الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البحث العلمي والتعاون في الطاقة المتجددة سبيلان للتصدي لتحديات التنمية المستدامة

البحث العلمي والتعاون في الطاقة المتجددة سبيلان للتصدي لتحديات التنمية المستدامة
8 ديسمبر 2010 22:02
تم افتتاح الحرم الجامعي لمعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا رسمياً قبل أسبوعين من قبل سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة، وبرعاية كريمة من قبل الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، رئيس مجلس أمناء معهد مصدر. وتأسس معهد مصدر بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT) ليكون مؤسسة أكاديمية مستقلة وغير ربحية تختص بإجراء البحوث العلمية في مجال تقنيات الطاقة النظيفة والتنمية المستدامة. وتم تصميم مبنى المعهد من قبل شركة “فوستر وشركائه” لإتاحة أفضل ظروف العيش والدراسة للطلبة وأعضاء الهيئة التدريسية من خلال اعتماد أفضل المعايير العالمية في مجال تصميم المباني الذكية ذات الكفاءة العالية من حيث استهلاك الطاقة والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية. وتكمن أهمية المعهد في مدى إسهامه في مساعدة دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة والعالم على التصدي لتحديات التنمية المستدامة من خلال إجراء الأبحاث العلمية في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة بالتعاون مع كبرى المؤسسات الأكاديمية في العالم. وتعتبر عمليات حرق الوقود الأحفوري لتوفير الطاقة الحرارية أو الكهربائية اللازمة لقطاعات الصناعة والنقل والمواصلات، إحدى المحركات الرئيسية لما شهده العالم من تطور اجتماعي واقتصادي خلال العقود القليلة الماضية. ولئن ساعد هذا التطور في تحسين الظروف المعيشية للسكان في العالم، فقد أسهم أيضا بشكل كبير في زيادة مستويات انبعاث غازات الدفيئة في الجو التي تؤدي بدورها إلى ظاهرة الاحتباس الحراري وما ينتج عنها من تغيرات مناخية. ووفقا لما جاء في التقرير التقييمي الرابع للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، هناك دلائل قوية على وجود صلة مباشرة بين الأنشطة البشرية وظاهرة الاحتباس الحراري التي تتسبب بدورها في تغير المناخ وما يترتب على ذلك من آثار سلبية متزايدة على الموارد المائية والنظم البيئية والأمن الغذائي وصحة الإنسان. ودفعت هذه الآثار السلبية الباحثين والمسؤولين في الحكومات إلى العمل على الحد منها والدعوة إلى عدم تجاوز الارتفاع في درجات الحرارة حدود 2 درجة مئوية بحلول عام 2100 كما ورد بوضوح ضمن اتفاق كوبنهاغن المنبثق عن مؤتمر الدول الأطراف الخامس عشر المنعقد في عام 2009. غير أنه ما لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في هذا الشأن على الفور، فإن الواقع الذي نواجهه اليوم للأسف هو زيادة بمعدل 5 درجات مئوية بحلول عام 2100. ويعتبر تطوير تقنيات الطاقة المتقدمة وتطبيقها إحدى الاستراتيجيات المعتمدة على نطاق واسع في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة وفي نفس الوقت تحقيق استقرار مستويات انبعاث غازات الدفيئة وفي نهاية المطاف جعلها تتراجع. وقد تبين وفقا “لشبكة الطاقة المتجددة للقرن الواحد والعشرين” أن عدد البلدان التي وضعت لنفسها أهدافاً وطنية في مجال الطاقة المتجددة أو وضعت سياسات لتوظيف الطاقة المتجددة قد تضاعف تقريبا منذ عام 2005 مرتفعاً من 55 إلى أكثر من 100 دولة حتى عام 2010. وفي الوقت الحالي، وضعت 80 دولة على الأقل أهدافاً وسياسات محددة في مجال الطاقة المتجددة ويمثل ذلك زيادة كبيرة في عدد البلدان مقارنة بعددها الذي لم يتجاوز 45 دولة اعتباراً من عام 2005. وتأكيدا لدورها الريادي في هذا المجال في منطقة الشرق الأوسط، وضعت حكومة أبوظبي لنفسها هدفاً طموحا يتمثل في تلبية 7% من احتياجاتها