الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أمل القثامي: الرواية السعودية تعوّد المجتمع على المكاشفة

8 ديسمبر 2010 21:44
تثير الناقدة السعودية أمل القثامي عدداً من أسئلة النقد وانشغالاته المختلفة. كما تبدي رأيها بصراحة في عدد من الإشكاليات الثقافية والنقدية والظواهر الثقافية التي تعرفها الحياة الثقافية في المملكة العربية السعودية، وتعرج على مفهوم “المشاكلة” الذي اشتغلت عليه لسنوات لتؤصله وتمنحه أبعاده العلمية وتوثقه كمفهوم نقدي بعيداً عن مفهومه البلاغي المعروف. كما تتوقف عند الرواية السعودية وعلاقة المرأة بالأندية الثقافية وغيرها من القضايا التي نجدها في متن هذا الحوار: ? حظي مصطلح “المشاكلة” باهتمام خاص لديك، فمن أين جاءت هذه التسمية وما الذي يعنيه نقدياً؟ ? المشاكلة مفهوم نقدي كان الدكتور محمد مريسي الحارثي أول من أثاره كمفهوم نقدي وناقشه من هذه الزاوية في محافل ثقافية وأدبية كثيرة. والحارثي من النقاد السعوديين المهتمين كثيراً بالمصطلحات وتوظيفها ونحتها، لكن مناقشته للمشاكلة لم تأخذ صفة البحث العلمي الموسع، لذلك عرض عليَّ مناقشة أبعاد هذا المفهوم كأطروحة للماجستير كي يأخذ صفته العلمية الموسعة، ويوثق كمفهوم نقدي بعيداً عن مفهومه في الجانب البلاغي المتعارف عليه، وهذا ما حدث بالفعل، فقد أنجزت الرسالة التي أوصِيَ بطبعها وتداولها بين الجامعات. ? وهل هو خطوة لدراسات أخرى تهتم بجديد النقد؟ ? بالطبع.. حيث إن دخولي معمعة البحث في مفهوم المشاكلة، وهو مفهوم لم يتحدث عنه النقاد مطلقاً وصناعة أبعاده النقدية والثقافية، جعلني متحفزة للبحث عن كل ما هو جديد في عالم النقد وعالم المصطلحات والمفاهيم والمناهج. غياب منهجي ? هل ترين أن النقد لدينا وفي عالمنا العربي توصل إلى منهجيه نقدية؟ وهل ثمة نظرية نقدية عربية يمكن الركون إليها؟ ? السؤال عن المنهجية سؤال ضروري ومهم لكي نقوم نقدنا ونتقدم بأفكارنا، ومن ثم لتنهض جامعاتنا ومؤسساتنا الفكرية. أما هل توصل عالمنا العربي إلى منهجية نقدية فلا استطيع أن أنفي المنهجية بشكل كامل عن الدراسات النقدية أو الرسائل العلمية النقدية، لكن الملاحظ على معظم الدراسات النقدية لا سيما الدراسات والقراءات السريعة التي تنشر على صفحات المجلات الثقافية أو تقدم في الندوات والمؤتمرات هي دراسات تخلو من المنهجية في الغالب. ومن المؤلم أن المنهج المتبع في الرسائل الجامعية المنجزة في مراحل الدراسات العليا بجامعاتنا عبارة عن “كليشة” يتوارثها طالب الدراسات العليا كأن يكتب (استندت على المنهج التكاملي أو التحليلي)، فضلاً عن أننا في جامعاتنا متأخرون في مجال النقد عن مواكبة المناهج الحديثة؛ فما أنجزه الطالب هنا سبق أن أنجزه طالب في المغرب قبل عشر سنوات. أما الحديث عن النظرية النقدية العربية فهو أمر يُكْلِم النفس، فالفكر العربي تجمد منذ فترة طويلة جداً ولم ينجب أي نظرية نقدية عربية جديدة، بل كان الاعتماد الكلي على جاهزية المعطى الغربي. وقد أشار لهذه المعضلة الدكتور سعد البازعي في كتابه القيِّم “استقبال الآخر الغربي في النقد العربي الحديث”، فما نقوم به الآن هو تبني نظريات غربية لها سياقاتها الخاصة وموروثاتها التي لا تنمو إلا بوجودها، ولذلك ماتت كثير من النظريات التي نقلناها من الغرب في وسطنا الثقافي وتجمدت حيويتها، ولم يكتب لها النمو والتطور. ? يتحدث الباحثون عن وجود نظريات نقدية كثيرة في كتب النقد القديم (القرطاجني والجرجاني وابن سلام مثلًا)، ألا ترين أن هذه النظرة مبالغ فيها نوعاً ما، أم أنها مسيرة نقدية لم تجد من يرعى نموها الطبيعي؟ ? بالفعل غلب على الدراسات النقدية الحديثة التنقيب وإظهار النظريات من الكتب النقدية القديمة، ومقارنتها ومقاربتها بالنظريات الغربية الحديثة، فقالوا إن الأسلوبية موجودة في كتب عبدالقاهر الجرهاني، وأن التلقي موجود في كتب فلان وفلان من نقاد القرن الرابع الهجري، وهكذا إلى أن أصبح الأمر مبالغ فيه. والأفْيَد في نظري أن نبحث في قديمنا عن نظريات ومناهج جديدة بعيداً عما نستورده من أفكار الغرب النقدية كي تتناسب مع بيئتنا الثقافية وسياقاتنا الداخلية. ? من النظرية إلى الممارسة، كيف تنظرين إلى العلاقة بين النقد والإبداع، هل يواكب النقد ما ينتجه المبدعون السعوديون من إبداع جديد؟ ? نحن في حراك ثقافي، ونملك مواهب شابة ومبدعة في الشعر والرواية والقصة والمسرح، لكن النقد الأدبي والنقد الثقافي لم يواكب هذا النتاج. فعدد النقاد قليل والدراسات التي تصدر عنهم بالتالي قليلة. لننظر فقط للنقد المسرحي، كم ناقداً مسرحياً لدينا؟ وكم عدد الدراسات في نقد المسرح؟ والجواب: قليلة نكاد نحصيها. في المقابل نجد حركة ملموسة في كتابة المسرحيات وإنتاج الأفلام القصيرة. هنا فجوة كبيرة بين المنتج الأدبي والمعطى الثقافي وبين تقييم المنتج نقدياً، وحتى الممارسة النقدية عادة ما يدخل فيها المجاملات والعلاقات والصداقات، وهذا ما يجعلنا نقول إن النقاد الحقيقيين قليلون والبقية (تجار شنط). من هنا يبرز السؤال عن دور الناقد ووظيفته، الناقد الحقيقي والمؤهل لممارسة النقد هو من يملك الصدق وينأى عن المجاملات، وقبل هذا لابد أن يكون مؤهلاً علمياً وفطرياً للقيام بهذا الدور، لأن النهوض بالذوق والفكر العام يقع على عاتقه. طفرة روائية ? تشهد الساحة الأدبية طفرة روائية سعودية، كيف تنظرين إلى هذه الظاهرة وهل هي حالة صحية؟ ? تشهد الساحة الأدبية في الآونة الأخيرة طفرة روائية سعودية، وهي في نظري ظاهرة صحية وضرورية لكي يتنفس المجتمع ويتحرك مهما كانت نوعية المنتج. هناك الكثير من المعترضين على وجود نماذج روائية فضائحية تخلو من الفنية، وعلى تجارب حديثة تعتمد على الثرثرات النسوية إلا أنني أرى ظهورها وطباعتها أمراً حتمياً كي يتعود أفراد المجتمع على المكاشفة، وحتى نساعد من لديه قدرة حقيقية على الكتابة لكنه متردد خوفاً من اقتحام مسارب ممنوعة. فاعتياد المجتمع على مثل هذه النوعيات الكتابية يساعد على اقتحام الممنوع، والعمل الجيد سيفرض نفسه حتماً. ? هل تعتقدين أن قصيدة النثر في السعودية حققت منجزها الخاص وأصبحت تعبر عن وجودها؟ ? قصيدة النثر التي تكتب في السعودية احتلت مكانة كبيرة في الساحة النقدية والقرائية. وهناك من كبار النقاد العرب من درس تجارب قصيدة النثر ونقدها، لكن لا نستطيع القول إن لها صورة منفردة ومتكاملة؛ فهي في الأخير تخضع لثقافة النّاص صاحب قصيدة النثر ،أي أنها صورة فردية أكثر من كونها صورة جماعية لها قواعد نقدية مقننة. ? ماذا عن الأندية الأدبية وحضور المرأة المبدعة فيها؟ ? الحديث عن الأندية يطول، لأن الآمال والتطلعات معقودة عليها، لذا نجد أن الكثيرين يتهمونها بالتقصير والتكاسل والتراخي والمحاباة. لاحظنا في السنوات الأخيرة تقدماً كبيراً في نشاطات الأندية وتنوعها، لا سيما على مستوى عقد المؤتمرات والندوات الكبرى، وهي ظاهرة جيدة تحسب لصالح حركتنا الثقافية. أما عن وجود المرأة وعلاقتها بالأندية فيلاحظ وجود المرأة في الأندية بدءاً من اللجان النسائية ومروراً بالمساهمة في جميع أنشطة الأندية خارج اللجان، بيد أن طموح المرأة في المستقبل القريب أن تكون جزءاً من مجلس النادي وتساهم في جميع قراراته وتشارك في كل برامجه.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©