلهم حراك الحياة في المجتمع والرواية حين تكتب بمعزل عن هذا الحراك دون أن يعني هذا أن على الرواية أن تكون مجرد تسجيل أو أرشفة للواقع الاجتماعي، ذلك أن الروائي الحقيقي هو المبدع الذي يستطيع أن يجمع في شخصه بين عالم الاجتماع القادر على استيعاب ما يحدث في مجتمعه والفيلسوف القادر على تأويل ما يراه وما يسمعه، والناقد الذي يمتلك من البصيرة ما يمكنه من التمييز بين ما هو دال وجوهري وما هو عارض وطارئ، وتلك هي الخصائص التي خرج من جعبتها الروائيون الكبار الممتدون من تاريخ الإبداع العالمي الى راهن الإبداع العربي. ديوان العرب وإذا ما كانت الرواية كذلك، جاز لها أن تكون ديوان العرب الحديث في مقابلة ما كان يعرف به الشعر قديماً من أنه ديوان العرب، غير أن علينا أن ندرك أن ليس المقصود بالديوان في هذا المجال ما نعنيه حين نتحدث عن ديوان أحد الشعراء ونعني به مجموع قصائده المنشورة في كتاب، ذلك أن الديوان الذي يمكن أن تحيل إليه مقولة الرواية ديوان العرب هو نفس الديوان الذي كانت تحيل إليه مقولة الشعر ديوان العرب، فكلاهما يؤول الى مركز السلطة القادرة على التأثير والمخولة لاتخاذ القرار مثله في ذلك مثل ما عرفه التاريخ العربي من دواوين كديوان الجند وديوان الخراج وديوان الخاتم وديوان الأمارة، وإذا ما أخذنا بالرواية التي تقول إن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب هو من أطلق تعبير الشعر ديوان العرب، فإن بإمكاننا أن نصل بين تلك التسمية وما قام به عمر بن الخطاب من تأسيس الدواوين كديوان الخراج وديوان الجند، وحين توقف عمر أمام الأخلاقيات والقيم الضابطة للسلوك الاجتماعي العام أناط مسؤوليتها بالشعر، معتبراً إياه والديوان الذي يشكل مرجعية تلك القيم والأخلاقيات. وإذا كان ذلك كذلك اتضح لنا أن ما نشهده من خلاف بين الذاهبين الى أن الرواية قد أصبحت ديوان العرب، والمتمسكين بأهلية وأحقية الشعر بالتسمية ليس مجرد خلاف بين المنتصرين لفنين أدبيين بقدر ما هو خلاف حول سلطتين ثقافيتين تتنازعان الحق في تحديد مفهوم وما يمكن أن يؤثر فيها والقادر على صياغتها، وإذا مثل الشعر عبر امتداده التاريخي صوت الماضي وهيمنته فإن الرواية تمثل صوت الحاضر وأحقيته في إعادة صياغة الهوية. الخلاف حول الشعر والرواية حين يتعلق الأمر بالهوية، خلاف تصور الهوية نفسها من حيث ماهيتها وطبيعة مكوناتها واتسامها بالثبات والتحول، خلاف بين تصورها في بعدها الثقافي النظري الذي يحرص أن يضع تعريفاً محدداً للمجتمع ترتكز عليه قيمه وبواسطته تتحدد أنماط سلوكه وبمسطرته يتم قياس مدى استقامة المجتمع أو انحرافه عما ينبغي أن يكون عليه، وتصورها في بعدها الواقعي الذي يعتد بالراهن الماثل للعيان والمترجم في القيد المتجددة والسلوك اليومي المعاش، وما يمكن أن يعنيه ذلك من اختلاف حول ما إذا كانت الهوية استحضاراً لمفهوم تاريخي قارٍ وثابت يمكن اتخاذه معياراً لمدى انسجام الأمة مع تاريخها أو انحرافها عنه، أو أن الهوية استنباط لمفهوم له طابع الصيرورة والتحول يمكن تحديده من خلال ما تحياه الأمة في راهنها الذي تتقاطع فيه الثقافات وتلتقي فيه الاتجاهات مبلورة قيماً وأنماطاً سلوكية تتفق مع موروث الأمة التاريخي حيناً وتختلف عنه حيناً آخر، وبلغة خرى يمكن لنا أن نقول إن احتدام الاختلاف حول الهوية يعود الى أن لها مفهومين، مفهوم محافظ مغلق له طابع معياري أيديولوجي تصبح معه الهوية حضوراً للتاريخ وفرضاً لسلطة الماضي على الحاضر، ومفهوم متجدد منفتح استقرائي يقتنص الهوية في لحظة الصيرورة بعد أن يخلع عن كاهلها عباءة التاريخ ووقار بردته، وهذا هو الحقل الذي تتحرك فيه الرواية. * نص الورقة التي قدمها الناقد السعودي في أبوظبي بدعوة من المركز الثقافي الإعلامي لسمو الشخ سلطان بن زايد آل نهيان ممثل صاحب السمو رئيس الدولة
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©