من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2020. بيد أنه لن يكون من السهل إحراز التقدم التقني اللازم لتحقيق مثل هذه الأهداف والتصدي لتحدي التنمية المستدامة الذي يواجهنا اليوم، إذ يتطلب ذلك تراكم رصيد هائل من المعرفة والخبرة اللازمة في مجال البحث والتطوير. ويتمثل الرصيد المعرفي في حجم المعلومات الناتجة عن تراكم تجارب الأفراد والجماعات ومهاراتهم وهو يعد الركيزة الأساسية لبلوغ القدرة التنافسية طويلة الأمد. وتلعب كبرى مؤسسات البحوث العلمية دوراً مهماً في تنمية الرصيد المعرفي نظرا لما تقوم به من غرس روح الابتكار والإبداع في ثقافة المجتمع وتعزيز قيم العمل والمثابرة من أجل بلوغ الامتياز في مجال البحث والتطوير. ويقتضي بناء مثل هذه الثقافة ونشرها في المجتمع إقامة علاقات تعاون عبر مختلف التخصصات والتركيز على البحوث الأساسية والتطبيقية على حد سواء. ويسعى معهد مصدر إلى توفير الأرضية الملائمة لتشجيع الابتكار وتحقيق الريادة في مجالات العلوم والتقنيات الحديثة من خلال ضمان توافق برامجه الدراسية وبحوثه العلمية وتكاملها مع التقنيات والسياسات والنظم السائدة في الدولة. وتشكل هذه المجالات الثلاثة الأساسية المترابطة مفتاح نجاح بحوث الطاقة المتجددة والتنمية المستدامة نظراً لما قد تتوصل إليه من حلول تقنية متكاملة ومتعددة التخصصات بالإمكان الاستفادة منها في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. وفي هذا الإطار، يجري العمل في المعهد على بناء علاقات تعاون قوية في مجالي التعليم والبحث العلمي من أجل الارتقاء بالنظم المتبعة في قطاع الطاقة على الصعيدين الإقليمي والدولي. في الوقت الحالي، يعتمد العالم بشكل أساسي على الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة الحرارية والكهربائية الضرورية لتلبية الاحتياجات اليومية من الخدمات الأساسية القائمة على الطاقة مثل الإنارة والتدفئة والتبريد. وتتسبب عمليات احتراق الوقود الأحفوري في 60% من انبعاثات غازات الدفيئة حول العالم. ويعكف معهد مصدر على إجراء البحوث العلمية المتقدمة من أجل تطوير التقنيات الجديدة والمبتكرة الكفيلة بالتقاط مصادر الطاقة الأساسية المستدامة مثل الطاقة المستخلصة من المواد الحيوية ومن الشمس والرياح وتحويلها إلى وسائل نقل الطاقة الثانوية مثل مصادر الوقود السائل والصلب والتي بالإمكان استخدامها لتزويد قطاعات الإنشاءات والنقل والصناعة والزراعة بالطاقة اللازمة. وفي هذا السياق، يعمل معهد مصدر بالتعاون مع كل من “بوينغ”، شركة النظم الفضائية والدفاعية، والاتحاد للطيران، الناقل الوطني، و”هانيويل”، شركة المواد التخصصية، وذلك من أجل تطوير نظم الزراعة المتكاملة بالاعتماد على المياه المالحة وإيجاد الكتل الحيوية الضرورية لإنتاج مصادر الوقود الحيوي للطائرات دون تشويه سلسلة الغذاء العالمية أو استنزاف الموارد المائية العذبة أو إحداث تغيير غير مقصود في استغلال الأراضي. غير أن تطوير تقنيات التقاط مصادر الطاقة الأساسية المستدامة ليس كافياً لأن مثل هذه المصادر لن تكفي - حتى في أفضل الحالات – إلا لسد جزء بسيط من احتياجات العالم المتزايدة من الطاقة في العقود المقبلة. لذلك، من الضروري العمل على تعزيز فعالية الطاقة من أجل خفض الطلب على مصادر الطاقة القائمة على الوقود الأحفوري التي لا غنى عنها في كل الأحوال. وفي هذا الإطار، يعمل معهد مصدر بالتعاون مع كبرى الشركات الرائدة مثل شركة “سيمنز” لتطوير تقنيات فعالية الطاقة التي بالإمكان استخدامها في المباني والمناطق الصناعية لضبط وتعديل مستوى الحرارة والطاقة بواسطة أجهزة الاستشعار المتقدمة ووسائل التشغيل الآلي وأجهزة التحكم. كما يتعاون المعهد أيضا مع شركة استثمار التكنولوجيا المتطورة “آتيك” لتطوير شبه الموصلات التي بوسعها معالجة قدر هائل من المعلومات دون استهلاك كميات كبيرة من الطاقة وذلك لخفض