الثلاثاء 23 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

شربل داغر: القصيدة شهوة

شربل داغر: القصيدة شهوة
8 ديسمبر 2010 21:41
هناك من الشعراء من ظهروا في هيئة المتصدر في القصيدة، فما ميزوا بين الشاعر بوصفه علامة اجتماعية والمتكلم بوصفه وظيفة شعرية وبين الصوت بوصفه القصيدة نفسها. بهذه العبارة استهل الشاعر اللبناني شربل داغر حديثه لـ”الاتحاد الثقافي” أثناء وجوده في عمان للمشاركة في أمسية شعرية تشكيلية بعنوان “الغبطة في الكلام.. المتعة في التصوير” نظمها المركز الثقافي العربي حيث استوحى الشاعر والتشكيلي محمد العامري 18 لوحة من قصائد شربل. وفي ما يلي نص الحوار: ? ترى ماذا تشكل القصيدة لك؟ ? القصيدة مثل شهوة.. مثل جسدي الآخر، فالكتابة لا أعرفها ولا تعرفني، وهي تمام مثل علاقة بين مسافرين في صالة ترانزيت، وإن التقيا بعد وقت قصير فوق مقعدين متجاورين. لنا في الكتابة أفكار وتصورات بعضها قديم وبعضها جديد، إلا أنها في بلادنا تتسم دوماً على ما أعتقد بمعرفة مسبقة مطلوبة ومرغوبة سواء أكانت من الكاتب أو القارئ، فالكاتب يكتب ما ينتظرونه منه، والقارئ ينتظر ما يأمل بقراءته، وهذه نظرة وجيهة إلا أنني لا أشاركهم بها، إذ أنني أطلب من الكتابة الشعرية غربة واكتشافاً لأصوات غامضة، وهذا ما لا ألقاه في أيامي وهو ما أدعو القارئ إليه كأن يلتقي الغريب بالغريبة وسط الزحام. أي أن يذهب الشاعر أو تقوده الكتابة بالأحرى إلى مناطق قصية أو غامضة، وهو ما أتمناه للقارئ بدوره أي أن يدخل القصيدة ويخرج منها مختلفاً. ? أشتم رائحة فلسفة في حديثك ووجهة نظر مختلفة عن المألوف؟ ? هذا الكلام صحيح لأنني في تكويني الجامعي وشواغلي البحثية اهتممت بالفلسفة، لا سيما الفنون، وأعذرني إذا قلت إنني أحمل شهادة الدكتوراه في فلسفة الفنون، إلا أن هذا ليس ما يجعل قصيدتي مهمومة بالفلسفة وإنما يتأتى الأمر من شواغلي الوجودية إذا جاز القول، ذلك أنني أعيش في القصيدة أحياناً أحوالاً من التأمل وليس من التغيير أو الإنشاد، وهو تأمل إن صح القول قليل في الشعر العربي في قديمه أو جديده. لا أقول هذا من باب التباهي وإنما من باب الوصف، فالتأمل عندي أجدر بالقصيدة في أزمتنا الصعبة وأجد نفسي متأملاً في الشعر أي في وضعية تناسبني أكثر من أن أكون شاعراً منشداً أو صاحب غنائية عالية. طبعاً هذا يخالف ما يسمى بشعر الوجدان أو بالغنائية القوية غالباً في شعرنا الحديث، وهذا لا يضيرني لأنني أحب أن أصغي أحياناً وأستمع للحراك في الوجود وإذا كان ليّ من قول فأفضل ما يكون خافت النبرة ويدعو إلى التبصر. ? هذا يقودنا للحديث عن حال الشعر العربي في الوقت الحاضر وسط زحام أزماتنا؟ ? أظن أن شعرنا اليوم يتجدد ويتنوع أكثر مما كان عليه في السابق، وهذه دلالة طيبة، إلا أن هذا الشعر لا يمكن أن نقبل عليه من دون ثقافة شعرية وهذا أمر يصح في الشعر كما يصح في التصوير، فالشعر يمر عبر اللغة والشاعر ليس مستعملاً للغة بقدر ما هو صانع ومجدد لها، إلا أنني أرى أن حالة الشعر في بلادنا لجهة القارئ صعبة ومسؤولية القراءة علينا أن نبحث عن أسبابها ليس عند الشاعر وإنما عند الجهات والهيئات التي تبني الشروط الاجتماعية والعائلية والشخصية للقراءة، ولنا أن نسأل عن حال وسائل الإعلام والمدارس وغيرها من الوسائط التي لها مبدئياً أن تنمي القابلية على القراءة، فإذا كانت مثل هذه الشروط ضعيفة، فإن الشعر لن يقوى بأي حال على معالجتها. من قصيدة «كشاش ألفاظ» خفق أجنحة الدلالات إذ تفارق ألفاظها يغري العين بما ترى لا بما فعلت لن تعود بما طارت به لن تطير بما حطت به بخلاف الكشاش فوق سطحه يستعيد الحمام في مطيرته كما في قافية من قصيدة «لحظة تحلو للعين» بما لا يقبل التوقع بما يغني عن ضبط موعد بما يقطف الزهرة من غصنها عندما تحلو للنظر أكتب بما لا يقبل التصديق فلا يقف أحد في انتظاري ممسكاً رسالة مطوية أكتب لا يكتبني الهانئ في سكينة جلسته أمامي أتقدم إليها لكنها تصل قبلي إلى بيت قيد البناء هل الخطوة في الدرب أم في القدم في الهواء أم في القدم هل أصل أم أستريح!
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©