الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

جندي أميركي في العراق يستنجد بكاتبة بلجيكية

جندي أميركي في العراق يستنجد بكاتبة بلجيكية
8 ديسمبر 2010 21:53
إيملي نوتومب Nothomb Amélie هي روائية بلجيكية في الثانية والأربعين من العمر، وقد ألفت ونشرت لحدّ الآن 70 رواية (نعم 70 رواية)، وفي روايتها الأخيرة “شكل من الحياة” تحكي قصة مراسلات خيالية متبادلة بينها وبين جندي أميركي في العراق، وتقول المؤلفة إنها أقامت ثلاث سنوات في الولايات المتحدة الأميركية، وان فكرة روايتها تولدت لديها إثر مطالعتها لمقال في فبراير 2009 بجريدة أميركية عن تفشي ظاهرة السمنة لدى الجنود الأميركيين في العراق وتخيلت، وهي في مكتبها، مراسلات بينها وبين أحد هؤلاء الجنود. تبدأ الرواية هكذا: “هذا اليوم وصلتني رسالة من نوع حديد...” وبطل الرواية ملفان مابل Melvin Mapple جندي أميركي أرسل إلى العراق منذ بداية الحرب التي يصفها منذ رسالته الاولى بـ”الحرب القذرة”، وفكرة تبادل الرسائل بين المؤلفة وهذا الجندي نابعة من حب الكاتبة للرسائل، فهي ترد في حياتها اليومية على مئات بل أحيانا آلاف الرسائل التي تصلها من القراء، وهي تعترف بانها تتبادل الرسائل مع حوالي 2000 قارئ وقارئة. يشكو الجندي الأميركي في رسائله إلى الكاتبة من السمنة بسبب كثرة أكله، وتردّ المؤلفة في الرواية على هذه الرسالة، وتتواصل المراسلات بينهما ومن خلالها يروي الأميركي شذرات من حياته ومن يومياته. إنه يعاني من انفصام في الشخصية وهو يعترف بأنه يكاد يصاب بالجنون، ومنذ رسالته الأولى يخاطب المؤلفة قائلا: “إني هنا في بغداد في حاجة الى قليل من الدفء والى من يفهمني، وأنت ـ أعلم ذلك ـ قادرة على فهمي، ويذهب إلى حد القول إن مطالعته لروايات المؤلفة أعطت معنى لحياته، ووصل به الأمر إلى حد الاعتراف لها: “أريد أن أعيش من أجلك”، ورغم أن الكاتبة اعتادت مع قرائها العاديين أن تقطع مراسلاتها عندما تأخذ مثل هذا المنعرج، ولكنها في الرواية، أرادت الاستمرار فيها. والمؤلفة لها ـ في حياتها اليومية ـ طقوس عجيبة عند تصفحها للرسائل الواردة عليها فهي تضع على يمينها الرسائل المطولة التي لا ترغب في مطالعتها، وتضع في الوسط أمامها الرسائل ذات الخط الرديء والتي يصعب مطالعتها، وعلى اليسار تضع البقية والتي تطالعها بشغف قبل غيرها، وهي تخصص يوميا بين أربع وخمس ساعات لمطالعة الرسائل التي ترد عليها من القراء، وتقول إيميلي نوتومب أن البعض يطلب منها المال والبعض الآخر يرغب أن تتوسط له في إيجاد عمل، وأحيانا ترد عليها مطالب طريفة وغريبة كأن تطلب منها قارئة أن تأخذ لها موعدا مع الممثلة الفرنسية بريجيت باردو، وتجد المؤلفة متعة كبيرة في تبادل الرسائل مع قرائها، ومن هنا جاءت فكرة روايتها الأخيرة، وهي تفسر هذه الرغبة الجامحة في التراسل بما عانته في طفولتها من عزلة، وحتى عندما كانت في الجامعة فإنها تعترف بأنها كانت تجد دائما صعوبة في ربط علاقات صداقة. والمؤلفة وهي سليلة عائلة ارستقراطية تعيش بين باريس وبروكسل وروايتها الاولى تخيلت فيها حوارا بين حائز على جائزة نوبل ومجموعة من الصحافيين، ويتخلل ذلك نقدا لجشع الانسان وتهوره وإبرازا لنوازع الشر فيه، وفي روايتها الجديدة فان إيميلي نوتومب تتحلى بما سماه النقاد “عطر الأصالة والجرأة”، ورغم أن المؤلفة تبدي في البداية شكا في صحة الرسالة الأولى التي وردت على عنوان ناشر كتبها ولكن ختم البريد العراقي وأسلوب الرسالة وخطها جعلها تقر بصدقية الرسالة، ويظهر من خلال الرسائل المتبادلة أن الجندي يتألم من وجوده في العراق ويعاني من ذلك معاناة كبيرة الى درجة أن المؤلفة ترى إنه في حاجة الى طبيب نفساني وان رسائله التي يبعث بها الى المؤلفة تحمل صرخة وكأنه يطلب النجدة، وان النهم الذي أصابه والذي تسبب له في سمنة كبيرة هو شكل من أشكال الثورة وعدم الرضا بوضعه وعدم تقبله لهذه الحرب التي يخوضها رغما عنه في بغداد.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©