حاجتها للتبريد وفي الوقت ذاته رفع كفاءة الأداء حتى بالنسبة للأجهزة النقالة. وسعيا منه لتلبية احتياجات الطاقة من مصادر الوقود الأحفوري، يعمل معهد مصدر بالتعاون مع شركة “سيمنز” ووحدة “مصدر للكربون” وشركة أبوظبي للعمليات البترولية البرية “أدكو” لتطوير تقنيات التقاط غاز الكربون وأساليب تخزينه بما يكفل التخفيف من حدة تأثيرات عمليات احتراق الوقود الأحفوري على البيئة. وعلى صعيد تطوير النظم، نجح معهد مصدر في إحراز تقدم ملحوظ في مجال إدماج تقنيات الشبكات الذكية والمباني الذكية على مستوى المباني والمدن والمناطق. وفي نهاية المطاف ستتيح هذه التقنيات لنظام توزيع الطاقة الكهربائية تحقيق التوافق بين نظم إمدادات الطاقة من محطات الطاقة المركزية العملاقة ونظم الإمدادات من مصادر الطاقة المتجددة الصغيرة. كما سيكون نظام التوزيع بفضل التقنيات المذكورة قادراً على تحقيق الانسجام بين محطات الطاقة التقليدية ومصادر الطاقة المتجددة مثل اللوحات الكهروضوية الشمسية على أسطح المباني والطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية الحرارية المركزة والطاقة الحرارية الأرضية، هذا إلى جانب تلبية الاحتياجات الجديدة من الطاقة للسيارات الهجينة القابلة للشحن الكهربائي أو المركبات الكهربائية على سبيل المثال. أما على صعيد البحوث المتعلقة بالسياسات، تتناول بحوث المعهد حاليا النظم البيئية وهياكل السوق والحوافز الاقتصادية التي تدعم تطوير التقنيات في قطاع الطاقة وعمليات اعتماد الأسواق. تجدر الإشارة إلى أن جميع الدول التي قامت بمشاريع استثمارية ضخمة في مجال الطاقة المتجددة، وضعت مسبقاً سياسات وتشريعات قوية لتشجيع الاستثمار في الطاقة المتجددة. كما تم تسجيل أكبر قدر من النمو في مجال نظم الطاقة المتجددة في اقتصاديات الدول الكبرى خلال العقود القليلة الماضية بفضل اعتماد سياسات قوية في هذا الشأن مثل وضع تعرفة التوصيل أو وضع أهداف إلزامية في مجال الطاقة المتجددة أو منح امتيازات ضريبية لمشاريع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة. بيد أن السياسات واللوائح لن تكون ذات فاعلية كبيرة ما لم تتم صياغتها لتعكس مستوى تطور التقنيات ومصادر الطاقة المتجددة المتاحة على الصعيد المحلي وما لم تستجب للظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية المحلية. لذلك، يعمل معهد مصدر بالتنسيق مع الهيئات المحلية في أبوظبي مثل الأمانة العامة للمجلس التنفيذي ولجنة تطوير التقنيات وهيئة أبوظبي للكهرباء والمياه وغيرها من الجهات المعنية، من أجل تقييم ووضع السياسات واللوائح التي من شأنها أن تلعب دورا هاما في تعزيز اعتماد مصادر الطاقة المتجددة وتطويرها إلى جانب جذب رؤوس الأموال الاستثمارية اللازمة للمنطقة. ومن الآن فصاعداً، سيلعب معهد مصدر وغيره من المؤسسات الأكاديمية القائمة على البحوث العلمية دوراً حيويا في تطوير التقنيات الحديثة على الصعيدين الإقليمي والدولي وذلك بالتعاون مع الخبراء والباحثين العاملين في القطاع وفي الحكومة ممن يكون بوسعهم النهوض بالعلوم والمعارف القائمة في مجال التقنيات المتقدمة للطاقة والتنمية المستدامة. وسيعمل أولائك الخبراء والباحثون على وضع السياسات الكفيلة بفتح آفاق إقليمية ودولية واسعة على المستويين التكتيكي والاستراتيجي. كما سيعملون أيضا على صياغة النظم اللازمة استنادا إلى المبادئ الأساسية لتصميم وتحليل الشبكات من أجل تقييم ردود الفعل والمعلومات الناشئة عن مجموعة معقدة من التقنيات والسياسات المنفصلة. ومن شأن تضافر جميع الجهود والتعاون في هذه المجالات أن يسهم في توليد الأفكار والابتكارات الخلاقة ويمهد السبيل أمام بناء ثقافة الابتكار والإبداع وتراكم الخبرات العلمية والبحثية الضرورية للتصدي للتحديات الماثلة في مجال التنمية المستدامة.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©