السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

كندا... سباق على المواهب العالمية

9 سبتمبر 2013 23:24
إذا كان إصلاح قانـون الهجرة الأميركـي ما زال عالقاً في الكونجرس، فإن كندا لا تنتظر، حيث بادرت بإطلاق برنامج نموذجي لجذب المقاولين العالميين، وذلك عبر منحهم تأشيرات للإقامة الدائمة وطريقاً للحصول على الجنسية. وانطلاقاً مما أخبرني به وزير المواطنة والهجرة الكندي الجديد «كريس ألكسندر» في حوار معه، فإن برنامج بلاده الذي يمنح 2750 تأشيرة للمقاولين الأجانب الشباب سيتم توسيعه قريباً في حال أثبت نجاحه إذ قال: «إذا نجحنا في جذب الأشخاص من النوع الذي نرغب في جذبه، فإنني واثق بأن الرقم سيزداد». وبهذا تنضم كندا إلى كل من أستراليا، وبريطانيا، وتشيلي، والبرازيل، وبلدان أخرى تأمل في خلق أقطاب تكنولوجية على غرار منطقة «سيليكون فالي» الأميركية المشهورة بشركاتها العاملة في قطاع التكنولوجيا، وذلك عبر جذب المقاولين الأجانب الذين لا يستطيعون الحصول على تأشيرات دائمة إلى الولايات المتحدة. على أنها تقوم بذلك على نحو شرس، في الواقع: فمؤخراً، قامت كندا بوضع لوحة إعلانية عملاقة على جانب الطريق على إحدى الطرق السريعة في «سيليكون فالي» تقول: «هل تعاني مشاكل تأشيرة؟ انتقل إلى كندا إذن»، كما تعرض كل من تشيلي والبرازيل منحاً سخية على المقاولين الأجانب الذين يستوفون معايير معينة. «ألكسندر» أخبرني بأنه بموجب البرنامج الكندي الجديد الذي أُطلق في أبريل الماضي، فإذا كنتَ شاباً في الثانية والعشرين من العمر في «سيليكون فالي» ولديك فكرة عظيمة، ولديك 75 ألف دولار من مستثمر فرد أو 250 ألف دولار من شركة في كندا، «فإنك ستُمنح تأشيرة دائمة، وسيكون بإمكانك أن تصبح مواطناً كندياً». وقال إنه عندما يُمنح المقاولون الأجانب تمويلاً وتتم الموافقة عليهم من قبل المستثمرين أو اتحادات شركات في كندا، فإن «العملية ستكون سريعة نسبياً، ونسبة الموافقة ستكون مرتفعة جداً. وتتجلى الفكرة في السماح لأفضل شركات القطاع الخاص بانتقاء الفائزين، وليس الحكومة». ومن جانبها، تعرض تشيلي، التي بدأ برنامجها المدعوم من الحكومة لدعم الشركات المبتدئة قبل ثلاث سنوات، 40 ألف دولار من المساعدات الحكومية، إضافة إلى مساحات مكتبية بالمجان وتأشيرات عمل، على الشركات المبتدئة الأجنبية التي تستوفي الشروط. وقد تقدم حتى الآن أكثر من 7200 مقاول أجنبي بطلب الاستفادة من هذا البرنامج وتم اختيار قرابة 700 منهم، من بينهم أكثر من 160 شركة مبتدئة من الولايات المتحدة. كما أعلنت البرازيل في وقت سابق من هذا العام عن برنامجها الخاص بالشركات المبتدئة الذي يعرض على الشركات المبتدئة المحلية والأجنبية العاملة في قطاع التكنولوجيا العالية قرابة 100 ألف دولار من المساعدات الحكومية، إضافة إلى فضاء مساحات مكتبية بالمجان. غير أن برنامج البرازيل موجه بشكل خاص إلى الشركات المحلية، وحوالي 25 في المئة فقط من الفائزين من المتوقع أن يكونوا من الخارج، كما يقول مسؤولو البرنامج. وعلى سبيل المقارنة، فإن مشروع قانون الهجرة الأميركي الذي مُرر مؤخراً في مجلس الشيوخ الأميركي – ولكنه مازال يصطدم بمعارضة «الجمهوريين» في مجلس النواب بسبب مواضيع أخرى – لا يعرض سوى «تأشيرة مستثمر غير مهاجر» التي تبلغ مدتها ثلاث سنوات. وإذا كانت هذه التأشيرات قابلة للتجديد، فإن على المتقدمين بالطلبات أن يستوفوا شروطاً صارمة من أجل تحويلها إلى تأشيرات دائمة مع طريق صعب للحصول على المواطنة، من قبيل خلق عائدات سنوية تبلغ 750 ألف دولار على الأقل. والواقع أن شركات التكنولوجيا الأميركية باتت جد محبطة بسبب القيود المفروضة على الهجرة التي تمنعها من توظيف العلماء والمهندسين الأجانب الذين يتخرجون من الجامعات الأميركية لدرجة أن الكثير منها، ومن بينها شركة «مايكروسوفت»، قامت بإنشاء مختبرات بحث في «فانكوفر» في كندا لإرسالهم إلى هناك، بل إن مجموعة من المقاولين قامت بإطلاق مخطط يقضي بإنشاء مجموعة من الشركات المبتدئة العائمة على متن سفينة في المياه الدولية على بعد 12 ميلاً من ساحل سان فرانسيسكو. المشروع، الذي يدعى «بلوسيد»، يتيح للمقاولين الأجانب إمكانية أن يكونوا قرب «سيليكون فالي» دون الحاجة إلى تأشيرة عمل أميركية، مع إمكانية الذهاب يومياً إلى اليابسة بواسطة العبارة. ويشار إلى أن أكثر من 1400 مقاول من 68 بلداً عبَّروا حتى الآن عن اهتمامهم بالعيش على متن السفينة. وشخصياً، أعتقدُ أن «جمهوريي» مجلس النواب يستحقون النصيب الأكبر من اللوم في فشل الولايات المتحدة في إصلاح نظامها الخاص بالهجرة – حتى وإن كانوا يدعمون توسيع برنامج التأشيرة للمقاولين الأجانب - وذلك لأنهم يعرقلون كل مشروع قانون إصلاح الهجرة الذي وافق عليه مجلس الشيوخ. غير أن اعتراضاتهم على مقتضيات مشروع قانون مجلس الشيوخ المتعلق بإتاحة طريق مشروط جداً للحصول على المواطنة بالنسبة لملايين المهاجرين الموجودين في البلاد أصلا مضحكة وغريبة، وذلك لأن المهاجرين كانوا دائماً يمثلون قيمة إضافية بالنسبة لهذا البلد. وبالنظر إلى أن الهجرة غير القانونية توجد اليوم في أدنى مستوى لها منذ أربعين عاماً، فإن فهمَ دواعي رفضهم تمرير مشروع قانون مجلس الشيوخ يصبح أصعب من أي وقت مضى، في الواقع. إن الولايات المتحدة مازالت تتمتع بتفوق تكنولوجي ضخم على بقية العالم في ما يتعلق بالتكنولوجيا، غير أنه إذا لم يعجِّل مجلس الشيوخ بإصلاح نظام الهجرة الأميركي البالي الذي عفا عليه الزمن، فإن كندا وبلداناً أخرى -وربما حتى سفينة في المياه الدولية - ستلحق بها وستعمل على سد تلك الهوة. أندريس أوبنهايمر محلل سياسي متخصص في قضايا أميركا اللاتينية ينشر بترتيب خاص مع خدمة «إم. سي. تي. إنترناشيونال»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©